بقلم: غدير الكربلائي أُمّاه.. يمُورُ اللّيلُ بين جدائلي، يدُسُّ فيَّ قمل الغُربة؛ يهرشني ندفه، يُقصيني عن أنامل الانتماء... تخزُّني مناشير سُعارِهِ المُضني. تكشطُ جِيدَ فَتيلي أظفار غلَسِه! متى تُمسّدُ أصابِعُكِ النديّة جُرز رأسي؟! متى فالشّزبُ يستلبني قصيّاً وأنا الوطن! أُمّاه.. تُمطَر النّبالُ قديماً على نعشي؛ تبثق عمراً ذا مسغبة مُزداناً باليُتم، مَلدوداً بالآه... تغرقني سهامُ القِتام.. تَرميني اقواس الحُميراء جيلاً إثرَ جيل.. تخرم بُنياني معاويل معاوية تكمُّ قبابي؛ تَطمسني وتطمرني! تُعلي السّدود ترفع المتاريس وجُدر الحؤول لتُطفئ كواكبي وشموسي والضّوء يأبى إلاّ ان يتبدّى، ويُغرِقَ الغرقد أُمّاه... شُقّي القبر، انفضي تُراب الكتمان اولجيني حِجرك؛ غُصّيني في ضلعكِ فالكسر وتراً... عانقي أكبادي الممزّعة؛ امزجي دموعكِ بالرّمال القانية ثُم اسكبيني قُبةً شمّاء، فقد وحقكِ أنهكني قيظ الحجار! رُجّي اللّيل، انزعي منه غربته؛ فالقوم برقعوني الدُّملُج أُنثري نجومي الآفلة في اعطافي، الغافية في اكنافي لُمّي شحوبي اكسيني لوناً غير الدِّمَاء؛ حنانيكِ... اُحضنيني إلى ضلعَيكِ يا أُمَّاهُ ضُمِّيني!
المناسبات الدينيةبقلم: غدير الكربلائي في القلبِ وَقْدٌ لِاشتياقِكَ تلهَبُ مِن قَيظهِ حِمَمٌ دُمُوعِيَ تُسكَبُ! . هٰذي شظايا بُعدكم وَلِجَت دَمي! فَتفيضُ جُرحاً في الحَشاشَةِ يُشزَبُ .. وهَجيرُ هٰذا الهَجر أَودى مُهجتي بالقُرمزيِّ دموعُ عَيني تُخضَبُ .. ويَميرُ في الأحداق جمرُ تَولُّعي يَستَنبِأُ السُّمّارَ عَمَّا يَرقَـــبوا؟! .. لـيتَ شِعري شوقُكم في وصلكم أوَ يهجعُ العُشّاق؛ أو هل يُطرَبوا؟! .. بل تغطُشُ الدّهماء جَفنَ حنينهم سيّان تَبزُغُ شمسهُم أو تَغـــربُ .. طبعُ المُحِبِ كغيمٍ سامِقٌ أبدًا هيهات عن عليائهِ لا يُعـزَبُ .. تستَمــــطِرُ الآمـاقُ تَوقًا وَدْقُها شأوَ الأنيس،.. ذا الذّي لا يَجدبُ .. محجوبةٌ شمسُ اللِّقاء وغَيــــمتي تشكوكَ يا سُلطان،... إنّي أُشجَبُ .. أوَ ترتضي هٰذا التّباعدَ سيّــــدي! هلاّ رأيتَ دماءَ صبري تشخَبُ؟!
المناسبات الدينيةبقلم: غدير الكربلائي في اللّيل الشّطون تَصهِلُ الصُّوَر... تدُسُّ سنابكَها خزانةَ الأسرار، تسحقُ جناجن الذّكرى... تُريِقُ سِهامَ السّلب، تُمطِرُ الحوافر الظّامية تُشرِعُ فجاجَ التِّيه المنزلق، تُبرِمُ قَيدَ المعاصم. يُطوّقُكَ الدُّخانُ العَتيقُ مُجددًا، يلفحُ أوارهُ مُحيّاك. تبقرُك الآهُ، تقبرُك نشغاتُ المُصعّدِ دمه إلى السّماء، دمُ الجود، و نأمةُ العطش، والعُرسُ والحنّاءُ والشّمعُ والرّملُ وآمالُ رملة وليلُ لَيلى وشهقاتُ السّكينة..! يُكوِّرُكَ كَمَدُ الذّكريات، تغمِسُ زُجاجَ الغوثِ حناجرك، تطحنُ ضلوعَك فَتلِدُّكَ بالزُّعاقِ وتِرياقِ المنون...!
المناسبات الدينيةبقلم: غدير الكربلائي خُذني... فالظُّهرُ كاشِحٌ يختطِفُ مَلامحَ انتمائي، يصهرُ عُروقي؛ يُطارِدُ نشغتي، ينضبُ نبضَ شراييني التّائقة... يُلاحِقُ آمالي الكفيفة، وينبذني مَثقوبًا، قد رشقَ القَتادُ آلاميَ الحافية، يفركُ مُقلتيَّ بالملح الجريش... أتفلّتُ وَهنًا من بينِ أناملَ قبضتِه الماردة؛ تُفلِّلُني البِيضُ والهنادي، أتلوّى ذائبًا من قيظِ قيدِه؛ وما أولَهني إلى نفحةٍ من رؤياك لتنحتَ وطنًا لذبولِ بصَري وصَبري. خُذني... تموجُ حُشاشتي شوقًا لِفُلكِ نجاتك، تغطسُ شُطئان الموت، تغوصُ غُصصَ الطُّوفان القُرمُزيّ فتستقِرُ بي عند الجودي بين النّواويس وكربلاء. تنتشلُني من حضيضِ الغضاضة لألقِ الزّنبق إلى رحلةِ الرّكبِ والحجِّ القاني، تطوفني عُسلان الفلوات عند مشاعر القرابين، فيملأنَ منّي أكراشًا جوفًا، وأجربة سغبًا... أخُطُّ الشّهادة قلادةَ مجدٍ أحمر، على جِيدِ سنابلي المائسة؛ أنثرُ دموعيَ سَديماً ثائرًا في حظيرةِ القُدس؛ عندَ السِّدرةِ النّوراء، أُعمِّرُ عُشّاً دافئًا ليلتحقَ مُدرِكاً الفتح، يرتقبُ فخرَ نداء الفجر... "مَن كان باذلًا فينا مهجتَه، وموطِّنًا على لقاءِ الله نفسه، فلْيَرْحل معنا، فإنّي راحلٌ مُصبحًا إنْ شاءَ الله".
المناسبات الدينيةبقلم: غدير الكربلائي تُراوِغُ الأزقّةُ الشّاغِرةُ حَشدَ نظرتِك، ترشُّها بالعطشِ المُنفهِق؛ مُشتاطةٌ من ألسنةِ غدرٍ صَلِف؛ تنوءُ باهتراءِ القرميد ودنفِ السّجُف. وتلكمُ الشروخُ المُتدلّية من الجُدران السّاهرة، تَبوحُ لَكَ أسرار كوفانَ واعتذار العراجين... تُمرِّرُ لَكَ أسفار السِّفارة والطّرس البيضاء المُضمّخة بالنّجيعِ الآتي.. وها أنتَ يا ابنَ الجحاجحة تستفيضُ خارطة اللّيل لمدينة الأشباح، تُشعِلُ قناديلَ آماقِك، تومِضُ الضّياءَ مِعراجًا كربلائيّا.. تُحاوِرُ عيناكَ السُّقُف المشنوقة، فتتبدّى الحكايا مُنهكةً في المنافي القاصية، وتنبري شازرةً برواز الأوطان وصور الانتماء... تُرنِّم للخراب أغانيه، فتزُمُّ قصائد الأُزوف وتواشيح الإياب... كيف يلتحف الشَّوك بآبيهم! فتصبُ في محجرَيكَ نوائرهم وتحتسبُ الله في ذلك وكيلًا... تولجُك الغُربةُ سرادقاتِها الموحشة، تفرشُ لك بساطَ النّزوح، حتّى أوقفتكَ بابٌ تشُعُّ ولاءً، تُمضّخُ الوفاء خرسانة أعتابه، تسقيكَ سلسبيلًا تَشريهِ بنحرٍ مشدوخ، فتخُطُّ رسالةَ دمائك سِككُ الكوفة...
المناسبات الدينيةبقلم: غدير الكربلائي الغَيمُ شَوقًا يَقْتَفي مَرساهُ غَيثًا يُزَركِشُ بالنّدى مَسراهُ يَطوي الفَيافي صادِيًا لغديرهِ ملأ الدّنان هواؤهُ وهَــــواهُ وتَسيرُ تَوأِدةً خُطاهُ فتَنبَري ثَوبًا تَطَرَّزَ من شُعاعِ خُطاهُ يستافُ كُل هُنّيئةٍ في جِيدِهِ والنُّور يَلثـمُ خَدَّهُ و لُـمـَاهُ ويُغازِلُ الأهداب، فاتِرُ طَرْفهِ فَيَسُحُّ مُزنَ عيونه بِبَهــــــاهُ ومُتَيّمًا يَلِجُ المناشق نَشـــرهُ لَيَسيم مَيسَمهُ بِمَيسِ شَذاهُ فتُرصَّعُ الأجرام عسجدَ تاجهِ والنَّجــــمُ يَرشِقُ تِبرهُ بِمَداهُ قَد أطلعَتْ وجناتهُ شَفَقَ الدُّجى من خدِّهِ الياقـــــوتُ نالَ سناهُ لَيَكادُ هٰذا الغَيمُ مِن فرط الصِّبا يحكي عن العُشّاق، عن مغناهُ ويَقولُ فَخرًا: يا لَعِزّةِ جاهه! يا لَلْسّنا! سُبحانَ مَـن سَوَّاهُ آخاهُ في ذَرِّ الخَـــليقَةِ أحمدٌ هُوَ صِهرهُ بَل صِنوُهُ واخَاهُ ها إنّه الشَّهمُ، الشّكيمة، قَسوَرٌ ضرغامُ آجامٍ ، هِزبر شَــــراهُ قد جاء يَصدحُ بالتّهاني كاشحًا "بَخٍّ.." يُهنِّـــــيهِ الذّي آذاهُ! وغدًا يُكبِّلُ كَف رافعة السّما شَزرًا يزُجُّ أميرهُ بِعـــداهُ..!
المناسبات الدينيةبقلم: نرجس الصّافي وغدير الكربلائي يُرفَعُ كالسّاريةِ غُصنًا باسِقًا في سِدَرِ المُنتهىٰ، شاهِقًا يتخطّىٰ الدُّنىٰ؛ يلوّحُ للغريبِ الآتي... ارجعْ؛ فأبوابُ الغدرِ مُشرعةٌ كوفانُ تلكَ الفاتنةُ المزهوّة، تسكبُ المصائدَ في خِضمِّ الخمائل تسحقُ سنابكُها سنابلَنا الخُضر، دُبِّجَتْ لهواتُها طَبع المكائد لن يوَضِّروا نورَ اللهِ بالشّنار... يودِّعُهُ... يُودِع أشجانه الرّياحَ الطّيِّعَة يومِئ سلامه كصارية الفلك، مُتَشَحِّطًا بدمه.. يُغرِقُ الطُّوفانَ الأحمر، يخرِقُ صحائفهم والسّقائف يخلعُ ثوبَ السّماءِ الزّائف، يكبُ غلالها النّيِّئة... إذ يَهوي.. تمورُ العوالم بدفّتَيه، تسيحُ طيّعةً في هُوّة أحزانِه هناكَ حيثُ تتفتقُ الأحزانُ، ويستفيقُ النشيجُ الرازحُ، عندَ عامورا الفداء صهيلٌ يحفرُ ذاكرتَهم، يُنسِيهم لونَ الهناء وطعمه! حتى وإنِ التبسوا الأسماء أن يَسلوا من رَفَع عقيرتِه في حيِّهم، وأورثَ أحفادهم تثريبًا وتأنيبًا... بديًا صوته هذا العام نداءً مُعتَّقا يبزغُ هادرًا لا يأفلُ رابضٌ في بحّةِ حناجرهم، يندسُ كالرَّواسي.. على امتدادِ القرون يروونَ نبوءةَ جدّه ”لن يُموَّهَ على كرور الليالي والأيام“.
المناسبات الدينيةبقلم: غدير الكربلائي اللّيلُ جَنَّ فأُبلِجَتْ آهاتي والدَّمعُ أدهَقَ غَيمةَ الوجَناتِ من فرطِ أشجاني غَفَوتُ هُنيئةً والحُلْمُ عَسعسَ جُندَهُ خَلَواتي هٰذا أبي مِن بعد طُولِ مَغِيبهِ قد بانَ يَبزُغُ نورُهُ ظُلُماتي يَحنو ويُدنيني إليهِ بعَطفهِ وبكفِّهِ الحنواء مَاطَ شِتاتي ويقولُ أفديها شَبيهة فاطمٍ أنتِ رُقَيَّانا ونِعمَ بناتي لٰكن ويا للهِ بعدَ سُــــــوَيعةٍ طيفُ الأُبُوَّةِ غابَ عن عرصاتي! فَفزِعتُ أبكي، ابتغيهِ بنُدبَتي حَتّى فَزِعنَ الحُورُ في الغُرُفاتِ وسُرُوبُ نسوان الرِّسالةِ أقبلَتْ نحوي يُعاضِدُ نَشجُها حَسَراتي ما هي إلاّ بُرهةٌ جاؤوا بهِ طَستٌ يَلوحُ كأَنَّهُ الرَّخَمَاتِ٢ ويَفوحُ مِنهُ الطِّيب، نَفحة والدي! فوَجَستُ أكشِفُ بُردَةَ النَّكَباتِ ورأيتُ يا للهِ رأسَ حُسيننا سِبطَ النّبيِّ وابنُ خَيرِ حُماةِ فهَوَيتُ أمسَحُ دَمعَهُ ودِمَاءهُ وتُرابَهُ المحشورَ في الحدَقَاتِ يا ليتَ قبلَ اليومِ غارتْ أعيُني أو لا أراكَ مُهَشَّمَ الجَبهاتِ من ذا الذّي لَم يَرعَ حُرمةَ جَدِّنا وسَبى بناتِ مُحمّدٍ الخَفِراتِ شَطَّ المَزارُ أبي ودونكَ نَشغَتي لِمَ أيتَموني؟ قُلْ! بأيِّ تِراتِ؟ هٰذي حِبالٌ يا أبي بِمعاصمي مِنّي الأساوِرُ سُلِّبَت بفَلاةِ لَتَكادُ تنحرني القيودُ أيا أبي والقُرطُ مَنتورٌ بكَفِّ زناتِ .... ١ العقيرة صوت النّاعي والباكي والقارئ يُقال: رفعَ عقيرتَه فتكونُ كما تُطلقُ على صوتِ القارئ الجهوري. ٢ الرَّخَم: طائرٌ غزيرُ الريش، أَبيضُ اللون مبقَّع بسواد، رماديُّ اللون إِلى الحمرة، والقصد بالوصف هُنا يعودُ إلى الطّست دون الرّأس.
المناسبات الدينية