Profile Image

مرتضى الأغلامي

علاقة العقل بالوحي

بقلم: مرتضى الأغلامي مقدمة: يطرح هذا الموضوع على مستويين: ١-فلسفة الدين بمعنى علاقة العقل بأصل الدين لا الدين الإسلامي أو اليهودي بل مطلق الدين. ٢- فلسفة الدين الواحد كعلاقة العقل بالدين الإسلامي. والكلام حسب المستوى الأول: في مقام الجواب على السؤال (ما هي علاقة العقل بالوحي) طُرِحَتْ عدة نظريات أهمها أربع: النظرية الاولى: الحد الأدنى للعقل والحد الأعلى للوحي: حيث تؤمن هذه النظرية أن الوحي مصدر لكل المعارف حيث يجيب على الأسئلة الوجودية (المبدأ) وفلسفة الحياة والإنسان ويجيب على المنتهى. فالوحي يجيب على كل ما يحتاجه الإنسان من المبدأ الى المنتهى وما بينهما، أما العقل فليس له أي دورٍ. إذن هذه النظرية غلقت باب العقل تمامًا، بل قالت إن العقل من الأساس هو ليس أداة للمعرفة وكشف الحقيقة. ولو سألنا أصحاب هذه النظرية عن السبب وراء غلق العقل، لأجابوا أن هنالك ثلاثة أسباب: 1- إن مصدر معلومات العقل هي الحواس والحواس كثيرة الخطأ إذن العقل كثير الخطأ. 2- إننا نرى العلماء والناس عموماً كثيري الاختلاف في القضايا العقلية بحيث لا يمكن أن تجد قضية متفقًا عليها على طول الزمان، وهذا يجعلنا لا نثق بمصدرية العقل. 3- أن المتعارف أن العقل مصدر للإيمان ولكن هذه النظرية تقول العكس حيث إن العقل إذا لم يسِرْ على هدى الوحي فلا يمكنه الكشف عن الحقيقة وإذا حاول الكشف فكشفه وهمٌ في وهمٍ. النظرية الثانية: الحد الوسط للعقل: تعطي هذه النظرية مساحة للعقل وتثق به فتقول: إن العقل نثق به في إثبات الخالق والنبوة (والإمامة على رأي الإمامية) ثم بعد هذا يترك العقل الساحة للوحي ولا يحق له أن يكون مصدرًا للحقيقة. إذن تقول هذه النظرية: إن دور العقل ينتهي بإثبات (أصل وجود الخالق والنبوة والإمامة) ثم يبدأ دور الوحي. النظرية الثالثة: الحد الأعلى للعقل: وتقع هذه النظرية في قبال النظرية الأولى تمامًا حيث تُقْصي هذه النظرية دور الوحي وتقول: الوحي لا يصلح أن يكون مصدرًا للحقيقة. وتنطلق هذه النظرية من المدرسة الوضعية التي كان لها رواج كبير في الغرب. وتقول هذه النظرية: لو فرض أن للدين دورًا فهو دور تشجيعي لفعل الخيرات وليس له أي دور في كشف المعلومات، تمامًا كمشجعي لاعبي كرة القدم فهم فقط يعطون الحماس والتشجيع للاعبين. النظرية الرابعة: نظرية الوسط الداخل الديني: وهذه النظرية هي المشهورة عند المسلمين الآن وخصوصًا الشيعة، تقول هذه النظرية: إن كلًا من الوحي والعقل مصدر لكشف الحقيقة ونثق بهما، نعم هنالك مساحة للعقل فقط (كإثبات أصل الخالق) ومساحة خاصة للوحي (التعبديات) ومساحة مشتركة بينهما (وهي المساحة الأوسع) كيف لو تعارض العقل والوحي على أساس هذه النظرية، فمن هو المقدم؟ في مقام الجواب تقول هذه النظرية: إن التعارض لا يقع بين العقل والوحي بل قد يقع بين العقل وفهم الوحي. على ان للعقل يدًا في فهم النصوص التي يظهر منها مخالفة الأسس والقواعد العقلية، بمعنى أنه لو كان يظهر من نص شرعي ما يلزم منه محال عقلي، كنسبة الجسمية إلى الواجب تعالى، حينها لا بد من تأويل النص الشرعي بما لا يلزم منه المحال العقلي، أي إن العقل هو المقدم بهذا المعنى. على أي أساس تم تقديم العقل على الوحي؟ طرحت نظريتان للإجابة على هذا السؤال: 1- المجاز: حيث إن القرآن نزل على أساس قواعد اللغة العربية والمجاز موجود في اللغة العربية فيتم تأويل النص على أساس المجاز فالمراد من اليد التي نسبتها الآية لله تعالى ليس المعنى الحقيقي بل المعنى المجازي وهو القوة. 2- روح المعاني: وهذه هي نظرية ابن عربي وتبعه ملا صدرا صاحب الأسفار والسيد محمد حسين الطباطبائي وطبّقها في تفسير الميزان. وحاصل النظرية: أن للفظ عدة معاني وليس معنى واحد فاليد لها عدة مصاديق كاليد العرفية (كيد الإنسان) وكالقوي، وهذه معاني حقيقة لليد وليس مجاز كالنظرية الأولى. وهو ما قد يُسمى بالمجاز السكّاكي.

اخرى
منذ 4 سنوات
9157

كربلاء في إطارها التاريخي، للشيخ أحمد سلمان.

تقرير مرتضى الاغلامي. الحلقة الأولى. عندنا عدة أسئلة مهمة حول واقعة كربلاء: -كيف وصلت لنا أحداث كربلاء وتفاصيل المقتل؟ تبرز أهمية هذا السؤال من أن البعض يشكل أنّ كل من كان مع الحسين (عليه السلام) قُتل ولم يبق أحد فهل نحن ننقل المقتل عن الأعداء؟ وهذا سؤال مهم. الجواب: عندما نرجع للتاريخ يمكن تقسيم مراحل وصول المقتل إلينا إلى مرحلتين: 1- مرحلة الرواية. 2- مرحلة التدوين. أمّا المرحلة الأولى فمن الذي روى لنا مقتل الإمام الحسين (عليه السلام)؟ عندنا عدة طوائف (وليس اشخاصًا) : 1- الناجون من جيش الحسين (عليه السلام)، البعض يتوهم أنّ كل من كان مع الحسين (عليه السلام) قُتل وهذا باطل إذ عندنا عدة أشخاص من أصحاب (عليه السلام) بقوا احياء ولم يُقتلوا مثل: أ-عقبة بن سمعان هذا الرجل كان مولى للرباب وهو يقول: أنّا شاهدت كل المعركة ومواقف الحسين (عليه السلام) من المدينة الى مصرعه وسمعت كل كلمة قالها، فكثير من خطب الإمام هو نقلها. ب-الضحاك المشرقي وهو عندما بايع الحسين (عليه السلام) بيعة مشروطة وهو أني أُقاتل معك بشرط أن يكون معك أحد فإذا قُتل الجميع وبقيت أنا فقط فأنا في حل من البيعة، إذ هو آخر واحد بقي فقال له الإمام (عليه السلام) خُذ فرسي واخرج، وفعلًا فعل ذلك، ونقل قضايا كثيرة عن أحداث كربلاء. ت- المرقع (أو الموقع) ابن ثمامة الأسدي كان في معركة الإمام الحسين (عليه السلام) وقاتل قتالًا شديدًا حتى أصيب وقطعت يده أو يداه حتى أنهم ظنوا أنه ميت ولما صارت قضية قطع الرؤوس ورض الخيل وجدوه حيًّا فتدخلت قبيلة بني أسد واستنقذوه ثم لما حمل إلى الكوفة وضع بين يدي ابن زياد بسبب وساطة بني أسد وحكم عليه بالنفي إلى الزاو (العوامية) وتوفي بها وقد حدّث بما جرى على الحسين (عليه السلام). وهذه مجرد أمثلة وهناك أكثر من نقل المقتل. ٢- الطائفة الثانية: النساء والأطفال الناجون من أهل البيت (عليهم السلام) كزينب وأم كلثوم والرباب (عليهن السلام) وغيرهم ونقلوا صور من تلك الحادثة. والإمام السجاد (عليه السلام) أيضًا والحسن المثنى ابن الإمام الحسن (عليه السلام) وشارك في المعركة ونجى، والإمام الباقر (عليه السلام) نقل بعضها. ٣- معسكر الأعداء ففي أكثر من مورد ينقل عن حميد بن مسلم وغيره. نعم قد تسأل: كيف ننقل عنهم وهم قتلة الإمام (عليه السلام)؟ نقول: إنّ جيش يزيد والشام لم يكن كله بمستوى واحد وإن كانوا كلهم أمويين ونواصب مبغضين لأهل البيت إذ بعضهم خرج مكرهًا لذلك، بعض النصوص تقول: إن مجموعة من جيش يزيد كانوا يشاهدون المعركة ويبكون لأنهم كانوا بالقلب محبين للإمام (عليه السلام) ولكن لم يستطيعوا أن يخالفوا يزيد والتخلص من جيشه، وهؤلاء لما رجعوا لأهلهم نقلوا الاحداث. ٤ – أئمة أهل البيت (عليهم السلام): سواء الذين حضروا أم بقية الأئمة إلى الإمام المهدي (عليه السلام)، الإمام الصادق (عليه السلام) في رواية ينقل المقتل كله، وأيضًا زيارة الناحية تعتبر مقتلًا وتتضمن تفاصيل أحداث كربلاء، وهنالك روايات كثيرة عن الأئمة يذكرون أحداث كربلاء. والطبقة الثلاثة الأولى شهود عيان ونقلوها للناس خصوصًا أنه كان فضول عند الناس لأنه كان حصار على كربلاء خوفًا نصرة الحسين(عليه السلام). والأقسام الثلاثة الأولى كانوا يخبرون بما حصل، وهؤلاء كان عندهم المقتل حدثًا جماهيريًا، وحادثة جماهيرية وقضة رأي عام وليست قضية فردية...

اخرى
منذ 4 سنوات
739