بقلم: العلوية الموسوي كلنا قرأ وسمع الحديث الشريف الذي روي عن الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله): (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) هذا الحديث الذي لا يستثني منا أحدًا -رجالًا ونساء صغارًا وكبارًا- وباختلاف مواقعنا الشخصية والاجتماعية، ففي النهاية الكل يجب أن يتحمل مسؤوليته التي تقع على عاتقه، وإذا تخلى عنها وتنصل فحتمًا ستحصل مشكلة وقد تتطور إلى أزمة يصعب حلها وتفاديها... فنحن مسؤولون شئنا أم أبينا. ولكن يا ترى لِمَ الكثير منا يتنصل عن مسؤولياته ويكون أداؤه لها بصورة ناقصة ليست كما ينبغي؟ ما أسباب ذلك؟ هل الأمر متعلق بالتربية والتنشئة؟ أو هي اللا مبالاة التي تصيب الكثير فتفقده شعوره بالمسؤولية وماذا يتوجب عليه من واجبات تجاه نفسه والآخرين؟ لو تأملنا حياتنا بتفاصيلها بدءًا بالأسرة فالتجمعات الأكبر فالأكبر، لوجدنا أن أي نقص أو تقصير في مسؤولية ما، سينتج عنه مشكلة وخللٌ ما، وعند تطور المشكلة أكثر وتفاقمها، ستتحول لأزمة غالبًا ما تواجهنا صعوبة في الحل والعلاج والسيطرة عليها، وهذا هو واقعنا المؤلم مع بالغ الأسف، فما أكثر العوائل التي تواجه أزمات تلو الأزمات، وكلها نتيجة اهمال أفرادها لمسؤولياتهم ومهامهم تجاه بعضهم البعض. فكم من الآباء الذين أهملوا أولادهم حتى أصبحت هناك حواجز وفجوات تمنع من التواصل والتآلف والانصهار معهم؟ بل حتى بعض الأمهات ونتيجة لعدم إدراك دورهن تجاه بناتهن مما أدى بهن إلى أن ينحرفن ويسلكن مسالك أخرى تسيء لهن أيما إساءة... وما أكثر القصص المبكية والتي في آخر المطاف ينتبه الوالدان على نفسيهما وشدة تقصيرهما في التربية والتنشئة... حينها لا ينفع الندم والتقريع...
اخرىبقلم: العلوية الموسوي عندما ينتفض القلب، سينتفض كلُّ شيءٍ في وجود الإنسان .. فبعد سنواتٍ من الغفلة والذنوب ذات الصور المتعددة والتسويف والتأجيل جاءت تلك اللحظة العظيمة لحظة الانتفاض والتي كانت بمنزلة نظرةٍ إلهية يمنّ الله (تعالى) بها على من يشاء من عباده، فعندها ينتفض القلب ويحيى ليُغيّر كلَّ شيءٍ، فسارع بالهروب وتحرّر من قيوده وسجنه .. وتحول صاحب ذلك القلب المنتفض إلى إنسان آخر .. كانت ولادةً جديدةً له بكلِّ ما للكلمةِ من معنى، فلقد تغير ظاهره وباطنه.. بدأ نور التوبة يملأ الوجه شيئًا فشيئًا .. نعم تغيّر كلُّ شيءٍ فيه، النظراتُ اختلفت فلم تعد نظراتٍ محرمة أو مخيفة شَزرة بل كلُّها نورٌ وطهارة ... ترك كلَّ ما يُوصف بالتوافه والسفاسف؛ لأنه أدرك أنَّها مضيعةٌ للوقت وهدرٌ في عمر الإنسان وقرر أنْ لا يتابع كلَّ ما تقع عينه عليه في الفضائيات أو مواقع التواصل.. لم يعد يتلذذ بالكلام على الآخرين كما كان يستغيب ويتكلم على هذا وذاك سابقًا... ترك المزاح الثقيل الذي يؤذي بعض أصدقائه، بل ترك الكثير من أصدقائه؛ لأنهم أصدقاء سوءٍ وحاول أن يغيّر بعضهم فنجح وأصبحوا مثله... عاهد نفسه أنْ لا يكذب أي كذبةٍ كانت وإن عُدّت بسيطة، فأصبح مبدؤه: الكذب حرام ولا يجوز. ولا يعاهد أحدًا كما كان في السابق فصار يتحرّز من أي وعدٍ وعهدٍ لم يتأكد ويضمن من أنَّه سيفي به ... كان هذا الانتفاض لقلب وروح أحد الشباب بعد حضور محاضرةٍ دينية في شهر رمضان المبارك احتوت على جملٍ مؤثرة دخلت قلبه وأودت به إلى هذا الحال فأولدته من جديد..
اخرىبقلم: العلوية الموسوي الصداقةُ والصديقُ هي من أجملِ وألطفِ العباراتِ التي تأخذنا إلى عالم يملأه جمالُ العلاقات والقرب مع أقراننا وأشباهنا في هذه الحياة. فمَنْ مِنّا ليس له صديقٌ حميمٌ تسكنُ له الروحُ وينبضُ له القلبُ؟! فنحن جُبِلنا على وجودِ الصديق في حياتنا ووجودنا، والأرقى والأروع في الصداقة ومعانيها أنْ يكون الصديقُ هو الأولَ والأقربَ من الأسرةِ نفسِها. فكم هو جميلٌ أنْ تكونَ ألامُّ هي الصديقة الأقربَ والأولى للفتاةِ! تعلمُ كلَّ خبايا وأسرار ابنتها، وهذا الأمر بالتأكيد يأتي من إصرار الأمِّ على بناءِ علاقةٍ متينةٍ وقويةٍ مع البنت منذُ نعومةِ أظفارها وقبل أنْ تصلَ لسنِّ المراهقة؛ لأنَّ هذا السن له ما له من خصائصَ وتغيُّراتٍ نفسيّة تطرأ على الفتاة ومزاجِها. فلو كانت ألامُّ بعيدةً كلَّ البعدِ عنها حتمًا ستمرُّ بعِدّةِ مشاكلَ وأزماتٍ، هي لا تعلم بها؛ لأنَّ جسرَ التواصلِ بينها وبين ابنتها مقطوعٌ أو شبه مقطوع، فتعيش البنت لوحدها مع مشاكلها، فإما أنْ تسعى لحلِّها لوحدِها فيكون الحلُّ والعلاجُ ليس كما ينبغي أو تلجأ إلى قريناتها ممن هُنّ في عمرِها الصغير الذي يخلو من الخبرةِ والدرايةِ في كلِّ أمورِ الحياة.. فينبغي على كلِّ أمٍّ أنْ تكونَ على وعيٍ ومسؤوليةٍ كبيرةٍ في وقتنا الحاضر؛ لأنّنا نعيش عصر السرعة والعلم المتنوع واللامحدود. وكما يُقال إنَّ العالمَ أصبح كقريةٍ صغيرةٍ بالإمكان الحصول على أيِّ معلومةٍ أو حقيقةٍ بلمساتِ أصابعِنا على هذه الأجهزة اللوحية التي غزتْ كلَّ البيوت والأسر، وربما ليس هناك مجال للاستغناء عنها؛ لأنّها تقضي الكثير من حاجاتنا ومتعلقات حياتنا. فمن الضروري جدًا أنْ تكون كلُّ أمٍّ فطنةً ومتيقظةً لما يجري في الأسرة وخصوصًا البنت. وعلى كلِّ أمٍّ أيضًا أنْ تجلس جلساتٍ خاصةٍ مع ابنتها وتتحدثانِ لوحدهما؛ فالأمُّ تُعلِّمُها وتُثقِّفُها بما ينفعها من أمورٍ في حياتها والبنتُ تخبرُها بما يحصل لها من أمورٍ خاصة ما يزعجها وما يؤنسها. وبذا تتمكن الأمُّ من السعي لحلِّ مشاكلها وما تعاني منه من أزماتٍ -لا سمح الله-. أما إذا غابت تلك الجلسات التي تجمع الأمُّ بابنتها فحتمًا ستكون هناك هوةٌ كبيرةٌ وفاصلةٌ شاسعة بينهما، وسيؤدي إلى الكثيرِ من الأمور التي لا تُحمدُ عُقباها، وحينها لا ينفع الندم ولا ندبُ الحظ.
اخرى