Profile Image

Qasim Salim

الأنترنيت والأسرة

تتعرض المجتمعات إلى غزو غير مرئي ولكنه محسوس وملموس لمن يدرك ويفهم ويعي ذلك الهجوم المنظم من قبل الدول الكبرى، يغفل البعض من الناس عن سلبيات الإنترنت بسبب عدم امتلاكهم للوعي الحقيقي الذي يكون الحصن المانع من انزلاق المرء وانغماسه في أخطاء يكاد البعض يقع فريسة سهلة لها، فالإنترنت سلاح ذو حدين وذو وجهين مختلفين فهو يحتوى على الكثير من المنافع التي بإمكان الإنسان الاستفادة منها، ويحتوى أيضاً على الكثير من المغريات واللهو التي تم توفيرها بالمجان ليكون الإنسان المسلم هو البضاعة! وهذا المحتوى الضار تم نشره على الشبكة العنكبوتية من قبل الدول الكبرى ليتم القضاء على القيم والأخلاق الإسلامية وسلبها وتحطيمها بشكل منظم ليسهل السيطرة على خيرات ومقدرات الشعوب الإسلامية بعد أن يتم تجريدها من قيمها ومبادئها، فعملية تفكيك وتحطيم الروح الإنسانية هي الهدف السامي للدول الكبرى، فبواسطة تحطيم نفسية الإنسان المسلم واذلاله وابعاده عن أهدافه الحقيقة يتم السيطرة عليه لا شعورياً عن طريق بث السموم والمغريات والفواحش في الانترنت ليتم التلاعب به والتحكم به، فإذا فقد الإنسان السيطرة والتحكم بذاته وانصاع لرغباته وأهوائه فَقَدْ فقدَ إنسانيته وهذا هو مراد الاستعمار. والشخص المؤمن الذي يريد أن يحصن نفسه وأسرته من اخطار الإنترنت يجب عليه حين توفر الانترنت في البيت أن يلتزم بشروط معينة، ومع عدم توفير هذه الشروط وإمكانياتها فالأفضل الامتناع عن تفعيل خدمة الانترنيت في البيت، ومن هذه الشروط التي يجب على الأب وضعها في البيت: ١- وضع جدول زمني لتشغيل الانترنيت وإطفائه ، وعدم السماح لبقائه مفتوحاً بشكل دائم ومستمر حفاظاً على الأسرة من الانزلاق والاستخدام الخاطئ. ٢- العمل على منع المواقع الإباحية والبرامج الضارة بواسطة برامج مختصة تُقيد البث وتحد من أضراره، للحفاظ على الأبناء من الوقوع في متاهات البحث الضار بدافع الفضول وحب الاطلاع. ٣- زرع روح التواصل بين الأهل والأبناء والاستماع إلى أفكارهم ليتم ترسيخ القيم التربوية في نفوسهم وبذلك تكون رادعاً لهم بعدم اقتراف الأخطاء عند استخدامهم للانترنت. ٤- أن يقلل الآباء والأمهات استخدام الانترنت أمام أبنائهم والاقتصار على الاستخدام النافع، فإذا لاحظ الأبناء أن أهلهم يفرطون باستخدام الانترنت فإن ذلك يكون ذريعة لهم يحتجون بها، لذلك توجب على الآباء والأمهات أن يكونوا قدوة أمام أبنائهم في كل شيء. هذا فيما يخص الأبناء، وهنالك جانب سلبي آخر يقع فيه الآباء والأمهات للأسف الشديد يؤدي إلى انقطاع وبرود العلاقة الزوجية بل انهيارها بالتدريج، فانشغال الزوج المستمر بنقّاله الخاص وبشكل مدمن وانسجامه النفسي والذهني مع هذا العالم الافتراضي ومحاولة العيش إلكترونياً مع أشخاص غرباء يدفع بالعلاقة الزوجية المقدسة إلى الانهيار والتفكك، ونشاهد أن كثيراً من الآباء والأمهات يجمعهم البيت الواحد ولكن تجدهم كلٌ يعيش في عالمه الافتراضي الخاص، فالزوج منسجم مع نقّاله الخاص، والزوجة كذلك، وهنا تتلاشى الروابط الزوجية وتنعدم مع وجود عالم افتراضي آخر يعيش فيه كلا الزوجين. ونجد أن بعض الأزواج والزوجات قد وقعوا في علاقات محرمة وغير شرعية بسبب الاستخدام السلبي للفيس بوك ولمواقع اللا تواصل! لأسباب غير مقنعة وواهية جداً، مما يسبب البعد النفسي والذهني بين الزوجين وبالتالي الوصول إلى الطلاق النفسي والعاطفي، وانهيار العلاقة الزوجية وذوبانها ،فالزوج الذي يرجع من العمل ويقضي أغلب وقته على الانترنت والفيس بوك ولا يعطي لزوجته ولأطفاله بعض الوقت فإنه يقوم بفعلته هذه بتدمير نفسه وزوجته وأطفاله، فالعائلة لا تحتاج للمال فقط، بل تحتاج إلى الاهتمام النفسي والروحي من الأب والذي يعتبر الركيزة الأساسية لقوام الأسرة واستقامتها. وتنشغل بعض الزوجات عن واجباتها الأساسية في العناية بزوجها وأطفالها بقضائها معظم وقتها على الانترنت مما يسبب ضياع الحقوق في الأسرة الواحدة وبروز المشاكل الزوجية وتفاقمها. لذلك توجب على الزوجين العمل سويةً على تذليل وحل كل المشاكل والخلافات العائلية بما يرضي الله ورسوله ويحافظ على الأسرة من الضياع والانحلال وهذا الأمر منوط بالزوجين فالأمر بأيديهم ومرتبط بقوة عزيمتهم وإيمانهم بأن العلاقة الزوجية رباط مقدس يجب الحفاظ عليه والعمل على صونه فهي أمانة وحفظ الأمانة واجب على الزوجين. ومن الله التوفيق

اخرى
منذ 5 سنوات
1649

كيف نزرع الحب بين الأخوان

أبناء يولدون من أم وأب ، ويعيشون في بيت واحد ويأكلون من طعام واحد، يلعبون ويركضون ويتشاجرون ويكبرون ومن ثم يتزوجون وبعدها يتباعدون؟! فمالذي حدث ياترى! وماسبب هذا التباعد والجفاء؟ ويستمر التباعد إلى أبعد من ذلك ليصل إلى الكره والتباغض؟ فلنا أن نتساءل عن السبب الحقيقي أ هو وليد الساعة أم له أسباب متجذرة ومترسبة من الماضي السحيق؟ يولد الأطفال ولا تولد معهم الكراهية والحقد؟ إذن ماهي الأسباب التي تؤدي إلى تباعد الإخوان عن بعضهم البعض؟ يمكن أن نذكر بعض الأسباب، ليتم تجنبها وعدم الوقوع فيها، فمنها: ١- سلوك الوالدين في التربية ،فبعض الآباء والأمهات يفضلون أحد الأبناء على الآخر لأسباب واهية وغير مقبلولة فالبعض يفضل أحد أطفاله لكون أجمل من أخوته، ويكره آخر لكونه أسمر اللون أو غير جميل الشكل، أو لدية عاهة بدنية، وهذا التفضيل يؤدي الى زرع الكراهية والبغض في نفوس الإخوان منذ الصغر، مما يؤدي إلى تنمية صفة الكراهية والحقد في نفوسهم وهذا يسبب تجّذر هذه الصفة وتنميتها فتنمو وتكبر ويصعب أستئصالها والنتيجة زيادة مشاعر الكراهية والبغض والتباعد بين الإخوان، أو تفضيل الذكور على الإناث مما يدفع بالبنات إلى كراهية الرجال بشكل عام بسبب أسلوب الأب أو الأم غير المدروس، فهذا التفضيل ناتج عن أسلوب الجاهلية، والذي عانت منه المجتمعات منذ القدم واستمرت هذه المعاناة إلى وقتنا الحاضر. ٢- المقارنة بين الإخوان من الأمور والأسباب التي تزرع التباعد وتؤصل الكراهية بين الأبناء، فكثير من الآباء والأمهات يقعون في هذا الخطأ الفظيع، فعندما يقارن الأب بين أولاده ويقول لولده إن أخاك أفضل منك، ويردد ذلك بكثرة بين الفينة والأخرى فإن الطفل الذي يتم مقارنته سيشعر بعدم أهميته وعدم قيمته عند والده مما يسبب له شعوراً بانعدام قيمته الذاتية، وسيشعر بالكراهية اتجاه أبيه واتجاه أخيه. ٣- سلوك وأسلوب الأب غير الصحيح مع أخوته وهذا يؤدي إلى تعليم الأطفال الأسلوب الخاطئ، فالبعض من الأباء يتصرفون أمام أبنائهم بشكل غير مدروس فإذا شاهد الأطفال والدهم يتكلم بسوء على أخوته وينتقدهم لأسباب تافهة وواهية أو يتعامل معهم بطريقة مادية بعيداً عن أسلوب الأخوّة فإن الأبناء سيتعلمون هذا السلوك وتفتقد الأخوة حينها إلى معاني الحب لأنهم لم يشعروا بالترابط الروحي والنفسي بين أبيهم وعمهم، مما يعمّق لغة الانقطاع بينهم ويرسخها ويجعل الأخوة فاقدة لقيمتها الروحية التي يجب أن تتمتع بها. ٤- عدم العدل في معاملة الأبناء بشكل عام يؤدي إلى ظهور مشاعر الغيرة بوقت مبكر بين الأخوان، فأسلوب المقارنة والتفضيل بكافة اشكاله، كأنْ يمدح الأب أحد أطفاله دون الآخر ويثني عليه أو يقبّله ويحتضنه أمام أخيه دون أن يفعل ذلك مع باقي أبنائه أو يشتري ملابس أو ألعاباً لأحدهم دون الأخر أو يسيء معاملة البعض من أبنائه ويقدس ويحترم البعض منهم، فكل هذه الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الآباء والأمهات لها سلبيات عديدة على تكوين مجتمعات غير سليمة نفسياً وأخلاقياً، مما يؤدي إلى تحطيم البناء الاجتماعي والقضاء عليه، لذا توجّب على الأبوين الانتباه الشديد إلى سلوكهم وأسلوبهم المتبع مع أبنائهم والتعامل بشكل يتناسب مع مهمتهم التربوية من أجل بث روح الألفة والمحبة في قلوب الأبناء...

اخرى
منذ 5 سنوات
5677

الطفل ومراحله الأولى

المجتمعات الواعية تزدهر وتتألق باهتمامها بأطفالها منذ السنوات الأولى، بل منذ الأيام التي قضاها الطفل في رحم أمه، وهو جنين يتغذى على مايصل إليه بواسطة الحبل السري، ويتأثر بما تتأثر به أمه من فرح وحزن، وتنقضى أيامه الاولى ويخرج للحياة بعد أن عاش تلك الحياة الضيقة بمفهومنا، وتبدأ رحلته من جديد قاطعاً الساعات والأيام لينمو ويكبر وتزداد معرفته شيئاً فشيئاً بما يدور حوله، فالطفل أكثر مايحتاج إلى والديه في سنته الأولى، يحتاج من يساعده في الأكل وفي تغيير ملابسه وفي حمله ونقله من مكان إلى آخر وغيرها من المساعدات، وبعد أن يبدأ السنة الثانية تقريباً تظهر عليه بوادر العناد التي تعبّر عن محاولة اكتشاف الذات والاعتماد على نفسه، فاكتشاف الذات يتضمن اكتشاف قدراته وإمكانياته وتجربة قابليته في فعل الاشياء، ويحاول أن يكتشف محيطه وعالمه ليعرف أسراره وخفاياه، وهنا يأتي دور الوالدين في إعطائه الحرية الكافية لسدّ هذه الرغبة التي تطور من شخصيته وتقويها، ويجب على الأبوين أن يتركا له المجال كلّما شعروا بأنه محتاج إلى معرفة شيء ما، يبدأ الطفل في هذا السن أي ما بعد السنة الثانية برفض المساعدة جزئياً من الوالدين ومحاولة إثبات الذات! يرفض بعض الآباء والأمهات هذا العناد بسبب عدم فهمهم الدوافع والأسباب؟ مع أن هذا الرفض هو نقطة تحّول إيجابية لصالحهم ولصالح ولدهم؟ فالطفل يريد أن يعتمد على نفسه ويكتشف قدراته وقابلياته، والأهل يمنعونه ويصدونه! وهنا نجد نوعين من الأطفال: أحدهما: يصّر على عناده، والآخر يستسلم لإصرار أهله وينقاد لهم، أما الذي يثبت ويُصّر من الأطفال فسيكون قائداً لذاته في المستقبل ذا شخصية قوية يستطيع أن يصمد أمام صعوبات الحياة، أما الآخر الذي انقاد لمشيئة أهله فسيكون ضعيف الشخصية خوّافاً لا يقوى على مواجهة أحد أو إبداء رأيه أو طرح فكرته لأنه تربى على (لاتفعل،افعل) أي إن الأهل قاموا بعملية سحق ذاته وتدميرها من حيث لايشعرون، نحن لاندعو إلى عدم طاعة الوالدين وإنما ندعوا إلى ترك مساحة من الحرية للأطفال ليكتشفوا ذواتهم ويؤمنوا بها ليكونوا أقوياء وأصحاب قرار وإرادة حرة، فشتّان مابين هذا وذاك! من المفترض أن يفهم الأبوان هذا الرفض والعناد فهو تحول طبيعي ضمن مراحل النمو النفسي والبيولوجي، فإذا رفض الطفل مساعدة أمه في إطعامه أو تغسيله بعد الأكل أو مساعدته في ارتداء ملابسه! فهنا يجب على الأم أن تترك الطفل وتعطيه الحرية للاعتماد على نفسه؟ ولا مجال للامتعاض من تصرّفاته بحجج واهية، كتوسيخ نفسه أو إنه لا يعرف لأنه صغير؟ فالصغير يتعلم إذا قام بتجربة الأشياء، ويمكن التدخل بمقدار بسيط حسب حاجة الطفل. إن الطفل يجرب الاعتماد على نفسه ليتعرف على مقدار استطاعته على عمل الأشياء وقدرته على فعلها، وبهذا المقدار فإن الطفل يبدأ باكتشاف نفسه بالتدريج ليتعرف ويختبر مواطن قوته. وأشير هنا إلى أن أغلب الأمهات تخطئ في تدخلها بكل شيء يحاول أن يفعله الطفل بهذا العمر وهذا ما يزعزع ثقة الطفل بنفسه ويشعره بالعجز والفشل وعدم الاستطاعة! فتفطنوا يرحمكم الله تعالى. فالرسالة السلبية التي يفهمها الطفل من هذا التدخّل السلبي بأنه ليس مؤهلاً لفعل الأشياء وغير قادر وغير كفؤ، مما يصيبة بالإحباط ويشعره بالخوف والتردد وعدم الإقدام، وسيكون ذا شخصية خوّافة ومترددة في المستقبل، وبالتالي يؤدي هذا إلى صناعة جيل غير واثق من نفسه، فاقد للعزيمة، إتكالي، متعلق بأمه مختبئاً خلف أثيابها، فتغيروا يرحمكم الله ويحسن إليكم.

اخرى
منذ 5 سنوات
1859

الأطفال وتكرار الأخطاء

لاشك أن الأطفال يعيشون في عالم يختلف عن عالم الكبار، فاللهو واللعب جزء أساسي من عالمهم الجميل، وهذا ما لا يمكن أن نفهمه إلا إذا تذكّرنا أيام طفولتنا، ومن ذلك أنهم يتعرضون لمواقف عديدة يعجزون عن التصرف فيها بشكل مناسب، فيقعون في الخطأ وتتكرر أخطاؤهم، فيُصاب الأهل بالإحباط وخيبة الأمل ويفقدون الشعور براحة البال وتسوء حالتهم النفسية، وهنا يجب أن يفهم الأهل أن عملية التربية وتعليم الطفل وتوجيهه تقع على عاتقهم وهي من واجباتهم الشرعية والأخلاقية، ومهما بذل الوالدان من اهتمام في هذا المجال فلا يمكنهما أن يمنعا أطفالهما من ارتكاب الأخطاء، فالأطفال كثيروا الخطأ بسبب: ١- ضعف إدراكهم ووعيهم للأمور والنتيجة عدم حساب عواقب الأفعال بشكل صحيح. ٢- عدم قدرتهم على السيطرة على نزواتهم ورغباتهم بسبب ضعف الجهاز الإدراكي (الهادئ) وسيطرة الجهاز المثير. فعملية تعليم الطفل لضبط النفس تحتاج إلى جهد جهيد ووقت طويل ومعرفة بأساليب التربية ومتطلباتها. إذن نستنتج من ذلك أن وقوع الأطفال في بعض المشاكل والأخطاء شيء طبيعي جداً، ويجب على الأبوين استيعاب ذلك والتفكير بطريقة تُعلم الأبناء لمهارة ضبط النفس! وهذه المهارة يمكن أن يكتسبها الأطفال من أخطائهم بواسطة التجربة فيتشكل لديهم مانع يمنعهم من إعادة الخطأ وتكراره بمرور الزمن، نعرف من ذلك أن وقوع الأطفال بالخطأ يُعلمهم مهارة ضبط النفس عن طريق اكتسابها بالتجربة، وأيضاً توجد طريقة تعتبر هي الأساس في تعليم الأطفال ضبط النفس وعدم وقوعهم في الخطأ وهي (أسلوب الوالدين أمام أبناءهم) فإذا كان الأبوان يمتلكان ويتمتعان بمهارة التحكم في الذات فإن هذا يولِّد انطباعاً لدى الأبناء بالسلوك الحكيم المتزن، فالمهارات الأساسية كضبط النفس وطريقة التحدث مع الآخرين والاستماع لهم يكتسبها الأبناء من آبائهم وأمهاتهم وممن يعيشون معه من أعمامهم وأخوالهم، فالتأثير يمتد عن طريق الوراثة وعن طريق التأثر بالسلوك الفعلي الذي يشاهدونه أمامهم، إذن متى نحاسب الأطفال على أخطائهم؟! في أي وقت من أعمارهم؟! ذكرنا أن بعض الأخطاء مسموح بها لأن الطفل في طور التعلم من أخطائه وهو تحت عمر السبع سنوات كما ذكره الحديث الشريف: (الولد سيد سبع سنين) فالسيادة معناها احترام شخصية الطفل وفكره والتوسيع عليه والسماح له بالحرية ليعيش طفولته، فيتم بذلك إشباع رغباته النفسية والمادية فيكون سيداً على ذاته وهذا مايرفع تقدير الذات لديه، فترتفع ثقته بنفسه وهذا هو المطلوب في بناء شخصية الطفل بشكل سليم، أما في مرحلة السبع سنوات الثانية من (٧_١٤) سنة فتكون مرحلة امتداد للسنوات السبع الأولى، فكلما حصل الطفل على احتياجاته النفسية (كالحب والأحترام والآمان والتقدير والقبول) فإن حصيلة ذلك هي دخول الطفل في الطاعة والانقياد لأوامر الوالدين في سنواته السبع الثانية (وعبد سبع سنين) وهنا يكون الطفل في هذه الفترة مستعداً للطاعة والامتثال للأوامر التي تكون في صالحه ولمستقبله، وهذه السنوات تكون مكملة للسنوات السبع الأولى والتي يكون فيها الطفل أكثر إدراكاً ومعرفة في فهم توجيهات الأهل، فالطفل في سنواته السبع الثانية يكون انعكاساً وامتداداً لسنواته السبع الأولى، فكما أعطى الأب سيُعطي الابن بنفس المقدار أو أكثر، وهنا تكون سلسلة مترابطة من الأخذ والعطاء تتمثل في سنواته الثالثة (من ال ١٤_ ٢١) والتي ذكرها الحديث الشريف (ووزير سبع سنين) ومعنى ذلك أن يؤخذ برأي الولد عن طريق الاستماع والاستشارة فيما يخص أمور البيت وأموره الخاصة ليشعر بمكانته ومنزلته في قلوب أهله، بهذه المراحل الثلاثة فإننا نقوم ببناء شخصية الولد بشكل يناسب الحياة ومتطلباتها، وبالتالي بناء جيل يواكب المرحلة بحداثتها، فالأسلوب السليم للأبوين ينتج جيلاً واعياً، يعرف مسؤولياته جيداً. وختاماً فإنه يجب على الأبوين أن لا يطلبوا المثالية من الأبناء ولايحاسبوهم على توافه الأخطاء التي يرتكبونها، فالأطفال يتعلمون من أخطائهم إذا شعروا بحرية التصرف، أما مع المراقبة الكثيرة والتربص بهم فسيقعون في المشاكل ويكررونها بسبب عدم شعورهم بالثقة من أهلهم، فيحاولون عدم اقتراف الأخطاء فيقعون فيها مما يسبب لهم شعورا بعدم الاستطاعة على فعل الصواب، لذلك توجب غض النظر عن بعض الأخطاء التي تصدر منهم وتوجيههم بشكل لايشعرهم بالتحقير والتجريح لكي يتمكنوا من النهوض من جديد.

اخرى
منذ 5 سنوات
6194

كيف تُغير عادات طفلك السيئة

لاشك ان تغيير العادات السيئة لدى الطفل أهون وأسهل من تغييرها أيام الشباب ، لان العادة ستكون جزءامن شخصية الانسان بمرور الايام فيصعب الاقلاع عنها ، فاذا كان ولدك قد اعتاد على بعض السلوكيات الخاطئةوالتي أدت إلى تكوين عادات وطبائع سيئة ستكون جزءاً أساسيا من شخصيتة المستقبلية، فانه يجب عليك الآن الاستعداد بل العمل لتغيير هذه العادات والعمل على تخليص ولدك منها ، لقد اصبح واضحا ان تماهلك ودلالك الزائد يساهم بشكل فعال في ترسيخ هذه العادات وتطبعها ، وقد بدا لديك الآن انه يجب ان تغير من اسلوبك القديم معه لتُصلح ماقد افسدته في الماضي بقصد او بدون قصد ، فما عليك فعله الان هو اتخاذ بعض الخطوات الجادة والحازمة والثابته التي قد تستمر لايام او لشهور ليتم اعادة برمجة العقل الباطن لطفلك من جديد ، فما يتعلمه الطفل خلال سنوات لايمكن ان نغيره خلال ايام ، بل نحتاج الى وقت طويل وجهد مستمر لتغيير البرمجة القديمة بما هو صالح ومناسب لطفلك، فلو كنت تسمح لطفلك البالغ من العمر (٧سنوات او ١٠ سنوات ) بالبقاء لوقت متأخر من الليل مثلا، وأردت ان تغير من هذه العادة التي اعتادها ولدك لسنوات ، فماعليك فعله هو :_ ١:_ ان تكون قد قررت وعزمت على تغيير هذه العادة وعقدت النية على ذلك بعد التوكل على الله تعالى فهو الخالق وبيده كل شيء فاذا لمس منا الصدق في ذلك سيكون عونا لنا بلاريب ولاشك في ذلك ..... ٢:_بعد ان حددت العادة المراد تغييرها يجب ان تمتلك خطة مدروسة لتطبيقها ، فتغيير سلوك مثير وخاطئ يحتاج الى خطوات صحيحه تتجه نحو تحقيق الهدف. ... ٣:_ فمثلا لو تم اختيار (عادة البقاء لوقت متأخر ليلا) فالخطوات تكون بعد عقد النية ، وتحديد العادة السيئة المراد تغييرها ، ووضع برنامج يكون بتحديد وقت للنوم فنقول للطفل: سيكون موعد نومك الساعة التاسعة مساءا بعد ان نكون قد وفرنا الاجواء المناسبة للنوم من اطفاء الانوار والتلفاز لان الاجهزة تعتبر من المثيرات للانسان والتي تمنعه من النوم والراحة. . ٤:_والخطوة التي تليها ستكون مصيرية لانها تحتاج الى موقف حازم ، فعندما يكون الطفل قد اعتاد العادة لسنوات فإن ردة فعله ستكون عنيفة اتجاه هذا التغيير ، وسيُقابل تلك الخطوة بالمقاومة والعناد ، ويحاول الاصرار والبقاء على ماكان عليه ، وهذة الثورة يجب ان تُقابل من الاهل بثلاث خطوات حاسمة:_ أولها هي الثبات على الموقف مهما فعل الطفل من ردود افعال عنيفه كالصراخ والبكاء والمماطلة ، لانه اذا استطاع التملص من عدم الانصياع لنا فاننا لن نستطيع ان نضبظ باقي سلوكياته مستقبلا ولن يكون بمقدورنا السيطرة على ردود افعاله ، فخطوة الثبات على النظام الجديد هي حجر الاساس التي من خلالها يمكن تغيير السلوك السيء الثانية هي ان الطفل بعد المرحلة الاولى سيُقاوم هذا التغيير بشدة لان الطبيعة البشرية ترفض تجربة كل ماهو جديد خوفا منه وركونا الى منطقة الراحة التي اعتادت عليها النفس ،لذلك وجب على الاهل اتخاذ (اسلوب الحزم والصرامة) في تطبيق الخطة الجديدة بدون ادنى تراجع ، وستنخفض مقاومة الطفل اذا شعر بجدية الوالدين في التصرف ، وبالتالي سيخضع بشكل تدريجي بعد يومين او ثلاثة ايام او اسبوع او شهر ، الثالثة هي الاستمرارية في تطبيق البرنامج الجديد ، فالبعض من الاباء والامهات لايستمر على النهج وانما يمل ويصيبه الاحباط ، لذلك فان الاستمرارية مهمة جدا في ترسيخ المبدأ الجديد الذي يُثبت العادات الجديدة ويعلم الطفل على الانضباط الذاتي والذي بدوره يشكل صفة التحكم بالنفس لدى الطفل بمرور الايام .. وبعدها يبدأ الطفل بالتأقلم مع الوضع الجديد بالتدريج ، وهنا نقول ان الاطفال مختلفون في الاستجابة فبعضهم يستجيب بسرعة والبعض الاخر يقاوم ويقاوم ، والبعض الاخر يصّر على عنادهِ...... باختصار فاننا نحتاج الى عدة خطوات في تغيير اي عادة سيئة اعتاد عليها طفلك :_ عقد النية والعزم على تغيير عادة ما بعد التوكل على الله تعالى.. وضع برنامج وخطة للتغيير على ان تكون قابلة للتطبيق . الثبات على الموقف مهما قاوم الطفل التغيير.. استخدام الحزم في تطبيق البرنامج وعدم السماح لعاطفتنا بالتغلب على عقلنا الاستمرارية في تطبيق البرنامج الجديد وعدم التقطّع والتماهل فيه... هذه اهم الخطوات التي من الممكن لو طبقها الأبوان أن تساعدهم على تغيير السلوكيات المزعجة والخاطئة لدى ابنائهم .. ومن الله التوفيق قاسم المشرفاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
4440

الأسرة في ظل غياب دور الأب واهماله

ان مهمة أدارة الأسرة لاتخلو من الصعوبة في وقتنا الحاضر ، ولكنها غير مستحيلة في ظل اتفاق الأبوين للنهوض بواقع ابناءهم من جميع النواحي الاخلاقية والاجتماعية والدراسية ، فتفاعل الزوجين وانسجامهما النفسي والعاطفي يؤدي الى استقرار الأسرة وتوزيعهما للادوار التربوية ومساندة احدهما للآخر يؤدي الى تذليل كل الصعوبات والتحديات التي تعصف بأسرنا في ظل وجود مختلف المغريات والتحديات وفي ظل سلبيات التكنولوجيا الحديثة؟ ولكن ماذا لو تخلى الزوج عن دوره الرئيسي والمحوري في الأسرة !! تاركا الزوجة لوحدها تواجه هذة التحديات ؟ كيف يمكن للزوجة ادارة الأسرة في ظل غياب واضح لدور الأب المعنوي ؟ فكثيرا من الزوجات تعاني من عدم تواجد ازواجهن في البيت في اوقات مابعد العمل ؟ مما يُلقي بعبء المسؤولية الملقاة على عاتقهن ؟ وهذا مايجعل امر ادارة الأسرة شيء صعب جدا بسبب اهمال الزوج لدوره ؟ فماذا تفعل الزوجة حيال اهمال الزوج لواجباته التربوية ؟ هل تتخلى عن المسؤولية معللة ذلك بعدم اهتمام زوجها بذلك؟؟ أم تاخذ زمام المبادرة مستعينة بالله تعالى ومتوكلة عليه وطالبة للعون منه عز وجل ؟ فلو كانت سفينة تبحر في وسط البحر وتخلى عنها ربانها في ظل تلاطم الامواج ، فهل يتخلى عنها المساعد الاول للسفينة بحجة ان المسؤول هو الربان وليس انا؟؟ ام يأخذ القيادة لينقذ الجميع وينقذ نفسه ؟ لانقول ان امر القيادة وادارة الأسرة شيء سهل في هذا الوقت بالذات ، بل انه من الامور التي تحتاج الى كياسة ودراية ومعرفة ،مما يجعل الأمر فيه شيء من التحدي والمواجهه ، مواجهة مع النفس اولا، ومواجهة مع التحديات والظروف والبيئة ، ومواجهة مع كل شيء في هذة الحياة ، تفقد الأم اعصابها كثيرا بسبب كثرة المشاكل والمسؤليات وبسبب شعورها السيء الناتج من اهمال زوجها لها ولأسرتها ، فمن الاشياء الصعبة التي تؤثر على مشاعر الزوجة هي استبداد الزوج برأيه وعدم شعوره وتحمله للمسؤولية ، فنرى كثيراً من هذا النوع من الرجال يهمل عائلتة وابناءه فهو لايعطيهم وقتا للاستماع اليهم أو الخروج معهم للتنزة ، او حل مشاكلهم او اللعب معهم ، فهو لايفكر الا بنفسه وبنزواته وباصدقائه معللاً ذلك بانه متعب من العمل ويريد ان يأخذ راحته ويستمتع بيومه؟؟ وهنا نقول ان كثيراً من الآباء يقومون بتقسيم اوقاتهم وفق ستراتيجية مدروسة بين قضاياهم الخاصة وامور أسرهم ؟ فلا مجال للتداخل والانانية هنا ، فكل يأخذ وقته ؟ من اجل تعميم السعادة على الاسرة وهذا يؤدي الى شعور الأب المسؤول بالرضا عن الذات ، اما اذا كان الأب مهملا وغير مسؤول ولم ينصت لضميره ولالزوجته فهذا مايؤدي الى بروز مشاكل عديدة في داخل البيت ، بسبب عدم تعاون الزوج مما يلقي بكامل المسؤلية على الزوجة ، وهنا يجب ان تتحلى الزوجة بالقوة الداخلية التي تمكنها من ادارة بيتها بالشكل الصحيح والمناسب التي تجعلها تعوض تقصير الزوج واهماله في البيت ، مما يزيد من مكانتها في نفوس ابنائها ويجعل كلمتها مؤثرة ومسموعة لديهم فهي امهم وابوهم وصديقتهم بنفس الوقت ؟ ومن هنا ندعوا جميع الاخوة الاباء الاعزاء ان ياخذوا دورهم الريادي في ادارة امور الاسرة بكافة اتجاهاتها المادية والنفسية والعاطفيه والتربوية ، فدوره الشرعي لايقتصر على توفير لقمة العيش والسكن وانما يتمثل دورة في شعور ابناءه وزوجته بوجوده المعنوي الذي يعطي طابعا نفسيا بالشعور بالآمان والأطمئنان ، فالحياة الأسرية ترتكن الى مرتكزين اساسيين هما وجود الأب والأم فهما الخيمة التي يستظل بها الابناء من متاعب الحياة وصعوباته ... والله ولي التوفيق

اخرى
منذ 5 سنوات
4156

قوة التصور الذهني

لا شك ان طريقة تفكير الانسان تعتمد على طبيعة اختياره لنوعية الافكار التي يّغذي بها ذهنه ، فلو كان يجذب الافكار السلبية ويستقطبها فإن عقله الباطن سيستقبل تلك الأفكار وتصبح جزءً أساسياً من ذاته مما يؤدي الى تشكيل تصور سلبي اتجاه كل شيء. إذا كان بعض الاباء والامهات يشعرون باستياء من أبنائهم، وأخذت تلك المشاعر السلبية تأخذ حيزا كبيرا من طريقة تفكيرهم ، فان ذلك يؤدي الى تكوين تصور ذهني سلبي اتجاه تصرفات الابناء وسلوكياتهم ، لان الاهل سيتعاملون مع اطفالهم وفق التصور الذي رسموه في مخيلتهم (العقل الباطن) وبالتالي فإنهم يقعون في خطأ كبير يؤدي الى الحصول على نتائج سلبية تشكل تصوراً سلبياً عن ذات الطفل. ذلك لأن العقل الباطن سيتعامل مع صورة سيئة تم تشكيلها عن ذات الطفل، فالأب الذي ينظر الى ابنه على انه طفل مسيء دائماً ولا تصدر منه الافعال الحسنة فانه لا يستطيع ان يلمس ويرى من ولده السلوك الايجابي بسبب تركيزه على سلبيات الطفل دون التفكير في البحث عن إيجابياته. وهذا يعني فشل العقل في البحث بشكل صحيح عن الايجابيات ، مما يجعل العقل الباطن يركز بالسلبيات دون الايجابيات. إن تعامل الوالدين مع الصورة الذهنية التي تشكلت في أذهانهم وفقاً لطريقة تفكيرهم ونظرتهم للأمور يجعلهم يركزون على صغائر الأخطاء التي تصدر من أبنائهم. فمثلا لوكان الأبوان يرددان دائما على مسامع طفلهما كلمة ( انت ولد عنيد ، او فاشل ، او غبي، او انك لا تنفع لشيء ) فان الصورة الذهنية المطبوعة في عقلهما الباطن هي( ولدي فاشل وغبي وعنيد) وعلى هذا الاساس فانهما يتعاملان مع ولدهما وفقا لهذه الصورة الذاتية السيئة، مما يجعلهما يفشلان في تربية ابنهما واصلاحه، بل سيكونان جزءً اساسياً من المشكلة، فيجب أولاً اصلاح طريقة تفكيرهم ليتسنى لهم التفكير بأسلوب صحيح. هذا فيما يخص تأثير التصور السلبي على نفسية الأبوين. اما فيما يخص ما يشعر به الطفل، فانه سيعتقد بانه ( فاشل وغبي وعنيد و...و...وو) كما يعتقد والداه به. وهنا سيقوم عقل الطفل الباطن ( اللا واعي ) بتصديق هذه الالقاب، ومع تكرارها على مسامعه فان عقله الباطن سيعمل على تصديق معانيها، بل سيعتقد بها وبعدها تصبح جزءا من ذات الطفل وكيانه، وبالتالي سلوكه. ومن الغباء ان يردد بعض الكبار مثل هذه الكلمات من اجل تحفيز الطفل ! فلا يمكن ان نقوم بتحفيز الجهاز المثير بواسطة الاسلوب المعاكس ، فالبعض يتوهم انه اذا قال لطفله: انت غبي، فانه سيكون ذكياً ، او عندما يقول له: انت كسلان، فانه سيصبح شاطرا وذكيا ، هذا الاسلوب مستخدم بكثرة في البيوت والمدارس ايضاً، وسبب استخدامه هو الاعتقاد بقدرته على تحفيز واثارة الجهاز المثير لدى الاطفال، وهذا الاعتقاد ناشئ عن الجهل وعدم المعرفة بالأساليب الصحيحة للتحفيز. لذلك يجب على الوالدين او المعلمين تبديل اساليبهم بأساليب ايجابية وعليهم : ١- التوقف عن استخدام الكلمات السلبية واطلاق العبارات المحبطة كالغبي والاحمق والفاشل و.... ٢- استخدام المديح فهو اسلوب مؤثر وفعال، فلو شاهدت سلوكا غير مرغوب فيه يصدر من ولدك فيمكنك استخدام اسلوب يجعل ولدك يخجل من تصرفه وسلوكه، كأن تقول له انك: لا تفعل مثل هكذا اخطاء فانت ولد مهذب وانا اثق بك كثيرا، ولم اتوقع ان يصدر منك مثل هذا السلوك. هكذا سيظن الطفل بأن والده يثق بتصرفاته فهو لا يتوقع منه الا الصحيح وسيخجل من سلوكه ، وسيقرر مستقبلا عدم الوقوع فيه ، وهذا ما نصبو اليه ونعمل من اجله. ٣- قبل كل شيء يجب على الوالدين تغيير تصّورهم السلبي عن ولدهما ( تغيير الصورة الذهنية السيئة) والتركيز على ايجابيات الطفل ومدحها بشكل متزن لتحفيز الطفل على الاستمرار عليها والعمل بها ٤- فاذا قام الوالدان بتغيير الصورة الذهنية السلبية عن ولدهما بأخرى إيجابية واستمرا على ذلك المنوال لفترة من الزمن فان الامور ستتغير نحو الافضل. ٥- وللحصول على نتيجة مقبولة فانه يجب على الوالدين التكاتف والصبر والاستمرارية وعدم التناقض والازدواجية في التعامل مع الاطفال .. قاسم المشرفاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
4800

الدلال وأثره السلبي على شخصية الطفل

يقع الكثير من الآباء والأمهات في اخطاء كبيرة عندما يلبّون كل رغبات اطفالهم ولا يرفضون لهم طلباً، معتبرين ذلك جزءً من الحب الصحيح الذي يقوي روابط المحبة بينهما، بل يعجز البعض عن رفض اي طلب مهما كان نوعه بحجة عدم كسر نفسية الطفل. إن تصرف الأب او الأم هنا إنما هو صادر عن طريق العقل اللا واعي الذي يستجيب للأوامر نتيجة انعكاس حالة شعورية عاشها الأب أو الأم في ايام طفولتهما، وهذه الحالة يمكن ان تكون بسبب الحرمان الذي مرّ به الأبوان، فهما لا يريدان لطفلهما ان يعيش او يشعر بما شعرا به وعاشاه أيام طفولتهما فيحاولان التعويض لحرمانهما عن طريق تلبية كل رغبات الطفل، وهنا المصيبة والطامة الكبرى، فالأولاد يتمادون في كثرة الطلبات وخصوصاً اذا لمسوا ضعفاً من والديهم في عدم رفض طلباتهم وتلبية نزواتهم حتى وإن كانت خاطئة وفيها أضرار مستقبلية وآنية. فمن الخطأ الكبير أن نعود الاطفال على تلبية كل ما يفكرون فيه وكل ما يرغبون به بحجة الحب ، فهذا يعتبر من الحب الخاطئ الذي يجعل الابناء يتحكمون بالآباء ويسيطرون عليهم ويقودونهم، مما يضعف مكانة الاب والأم. فترى كثيرا من الآباء والامهات يخضعون ويتوسلون لأبنائهم من اجل كسب رضاهم ، وهذا ما يشكل خطرا عظيما على مستقبل الأسرة ويهدد كيان المجتمع. وتبدأ صفة الانانية لدى الابناء بالظهور والنمو بسبب الدلع والدلال ، وتولّد لديهم شعور بعدم المسؤولية اتجاه أنفسهم واتجاه أسرهم ومجتمعهم. فهو لا يبالي الا بتوفير طلباته واحتياجاته ، فترى البعض من الاطفال يتمادى في الصياح والبكاء بوجه ابيه او امه اذا قوبل طلبه بالرفض ، بل يصل الحال الى الزعل ومقاطعة الاهل بعدم الحديث معهم ، من اجل الضغط عليهم في توفير كل طلباته، وهنا يسارع الاهل بتلبية رغبات طفلهم المدلل الذي بدأ يشعر بان من حقه ان يطلب ما يشاء وما يرغب. بل نلاحظ ان البعض من الاباء يقوم بشراء سيارة لولده وهو في سن الثانية عشرة، ظناً منه ان هذا يعد جزءً من الحب ، مما يدخل نفسه في دوامة من المشاكل العديدة اولها مشاكل الحوادث واصدقاء السوء والمصلحة الذين يستغلونه... اذن وجب على الأهل والحالة هذه توفير احتياجات الطفل الضرورية والمهمة والتي لاتعد اسرافا ولا بذخا لكي لا يعتاد الطفل على التبذير وتكثر طلباته بدون مبرر، فاذا كان لديه ملابس لابأس بها فلا داعي لشراء ملابس جديدة بمجرد ان يطلب الولد ذلك ، بل يجب ان نوفر له باعتدال ، ونرفض ما نراه غير مناسب وغير ضروري ، وهنا سيفهم الطفل ذو السبع سنوات والعشرة سبب الرفض ليتشكل لديه مفهوم ما هو ضروري، ويكون قنوعا بما يطلب من حاجات تكون مناسبة لشأنه مع أقرانه ومع وضع عائلته الاجتماعي. إن من سلبيات تدليل الاطفال هو:_ ١:_يدفع الاطفال الى البكاء والعويل بمجرد رفض طلباتهم.. ٢:_يجعلهم غير مسؤولين ولا يتحملون نتائج اخطائهم مما يدفع بالأهل إلى الدفاع عنهم في اغلب الاحيان وحل مشاكلهم.. ٣:_يضعف شخصية الطفل ويجعله اتكالياً وغير مبالي بإتعاب والديه.. ٤:_يلقي بأخطائه على الاخرين وعلى الزمن . ٥:_تنمو لديه صفه الانانية والغرور ... ٦:_لا يقبل عذر والديه إن عجزا عن توفير ما يريد اذن بعد ان عرفنا مضار تدليل الابناء وجب علينا ان نقدم لهم الحب باعتدال وبدون مبالغة ، فكل شيء يجب ان نوفره لهم يجب ان يكون باعتدال وباتزان لكي يكون الاطفال متزنين ومعتدلين في كل شيء، في تصرفاتهم وفي طلباتهم ، والابناء يتشكلون وفق طريقتنا في التصرف معهم، فلنختر طريقة مناسبة في التعامل معهم تدفعهم الى فهم متطلبات الحياة بشكل واقعي غير مبالغ فيه.. ومن الله التوفيق قاسم المشرفاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
6625

الأبناء وركوب المخاطر

يحاول الآباء ويحاول الأبناء، وبين هذه المحاولة وتلك فرق شاسع! فمحاولة الآباء هي التدخل بكل ما يفعله الأبناء بنية توجيه الأبناء وتعليمهم، أما محاولة الأبناء فتنطلق من حب اكتشاف الأشياء ومعرفتهم، وهذا ناتج من تساؤلاتهم الداخلية التي يبحثون من خلالها على إجابات شافية ووافية يمكن أن تقنعهم، فيحاول البعض منهم أن يجد جواباً شافياً لبعض الأمور المهمة، فالأطفال يحبون أن يتعلموا بأنفسهم، ويحولون كل شيء إلى متعة، وهذه الميزة هي التي تجعلهم يعيشون اللحظة، فهم لا يفكرون بالماضي، ولا يتخوفون من المستقبل، لذلك يشعرون بالسعادة. هنا ملاحظة مهمة، وهي: إن من الأمور المهمة التي تجعل الأهل يفهمون أبناءهم هي مراجعة أيام طفولتهم واستذكارها جيداً لمعرفة كيف يفكر أطفالهم ولماذا يفعلون اشياء في نظر الأهل لا قيمة لها ولا أهمية. إن الطفل يحاول جاهداً أن يتخلص من القيود والضوابط لينطلق من عالمه الخاص لمعرفة واكتشاف العالم الواسع، وشيئاً فشيئاً يتعلم أموراً عديدة تكسبه خبرة حياتية وتعطيه قوة وانضباطاً ذاتياً يستطيع من خلالهما مواجهة تحديات الحياة وصعوباتها. وهذا يعني أن ممارسة الأهل الحصار على الطفل وتقييده تجعله يفقد رغبته في البحث والاكتشاف والمحاولة، وبالتالي يشعر بالتعاسة والحزن اتجاه هذه التدخلات الكثيرة والتي يكون منشؤها هو الخوف الزائد على الأبناء، ولكنه يبعث برسالة سلبية للأطفال، مفادها: أنكم غير مؤهلين لممارسة بعض الأمور الحياتية البسيطة، فعدم السماح للأطفال مثلاً بركوب الدراجة الهوائية يعد خوفاً لا مبرر له في ظل توفر شروط البيئة الآمنة، ومنع الطفل ذي الاربع سنوات من الجلوس على الكرسي أو غسل يديه أو ارتداء ملابسه بحجة السقوط أو عدم قدرته على ذلك، يجعله يشعر بالضعف والعجز والخوف، مما يضعف ثقته بنفسه ويهز كيانه ويمس ذاته! بعض الأهل يعيشون حالة من الخوف والهوس المرضي الذي يكون من مظاهره منع الطفل من اللعب بشكل نهائي خوفاً عليه من المخاطر، فالركض والجري ممنوع على الطفل لكي لا يسقط ويتعثر وبعدها ينجرح ويتألم. ولو أراد أن يسبح لوحده في الحمام فإنه سيستمع لمختلف الاحتمالات من أمه التي تجعله يشعر بعدم الأمان، وهكذا... وبالتالي فإن الطفل يعيش حالة من المخاوف التي تسبب له مشاكل وعقداً نفسية تستمر معه لسنوات طويلة ويصعب التخلص منها بسهولة. في المقابل، نشاهد بعض الآباء الواعين الذين يتركون لأبنائهم ممارسة هذه الافعال وغيرها، والتي تجعل أطفالهم يشعرون بالرضا عن الذات، بسبب شعورهم بالسعادة عند ممارستهم فعل هذه الامور، فشخصية الأبناء تتشكل وفق الاعمال التي يستطيع فعلها ووفق ما يسمعه من الاخرين عن نفسه. فمن الأمور الضرورية هو ترك بعض المسؤوليات المناسبة للأطفال لفعلها بأنفسهم، فإنهم يحتاجون أن يجربوا ويتعلموا، بل لا يمكن أن يتعلموا بدون الخوض في التجربة، إذ التجربة تقويهم وتعطيهم زخماً معنوياً على مواصلة الحياة. إن الحياة عبارة عن مجموعة من التجارب الفاشلة والناجحة، والفشل عادة هو بداية النجاح، فلنترك لأبنائنا الخوض في التجربة ليتعلموا منها وليكتشفوا منها ما هو مفيد ومضر، لكن علينا أن نراقبهم من بعيد لنكون حاضرين معهم وقت الحاجة. عليكم أيها الآباء وأنتن أيتها الأمهات، أن تعرفوا وتميزوا جيداً بين الأشياء والألعاب المسموح بها والتي تدخل ضمن النطاق الطبيعي الذي يدخل ضمن الحاجات النفسية والبيولوجية لتكوين شخصية الطفل وتطورها، وبين فعل الأشياء التي تسبب للأطفال الاصابات والمخاطر. فلا يمكن أن نعيش بمخيلة سلبية تتوقع حدوث الاشياء السلبية والضارة بشكل مستمر ودائم، بحيث تبني حياتها على توقعات لا صحة لها على أرض الواقع سوى أنها مجرد إرهاصات لتفكير سلبي، لأن مثل تلك الاحتمالات السلبية لو عاشها الإنسان وتفاعل معها فإنها ستسبب له حياة أليمة وكئيبة سيعيشها هو وأسرته لسنوات وسوف تنتقل إلى أبنائهم بل وأبناء أبنائهم. لذلك عزيزي الأب وعزيزتي الأم، تخلوا عن تفكيركم السلبي واتركوا الخوف من المستقبل وعيشوا اللحظة بلحظتها لتشعروا بالسعادة والسلام الداخلي مع الذات… قاسم المشرفاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
1957

ولدي لا يطيعني، ماذا افعل؟

يعاني الأهل كثيراً ويشعرون بالتذمر والسخط من تصرفات وسلوكيات أبنائهم! ويعاني الأطفال كثيراً من الأوامر والتوجيهات الصادرة من ذويهم ، وبين هذه المعاناة وتلك فرق شاسع! فمعاناة الأهل تكمن في عدم تنفيذ أبنائهم النصائح والتوجيهات المستمرة ، مما يجعلهم يشعرون بالتذمر والإحباط حيال مقاومة أبنائهم . وهنا يلزم على الأهل أن يفهموا أسباب المقاومة وهل أن مقاومتهم أمر طبيعي أم اضطراب سلوكي ليتم معالجته والسعي للخلاص منه؟ أما معاناة الأطفال فتكمن في شعورهم بالمضايقة والتقييد وسلب الحرية وعدم الشعور باستقلالية الذات ، فنشاهد المقاومة وعدم الانصياع لكل الأوامر والتوجيهات بسبب هذا الشعور الذي يدعوهم إلى اإثبات الذات وطلب الاستقلالية. إن المشكلة تكمن في أن الآباء والأمهات لا يفكرون بعقلية أطفالهم، فلو تنزلوا قليلا عن طبيعة تفكيرهم ككبار، لوجدوا الحل حاضراً أمامهم ، فهم نسوا أيام طفولتهم، فلم يعودوا يشعرون كما يشعر أبناؤهم، ولو تذكروا قليلا لفهموا جيدا طبيعة تفكير اطفالهم ومعاناتهم، لذلك نرى قلة الانسجام والتفاعل بين الأهل والابناء لاختلاف طريقة التفكير بينهما، فلا نقطة التقاء تجمعهم .وبهذا لا يتم تواصل بينهما الا بمقدار ضعيف إن لم ينعدم! فبين هذه التحديات والصراعات التي تحدث باستمرار بين الاهل والأبناء، كيف السبيل الى خلق جسور تواصل وتفاهم وانسجام بينهما؟ وعلى ماذا يعتمد هذا التواصل بالدرجة الاولى؟ أ على الاهل أم على الأبناء ؟ تساؤلات كثيرة في هذا الموضوع سنحاول الإجابة عليها قدر الإمكان بإذن الله تعالى. لو سألنا انفسنا كآباء وأمهات، لماذا نريد أن يطيعنا أبناؤنا ، فالجواب على ما اعتقد في أننا نريد مصلحتهم وصلاحهم وهم لا يعرفون مصلحتهم جيداً، لانهم اطفال وادراكهم ضعيف او جزئي ، ولكن هل يفهم الأطفال هذا الشيء اذا كانت توجيهاتنا وأوامرنا تسبب مضايقتهم وتقييد طفولتهم؟! فنحن نتدخل بكل صغيرة وكبيرة تصدر منهم، ولا نترك لهم المجال للتعبير عن طفولتهم وهذا ما يعذبهم كثيرا ويجعلهم يتمردون علينا! يُخطئ بعض الأهل في طلب الطاعة من الاطفال وكأن شخصيته لا تكتمل إلا بطاعة اطفاله له وانقيادهم الاعمى لأوامره، فهم السلطة العليا في البيت وبخلاف ذلك تتم معاقبتهم والتنكيل بهم! فالأب يشعر بالنقص اذا تجاهل ولده أوامره او لم يستجب لطلبات أمه المتكررة ، والحال أنه لا يمكن ان نطلب الدقة المتناهية في طاعة الطفل اتجاه كل ما نريد ظنا منا اننا نعلمه الطاعة ، إذ في حقيقة الامر اننا ندفع به الى التمرد والمقاومة والثورة علينا! نحن لاندعوا الى تمرد الابناء وعدم امتثالهم لأوامر والديهم، ولكن ندعوا الى تعديل أسلوب الوالدين لمساعدة الطفل على الطاعة !! الطاعة التي ندعوا اليها هي تلك الطاعة الواعية والتي تساعد الطفل على فهم حدوده، وليست تلك التي تعلمه الانقياد الخاطئ والتي تقضي على كيانه وذاته. بعض الاباء والامهات يكررون الاسلوب الذي تلقوه أيام طفولتهم مع ابنائهم، ظنا منهم انه الاسلوب الامثل، فهذا ما بقى عالقا في عقلهم اللا واعي. في الحقيقة، لا يمكن ان نتواصل مع ابنائنا اذا لم نفهم احتياجاتهم النفسية ، فبدون ذلك لا يمكن ان نصل الى قلوب ابنائنا ولا يمكن أن نكون مؤثرين عليهم ، فالأطفال الذين يشعرون بالاحترام ، والتقدير ، والقبول ، والانتماء للأسرة ، والحب ، يكونون أكثر طاعة لوالديهم، والسبب هو شعورهم بتقدير الذات ! أما اولئك الأطفال الذين يفتقدون لهذه الحاجات النفسية فانهم يكونون أكثر عداوة ومقاومة لأوامر والديهم ،فهم لا يشعرون بتقُبل ذويهم ومحيطهم لهم، لانهم يفتقدون لمشاعر الأمان والحب ! ونود ان نؤكد هنا انه ما لم يتخلص الأهل من اساليبهم الخاطئة كاللوم ، والمقارنة ، والاستهزاء ، واطلاق الصفات السلبية والالقاب الحيوانية على ابنائهم، فانه لا يمكنهم التأثير عليهم بسبب عدم جاذبيتهم لأولادهم، فلا وجود لمكانة الأب والأم في نفوس الأبناء بسبب عدم وجود عنصر التعاطف من جهة الاهل. وهذه مشكلة يعاني منها الكثير من الابناء. فكيف تريد من ابنك ان يطيعك وانت تنتقص من ذاته؟ وهل يمكن ان يؤثر الاب والأم في شخصية الطفل اذا كانا لا يمتلكان الاسلوب المهذب والكلام المحترم اتجاه ابنائهما؟! لا يمكن ان يستمع الطفل الى شخص ينتقص من ذاته ويستهزأ به، لان هذا الشخص يفتقد الى عنصر التأثير والجذب. وبسبب الأسلوب الخطأ يتولد حاجز نفسي بين الاهل والابناء يؤدي إلى عدم الطاعة. إن والطاعة التي نريدها من الابناء ليس معناها سحق شخصية الطفل وتحويله الى نسخه مكررة من أبيه او أمه ،فان في ذلك تدميراً لذواتهم وقضاءً على استقلاليتهم ، بل الطاعة في الامور التي فيها مصلحتهم في الحاضر والمستقبل والتي تعلمهم حدود الانضباط وتخلق منهم افرادا صالحين في المجتمع، متمتعين بثقة عالية بالنفس، ومؤمنين باستقلاليتهم كأفراد لهم حرية قرارهم عندما يكبرون ، فالأبناء يتشكلون وفق الطريقة التي نتعامل بها معهم، فلنحسن التعامل معهم ؛ ولنزد من امكانيتنا ومهاراتنا التربوية فهو السبيل الوحيد لاحتواهم. قاسم المشرفاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
3241

النهوة وأثرها السلبي على واقع المجتمع

تعاني كثيرٌ من المجتمعات من سلوكيات جمعية سلبية ترثها الاجيال أباً عن جد وتدخل ضمن الاطر العرفية للعشيرة ولا يمكن أو يصعب كثيراً على أحد افراد العشيرة الوقوف امامها ومقاومتها ، لأنه قد يواجَه بأن يتم استبعاده وطرده من العشيرة ، وهذه الاعراف والعادات الموروثة تكون في اغلب الاحيان ظالمة ومجحفة في حق مجموعة معينة من البشر وخصوصا النساء ، ويكون هذا الظلم منذ اول ساعة تخرج فيه الى عالم الدنيا متمثلة بالنظرة الدونية اتجاهها وعدم الرغبة بها. فاغلب الاهل ينتظرون المولود الذكر ولا يرغبون بالأنثى ( واذا بشر احدهم بالأنثى أسود وجهه وهو كظيم ) والتباهي بالذكور سمة الكثير من الناس اصحاب المفاهيم الخاطئة. والرفض وعدم القبول الذي تلاقيه بعض الفتيات منذ سنيّها الاولى يجعلها تنظر لنفسها على انها كائن ناقص ويدفعها الى احتقار المجتمع الذكوري وأعرافه الجائرة. واذا صدر خطأ بسيطا منها فإنها ستلاقي اقسى العقوبات فالخطأ الذي يصدر منها يختلف عن الخطأ الذي يصدر من الرجل وان كان من نفس النوع. فنرى كثيرا من العادات الاجتماعية والظواهر السلبية التي تدل على التخلف الاجتماعي وتردى مستواه الثقافي كظاهرة ( النهوة ) على الفتاة من قبل اولاد عمها ، وهي منع الفتاة من الزواج الا بموافقة اولاد العم ، والهدف هو إخضاعها واذلالها من اجل القبول والزواج بأحد اولاد عمها وان كانت لا ترغب بالزواج منه، واذا رفضت ذلك فان مصيرها العنوسة الى الأبد، ليكون التسلط الذكوري يمنعها من التمتع بأبسط حقوقها الانسانية والشرعية. والسبب الاول في انتشار هذه الظواهر المنحرفة هو قلة الوعي والثقافة وقلة التدين والبعد عن الله تعالى. والحل هنا هو بالرجوع الى الفطرة السليمة والاحتكام الى قانون الله عز وجل الذي يحفظ حقوق الافراد نساءً ورجالا... وهذا التسلط سيخلق جيلا من النساء العوانس مما يؤدي الى اشاعة التخلف ورسوخه عبر الاجيال، وعدم حفظ خصوصية الاسرة بسبب تدخل اولاد العم والعشيرة فيما لا يعنيهم. ومن الأسباب الي تدفع ببعض الافراد في فرض تسلطهم وجهلهم هو ضعف شخصية الاباء وخضوعهم لقانون العشيرة وسطوتها، واذا ما حاولوا المقاومة والمواجهة فانهم يقعون تحت سلسلة جلد تبدأ بعدم قبولهم من قبل افراد العشيرة، لذلك يستسلم الاغلب منهم مضحيا بحقوق بناته في تقرير مصيرهن ويرضخ تحت مظلة جبروت العشيرة وقوانينها! ويستمر سلب حقوق المرأة تحت راية النهوة وعادات العشيرة الخاطئة من اجل السيطرة على المرأة وتسييرها وفقا لرؤيتهم ورغبتهم من اجل استغلالها والتلاعب بها كيفما يشاؤون ويشتهون. ويتم التعامل مع ذلك الكائن -الذي اوصانا به امير المؤمنين علي عليه السلام عندما قال: المرأة ريحانة وليست بقهرمانة- بهذا الشكل الذي يؤدي الى ظهور مشاكل نفسية عديدة في شخصيتها، ابرزها: فقدانها لثقتها بنفسها وعدم استطاعتها على قيادة اسرتها لأنها تفتقد التقدير الذات وتعاني من عدم احساسها وشعورها بقيمتها الذاتية مما يفقدها مركزها ومكانتها المهمة في اتمام عملية التوازن المجتمعي. وتخضع الكثير من النساء الى اساليب القهر والاستسلام وتصدق بانها مخلوق خلق من اجل تقديم الخدمات للرجل فهي مجرد خادمة وعاملة ليل نهار من اجل إسعاد الرجل دون إسعاد نفسها ، ودون الحصول على حقوقها من الاحترام والتقدير فهي كائن مقهور لاحول له ولا قوة! هذه الاساليب التسلطية تخلق جيلا متسلطا ضد الأم والزوجة والأخت مما يضعف كيانها ويبدد احلامها...

اخرى
منذ 5 سنوات
856

كيف نتعامل مع إخفاق الطفل؟

يدخل الطفل بدوامة من الصراع مع نفسه أثناء شعوره بالإخفاق بعمل ما، فالطفل الذي يخفق بعمل ما فإنه سيشعر بالانكسار النفسي مالم يتدخل الأهل أو المربي في إرجاع ثقته بنفسه من جديد، فمثلا لو حاولنا تعليم الطفل سياقة الدراجة الهوائية لعدة مرات ولم تفلح محاولاتنا معه، فمن المؤكد أن الطفل هنا سينتابه شعور سيئ حول نفسه يكمن في عدم قدرته على تعلم سياقة الدراجة، ولو أن الطفل أخفق في مادة الرياضيات مثلاً في أول امتحان له فإنه سيشعر بحالة من فقدان الأمل وباليأس، ويفكر بينه وبين نفسه بترك الدراسة والتعليم خصوصاً إذا لاقى ملامة من والديه أو معلميه! لذلك يجب الانتباه جيداً لطريقة معاملة الطفل بعد الإخفاق بعمل ما، لأن الموضوع حساس جداً ويتطلب التصرف بشكل سليم وحكيم للنهوض بثقة الطفل وإرجاعه إلى الطريق الصحيح، إذ إن التفكير في الإخفاق يدفع بالنفس الى الاستسلام والخضوع وعدم المحاولة من جديد، لذلك توجب علينا أن نلتفت جيداً إلى هذا الجانب، والنقطة الاساسية في هذا الجانب هو إرجاع وشحن الطفل بطاقة ايجابية لزيادة مشاعر الحماس والقوة من جديد للوصول إلى حالة الاتزان السابقة. هناك نوعان من طرق التعامل مع اخفاق الطفل، يمارس الأهل والمعلمين إحداهما عادة: النوع الأول من المربين هم من يتصرفون مع إخفاق الطفل باللوم والتقريع والنقد والتجريح والمقارنة والتوبيخ واطلاق مختلف الصفات السلبية على الطفل كالغبي، والفاشل، وانك لا تنفع لفعل شيء ، واختك افضل منك ، و و و... وهذا ما يزيد الطين بلة حيث سيسبب حالة من فقدان الثقة بشكل أكبر وهبوطها الى اقل مستوى ، وهذا ما يسبب إحباطاً ويأساً أكثر، والخطأ الذي يرتكبه الاهل هنا هو ظنهم بان مثل هذه الاساليب السلبية هي محفزات ومثيرات للطفل مما يوقعهم في التخبط والفوضى ، ويجعلهم يساهمون في فقدان الطفل لثقته بنفسه وبأهله. أما النوع الثاني من المربين ( الأب والأم والمعلم) فانهم يتصرفون بشكل إيجابي وبمرونة اكثر مما يدفع بالطفل الى ارجاع ثقته بنفسه وزيادة تقديره لذاته وهذا ما يُرجع البسمة والحماس في نفسه ، فالتشجيع والمديح المتزن يفعل الكثير، لأنه يرفع من معدل هرمون الدوبامين في الجسم ويخفض هرمون الضغط النفسي ( الكورتزول ) مما يجعل النفس تشعر بالارتياح النفسي والهدوء والقدرة على المحاولة مرة أخرى وهذا ما نريده بالضبط، فلو انتاب الطفل شعور إيجابي بالمحاولة مرة أخرى فإننا نقوم بإعطائه فرصة ثانية للنجاح ، ويجب هنا ان نتحلى بالصبر والروية، فهي اهم نقطة في الطريق الصحيح. ويجب علينا كآباء وامهات ومعلمين ان نجعل الطفل يشعر بأن إخفاقه في فعل شيء ما، هو أمر طبيعي وأنه يحصل للجميع ، وأن باستطاعته النجاح في المرة القادمة مستخدمين التشجيع والمديح في تحفيزه لزياده حماسه وطاقته. إن المربي الواعي هو من يستطيع ان يعلم أبناءه وطلابه كيفية التعامل مع مختلف الظروف والتحديات ، وليس ذاك الذي يضرب ويشتم ويصرخ عاليا !! فالذي يفتقد الى المهارات والاساليب التربوية لا يمكنه ان يعلم الاطفال لأنه يحتاج الى تعليم وتربية من جديد، ففاقد الشيء لا يعطيه! والخلاصة أننا نحتاج الى عدة خطوات للتعامل مع إخفاق الطفل: ١- أن نجعل الطفل يشعر بأن الإخفاق في هذه المرة لا يعني عدم نجاحه في المرة القادمة ويمكن ان نضرب له الامثال في كبار المخترعين الذين جربوا آلاف التجارب قبل نجاحهم، فهذا التوضيح يزيد من قناعته وايمانه بذاته. ٢- أن نبتعد عن الانفعال العاطفي السلبي مع الطفل فلا نظهر الحزن واليأس لكي لا يشعر بالفشل بل يجب علينا ان نتعامل بحكمة مع الأمر ليتعلم الطفل منا كيف يواجه هذا الموقف مرة اخرى. ٣- أن ندعم الطفل بالمديح والتشجيع المتزن، فمثلا نقول له ( انت تستطيع ان تفعل هذا الشيء انا واثق منك ، انا متأكد من نجاحك في المرة القادمة) فمثل هذه الكلمات تساعده في ارجاع الثقة اليه مرة اخرى وتجعله يحافظ على رباطة جأشه وهذا ما يحفزه الى اعاده المحاولة والتجربة مرة أخرى، لأنه سيتأكد انه سيلاقي الدعم الايجابي النفسي من اهله وهذا ما نطلب فعله من جميع الاخوة الاباء والامهات والمعلمين. قاسم المشرفاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
2794