Profile Image

أم سيد محمد حسين

حرية الإنسان لاختيار الجنة أو النار

ارتباط الآخرة دار الخلود مع الدنيا دار الزوال كيف ترتبط الحياة الآخرة والنشأة الدائمة مع الحياة الدنيا الزائلة المتقطعة بالزمان والمكان؟ وكيف تتحول الأعمال المؤقتة إلى أثر دائم من ثواب أو عقاب؟ للإجابة عن هذا التساؤل لا بد من تقديم مقدمة تصورية وهي: أن الوعي والحياة في هذه الدنيا تبدو متقطعة فلا نشعر فيها إلا بحضور المشهد الآني الذي نحن فيه، ثم يمضي المشهد إلى مشهد آخر ويصبح الأول من الماضي، ثم يمضي هذا الأخير ويأتي مشهد جديد، وهكذا. ولكن الوعي الحقيقي هو الوعي الممتد عبر الزمان فلا يفرق عنده الماضي من الحاضر بل كلها حاضرة عنده. ونحن نعيش التقطع في الوعي نتوجه في الدنيا إلى أشياء متقطعة من ظواهرها، فحالنا في العمل ولذتنا عند التذوق والشم ورؤيتنا للأشياء المتحركة تزول بزوالها. ولكن هناك وعياً ممتداً يبقى منها لفترة أطول في مستوى أعلى يترك أثره كالذاكرة والملكات النفسية التي تثبت بسبب التعرض لذلك الموقف المؤقت. وفي النفس مستويات متدرجة كلما كانت أعلى كلما كانت ثابتة وممتدة وباقية، وصولاً إلى النفس التي تبقى مع الإنسان وتمثل وحدته رغم تغير كل شيء دونها حتى الجسد والذهن والذاكرة. والثواب والعقاب هو من سنخ هذه الأشياء الباقية أو الطويلة الأمد، ومنه ثابت أبداً ومنه ما يبقى لفترة طويلة ومنه ما يمضي سريعاً، ومراتب نشأة النفس في الدنيا والآخرة تناسب مراتب النفس فنشأة الجسد من طفولته إلى كبره تناسب المستوى الأدنى من الإنسان، بينما النشآت الأخرى تكون أطول بكثير حتى يصل إلى الأفق الدائم منه. وإذا حللنا الأعمال التي يعملها الإنسان في أيام حياته ستجدها تعود إلى أصول في نفسه مختلفة المراتب فالجسد ليس هو من يفعل عملية التصدق، بل هناك دوافع تحرك الجسد وتلك الدوافع تحركها رغبات في النفس وتعلقات بأهداف تحبها النفس وتنجذب إليها، فتفعل الفعل للوصول إليها، وإذا فعلت الفعل تعززت تلك الأمور التي تعلقت بها النفس وثبتت في النفس بل تكون أظهر في الإنسان من نفسه لأنه عمل لها وقدمها على نفسه وإرادته فيكون ثوابه مما عمل لأجله، بل هو ثوابه وهو ما ظنه كمالاً وسعادة؛ وشعر أنه هو ما يعطيه الوجود، فيبقى مقترناً به حتى يزول فيسقط في الهاوية التي تحته بعد فنائه. هدى الحسيني

اخرى
منذ 5 سنوات
1801