تشغيل الوضع الليلي

نشاطاتٌ رمضانية للمرأة الشيعية (٤)

منذ 5 سنوات عدد المشاهدات : 1556

بقلم: علوية الحسيني
جلسات دعوية
قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبا} (1).
إنّ رسالات الله تعالى المتمثلة بالعقيدة والفقه والأخلاق موجودة في جميع نشاطات الحياة، وكلُّ من العباد له فطرة سليمة بها يتنبه على وجود الله تعالى، ومن ثم يؤمن بما استصعب على فطرته من إدراك، فيؤمن بأصول الدّين جميعها، ويمتثل للتكاليف الإلهية.
صحيح أنّ وظيفة تبليغ رسالات الله تعالى هي وظيفة الأنبياء (عليهم السلام)، ثم الأئمة (عليهم السلام)، ثم العلماء، ثم من جاور العلماء، وجميعنا يعلم أنّنا اليوم نعتاش على علوم محمدٍ وآل محمد (عليهم السلام) التي يوصلها لنا العلماء (رحم الله الماضين وحفظ الباقين منهم)، وبفعل التطور التكنلوجي اليوم أصبح تحصيل العلم –بدرجة ما- يسير جدًا، إلى درجةٍ بإمكاننا تحصيله ونحن في وسط بيوتنا... كل ذلك صحيح.
لكن هناك رسالات -ومنها الأخلاق مثلاً، أو الأدلة العقلية التي تنبّه على وجود الله تعالى- هي موجودة بالفطرة، وجاء بها الأنبياء (عليهم السلام) ليؤكدوا ما تؤمن به الفطرة، ويعززوا ما عليه بعض الأخلاقيات.
وكما للرجل فطرة، فللمرأة فطرة، وبالتالي ممكن أن تكون داعية مبلّغة لرسالات الله تعالى بما تقوله فطرتها.
وإنّ الله تعالى حينما فرض تكاليفه فإنّه فرضها على كلا الجنسين، وإلاّ لم يأمرهم بتبليغ كلّ ما هو ضمن رسالاته سبحانه، فحريٌّ بالمرأة أن تعرف مكانتها في الإسلام، ووظيفتها بنتًا كانت أو زوجةً أو أمًا، أو جدّة، صغيرةً أو كبيرة.
ثم إنّ الله تعالى قد أودع في خلقه هممًا تصل به إلى تحقيق النفع لنفسه ولبني جنسه بل ولمجتمعه – ولو إجمالاً-، وبالتالي فالمرأة ليست كما رسم صورتها اولئك الساذجون، ولا كما تتصورها بعض النساء أنفسهن.
أُختاه: ما للأكل والشرب خُلقتِ، فلا تكوني ممن لا تبالي سوى بالموضات والطبخات، تاركة الالتفات لعظيم المسؤوليات.
دينكِ الحنيف يقول في سنّته: " ألا كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم"(2). ففي شهر رمضان الكريم، الشياطين مصفدة، والحسنات مضاعفة، والهمم عالية، حريٌّ بكِ اختاه استغلال تلك الأجواء الإيمانية، والاستمداد من العنايات الرحمانية، والقيام بنشاطٍ روحي، يومي أو شبه يومي.
ومن هنا شمّري عن ساعدي الجد، واشحذي الهمم، وتوكلي على الله المعين، واعقدي جُليسات دعوية، ثم جلسات، وغذّي من حولك بما يذكرهم بالله تعالى، أو يزيد إيمانهم، أو يبين لهم أجرهم، وما شابه ذلك.
أُختاه، أعلَم أنّ من النساء ربّة البيت، ومنهنَّ الأُمية، ومنهنَّ المتعلّمة، والمتعلّمة أيضًا على درجات –حسب نوع وكمّ علمها- إلاّ أنّكنّ جميعكنَّ داعيات لله تعالى، ولهذا سأخاطبكنَّ بلسانٍ واحدٍ، واستنهض هممكنَّ، بعيدًا عن الطبقية الذي نهى عنه الإسلام، بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير} (3)، فأكرمنا عند الله تعالى هي أكثرنا تقوى، والتقوى هي أمر نفساني يمنع من ارتكاب المعاصي، وهذه التقوى قد تتوفر لدى المرأة بصورة عامة، سواء أكانت أُمية، متعلّمة، ربة بيت، طالبة علم، وليست منحصرة هذه الصفة بإحداهنَّ.
ومن هنا سيتم تقسيم الأدوار الدعوية التي تقوم بها النسوة الداعيات حسب امكاناتها:
■الداعية الأُمية:
المرأة الأُمية وإن كانت لا تقرأ ولا تكتب، إلاّ أنّها تسمع وتدرك، وتحفظ، وقبل ذلك كلّه لها فطرة سليمة، بها تنبّه نساءها على وجود الله تعالى من خلل مخلوقاته، وبها تحكّم الأخلاق الحسنة من السيئة.
وبالتالي ممكن أن تكون المرأة الأُمية داعية من خلال الأمور التالية:
1- أن تدعو الداعية الأمية إلى الحث على العفو، فغالبًا ما نجد جدّاتنا يبادرنَ بالإصلاح بين المتخاصمين، فيعددنَ كلامًا على سليقتهنَّ الكلامية، بعفويةٍ وانطلاقة، ويعطينَ درسًا للأصغر منهنَّ سنًّا في العفو، ويحكينَ قصصًا حصلت في زمنهنَّ، ويمزجنها بتجاربهنَّ في العفو عن المسيء، ويعطينَ لله تعالى دورًا في كلامهنَّ، بقولهنَّ إنّ الله تعالى يحب العفو، وما شابه من هذه الكلمات، كما ويعطينَ لمحمدٍ وآلِ محمدٍ (عليهم السلام أجمعين) دورًا كذلك.
بل وبعضهنَّ يحكينَ لنا قصةً لعالمٍ من العلماء تزامن زمنهم مع زمنه، فشهدنَ القصة، وأتينَ ينقلنها.
2- أن تدعو الداعية الأمية إلى الكف عن الذنوب، فكثيرًا ما نجد من جدّاتنا أنّهنّ يعطينَ درسًا في التعامل مع زوجة الابن مثلاً، وطرق ردع النساء اللواتي يغتبنَ زوجات أبنائهنَ عندها، فنجدها داعية، تغضب لغضب الله تعالى، فتدلي ما تدلي من نصحٍ وإرشادٍ وردع بطريقتها.
3- أن تدعو الداعية الأُمية إلى التحلّي بالأخلاق الحميدة، وهذا ما تربّي جدّاتنا أبناءهنَ وأحفادهنَ عليه، فهي أجرت عمليتها التبليغية دون أن تعتلي منبرًا، بل اعتلت منابر القلوب، حتى زرعت من الخير فيها وحصدت ثماره.
فهي رغم عدم معرفتها بما جاء في القرآن الكريم من آيات، أو ما روي عن محمدٍ وآله (عليهم السلام) من روايات، إلاّ أنّ لها فطرة سليمة تعرف به الأخلاق الحسنة من السيئة.
إنّ رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) قال: "إنّما بعثتُ لأتممَ الأخلاق" ولم يقل لأوضح لكم الأخلاق الحسنة بل ليتممها، فبالإضافة إلى ما تقول به الفطرة، فالنبي (صلى الله عليه وآله) بعثَ ليبيّن أعلى درجات الكمال في تلك الأخلاق، وبالتالي لم يخل أحد من أخلاق.
4- أن تدعو الداعية الأُمية إلى الله تعالى، فبالفطرة السليمة أيضًا ممكن أن تنبّه من حولها إلى وجود الله سبحانه، وبيان بديع صنعه الكوني، قال تعالى: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُون} (4).
5- نعم، لا يجوز لها أن تقول ما لا تعلم، وهنا تقف الداعية الأمية، مشكورةً على ما بذلت من جهودٍ مباركة في عملة الدعوة إلى الله تعالى -أو تبليغ بعض رسالات الله سبحانه-.
■ثانيًا: الداعية المتعلّمة:
الداعية المتعلّمة ممكن أن تكون كلّ امرأة تقرأ وتكتب وتسمع وتدرك، وتحفظ ولها فطرة سليمة، وبالتالي دورها سيكون ضعف دور الداعية الأمية.
فيا أُختاه مهما كانت درجة علمكِ، ونوعه، تستطيعين أن تبلِّغي جزءًا من رسالات الله تعالى.
فالمرأة ذات العلم الأكاديمي بإمكانها أن تعقد جلسة دعوية لزميلاتها -أثناء الفرص ما بين الدروس-، أو لطالباتها –حال تصدّيها للتدريس-، وتدعو مثيلاتها إلى الله تعالى، والتذكير به، وببدائع خلقه، كلٌّ حسب علمها.
مع مراعاة الحكم الشرعي بعدم الإخلال بقوانين المكان المتواجدة به ألاّ يكون اخلالاً بعملها، أما إذا كانت تلك الجلسات في بيتها فهو الأفضل والأوفق.
ومع مراعاة كون الجلسات -إن أمكن- نسوية فقط؛ منعًا من آثار الاختلاط، وإذا كانت مختلطة، فتجب مراعاة الأحكام الشرعية في التعامل مع الرجال الأجانب.
1- فذات العلوم الطبية والحياتية بإمكانها تذكير أقرانها بعظمة خلق الله تعالى لجسم الإنسان وما يحوي من أجهزة دقيقة، وأوردة وشرايين، وكذلك الإشارة إلى خلق المخلوقات، وبيان اعتماد الدورة الغذائية التي فيها يعتاش الإنسان على أكل الحيوان، والحيوان يعتاش على أكل النبات، والنبات يعتاش بتربته على سمادهما، وهكذا.
طبعًا مع الإشارة –قدر الإمكان- إلى آية قرآنية تؤيد دعوتها، كقوله تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَق} (5).
2- أما المرأة ذات العلوم الفيزيائية فبإمكانها توظيف ما درسته في الدعوة إلى الله تعالى، ببيان أنّ قوانين المادة من جاذبية، وكتلة تفنى أمام قدرة الواحد الأحد، وتستشهد بقوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} (6)، وتبيّن عظمة الله سبحانه كيف رفع السماوات، ولم تؤثر فيها جاذبية الأرض فتجذبها فتنطبق السماء على الأرض، مع أنّ لكل ما خلق الله تعالى من أجسام لها أوزان، وزن الجسم = الكتلة، ثابت الجاذبية الأرضية.
3- أما المرأة ذات العلوم الهندسية، فبإمكانها أن تكون داعية، وتعقد جلسةٍ دعوية، وتوظف ما درسته من معلومات في الدعوة إلى الله تعالى، وعظمة دينه، كأن تستشهد بقصة بناء ذي القرنين للسد، وقد جاءت في القرآن الكريم بقوله تعالى: { آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا سَاوَىٰ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انفُخُوا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرا} (7)، أو تستشهد بقصة بناء نبي الله إبراهيم (عليه السلام) للكعبة المشرفة، وقصة بناء صرح نبي الله سليمان (عليه السلام)، وغيرها من القصص.
4- أما ذات العلوم الحقوقية، فبإمكانها أن تعقد جلسةٍ دعوية، وتذكّر أقرانها بأنّ العادل الذي لا يحيف في ملكه، ولا يظلم أبدًا هو الله تعالى، وقد كتب لعباده دستوره -القرآن الكريم وجاءت السنة النبوية مفسرة له- كأن تستشهد بأمر الله تعالى لعباده بالعدل في أكثر من موضع، منها قوله تعالى: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرا} (8).
ولا بأس بأن تشير إلى أنّ ما يمارسه القضاء اليوم هو مبتني على دستور كتبه البشر بأيديهم، وبالتالي ممكن أن يخطأ، ولا يشخص مصلحة العباد، فيبقى الحق العادل الذي يعلم ما تكنُّ الصدور هو الله تعالى.
وتدعو إلى ضرورة وجود طريق يوصلنا إلى معرفة عدل الله تعالى، وهو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه الشريف)، وتحثّ على طلب الدعاء له، والتمسك بالعلماء في زمن غيبته؛ إذ هم الحكام الشرعيون في زمننا، وهكذا.
مع ملاحظة أن دعوتها هذه لا تعني الدعوة إلى هتك قوانين البلد، بل تدعوهم إلى حفظ النظام، واحترام القوانين، وتخبرهم بمدى الارتباط بين الشريعة والقانون، لينعكس سلوك كلّ فرد منّا إلى تجسّد واقعي.
5- أما المرأة ذات العلوم الكيميائية، فبإمكانها الدعوة إلى الله تعالى من خلال الإشارة إلى أهمية المركبات الكيميائية في الحياة التي خلقها الله تعالى، كالغازات -وأهمها غاز الأوكسجين والنتروجين- والأملاح -وأهمها البوتاسيوم وكلوريد الصوديوم- وغيرها.
وتبيّن حاجة المخلوقات لتلك المركبات، وإلى خالقها، وتستشهد بالآيات الكريمة التي تطرقت إلى الذرة الصغيرة، التي خلقها الله تعالى؛ لطفًا بعباده.
6- أما المرأة ذات العلوم الدينية، فوظيفتها الدعوية التبليغية هي امتداد لوظيفة الأنبياء؛ لأنّ من جملة العلوم التي تدرسها هي العلوم الشرعية، فتدعو إلى تعزيز عقيدة، أو تصحيح عبادة أو معاملة، أو تهذيب خلق.
فتزكي علمها بنشره بين أقرانها، بعقد جلسات دعوية تذكّر بالله تعالى، وتحثّ على معرفة اصوله وأخلاقه وفروعه.

الله الله في الدعوة إلى الله يا أُختاه.
_______________________
(2) جامع الأخبار: ف 75.
(3) الحجرات: 13.
(4) الروم: 30.
(5) فصلت: 53.
(6) الرعد: 2.
(7) الكهف: 96.
(8) النساء: 58.

اللّهم اجعل نساءنا لكَ داعيات، لأوقاتهنَّ ومكانتهنَّ مستغلاّت، إنّكَ سميعٌ مجيبُ الدعوات، بحقِّ محمّدٍ وآله عليهم السلام وأزكى الصلوات.

اخترنا لكم

نصح العيون

بقلم: حنان الزيرجاوي جلست إلى جنب أمها بوقار وسكينة وهي تخفي مفاتن جسدها الجميل بخمارٍ فضفاض وعباءةٍ قد أغلقت أزرارها وخمار؛ لتقطع دابر أي افتتان، فهي ترى أنَّ المرأة جوهرة لا تقدر بثمن، وجمالها هبة من الله تعالى منحها إيّاه لينظر كيف تحافظ عليه وتصونه. كانت تصطحبُ أمّها لعرضها على الطبيب لمشاكلَ تعاني منها في القلب، وفي خضمِ حديثها الودود مع أمِّها وهي تلاطفها وتحاول أنْ تخفف من ألمها ومعاناتها لفتت انتباهها شابةٌ متبرجة كأنّها في ليلة زفافها وعطرها ينتشر في المكان ليشمه كلُّ من كان داخل قاعة الانتظار وهي تجرُّ عجوزًا هرمة بعُنفٍ وتخاطبها بكلماتٍ قاسية وتقول: ــ هيا .. هيا .. لقد تعبتُ منك ومن ادعائك المرض، لقد حرمتني من سفرة مع صديقاتي تبًا لكِ، أما آن الأوان لتموتي وتريحيني! وبعض كلماتٍ أخرى لم تُفهم.. أذهلني المنظر، ولاحت أمام عينيّ بعض صور عذابات يوم القيامة التي تطال العاق بالوالدين وهول ما سيصيب هذه الفتاة، إلى أن طرق مسامعي صوتُ طفلٍ صغير يبكي بين يدي أمه، وقد حاولت إسكاته ومعالجته بشتّى أنواع الحنان المعهود من كلّ أمٍ، وكانت هذه الصرخة قد دخلت أذني الفتاة الأخرى، فنظرتُ إليها نظرةَ تأسّفٍ وكأنها قرأت أفكاري عن بُعد، وأدارت بوجهها بالتفاتةٍ حانيةٍ إلى وجه أمّها واغرورقت عيناها بالدموع، وسالت كأنها ترتجي العفو والغفران..

اخرى
منذ 4 سنوات
445

كيف تُغير عادات طفلك السيئة

لاشك ان تغيير العادات السيئة لدى الطفل أهون وأسهل من تغييرها أيام الشباب ، لان العادة ستكون جزءامن شخصية الانسان بمرور الايام فيصعب الاقلاع عنها ، فاذا كان ولدك قد اعتاد على بعض السلوكيات الخاطئةوالتي أدت إلى تكوين عادات وطبائع سيئة ستكون جزءاً أساسيا من شخصيتة المستقبلية، فانه يجب عليك الآن الاستعداد بل العمل لتغيير هذه العادات والعمل على تخليص ولدك منها ، لقد اصبح واضحا ان تماهلك ودلالك الزائد يساهم بشكل فعال في ترسيخ هذه العادات وتطبعها ، وقد بدا لديك الآن انه يجب ان تغير من اسلوبك القديم معه لتُصلح ماقد افسدته في الماضي بقصد او بدون قصد ، فما عليك فعله الان هو اتخاذ بعض الخطوات الجادة والحازمة والثابته التي قد تستمر لايام او لشهور ليتم اعادة برمجة العقل الباطن لطفلك من جديد ، فما يتعلمه الطفل خلال سنوات لايمكن ان نغيره خلال ايام ، بل نحتاج الى وقت طويل وجهد مستمر لتغيير البرمجة القديمة بما هو صالح ومناسب لطفلك، فلو كنت تسمح لطفلك البالغ من العمر (٧سنوات او ١٠ سنوات ) بالبقاء لوقت متأخر من الليل مثلا، وأردت ان تغير من هذه العادة التي اعتادها ولدك لسنوات ، فماعليك فعله هو :_ ١:_ ان تكون قد قررت وعزمت على تغيير هذه العادة وعقدت النية على ذلك بعد التوكل على الله تعالى فهو الخالق وبيده كل شيء فاذا لمس منا الصدق في ذلك سيكون عونا لنا بلاريب ولاشك في ذلك ..... ٢:_بعد ان حددت العادة المراد تغييرها يجب ان تمتلك خطة مدروسة لتطبيقها ، فتغيير سلوك مثير وخاطئ يحتاج الى خطوات صحيحه تتجه نحو تحقيق الهدف. ... ٣:_ فمثلا لو تم اختيار (عادة البقاء لوقت متأخر ليلا) فالخطوات تكون بعد عقد النية ، وتحديد العادة السيئة المراد تغييرها ، ووضع برنامج يكون بتحديد وقت للنوم فنقول للطفل: سيكون موعد نومك الساعة التاسعة مساءا بعد ان نكون قد وفرنا الاجواء المناسبة للنوم من اطفاء الانوار والتلفاز لان الاجهزة تعتبر من المثيرات للانسان والتي تمنعه من النوم والراحة. . ٤:_والخطوة التي تليها ستكون مصيرية لانها تحتاج الى موقف حازم ، فعندما يكون الطفل قد اعتاد العادة لسنوات فإن ردة فعله ستكون عنيفة اتجاه هذا التغيير ، وسيُقابل تلك الخطوة بالمقاومة والعناد ، ويحاول الاصرار والبقاء على ماكان عليه ، وهذة الثورة يجب ان تُقابل من الاهل بثلاث خطوات حاسمة:_ أولها هي الثبات على الموقف مهما فعل الطفل من ردود افعال عنيفه كالصراخ والبكاء والمماطلة ، لانه اذا استطاع التملص من عدم الانصياع لنا فاننا لن نستطيع ان نضبظ باقي سلوكياته مستقبلا ولن يكون بمقدورنا السيطرة على ردود افعاله ، فخطوة الثبات على النظام الجديد هي حجر الاساس التي من خلالها يمكن تغيير السلوك السيء الثانية هي ان الطفل بعد المرحلة الاولى سيُقاوم هذا التغيير بشدة لان الطبيعة البشرية ترفض تجربة كل ماهو جديد خوفا منه وركونا الى منطقة الراحة التي اعتادت عليها النفس ،لذلك وجب على الاهل اتخاذ (اسلوب الحزم والصرامة) في تطبيق الخطة الجديدة بدون ادنى تراجع ، وستنخفض مقاومة الطفل اذا شعر بجدية الوالدين في التصرف ، وبالتالي سيخضع بشكل تدريجي بعد يومين او ثلاثة ايام او اسبوع او شهر ، الثالثة هي الاستمرارية في تطبيق البرنامج الجديد ، فالبعض من الاباء والامهات لايستمر على النهج وانما يمل ويصيبه الاحباط ، لذلك فان الاستمرارية مهمة جدا في ترسيخ المبدأ الجديد الذي يُثبت العادات الجديدة ويعلم الطفل على الانضباط الذاتي والذي بدوره يشكل صفة التحكم بالنفس لدى الطفل بمرور الايام .. وبعدها يبدأ الطفل بالتأقلم مع الوضع الجديد بالتدريج ، وهنا نقول ان الاطفال مختلفون في الاستجابة فبعضهم يستجيب بسرعة والبعض الاخر يقاوم ويقاوم ، والبعض الاخر يصّر على عنادهِ...... باختصار فاننا نحتاج الى عدة خطوات في تغيير اي عادة سيئة اعتاد عليها طفلك :_ عقد النية والعزم على تغيير عادة ما بعد التوكل على الله تعالى.. وضع برنامج وخطة للتغيير على ان تكون قابلة للتطبيق . الثبات على الموقف مهما قاوم الطفل التغيير.. استخدام الحزم في تطبيق البرنامج وعدم السماح لعاطفتنا بالتغلب على عقلنا الاستمرارية في تطبيق البرنامج الجديد وعدم التقطّع والتماهل فيه... هذه اهم الخطوات التي من الممكن لو طبقها الأبوان أن تساعدهم على تغيير السلوكيات المزعجة والخاطئة لدى ابنائهم .. ومن الله التوفيق قاسم المشرفاوي

اخرى
منذ 6 سنوات
4702

الميزان بين يديّ عابدة آل علي (عليه السلام)

بقلم: نورا كاصد العبودي عندما أرخى الليل سدوله، تكالبت عليَّ الهموم والرزايا، حتى القمر كان من الآفلين، وإذا بالدهر يخلعُ لثام البراءة ويُظهِرُ وجهه البائس، المظلم، والحقود... أوصالٌ مقطعةٌ على طول نهر العلقمي، أطفالٌ مُروَّعةٌ، نساءٌ ثكلى ... دماءٌ وصلت أبواب السماء طرقتْها والتصقتْ بجُدرانِها تشكو ما فعله أهلُ الأرض.... شموعٌ أطفئت... أحلامٌ سُلِبت، أمانٍ تناثرت... ورود مذبوحةً على سفوح الطف، لم تغفُ كربلاء منذ تلك الليلة ... ليلة الحادي عشر... عندما سافرت الشمس في قطار الغروب حلَّ الظلام ضيفًا ثقيل الظل، حيثُ رجالنا قضوا وشبابنا عُلِّقت رؤوسهم على الأسنة والرماح، والنساء خرجن يبحثن عن أطفالهن الذين هجّوا على وجوههم في البَرايا من لهيب النيران، حرق الخيام والسلب والنهب كانت هي غنائمُ حرب آل أمية.... كانت قلوبُنا تتلهَّبُ من العطش، والحزن تغلغل في أرواحنا، وسكنها الشجن، ومأساة الطف حاضرة في أذهان كلِّ فردٍ منا... مذهولةٌ أرواحنا، شاخصةٌ أبصارنا من هولِ ما حدث وما هو آت، رائحةُ دماء رجالنا الزكية ملأت أرجاء نينوى، حيثُ حطَّ الموتُ رحالَه على وجوههم الدُريّة، كانت أطهرَ دماءٍ سالت عليها، وأشرفَ أنفسٍ أُزهِقَتْ، وأزكى أرواحٍ ستوارى فيها... ذلك اليوم الذي لا شيء يسودُه سوى كومةُ الرمادِ التي خلَّفها الحرق، والسكونُ بينما القلوب تصرخُ بوجعٍ وأنين لا مُنتهى له. حسراتٌ ممزقةً تُطلقها اليتامى، جوعُ الأمانِ لم يكن هينًا على أولئك الأطفال الذين اعتادوا من أهلهم الحب والحنان، كيف لي أنْ أجمعهم، وهم كالحروف قد ملأوا الأرض عباراتٍ مُدويةً بوجه الباطل صارخةً بالحق... رحيلهم الواحد تلوَ الآخر كان يُبعثِرُ أرواحنا ويبثُّ الحزن بداخلنا، حتى الأطفال قد تعلّقوا بثيابِ قائدهم يريدون نُصرته! أ لهذا الحدّ كنتَ وحيدًا؟! وأنا مثلك الآن وحيدة تمامًا في ليلةٍ يسودُ قلوبَ أطفالك القلقُ والتوتر، انقباضُ الأنفاسِ بات سيّد الموقف، وقلبي يطلبُ منك الحماية فيما أسعى جاهدةً لأنفذ وصاياك. أعددتُ عُدتي واستعنتُ بالله بعدما فوَّضتُه أمري وصرتُ أجمعُ النساء والأطفال كما أوصاني أخي ... وقفتُ بشموخِ أبي أحرسُ عيال أخي وأحامي عن أطفاله الذين ذبلوا كالورود التي تُغرس في غير أراضيها... مرة أندبُ الحسين (عليه السلام)، ومرة أنادي أخي العباس (عليه السلام) أسمع بكاء أطفالهم وعويل نسائهم، ألطمُ الوجه شاكية فقدهم، وأطلب العون من والدي علي (عليه السلام ) ويشتدُّ بكائي والعزاء ...... رأيت ضوءًا يقتربُ مِنّا خفتُ أنْ يكون أحدَ أعدائنا وأقسمتُ عليه بالله إنْ كان يريد الضرر بنا أنْ يكفَّ شره عنا، لكني رأيتُ نجمةً!! نجمُ الميزان كان ناصعَ البياض، ذا هيبةٍ سابقة له، بدا عليه وقارُ النجوم بل كأنَّه القمرُ وسط السماء الحالكة الظلام، فارسٌ مغوار، ألقى التحية على استحياء...... نجمُ عدلٍ فارقَ السماء وهبطَ للأرضِ يبحثُ عن ذرةِ عدلٍ تسودها بعد أن رأى أنَّ الظلمَ غزاها وثبّتَ وتده فيها، يريدُ أن يُسري حكمه ويُذيع أمره، وتغلبُ كلمة الحق على الباطل، وينثرُ آلُ الرسول دُررهم ويبسطوا ذكر الله (جلّ علاه)... ــ قال النجم: لا تخافي أنا هنا لحراستكم هذه الليلة.... ــ من أنت؟! وهل تعلم ما جرى علينا؟! أو إنَّك أحدُ الشامتين بنا؟ ... بينما هي كذلك حتى نادت بصوتٍ يعلوه الحزن وتتفجر منه الآهات والحسرات يا أبا الغوث أغثنا يا علي أدركنا ... وإذا بالصوت من ذلك الشيء المُبهم، النجمُ المُضيء يقول: أنا أبوك علي يا ابنتي ... تعالى صوتها بالنحيب وهي تشتكي قومًا ما رأفوا بحالِ الأطفال ... أيتموهم وهم يعلمون بقربهم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، حيثُ قال (جلّ علاه) بسم الله الرحمن الرحيم "قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى" نحن القربى يا أبي، نحن من قُتلنا وحُملت رؤوسُ رجالِنا على الأسنةِ والرماح، نحنُ من رُوِّعنا، وسُبينا، نحنُ بلا ناصر ولا معين. من صبر السيدة زينب (عليها السلام) إعجازٌ، فالإنسانُ يستلهمُ منها (عليها السلام) دروسًا وعِبرًا، والصبرُ يحتاج إلى إعدادٍ روحي، فلِذا وَعَتْ أنَّ الصبرَ يرتقي بها إلى مراتبِ الكمال، وهي العالمة غير المُعَلمة، وهي مِن الذين لاقوا المصائب الجسام وصمدت، وهذا مما يُقوِّي الإيمانَ في قلب الإنسان، والصبرُ مطلوبٌ تربيةً للروح، ولا تستغربْ من الذين يقولون: إن مُصاب السيدة زينب (عليها السلام) أعظم مصاب في الطف؛ لما حصل لها من عِظَمِ المصاب، إذ حملت مصائب الفراق ومصائب جمع العيال، ومواصلة مسيرة الإمام (عليه السلام) بكلِّ صبرٍ وعزيمة، وقيادةٍ ليس لها مثيل.

اخرى
منذ 4 سنوات
559

التعليقات

يتصدر الان

لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع

يستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي

اخرى
منذ 6 سنوات
77502

بين طيبة القلب وحماقة السلوك...

خلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 6 سنوات
57240

لا تقاس العقول بالأعمار!

(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي

اخرى
منذ 6 سنوات
44959

الطلاق ليس نهاية المطاف

رحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي

اخرى
منذ 6 سنوات
43766

المرأة في فكر الإمام علي (عليه السلام)

بقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.

اخرى
منذ 5 سنوات
41019

أساليب في التربية

عالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 6 سنوات
33659