Profile Image

رحاب سالم البهادلي

زينب تسأل جدتي

بقلم: رحاب سالم البهادلي سألتني زينب بنتُ أختي: أين هو الله سبحانه وتعالى هل هو بالسماء أو في الأرض؟ قلت لها: هو في كلِ مكان... لكنها لم تقتنع… احترت كيف أوصل لها المعلومة وهي تبلغ من العمر خمس سنين، وإذا أجبتُها عن سؤال استخرجت منه سؤالًا آخر... قلت لها: تعالي لنذهب إلى جدتي، عندها الإجابة... فجدتي فاطمة تبلغ من العمر (90) سنة ونيف، امرأة مؤمنة وحكيمة وتزن كلامها، وتعطي كل أمر حقه، فهي كانت ولا زالت تعلمنا أمور الدين والدنيا بصدر رحب دون أن تمل أسألتنا… لذلك دفعتُ بزينب إلى جدتي فاطمة (عليها السلام) علها تجيب عن سؤالها وتقنعها بما لم استطع إقناعها به… وصلنا أنا وزينب إلى غرفة الجدة وطرقنا الباب سألت الجدة فاطمة: من الطارق؟ قلت: أنا مريم يا جدتي ومعي زينب بنت أختي سارة. قالت: جدتي أهلًا بكما أدخلا... دخلنا غرفتها ووجدناها تجلس على كرسي الصلاة لأداء النوافل، سلمنا عليها وجلسنا، قالت جدتي: ما الأمر، هل استطيع مساعدتكما بشيء؟ قلت لها: نعم يا جدتي زينب تريد أن تسألكِ سؤالًا... قالت جدتي: تفضلي ما هو سؤالكِ يا زينب، إن قدرني الله سَأُجيبكِ. قالت زينب بكل نعومة وفطرة: أنا سألتُ خالتي مريم: أين يوجد الله سبحانه وتعالى، وهي لم تعطني مكانًا محددًا. ابتسمت جدتي، وقالت: صحيح أني ناهزتُ التسعين من العمر لكن الحمد لله لا زالت ذاكرتي بخير… وأتذكر بأنكِ ترتادين الروضة، صحيح؟ قالت زينب: نعم يا جدتي وأنا سألت المعلمة أيضًا لكنها لم تجبني عن سؤالي. قالت جدتي: هل علمتكم المعلمة في الروضة اسماء الله الحسنى؟ قالت زينب: نعم يا جدتي وأنا احفظها كُلها. قالت جدتي: أليس من أسماء الله: الرحمن، الرحيم؟ قالت زينب: نعم يا جدتي. قالت جدتي: وأين توجد الرحمة؟ أليست الرحمة في قلب الإنسان؟! قالت زينب: نعم يا جدتي. قالت جدتي: أو ليس من أسماء الله، الغفور، السلام، المحيي ، النور، الهادي؟! من أين تنبع المغفرة يا زينب؟ أليس من القلب؟! من أين ينبع السلام؟ أليس من القلب؟! من أين تنبع الحياة؟ أليس من القلب؟! من أين ينبع النور؟ أليس من القلب؟! من أين ينبع الهدى؟ أليس من القلب؟! قالت زينب: نعم يا جدتي... قالت جدتي: إذن يا حبيبتي الجميلة، أن الله سبحانه وتعالى في كل مكان وأقرب هذه الأمكنة القلب، يا عزيزتي، وخصوصًا قلب المؤمن، الآن القلب هو المكان الوحيد، الذي يحتوي هذه الأمور العظيمة، ولشدة عظمة الله لا يحتويه مكان، غير القلب الطاهر، أعلمتِ الآن أين مكان الله سبحانه وتعالى؟ قالت زينب: نعم يا جدتي فهمت الآن، لكنّ خالتي مريم لم تقل لي هذا الجواب، بل قالت لي كلامًا لم أفهمهُ، لكن فهمت أن الله موجود في كلِ مكان وأقرب مكان هو القلب يعني أن الله تعالى في قلبي. (مريم) تعجبت أنا من الأثنتين، فالصغيرة زينب لم تفهم كلامي برغم من كل المحاولات لإيصال المعلومة لها… واستغربت أيضًا من جدتي كيف أنها شرحت لها المعلومة بكل بساطة وسلاسة، وتعلمت أيضًا أن الله سبحانه وتعالى يضع سره في أضعف خلقه، بالرغم من حال جدتي وضعف بدنها لكنها أنصح مني بالتعامل مع الأطفال، واستطاعت أن تقنع زينب بكل بساطة وأن المعنى ليس بكثر الكلام إنما ببساطتهِ.

اخرى
منذ 4 سنوات
576

نحّول وزهرةُ البنفسج

بقلم: رحاب سالم البهادلي خرج نحوّلُ كعادتِه يقضي الساعاتِ وهو يتنقلُ بين الأزهار، يجمعُ منها الرحيق؛ ليُنتجَ منه العسل، وفي أثناءِ تنقُّلهِ بين الأزهار جرتْ بينَه وبينَ زهرةِ البنفسج محاورةً طويلة وجدال حاد؛ لأنَّ زهرةَ البنفسجِ تتعالى وتتكبرُ على نحوّل وزُملائِه، بأنَّ لها الفضلُ الأكبر بصناعةِ العسل قائلةً: - الفضلُ كلُّهُ يعودُ لنا نحنُ الأزهار، فلولا الرحيقُ ما صنعَ النحلُ العسل. أجابها نحوّل غاضبًا: - إنَّ الجُهدَ لنا نحنُ معاشر النحل، نحنُ مَن نتعبُ طوال النهار، ونعملُ بجِدٍّ ونظام؛ لكي نجمعَ الرحيقَ ونحوِّلهُ إلى عسلٍ مصفى، أما أنتنَ يا معشرَ الأزهار فكُلُّ ما تفعلْنهُ أنّكنّ تستقيظنَ صباحًا وتنشرنَ العطر. وبينما الاثنان يتجادلان مرّت بقربِهما فراشةُ الغابة وسمعتْ كلامهما، فوقفتْ تنظرُ إليهما وتضحكُ، استغربَ نحّولُ والزهرةُ من فعلِ الفراشة، وصارا يسألانها: - لِمَ تضحكين أيّتُها الفراشة؟ أجابتهما الفراشة: - إنني أضحكُ على هذا الجدال؛ لأنهُ دون فائدة، فأنكِ تعلمين يا زهرة البنفسج لولا النحل لما تلاقحتِ الأزهارُ وأزهرتْ، وأنتَ تعلمُ يا نحّول لولا الأزهارُ ورحيقها لما كان هنالك عسلٌ، فإنّكما طرفانِ في هذه الصناعة، فلا تتجادلا دونَ فائدةٍ وجِدّا بعملكما بدلًا عن هذا الجدال، وتصالحا يا صديقاي واعملا بحُبٍّ وتفانٍ ولا تكونا متفاخرين. التفتَ الاثنانِ إلى الفراشةِ، وإلى ما قالته بحقّهما، فوجداها مُحِقّةً، وأنّهما قد أخطآ بحقِّ صداقتهما؛ لأنّه لولا وجودهما كلاهما لما كان هنالك عسل، وأنّهما يُكمّلانِ بعضهما البعض، ولا يجبُ أنْ يتفاخرَ أحدُهما على الآخر. وبهذا عرفنا يا أصدقائي أنَ العملَ الثنائي ينجحُ ويُنتجُ العسل، ويجبُ أن لا نُنكرَ جهد الآخرين..

اخرى
منذ 3 سنوات
2171

رسالةٌ إلى الكفيل

بقلم: رحاب سالم البهادلي السلامُ عليك يا سيّدي ومولاي يا أبا الفضل العباس، سيّدي يا صاحبَ الفضل، أحنيتُ رأسي إلى مقامكم الرفيع؛ لأسطرَ هذه الكلماتِ لتكونَ لي عندكم ذخرًا، وأقدّمُ بها حاجتي بين يديكم التي قُطعتْ في ساحةِ كربلاء دفاعًا عن أولادِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله)، أقولُ وأعلمُ أنّكَ تسمعُ كلامي وتردُّ سلامي: أزورُ بعيدًا وأُلقي السلام بقلبٍ لهوفٍ كطيرِ الحمام.. إليكَ أحلِّقُ شوقًا وروحًا وأحملُ في الأحرفِ كُلَّ الهيام.. فيا سيّدي قد يطولُ الكلام فتشتاقُ روحي وقلبي الحزين ففي كُلِّ يومٍ يزيدُ الحنين سؤالي إليكَ وأنتَ الشهيد وأنتَ المحامي وأنتَ العميد نظرتَ همومي؟ سمعتَ دعائي؟ رمقتُ إليكَ وأنت الرجاء وأنتَ القريبُ لربِّ السماء وأنت الكفيلُ ونحن اليتامى فمنّا إليكَ حبيبي سلاما استجرتُ ببابكَ وأنتَ المُجير لأشكو إليكَ كثيرَ البلا وموتًا بنا سيّدي أوغلا كتبت إليكَ بريدَ همومِ وذي العينُ تبكي أسىً كُلَّ يومِ فهلّا نظرتَ وأنتَ الكفيل قصدتُ لبابك وأنت الدواء ويُعرَفُ عنك كثيرُ العطاء شكوتكَ حالًا بأرضِ الجواد ففي كُلِّ يومٍ يئنُّ الفؤاد وأنت المُعينُ وأنتَ السبيل فيا ابن عليٍ وفحلِ الفحول لربّي اتخذتُكَ دربَ الوصول أبثُّ إليكَ جراحي وهمّي وأرفعُ كفّيَّ في كُلِّ يوم فليسَ لي سواكَ سبيلٌ سلامًا أقولُ وأنتَ السلام وأنتَ المُحامي لخيرِ الأنام بعثتُ إليكَ رسالةَ همّي وأرجو تراها وتدعو الإله

اخرى
منذ 3 سنوات
278