بقلم: حوراء كاظم حسين عند بيت الله الحرام تغتسل الأرواح وتتطهر لتزيل غبار الذنوب بماء زمزم، وعند الحسين (عليه السلام) تتطهر بالبكاء على مصابه؛ فتهاجر الأرواح نحو بارئها معلنة عن توبتها.. فروحٌ تهوى الهروب من بين قضابين سجن شيطان هواها، تحاول الطيران نحو سماء الصفاء والنقاء لتخلع عنها لباس الذنوب... أمواج الغفلة قد اجتاحت قلبها وجعلتها تسير في زقاقات الأحزان والهموم، الشيطان قيدها بسلاسله فأسكنها في طامورة الخطايا والآثام... صوت رن على أجراس مسامعها: كفى سكنًا وسط زوايا ذلك البيت المظلم الهزيل بيت المعاصي، وأن أوهن البيوت لبيت العنكبوت... ألم يحن الوقت لقلبك المبعد المكسور للاقتراب من خالق، فقد جفت فيه شواطئ ذكر الله... كأن ذاك الهمس الخفي هز كيانها... انفجرت بالدموع... استيقظ الضمير بعد سبات. مشاغل الحياة نقلتها إلى عالم أخر، شعور لامس ذاكرتها بلمسات خفيفة أشبه بنسمات الصبح، فحنّت لتلك الأيام التي كانت تقضيها على سجادة الصلاة تحت ظل شجرة ذكر جبار السموات والأرض، فنمت روحها على حبه، وطرزت اسمه على جدران قلبها... نقلت قدميها إلى ساحة الطهر والصفاء الروحي، التي طوقتها أيادٍ ملائكية، عند طبيب جراحها وملجئها عند هبوب عواصف البلاء... حيث سفينة النجاة! هنا لفها خمار الخجل، والخوف قد ألقى بجلبابه، شعرت كأنها تنتهي، ومن الوجود تختفي، كأنها سراب في سراب، حاطت أفكارها أساور من ضباب، خفتت الأنفاس وتلعثم لسانها، تجمدت أطرافها، دموعها قد غفت فوق وجنتيها، لتترجم معاناة عالمها الغامض الذي سجنت فيه... اجثت بركبتيها أمام جلالة سيدها... صوت محبوس في أعماقها، يبحث عن خيط ليستنجد به للخروج... فانطلق، فجعلها تنحني مطأطأة رأسها، أمام مولاها... يا حسين، جئتك من عالمي الغامض البعيد عنك، وصوت ضميري دلني على بابك، جئتك ببضاعة مزجاة فتصدق عليه أني أراك من المحسنين، فانظر إليه نظرة رحيمة عساي اقتبس منها نوراً ينير لي حياتي بعد عتمة طويلة، وانقلني من ذلّ المعاصي إلى عز الطاعة، وطهر روحي بماء زمزم رضاك عني، فأنت الحبل المتصل بين الأرض والسماء... فمنك البداية وإليك النهاية.
اخرىبقلم: حوراء كاظم الأب منشغل بجهازه النقال الذي أصبح جليسه وأنيسه، فهو يهتم به أكثر حتى من أطفاله. طفله الصغير يناديه (بابا، بابا) وهو غير آبه له وكأنه لا يسمع صوته قد ولج إلى عالم آخر، البنت تخرج بكامل زينتها، مكياج وألوان ملفتة للنظر مع أبويها تتدعي بأنها محجبة، تعني على قطعة القماش التي تغطي رأسها، فهذا يدل على الحداثة والتطور. النفاق: أصبح يزاحم الناس في حلقات جلساتهم. الخيانة الزوجية: أصبحت شيئًا مألوفًا، لكثرة ما يراه على مواقع التواصل الاجتماعي، فأصبح لا يرى جمال زوجته، قد غض بصره عن جمال روحها التي تشاركه الحياة بحلوها ومرها قد تغلل الشيطان بقلبه، فكثر الطلاق. الصدق: قد لملم حقائبه وذهب وهو يقول: لا مكان لي بين قلوب خلت من عن طاعة الله. الأطفال: يحملون الأجهزة الذكية التي تقدمها لهم الأم بحجة أنها تريد أن تنجز أعمالها المنزلية وقد غفلت عن أنها جعلت سلاحًا فتّاكًا بين أنامل طفلها... الغش: قد ألقى بستائره على البعض فأشعر بصرهم كثر القيل والقال ونقل الكلام الخالي من الصدق. البنات المراهقات دخلن إلى عالم أخر مليء بأشواك الغفلة والمعصية، قد سحر عقولهن، وجعلهن لا يعرفن سوى العلاقات المحرمة مع الجنس الآخر. لقمة الحلال: أصبحت صعبة المنال. الأم التي ذبلت كزهرة من أجلنا وأفنت سنين عمرها بين أيدينا لتوصلنا إلى أعلى الدرجات، ها هي الآن تُرمى كشخص غريب في دار المسنين، تجلس بين تلك الجدران قد ارتسمت على وجهها معاناة السنين، قد اختفت بذرة الرحمة... الطفولة: لم تعد كما كانت تفوح منها عطر البراءة والصفاء، كنا نجول بين زقاقات منطقنا كطيور، والابتسامة تطوق وجوهنا ،أجسامنا مليئة بالنشاط. الفسق والفجور بات في مجتمعنا متفشيًا. الغيبة بها يُبدأ الحديث ويختم. القرآن مركون في زاوية المكتبة قد ملأه الغبار، والهاتف النقال نظيف، والسبب هو أنه أصبح التواصل مع المخلوقين اكثر من الخالق. للأسف التطور قد ألقى بظلاله وضلاله على مجتمعنا فتغيرت الأرواح، فالكل يبحث عن التطور، ولا يفكر يومًا في تطور فكره لينهض من كبوته، ويحطم سلاسل الجهل، فتركنا التراث السماوي المحمدي وتمسكنا بأمور توصل المجتمع إلى الهاوية، فهل ظل التطور الذي جعلنا نصل إلى هذا المستوى المتدني؟ اترك الإجابة إلى القارئ.
اخرىبقلم: حوراء كاظم حسين إنّ لكل بناء أساسًا، وأساس بناء الأسرة السعيدة هو الحب الصادق الخالي من الشوائب النقي الصادق الذي يصب في مرضاة الله تعالى. الحب هو شيء فطري يعقده الله في قلوبنا، وخصوصًا بين الزوجين فيغرسه الله لغاية انجاح حياتهما واسعادهما، فكما جاء في محكم كتابه العزيز (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) فهذه المودة لن تأتي من فراغ بل بث الله بذورها في تلك الأرض الخصبة فتجذرت به وهو القلب، فهو كنسيم يلامس شغاف القلب، فعندها يتملك القلب فلا يرى سوى من تشبثت به المشاعر لأن ذلك هو حب صادق من عند الله تعالى. وبما أن ذلك الحب يعقد في قلب الزوجة المؤمنة، تكون هي المخلوق الوحيد الذي يلبي طلبات ورغبات الزوج فتمتثل لأوامره؛ فتفتح أمام زوجها نافذة جميلة تطل من خلالها خيوط شمس السعادة لتضيء جدران منزلها وترسم ملامح الابتسامة العذبة على وجه، لأنها تسعى جاهدة لرضى الله ورضاه فتشاركه في حزنه وتشاركه في فرحه. والزوجة الذكية هي التي تجعل من ذلك الحب مفتاحًا تفتح به قلب شريك حياتها، لكن مع ذلك على الزوج أن يبادلها نفس الشعور. كي لا تصاب حياتهما بالجفاف العاطفي. فتصبح كعش مهجور قد ماتت فيه روح العطاء والتفاني؛ والحب، قد خفت نوره، ليكن الحب من كلا الطرفين، لتكون الحياة انجح وأجمل، كما أن على الزوجين أن يصرحا لبعضهما بذلك الحب ولا يجعلاه حبًا صامتًا يتمركز بين زوايا القلب فقط، فالتصريح بذلك الشعور الذي قذفه الله في قلبيهما هو ما يعزز قوة علاقتهما بالآخر ويجعل حياتهما متجددة دوما... كلنا نسعى لإبراز أطر السعادة في بيوتنا، وكما نعلم أن الحياة مليئة بأشواك الغصص والعقبات فلن تخلو حياة من دون مشاكل، لكن على الزوجين أن يتكئا على عكاز الصبر لاجتياز هذه العقبات، فبالحب تذوب الخلافات وتهون الصعوبات وتختفي الأزمات، بطلب العون من الباري تعالى، وكلما أصبح الحب عميقًا كانت التضحية أسمى، فالحب هو بمثابة السراج الذي يضيء حياتهما الزوجية، فتُحلّق أرواحهما نحو الصفاء والنقاء، فالحياة الزوجية هي رابط مقدس أراد الله له الهدوء والاستقرار فلذلك خلق طائر الحب وأمره أن يحلق في سماء قلبي كل زوجين.
اخرى