بقلم: فاطمية الهوى اكملَتْ زهراء المرحلة الاعدادية وها هي تستعد للمرحلة التي تليها، أي مرحلة الجامعة. في صباح يوم الجمعة بعد ما أنهت زهراء قراءة دعاء الندبة رنّ هاتفها، فأخذتهُ لترى مَن المتصل وإذا بها صديقتها آمال. آمال: مرحبًا زهراء كيف حالكِ؟ زهراء: بخير والحمد لله ماذا عنكِ؟ آمال: بخير، أخبريني هل اشتريتي ملابس للجامعة؟ لقد ذهبت البارحة للسوق ووجدت الكثير من موديلات الملابس الجديدة والجذابة من البناطيل والتنانير القصيرة لقد كانت جميلة جدًا لم أستطع مقاومة جمالها واشتريت العديد منها. زهراء: لا لم اشترِ بعد فقد ذهبت أكثر من مرة ولم نجد ملابس مستورة يمكن ارتداؤها في مكان مختلط كالجامعة، لذا قررت أن ارتدي العباءة بإذن الله. آمال: ماذا! هل أنتِ مجنونة؟ أترتدين شيئاً مثل العباءة في الجامعة؟!! بلا شك ستكونين محط استهزاء الطلاب وستتلقين العديد من الكلمات المهينة. زهراء: لكن يا آمال لم أجد حلًا غير هذا، قلت لكِ: أغلب الملابس كانت ضيقة وقصيرة ولا تليق بي كفتاة ملتزمة، ولقد تعبنا من المحاولة والتجول في السوق. آمال: افعلي ما يحلو لكِ لكني أعتذر عن الاستمرار معكِ كصديقة، فصراحةً لا أريد أن يستهزئ بي الطلاب كونكِ صديقتي وأنتِ ترتدين هذا السواد... وأنهت المكالمة... كانت الحسرة عميقة في قلب زهراء بسبب ما فعلته آمال فقد كانت آمال صديقتها منذ الطفولة وكانت تقضي معها أغلب وقتها.. كيف تغيرت هكذا فجأة؟! ذهبت زهراء وفتحت نافذة غرفتها لعل نسيم الهواء يخفف عنها ما تشعر به، وبينما هي واقفة بجوار النافذة تفكر في أمر الجامعة والحياة التي تنتظرها هناك، إذ دخلت أختها الكبيرة زينب إلى غرفتها فوجدتها شاردة الذهن. زينب: زهراء ما بكِ عزيزتي ألم تستعدي بعد للذهاب إلى السوق لنشتري احتياجاتك من الملابس والأدوات للجامعة؟ تنهدت زهراء وقالت: أخيتي أريد أن أحدثك قليلًا، ثم نزلت دموعها وأخذت تحاول أن تخفيها عن أختها زينب. تفاجأت زينب! ثم تقدمت من زهراء ومسحت على رأسها بلطف وقالت لها: عزيزتي زهراء ماذا هناك؟ لماذا تبكين؟ قالت زهراء: أنا مترددة بعض الشيء في لبس العباءة في الجامعة. زينب: ولماذا يا عزيزتي؟ زهراء: صديقتي آمال تقول: إنها ستعيقني كثيرًا. ابتسمت زينب وقالت: عزيزتي زهراء "العباءة لا تعيق، عقولهم هي التي تعيق"، أنتِ تعلمين أن السيدة زينب (عليها السلام) وبنات الرسالة تمسكنّ بعباءتهن رغم كل ما حل بهنّ من السبي والقتل وغيرها من المصائب وهذا أبسط مثال لتعلمي أن العباءة يا عزيزتي لا تعيق أبدًا، ثم ها أنا أمامكِ سأتخرج هذه السنة من قسم الهندسة الميكانيكية وهو كما تعلمين قسم مليء بالشباب أكثر من البنات، وطوال هذهِ السنوات الحمد لله التزمت بعباءتي ولم تُعقْني أبدًا ولم أضطر لنزعها إلّا في بعض أعمال الورش وكنت آخذ احتياطاتي في اليوم الذي يكون فيه هنالك محاضرة ورش، فكنت ألبس تحت العباءة ملابس فضفاضة وألبس فوق هذه الملابس الصدرية المخصصة للعمل لذلك كان لبسي أيضًا مستورًا ومحتشمًا... وأنتِ يا عزيزتي اختصاصكِ (الصيدلة) فعندما تضطرين لنزع العباءة سترتدين الصدرية البيضاء وستغطي جزءً كبيرًا من جسمكِ فلا تحزني. قالت زهراء: وماذا عن الطلاب هل حقًا سيستهزؤون بي؟ ضحكت زينب ثم أردفت قائلة: عزيزتي زهراء "إن إرضاء الناس غاية لا تُدرك"، لذلك يجب أن تعلمي أن رضا الله (عز وجل) أهم من إرضاء الطلاب ورغباتهم، وأن تكوني على يقين أن من يستهزئ بكِ يتمنى لو يمتلك جرأتك وقوتك لارتداء هذهِ العباءة في مثل هذا المكان، ولتعلمي أن العباءة بها من الهيبة والقداسة ما يجعلها توفيقًا إلهيًا للمستحقين فقط، فلذلك عزيزتي عليكِ أن تعلمي أن هنالك من يرى هذا الرداء مجرد لباس ساتر، وهنالك من يقرأه "فوالله لن تمحو ذكرنا" فأنتِ ترتدين إرث الزهراء فاطمة والسيدة زينب (عليهما السلام) وأنكِ بلباسكِ هذا ستتحملين مسؤولية عكس صورة جميلة وجيدة عن الفتاة الزينبية الفاطمية، فالاحتشام يا عزيزتي لا يجب أن يقتصر على اللباس المحتشم فقط، فهناك مشية محتشمة وضحكة محتشمة وصوت محتشم. اسعي يا عزيزتي لأن تربطي الاحتشام في كل خطوة من خطواتكِ لتكوني من الفاطميات القائمات على خطى الانتظار لتمهيد دولة العدل الإلهي لنصرة صاحب الزمان (عجّل الله فرجه)، "فالعباءة الواثقة مثل العمامة الصادقة كلاهما يمهدان لدولة المحبوب (عجّل الله فرجه)". زهراء: حسنًا يا أختي سأرتدي العباءة وسألتزم بها مهما كلفني الأمر لكي ترضى عني أمي الزهراء (عليها السلام) وأكون من الممهدات لدولة المحبوب (عجّل الله فرجه). زينب: بارك الله بكِ عزيزتي وثبّت خطاكِ على نهج أهل البيت (عليهم السلام)، هيا يا صغيرتي اذهبي واستعدي لنذهب للسوق ونشتري لكِ إرث الزهراء (عليها السلام). فهبّت زهراء مبتسمة وقالت وهي ترفع رأسها للسماء: هيا سأبدأ من الآن مسيرتي على طريق مولاتي فاطمة (عليها السلام).
اخرى