Profile Image

المنتظر ابا صالح

حذار من الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)

عاش رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أمته يبلغهم رسالة ربه، ليخرجهم من الظلمات الى النور، وأوصاهم قبل رحيله في حجة الوداع قائلا: (إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) (1). وقد اكدت وصية الرسول بالتمسك بكليهما: القران كتاب الله الذي (لا يأتيه الباطل من أمامه ولا من خلفه ) (2) وعترة النبي الذين حفظوا لنا سنة النبي الهادية من قول وفعل وتقرير، حيث إن حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله) مكمل للتشريع ومبين لمجملات القران ومخصص لعموماته ومطلقاته، وقد تكفل بالكثير من النواحي الأخلاقية والاجتماعية والتربوية. ولكننا مع ذلك نرى أن الخليفة الاول ومن بعده قاموا بتغييب السنة النبوية الشريفة ومنعوا روايتها وتدوينها، ففي أول اجتماع سياسي عام لأبي بكر أَمَر المسلمين " بأن لا يحدثوا شيئاً عن رسول الله (3)! وروت عائشة: جمع أبي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فكانت خمسمائة حديث، فبات ليلة يتقلب كثيرا، قالت: فغمني، فقلت : تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك، فلما أصبح، قال: أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فأحرقها، وقال : "خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني" (4). وقد استمر هذا المنع زمن عمر بن الخطاب بشكل أشدّ واغلظ بما يتناسب وشخصيته، وهو أول مخترع لشعار "حسبنا كتاب الله" وهو الشعار الذي برر به أبو بكر ما فعل، فعمّم على كافة الأمصار الخاضعة لحكمه " إن من كان عنده شيء من سنة الرسول فليمحه (5)! وقال أبو هريرة: " لقد حدّثتُكم بأحاديث لو حدّثت بها زمن عمر لضربني بالدرة(6). قال الذهبي: إن عمر حبس ثلاثة: ابن مسعود و أبا الدرداء و أبا مسعود الأنصاري فقال: " لقد أكثرتم الحديث عن رسول الله (7). اما عثمان فإنه قال: "لا يحل لأحد أن يروي حديثاً لم يسمع به في عهد ابي بكر ولا في عهد عمر" (8). وهذا النهي كان اجتهاداً منهم في مقابل نص رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي أقرّ الكتابة في عهده بأدلة عديدة، حيث قال عبد الله بن عمرو بن العاص : كنت أكتب كل شيء سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله) أريد حفظه فنهتني قريش وقالوا تكتب كل شيء سمعته من رسول الله ورسول الله بشر يتكلم في الغضب والرضا . فأمسكت عن الكتابة فذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فأومأ بإصبعه الى فيه وقال: اكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج منه الا الحق (9) وهذه الرواية تعرب عن ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) اجاز الكتابة عنه ورد التهمة التي وجهت اليه من قريش، وتشير الى ان هناك من الصحابة من نهى من كتابة حديث الرسول (صلى الله عليه وآله) على عهده . وكذا الرواية التي نقلتْ عن أبي هريرة: أنَ ‏رجلاً من ‏الأنصار كان ‏يجلس إلى ‏رسول ‏اللَّه‏ (صلى الله عليه وآله) ‏فيسمع‏ منه الحديث يعجبه ، ولا يقدر على حفظه، فشكا ذلك ‏إلى ‏رسول‏ اللَّه‏ (صلى الله عليه وآله) ‏فقال: استعن بيمينك (10) وما رواه رافع بن خديج من أنَّ النبي‏ (صلى الله عليه وآله) أَذِن لهم في كتب ما سمعوه منه ، قال: قلنا: يا رسول اللَّه ، إنّا نسمع منك أشياءً ، أ فنكتبها؟ قال: اكتبوها، ولا حرج . وغيرها كثير من الادلة . ونحن نعتقد من خلال ذلك كله: أن منع الخلفاء كان بسبب الخوف من اشتهار الحديث في فضل علي وأبنائه وعلمهم ومقامهم واحقيتهم بمنصب خلافة الرسول (صلى الله عليه وآله)، بل انه نفس السبب الذي منع النبي (صلى الله عليه وآله) من كتابة الصحيفة يوم الخميس عند احتضاره . تحريف السنة النبوية: وإذا كان القرآن الكريم محصّناً بإرادة إلهية من أن تطاله يد التحريف والتغيير (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) الحجر -9 ، فإن السنة النبوية كانت في معرض هذا الخطر الذي أصابها حتى في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد اختلقت عليه بعض الأقوال كذباً مما دفعه إلى التحذير الشديد حيث قال (إن كذباً عليّ ليس ككذب على أحد، فمن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار)(12) وورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه قال :(وقد كُذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) على عهده حتى قام خطيباً فقال: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار )(13) واذا كان من يتجرأ على رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيكذب عليه في حياته، فان حدوث ذلك بعد وفاته سيكون اكثر احتمالا وتوقعا ، وهذا ما حصل بالفعل خاصة بعد الأحداث والاختلافات السياسية والمذهبية التي حلت بالأمة ، لذا أصبح لزاما على المسلمين أن يمحصوا الأحاديث التي يُدّعى أنها واردة عنه (صلى الله عليه وآله) ليعلموا انها فعلا من سنة الرسول الواقعية فتكون حجة عليهم او لا ، ومن أجل احقاق الحق وابطال الباطل . إن من ابرز عوامل وضع واختلاق الحديث: 1- العامل السياسي: وتمثل هذا بشكل واضح في اعمال معاوية التي قام بها من أجل توطيد اركان دولته، ولأنه كان يعلم أنه لا أهلية ولا شرعية له للخلافة، لأنه من الطلقاء، فمنع من كتابة أي رواية في فضل علي (عليه السلام) وأمر بوضع أحاديث في فضل عثمان والصحابة! روى المدائني : وكتب معاوية إلى عمّاله في جميع الآفاق : أن لا يجيزوا لأحد من شيعة على وأهل بيته (عليهم السلام) شهادة ، وأن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضله ومناقبه فأدنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم، واكتبوا لي بما يروي كل رجل منهم واسمه واسم أبيه وعشيرته . ففعلوا ذلك حتى أكثروا من فضائل عثمان ومناقبه ، لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع، وأطاعه في ذلك الكثير من المرتزقة والحاقدين كأبي هريره والمغيرة بن شعبة وعمرو بن العاص وغيرهم. يقول ابن عرفة :ان اكثر الاحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة افتعلت في ايام بني امية تقربا اليهم بما يظنون انهم يرغمون انوف بني هاشم (14) . وقد استمر الوضع طيلة الحكم الاموي والعباسي من بعده حيث ظل وعاظ السلاطين يضعون الحديث للتزلف من الحكام كما صنع غياث بن إبراهيم النخعي الكوفي، فإنه دخل على المهدي، وكان المهدي يحب الحمام ويلعب به، فإذا قدامه حمام، فقيل له: حدث أمير المؤمنين. فقال: حدثنا فلان عن فلان عن فلان: أن النبي (صلى الله عليه وآله) قال: (لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر أو جناح).فأمر له المهدي بيدرة، فلما قام قال: أشهد على قفاك أنه قفا كذاب على رسول الله ((صلى الله عليه وآله)).ثم قال المهدي: أنا حملته على ذلك، ثم أمر بذبح الحمام ورفض ما كان فيه) (15). 2- العامل الديني: وهو السبب الذي دفع الحاقدين من اليهود والنصارى لوضع الاحاديث كيداً للإسلام، ككعب الاحبار ووهب بن منبه وكانوا من اكابر علماء اليهود في اليمن فقاموا بدس وتسريب فكرهم الاسرائيلي مغلفا باحاديث مختلقة ، فكانت الاسرائيليات المتمثلة في التجسيم ووصف الانبياء بما لا يليق . وكان ابو هريرة من ابرز تلاميذ كعب الاحبار فدخلت الكثير من تلك الاحاديث عن طريقه الى كتب الاحاديث السنية وصحاحها. كما تمثّل ذلك بظهور الغلاة الذين تأثروا بالنصارى فاستغلوا تقديس الشيعة لأهل البيت عليهم السلام وضعوا احاديث في رفعهم فوق منزلتهم كالمغيرة بن سعيد المعاصر للإمام الباقر عليه السلام وتلميذه محمد بن مقلاص الاسدي المعروف بابي الخطاب الذي كان من اصحاب الامام الصادق عليه السلام ثم انحرف ، ولكننا نجد أن موقف الأئمة كان صارما تجاه هؤلاء - وبخلاف ما حدث عند أهل السنة - لخطورتهم فقاموا بلعنهم والتبري منهم وحذّروا الاصحاب من الأخذ بأحاديثهم فلا نجد لها أثرا في كتبنا المعتبرة . 3-وضع الحديث حسبة : وهو ان يضع الواضع دعاية للدين وتقربا الى الله تعالى وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا وإن هم الا يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله)،واكثرهم خطورة الذين انتسبوا إلى الزهد والصلاح بغير علم ، كأبي عصمة المروزي الذي قيل له: من اين لك يا عكرمة عن ابن عباس في فضل سور القرآن سورة سورة ؟ فقال: اني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه ابي حنيفة ومغازي محمد بن اسحاق فوضعت هذا الحديث حسبة! ولما سُئل احدهم: لم كذبت على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ كان يجيب: إنني لم اكذب عليه بل كذبت له! (16). ما دور علماء المذهب في ذلك؟ كل ذلك حرك علماءنا الذين حرصوا على صيانة الدين والمذهب فانبرى أجلّاؤهم لجمع الحديث من كتب الأصول التي كتبها اصحاب الأئمة عليهم السلام عنهم مباشرة، وتدوينه مع ذكر سنده وصولا للمعصوم عليه السلام ، فكانت المجاميع الحديثية الاربعة المتقدمة في القرنين الرابع والخامس الهجري (الكافي للشيخ الكليني ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق وكتاب التهذيب وكتاب الاستبصار للشيخ الطوسي ). وبعدها في القرنين الحادي عشر والثاني عشر كانت المجاميع الحديثية المتأخرة (الوافي للشيخ الملقب بالفيض الكاشاني والوسائل للشيخ الحر العاملي والبحار للشيخ المجلسي ومستدرك الوسائل للميرزا حسين النوري ). وكان جهدا عظيما منهم ، فقد استغرق الشيخ الكليني عشرين عاماً لجمع أحاديث كتابه الكافي، قضاها في السفر والتنقل لجمع الروايات وحفظ اسانيدها والتحقق من وثاقة الرواة .بالإضافة الى كتب حديثية اخرى. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فقد دأب العلماء على وضع منهج وقواعد علمية لدراسة الحديث الشريف والتأكد من صحة صدوره من المعصوم لصيانة السنة الشريفة وللحذر من الوقوع في مغبة الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) . وهذا المنهج يقوم على دراسة الحديث من ناحية السند على اساس احراز وثاقة الراوي من عدمها لغرض تقييم الرواية ومعرفة المقبول من المردود ، ويهيئ علم الرجال المقدمات لذلك من خلال البحث في أحوال الرواة بشكل تفصيلي لمعرفة الراوي المقبول من غيره ، وقسموا الحديث في القرن السابع الهجري تبعا لأحوال الرجال الى صحيح وحسن وموثق وضعيف . وأما من ناحية المتن فاشترطوا ان لا يعارض محكم الكتاب أولا، روى الحر العاملي في وسائله: سمعت أبا عبدالله ( عليه السلام ) يقول : كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة ، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف . و أن لا يعارض السنة المتواترة والمقطوع بها ، ولا العقل الحصيف الذي يميز الحسن من القبيح كالبديهيات العقلية، ولا الحقائق التاريخية التي أجمع عليها أعلام المسلمين .(17) وإنه ليستفاد من هذا المنهج عند الرجوع الى كتب الحديث المعروفة للتحقيق في مصداقية وحجية الرواية . مصيبة زماننا هي رواج سوق الكذب والوضع: ولكن مما يؤسف له أننا اليوم ومع تطور وسائل الاتصال وامكانات الاعلام ونشر علوم أهل البيت (عليهم السلام) نرى البعض يقع في مصيبة الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله) أما متعمدين من خلال وضع الاحاديث واختلاقها ونسبتها الى المعصوم (عليه السلام) حسبة، أو من خلال نقل روايات ضعيفة ومنكرة من مصادر غير معتبرة أو مجهولة، مما يمكن اعتباره امتداداً لدور الوضّاعين. لغرض تشجيع الناس على الاقبال نحو الشعائر والممارسات الدينية، فيروي أن من صلى هذه النافلة او قرأ هذه السورة فله ألف قصر وألف حورية في الجنة، ويختلق كرامات ومعاجز وهمية للمعصومين، وفي بعضها غلو فاضح بمبرر توطيد ولاء الناس لائمتهم، ولان هؤلاء ظاهرهم الصلاح والتقوى فهم يتمتعون بثقة وقداسة في الاوساط الشعبية البسيطة توفر لما يبثون أرضية القبول والتسليم، وهم يجيدون دغدغة مشاعر الناس الدينية واستثمار ولاءاتهم من خلال الاخبار والحكايات المتضمنة للمصائب التي لا واقع لها من أجل إبكاء الناس، فيخلقون ثقافة دينية فاسدة قائمة على أساس الكذب والافتراء، وهل نسي هؤلاء قوله تعالى (إنما يتقبل الله من المتقين) (18) وقوله (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بآياته إنه لا يفلح الظالمون) (19) وقوله (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ) (20) فلا يمكن ان يصبح الظلم او السرقة حلالاً حتى ولو كانت لإعانة المؤمن وقضاء حاجاته، بل إن ذلك ينتج رؤية مشوشة تجاه كثير من القضايا وزيادة في الفرقة بين المسلمين وغلوا في شخصيات الائمة والاولياء . وهناك فئة اخرى يقعون في تلك المصيبة غافلين عن ذلك من خلال نشر تلك الروايات دون ملاحظة مصدرها أو سندها، فيكونون ممن قال فيهم الرسول (صلى الله عليه وآله) (كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع) (21)، أو قول أمير المؤمنين عليه السلام (لا تحدث من غير الثقة فتكون كذاباً) (22)، فحري بالمؤمنين الواعين الالتفات الى خطورة هذا الامر ومراعاة الدقة قبل النشر من أجل تنقية المجتمع من هذه الآفة وتنقية الدين من الخرافة والأساطير. وتبين هذه الرواية التي اوردها الكشي في رجاله في رجاله صراحة مدى الدقة المطلوبة في ذلك: عن محمد بن عيسى بن عبيد، عن يونس بن عبد الرحمن ان بعض أصحابنا سأله وأنا حاضر فقال له: يا أبا محمد ما أشدك في الحديث؟ وأكثر انكارك لما يرويه أصحابنا؟ فما الذي يحملك على رد الأحاديث؟. فقال: حدثني هشام بن الحكم انه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول: لا تقبلوا علينا حديثا إلا ما وافق القرآن والسنة أو تجدون معه شاهدا من أحاديثنا المتقدمة، فان المغيرة ابن سعيد لعنه الله دس في كتب أصحاب أبي أحاديث لم يحدث بها أبى فاتقوا الله ولا تقبلوا علينا ما خالف قول ربنا تعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وآله فانا إذا حدثنا قلنا قال الله عز وجل وقال رسول الله صلى الله عليه وآله. قال يونس: وافيت العراق فوجدت بها قطعة من أصحاب أبي جعفر ووجدت أصحاب أبي عبد الله عليه السلام متوافرين، فسمعت منهم وأخذت كتبهم فعرضتها من عبد على أبى الحسن الرضا عليه السلام فأنكر منها أحاديث كثيرة أن تكون من أحاديث أبى عبد الله عليه السلام وقال لي: ان أبا الخطاب كذب على أبى عبد الله عليه السلام لعن الله أبا الخطاب، وكذلك أصحاب أبي الخطاب يدسون هذه الأحاديث إلى يومنا هذا في كتب أصحاب أبي عبد الله (عليه السلام) فلا تقبلوا علينا خلاف القرآن، فانا ان تحدثنا حدثنا بموافقة القرآن وموافقة السنة، أما عن الله وعن رسوله نحدث، ولا نقول قال فلان وفلان، فيتناقض كلامنا، ان كلام آخرنا مثل كلام أولنا، وكلام أولنا مصداق لكلام آخرنا، وإذا أتاكم من يحدثكم بخلاف ذلك فردوه عليه وقولوا أنت أعلم وما جئت به فان مع كل قول منا حقيقة وعليه نور، فما لا حقيقة معه ولا نور عليه فذلك قول الشيطان (23). وهل يحتاج الحسين عليه السلام ان نضع له احاديث مختلقة؟! وأخيرا نتساءل ونحن في شهر الحسين عليه السلام : هل يحتاج سيد الشهداء أن نضع له ولأهل بيته أحاديث لنثبت أحقية موقفهم ومظلوميتهم !! وعندنا من الروايات المؤكدة الصحيحة مما رواه الفريقين: قال الإمام أحمد : حدّثنا وكيع ، عن ربيع بن سعد ، عن أبي سابط ، قال : ( دخل حسين بن علي المسجد ، فقال جابر بن عبد الله : ( مَن أحبّ أنْ ينظر إلى سيـّد شباب أهل الجنّة ، فلينظر إلى هذا ) سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) (24) كما أخرج الترمذي بسنده إلى يعلى بن مرّة ، قال : ( قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : ( حسينٌ منّي وأنا مِن حسين (25) وأخرج الحاكم بسنده إلى أبي هريرة ، قال : ( رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ، وهو حامل الحسين بن علي ، وهو يقول : ( اللّهمّ إنّي أحبُّه فأحبَّه ) (26). وعن عبد الله بن عمر قال : « سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله يقول : إنّ الحسن والحسين هما ريحانتاي من الدنيا . (27) وأما في فضل زيارته عليه السلام فعن هارون بن خارجة قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: «وكّل الله بقبر الحسين أربعة آلاف ملك شعث غبر يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره عارفاً بحقّه شيعوه حتى يبلغوه مأمنه، وإن مرض عادوه غدوة وعشيّة، وإن مات شهدوا جنازته واستغفروا له إلى يوم القيامة» (28) و قوله عليه السلام: « مَنِ اغتسل في الفُرات، ثمّ مشى إلى قبر الحسين عليه السلام، كان له بكلِّ قَدمٍ يَرفَعُها ويَضَعُها حَجّةٌ مُتقَبَّلةٌ بمناسكها » (29) وما أجمل دعاء الإمام الصادق عليه السلام لزُوّار الحسين عليه السلام، مرويّاً عن معاوية بن وهب، وكان دخل على الإمام فسمعه يناجي ربَّه ويقول): يا مَن خَصَّنا بالكرامة، ووَعَدَنا الشفاعة ... اغفِرْ لي ولإخواني، وزُوّارِ قبرِ أبي، الحسينِ بن علي، صلوات الله عليهما، الذين أنفقوا أموالَهم، وأشخصوا أبدانهم؛ رغبةً في بِرِّنا، ورجاءً لِما عندَك في صِلتِنا، وسُروراً أدخلوه على نبيِّك محمّدٍ صلّى الله عليه وآله، وإجابةً منهم لأمرنا، وغَيظاً أدخَلُوه على عدوِّنا، أرادوا به رِضوانَك، فكافِئْهم عنّا بالرضوان... اللّهمّ إنّ أعداءَنا عابُوا عليهم خروجَهم، فلم يَنْهَهُم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا، خلافاً عليهم، فارحَمْ تلك الوجوه التي غَيّرتْها الشمس، وارحَمْ تلك الخُدودَ التي تَقلّبَت على قبرِ أبي عبدالله عليه السلام، وارحَمْ تلك الأعيُنَ التي جَرَت دموعُها رحمةً لنا، وارحَمْ تلك القلوبَ التي جَزِعت واحتَرقَت لنا، وارحَمْ تلك الصرخةَ التي كانت لنا... )(30) وأخيرا نسأل الله ان يجعلنا ممن شملهم دعاء الامام الصادق عليه السلام وان يحشرنا مع الصادقين . (1) إكمال الدين: 136 (2)سورة فصلت -42 (3)تذكرة الحافظ للذهبي : 1 / 2 ـ 3 (4) تذكرة الحفّاظ 1: 5 (5) كنز العمال : 10 / 291 (6)جامع بيان العلم لابن عبد البر : 2 / 121 (7)تذكرة الحفاظ للذهبي : 1 / 7 (8)مسند أحمد بن حنبل 1 : 363 ، الطبقات الكبرى 2 : 336 (9)مسند احمد 2-162 207 216 وسنن الدارمي 1-125 وسنن ابي داود 2-126 (10)تقييد العلم ، الخطيب البغدادي (11) تقييد العلم ، ص‏۷۲ – ۷۳ ، (12)صحيح مسلم باب تغليظ الكذب على رسول الله برقم 3 (13) نهج البلاغة خطبة 210 (14)شرح نهج البلاغة لابن لبي الحديد 11-46 (15) علوم الحديث للدكتور صبحي الصالح 268 (16)اصول الحديث للدكتور عبد الهادي الفضلي (17)الحديث النبوي بين الرواية والدراية للشيخ السبحاني (18)المائدة -27 (19)الانعام -21 (20)غافر- 28 (21)كنز العمال 8208 (22)بحار الانوار للعلامة المجلسي 8-10 -68، (23)بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٦ - الصفحة ٢٦٢ التي أوردها الكشي ص ١٩٥: (24)البداية والنهاية لابن كثير 225-8 .ورواه الذهبي في " السير " أيضاً عن " مسند أحمد " سير أعلام النبلاء : 3/282 ـ 283 (25)سنن الترمذي : 5 (26)المستدرك على الصحيحين : 3/177 (27)سنن الترمذي : حديث ٣٧٩٥ (28)وسائل الشيعة، ج10، كتاب الحج، باب تأكد استحباب زيارة الحسين بن علي عليهما السلام، ح1 (29)تهذيب الأحكام للشيخ الطوسيّ 53:6 (30)ثواب الأعمال للشيخ الصدوق 120 ـ 121، كامل الزيارات 228 ـ 231، بحار الأنوار للشيخ المجلسي 51:101 ـ 53. المنتظر أبا صالح

اخرى
منذ 6 سنوات
6768