(ما رأيتُ إلا جميلاً) هذه العبارة التي أجابت بها زينب الكبرى (عليها السلام) عن سؤال ابن زياد الشامت حينما أُدخلت السبايا إلى القصر و جيء برأس أخيها (عليه السلام) ووُضع بين يديه على مرأى من نساء الركب وصبْيَتِه، حيث لم يكن ابن زياد يعرفها وهي مُتّشحةٌ بالخمار، ولما سأل عنها وقيل له إنها زينب بنت علي.. أقبل إليها وقال: الحمد لله الذي فضحكم و أكذب أحدوثتكم... قالت : إنما يُفضح الفاسق و يكذب الفاجر و هو غيرنا... عقّب سائلاً بلهجةٍ شامتة : كيف رأيت صنع الله بأخيك الحسين وأهل بيته ؟! أجابت والبُشر يطفح فوق جبينها الوضاء: ما رأيت إلا جميلاً ... جميلاً ما رأيتُ بصنع أهلي *** وقرباناً قضى منّا حُسينُ ولولا ما جرى لم يبقَ دينٌ *** ودينُ الله أغلى ما يكون هكذا زينب ... رغم كل ما جرى عليها وأهليها وصحبهم، إلا إنها أبت أن تُكسر أمام أعيُنِ شامتيها .. ثورة قد خلّفت للحق ثار *** و لدينِ الله صارَ الانتصار لم نر الموت بها إلا صمودًا *** وأبينا الصمّتَ في رُزء القرار وأخذت تخاطبهم بتلك القوة والشجاعة التي استمدتها من أبيها علي بن أبي طالب (عليه السلام ) و رسالاتٌ أُخطّت بـِدماء *** كي يرى التاريخ مجد العظماء لحسينٍ قد قضوا صحبًا كرامًا *** خلُدت آفاقُها في كربلاء فخَلُدت و خلّدت برسالتها شجاعة مستدامة على مر العصور للمرأة الزينبية وغير الزينبية. إن العظمة التي تحملها زينب (عليها السلام ) ليست بالهيّنة، فليس بمقدور (امرأة) أن تحتمل تلك الرزايا والمحن التي جرت مع سيدة الصبر والصمود (عليها السلام)، فكان العلم والتقوى هما أكثر ما أعانها في تلك المواقف المهولة .. أن ترى القتلى و اليتامى والنساء في تلك الغربة، و بين أيدي الأعداء، وذلك الظلم والعطش والقيود .. وهم (آل بيت رسول الله ) ليس هيّناً أبدًا، وبـمجرد التفكّر بتلك الحيرة التي عاشتها يتصدع القلب حُزنًا وألمًا... إلا أنها كانت تُحافظ على الفرائض والنوافل .. حتى وأن كانت تؤديها من جلوس، كانت تُرتل القرآن فضلاً عن صدحها بالحق بين جموع الأعداء مُتحليةً بالأيمان وشكر الله على ما حل بهم.... زينب هي مدرسة الجميع التي لابد لكل فرد أن يتعلّم من مواقفها العظيمة وعنفوانها وشجاعتها وصبرها وتقواها، وكلِّ ما تحمله تلك البطلة الهاشمية (عقيلة الطالبيين) سلام الله وصلواته عليها… ا.م. نهى البهادلي
اخرى