بقلم: أم حوراء الإنسان بطبيعته مخلوق حساس له مستوى معين من الإدراك والوعي لمحيطه وبيئته، وكلما كانت فطرته أنقى كان احساسه أقوى... تبقى مسألة الأثر المترتب على هذا الإحساس وهو إما يكون أثراً ايجابياً أو سلبياً. الأثر الإيجابي نابع من المعرفة بالتكليف الشرعي أو السلوك العقلي أو العرفي الصحيح الواجب اتباعه وبناءً عليه يكون التفاعل البنّاء والواقعي مع المحيط الخارجي بكل تفاصيله حسب أولويات التكليف الشرعي، فالأهم قبل المهم طبعًا. أما الأثر السلبي فهو نتيجة للجهل وقلة المعرفة، والنتيجة إما تفاعل خاطئ مع مجريات الأمور أو عدم التفاعل مطلقًا من حيث إنّ الأنانية وليدة الجهل. تبقى مسألة التكاليف الشرعية ولِمَ ذكرتها بالخصوص دون غيرها من مناهج تفاعل الفرد مع مجتمعه؟ الجواب ببساطة: لأن ديننا الحنيف هو دين الحياة المثالية للبشر كل البشر ونجد فيه ما يُقوّم أدق التفاصيل السلوكية في حياة الإنسان. فلماذا نحتار وقد حدد لنا الشارع المقدس تكاليفنا على الصعيد الفردي وعلى الصعيد العام؟ وأوضح دليل على كلامي هو قول الرسول (صلى الله عليه وآله): (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإنّ لم يستطع بلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الايمان) وقوله (صلوات ربي عليه وآله): (مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) في هذين الحديثين ما يقطع الشك بوجوب التفاعل مع الأحداث المجتمعية والعالمية كل حسب استطاعته وبما يبرئ ذمته أمام الله تعالى ولو تفاعلًا حسيًّا وجدانيًا. قال (صلى الله عليه وآله): ( ليس منا من أصبح ولا يهمه أمور المسلمين). فالعلم والمعرفة سراج يضيء للسالك دربه ويمنحه الثقة والطمأنينة فيما يقوله وما يفعله.
اخرى