Profile Image

جنان ال شاهين

نوارسُ السلامِ في وادي السلام

بقلم: جنان حازم الشاهين أُطلِق نِداء الاستغاثة من وجوهٍ كانت تعيش على هامش الأمل! في لحظةِ فَقْدٍ كانت الأولى، والفريدة بكلِّ تفاصيلها… لحظةٌ، لا يُعرَفُ أمدُها، كأنّها الكثيرُ من السّنين في حساب الضفة الأخرى وجوهٌ شاحبةٌ، لا تعرفُ ماذا تفعلُ؟ وأي المُصيبتين هي أهون عليها؟ وجوهٌ تقِفُ على مُفترقِ طرق، مملوء باللاشعور فعند تلك اللحظات، يتوقفُ كلُّ شيءٍ… سوى دقات قلبٍ تقاومُ راغبةً في الحياة… واقفون… يتأملون.. ويتألمون.. فعندما تفقد شخصًا عزيزًا على قلبك، تحاولُ في اللحظات الأخيرة، بشتى الطرق أنْ تسرق من الموت لحظة حياة، عَلَّها تُطفئُ جمرةَ الفقدِ الطويل… لكن، هيهات، فهناك قراراتٌ لا رجعةَ فيها، كالموتِ، مثلًا.. وقفوا.. كلُّ واحدٍ منهم قد عُقِد لسانه، وخارتْ قواه، بعد أنْ سرقَ منه الموت أعزّ الأشخاص. سرق منه من كان نورًا له وسط الظلام.. من كان له شبعاً عند الجوع، ومن كان له دفئاً عند البرد.. ومن كان له مؤنساً عند الوحشة… فمن اليوم يحتضنه؟ من يُشبِعه…؟ من يؤنِسُه..؟ من؟ ومن …؟ كلُّ تلك الأفكار والأمنيات تبددت عند أولِ نظرةٍ لثلاجات الموتى.. ما عليك الآن إلاّ النظر عن بعدٍ، خوفًا من انتشارِ العدوى.. هنا، تجتمعُ مشاعرُ الحزن، والخوف، والحسرة؛ لفقدان آخر لحظةٍ من لحظاتِ التوديع… وبنفسِ الوقت تُدرِكُ أنْ لا لقاءَ بعد اليوم… تهادى صوتٌ من تلكَ الوجوه التي أرهقها التفكير... دعونا نتوسلُ إلى الله (تعالى)؛ ليُنزل علينا فيضاً من رحمته وغيثاً من عطفه؛ فرُفِعتِ الأكف الحيرى تستنجدُ باللهِ العظيم، فاستجاب الله لهم… فكانت فرقةُ الإمام علي (عليه السلام) القتالية، مثالًا لتك الرحمة، كانوا طيورَ حبٍ، وعطاءٍ وسلامٍ، في سماءِ النجف الأشرف... في الوقت الذي تخلّى عن الميتِ الأهل والأصحاب، كانوا متمسكين به، يقومون بكلِّ شيءٍ من دون مقابل... نعم، فـعندما تسمو النفس وترتفع، تكون الأشياء الأرضية لا اعتبار لها.. وكما قال (تعالى)، في كتابه الكريم: "أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون" (المؤمنون: آية ١٠).

اخرى
منذ 4 سنوات
1367

السجادُ مقاتلٌ في ميدان الطف

بقلم: جنان حازم الشاهين حدثَ في التاريخِ أنَّ رجلًا هاشميًا وَفَدَ إلى كربلاء؛ لكي يقومَ بالنهضةِ العالميةِ الكبرى؛ فـيُنقذَ البشريةِ ويُعيدَ لها كراماتها! وقد اصطحبَ معه أسرتَه.. وكان يتخلّلُ ذلك الركبَ السماويَ نجمٌ ساطعٌ، حاولتِ الأقلامُ المأجورةُ أنْ تؤفلَ ضوءَ ذلك الشابِ العلوي، فيما يتعلّقُ بكونِه مُقاتلًا؛ ورفعتْ كُلَّ الملفاتِ التي تدلُّ على كونِه كان قائدًا ومقاتلًا في ميدانِ الطفِّ في اليومِ العاشرِ من المحرم، حيثُ ورد في المصادرِ التاريخيةِ المعتبرةِ عن أهل البيت (عليهم السلام) في ذكرِ أسماءِ من حضرَ مع الإمامِ الحسين (عليه السلام)، أنّ الإمامَ السجاد (عليه السلام) قد قاتلَ في ذلكَ اليومِ وقد جُرِح.. وما يؤكّدُ ذلك ما أوردَه الفضلُ بن الزبير الأسدي في كتابه (تسميةُ من قُتِلَ مع الحسين (عليه السلام))/ ص ٢٨ ما نصّه: «وكان عليُ بن الحسين عليلًا، وارتُثَّ يومئذٍ، وقد حضرَ بعض القتالِ، فدفعَ اللهُ عنه وأُخِذَ مع النساء» وعندما نعودُ لمعاجمِ اللغةِ نلاحظُ أنَّ كلمةَ (ارتُثَّ) الواردة في نص الأسدي، تدلُّ على اشتراكه في القتال؛ لأنّها تُقالُ لمن حُمِلَ من المعركةِ بعدَ أنْ قاتلَ وأُثخِنَ بالجراح، فأُخرِجَ من أرضِها وبه رمق، كما يقول اللغويّون، أو أصحابُ فقهِ اللغة، هذا ما نقله ابن منظور في الجزء الثاني ص ١٥٢ والفيروز آبادي في قاموسه في الجزء الأول في ص ١٦٧ وهذه قراءةٌ أخرى لواقعةِ المرضِ المعهودةِ التي تواترت ذاكرتُنا عن تصوّرِها، فقد خيلَ لنا وعلى مرِّ الأيامِ فالسنين صورة ذلك العلوي العاجزِ والمُقعدِ الذي يقطُنُ في زاويةِ تلك الخيمةِ ولا يُحرِّكُ جانبًا...!؟ للأسف فقد ترَسِّخَت في أذهانِنا تلك الصورةَ لا غير!

اخرى
منذ 4 سنوات
503