Profile Image

أميرة غربي

بين ثنايا سورة!

بقلم: أميرة غربي/ الجزائر السلام عليكم ورحمة الله وبركاته من خلال مدارستِنا لسورِ القرآن الكريم وقصص الأنبياء ومن بينها سورة يوسف التي تضمنت قصته (عليه السلام)، نلاحظُ بين طيّاتها كيف أنّ الله (تعالى) أعدّ وصقلَ نفوس الأنبياء (عليهم السلام)، فالنبي يوسف (عليه السلام) كانت مطيته الابتلاء، ربّاه الله (عز وجل) على حبِّ الخير للغير فأنزل عليه الوحي، وأولُ وحيٍ كان عبارة عن (رؤيا) رآها النبي يوسف (عليه السلام) في المنام. وبذلك بدأت قصته برؤيا وبشرى من الله (جل جلاله) أنّه سيكون نبيًا وسيدًا على قومه؛ لذلك كان لا بُدّ أنْ يمرَّ بعدةِ اختباراتٍ لتتجسد فيه علاماتُ النبوة وتستجمعُ النفس قواها وتبرزُ جدارتها في حملِ الرسالة الربانية. تعرّض النبي يوسف (عليه السلام) للظلمِ من طرف إخوته، فتعلمَ أنّ أقرب الناس له يمكن أنْ يؤذيَه إذا أذن الله (سبحانه وتعالى) بذلك، وهو أولُ ابتلاءٍ له فصبر عليه ولم يعترضْ. وتعرّض للظلم من طرف زوجة العزيز، وسُجِن فتعلّم أنْ يتوكل على الله (تعالى) ولا يستعين بغيره. فُتِنت بجماله كلُّ نساءِ مصرَ ومع ذلك لم يمدح الله (تبارك وتعالى) جماله، بل مدح إخلاصه وإحسانه. قصةُ النبي يوسف (سلام الله عليه) التي قصّها الله (تعالى) على نبيه محمد (صلى الله عليه وآله) قائلًا: "نحنُ نقصُ عليكَ أحسنَ القصص"؛ لأنّها تُعلِّمنا الكثير من الأمور، فهي تحكي قصة التحوّل من الذلِّ إلى العزّ، ومن الفقر إلى الغنى، ومن أنْ يكون الإنسان مظلومًا إلى منصورٍ بإذن الله (جل جلاله). علمتنا سورة يوسف أنَّ الخليفة الحقّ يجب أنْ يكون: صابرًا، حكيمًا، يصبرُ على مصابه بحكمة، فلا يقنط من روح الله (سبحانه). الابتلاءُ مطيةُ، والأنبياء (عليهم السلام) هم أكثرُ أهلِ الأرضِ ابتلاءً، إلا أنهم رغم ذلك تجاوزوا الابتلاء وجدوا في الصبر. الإخلاصُ الذي وُجِدَ في يوسف (عليه السلام) قد أهّلَهُ لأن يكونَ من الأنبياء والخلفاء "إنّه كان من المخلصين" التقوى التي جعلته يخشى الله (تعالى) كأنّه يراه من أبرز الصفات التي يجبُ أنْ تتجسد في الأنبياء (عليهم السلام). الذلُّ مهانةٌ إلا الذل للهِ (تعالى) فإنّه عزٌّ، لقد أراد إخوة النبي يوسف (عليه السلام) من إذلاله عندما بيعَ بثمنٍ بخسٍ فكانت النتيجة عزًّا وتحقيقًا للرؤيا. الأمانةُ، فقد اؤتمن يوسف (عليه السلام) على ملكِ العزيز "خزائن الأرض" فأحسنَ أداءها وأحسن إليها.. حسنُ الظنِ بالله (جل جلاله)، عندما خسر النبي يعقوب (عليه السلام) ابنيه أحسنَ الظن بالله (تعالى) ولم يقنطْ. حتى الصالح يمكن له أنْ ينتكس، وخيرُ مثالٍ إخوة يوسف (عليه السلام)، فهم أولاد نبيٍ ومع ذلك ارتكبوا جرمًا في حقِّ يوسف (عليه السلام) العفو، رغم كل ما واجهه النبي يوسف (عليه السلام) من بلاءاتٍ بسبب إخوته إلا أنّه عفا عنهم.. كظم الغيظ، فالنبي يوسف (عليه السلام) رأى إخوته أمامه، إخوته الذين تسببوا في فراقه عن أبيه لكنه كظم غيظه وأسرّ كلامه في نفسه، ولم يُرِد أنْ يردَّ السيئة بالسيئة.. حسنُ الكلامِ مثل حسنُ الجوارِ، لولا أنْ أحسنَ يوسف (عليه السلام) الحديث مع الناس فدعاهم إلى عبادة التوحيد لما تبعه الأهل وأتمنه الناس.. معجزة النبي يوسف (عليه السلام)، أنَّ قميصًا واحدًا كان دليلًا على براءته، وشفاءً لأبيه، وأيضًا دليلًا على افتراء إخوته.. نجدُ كلَّ الأنبياء (عليهم السلام) قد كرّمهم بمعجزات عن بقيةِ البشر، ويوسف (عليه السلام) قد علم تأويل الأحاديث . الذي ينظرُ إلى قصةِ النبي يوسف (عليه السلام) السجين، المظلوم، عزيز مصر، الذي أوتي الحكمة ولين الجانب وحسن الخطاب، يجدُ أنَّ كلَّ هذه الصفات أهّلته وصقلته ليكون ممكنًا في الأرض. هذه السورة التي قيل عنها: "ما قرأها مهمومٌ إلا استراح"؛ لأنها تحملُ البشرى بين ثناياها.. نسأل الله (تعالى) أنْ يُعلِّمنا مما لا نعلم ويرزقنا تدبر القرآن الكريم، والحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وآله الطاهرين..

المناسبات الدينية
منذ 3 سنوات
431