بقلم: زين العابدين نعيم بعدما أرخى الليل ستائره.. ونشر الظلام أجنحته.. واستيقظت النجوم.. وكانت ليلة من ليالي الشتاء الباردة الموحشة.. سار الأمير مبتعدًا عن المدينة نحو الصحراء، وكان منتصف الليل.. وفي هذا الوقت ينطلق الصوت من القلب ليرسم حالة صاحبه، فانطلق الصوت من قلبه حاملًا همومًا لا تحملها الجبال الرواسي: أرى علل الدنيا علي كثيرة***وصاحبها حتى الممات عليل وإني لمشتاق إلى من أحبه***فهل لي إلى من قد هويت سبيل سار... والجزع والغربة قد ملأت أعماقه.. نعم الغربة... فهو القائل.. فقد الأحبة غربة.. وأيّ غربة عاشها بفقد سيدة الكون؟! سار.. بجسمه الذي أنحله البكاء والنحيب.. فبدا كزهرة أذبلها غياب شمس فحجب نورها وجه الظلام الموحش! ما ذنب الشمس إن كان الظلام لا يطيق نورها؟! سار.. الإمام الى الأمام.. بخطوات وئيدة تحكي جسدًا أنهكه الفراق.. رفع رأسه إلى السماء.. ووجهه يحمل طيفًا ملكوتيًا.. وغدت عيناه -التي يتألق فيها حزن مرير- تسرحان في السماء بين النجوم.. فراح يتأمل بتألم و حسرة.. فازداد قلقه وحزنه! لَكأنه علم أن مصير النجوم كمصير الشمس.. الغياب! وهو يرى كيف أنّ لكل نجم قصة تنهش قلبه المُنهك.. ماذا بقي من قلبه الذي صفعته الغربة؟ غدا قلبه يحتضر كخيمة أتلفها ريح عاصف.. فتمتم بكلمات مخاطبا بها الدهر: سأصبر حتى يعلم الصبر أنّي***صبرت على شيء أمر من الصبر وكان القمر في تلك الليلة تامّا.. القمر؟! نعم القمر.. القمر الذي سيصارع نفس القدر الذي لا مفر منه.. طأطأ رأسه مجددًا و دموعه تشعل الرمال فورانًا.. فتهيج لتكون شاهدًا للتاريخ.. انهال بعدها بين يدي ربه متضرعًا خاشعًا مُسلِّمًا أمره إليه.. ذهب الليل... مستقبلًا الصباح.. لكن ما زال الظلام ناشرًا أجنحته.. والسماء أثقلتها غيوم سوداء؟! وإلى يومنا بقيت الظلمة.. ولم تشرق الشمس.. لكنها ستشرق يومًا ما.. نعم ستشرق... ستشرق بشمس تمحو كل ظلمات الكون... وتضيئ حتى النجوم.. نعم ستشرق..
القصص