بقلم: هناء الخفاجي أشرعةُ الشوقِ نشرتْ بروحي الحنين، أُبحِرُ في سفينةِ العشقِ نحو شواطئِ اللقاءِ بأنيسِ النفوس، تراءت لعيني جنةُ الفردوس، قُبةٌ في مشهدَ بزغتْ شمسُها.. فرَّ قلبي للثمِ أعتابِه، ارتشفتْ روحي نسائمَ أطايبِه، احتضن الشباكَ ذراعاي، ضمّني إليه، أرخى الاطمئنانُ بنفسي عنانه، فأشفى لواعجها، شعّتْ أنفاسي بعبَقِ الملكوت، فعزفتْ قيثارة أحلامي لحظات اللاوعي، امتزج يومي بالأمس.. صوتُ المآذنِ تكبِّرُ بغيرِ وقت الصلاة، نزل البلاء؟! قُلِبَتِ الموازينُ، توشّحَتِ النجومُ بالظلام، تساقطتِ الأقمارُ، مُلئتِ الكؤوسُ بالدماء، ترانيمُ الحُزنِ تتلوها الحمائمُ وأغصانُ العِنَبِ تنوح. داعبَ الخوفُ جوارحي، نثرَها كصحائفِ الأعمال يومَ النشور، تعالَتِ الصرخاتُ، العبدُ يدسُّ السمَّ لمولاه السلطان! هطلتْ سحائبُ الأحزانِ بين جوانحي وانحنتْ روحي، مُعلنةً الحدادِ؛ لكسوفِ شمسِ الشموس! أهيمُ في بيداءَ هواجسي، يتعالى الضجيجُ بداخلي: أتُقْتَلُ الشمسُ؟! أتُحَزُّ رؤوسُ ساداتِ العبادِ وتُرفَعُ على القنا؟! أتُمزَّقُ أكبادُ الأسباطِ بالسمٍّ الزُعاف؟! أيُنادى على جنائزِ الأشراف بذُلِّ الاستخفاف؟! أتُضرَبُ الحرائرُ بالسياط ؟! آهٍ من هول المُطّلعِ "يومَ تُكلِّمُنا أيديهم وتشهدُ أرجلُهم بما كانوا يكسبون"(1) وأيدي العبيد تمطرُ بدمِ أسيادها! أسمعُ صدى جراحاتي، وأنينَ المطرِ في عيني، أستنشقُ فيضَ عطرِك فأعود إلى عالمي. يا غريبَ الغُرباءِ، باعدوك عن الأهلِ والوطنِ، وما فراقُ الأوطانِ إلا كفراقِ الأرواحِ عن الأبدان. وبايعوك ثم خذلوك كجدِّك يوم عاشوراء! عشتَ وحيدًا، ومُتَّ غريبًا، ودُفِنْتَ بعيدًا.. واغوثاه.. يا سُلطانَ السلاطين، نحنُ الضيوفُ وأنتَ سيّدُ الأوطان.. الأنامُ هجرتِ الأصقاع، وحطّتْ رحالَها عندَ أعتابك، لأرضِ طوس تتوقُ أفئدةُ الخلقِ مُتوسمةً فيك زخّات العطاء.. مولاي، يا بابَ الرجاء، عيناي ترنو بشوقٍ لوصالك، وسفينةُ أشواقي تطلبُ المرسى ببابك، مُتوسلةً بأنْ يسعَني رضاك.. فاحتويني..
اخرى