Profile Image

عبداللطيف الشميساوي

خازن علوم آل محمد

بقلم: عبداللطيف الشميساوي طالما يواجه الباحث والمتكلم والدارس لحياة أي إمام من أئمة أهل البيت (عليهم السلام)، مهمة صعبة في الإلمام بحياته ولو بشكل يسير، فكيف يتسنى لمثلي أن يكشف عن سر من أسرار الله المكنونة، ونور من أنواره الساطعة، ودليل من الأدلاء عليه تعالى، وبرهان من براهينه الواضحة، وحجة من حججه البالغة، وآية من آياته البينة، ونعمة من نعمه السابغة، مبلور النهج المحمدي وراعي مدرسته، ومفشي ثقافة السماء، هو جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام)، الذي أشرق نور إمامته العظيم ينابيع جميع العلوم، والحكمة والأخلاق، شقق العلوم بفكره الصائب، وبصره الثاقب حكيمًا سديدًا، حتَّى ملأ الدنيا بعلومه، وهو القائل: «سلوني قبل أن تفقدوني فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي» (١). ولم يقلها أحد سوى جده الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فله من الفضل والسؤدد، وعلو المنزلة، وغزارة العلم، ما ملأ الآفاق، استخرج جواهره من بحر جده رسول الله (صلى الله عليه وآله)، من مهبط الوحي والإلهام، ومنهج الحق، الذي سطعت أنواره بطاح البيداء، وعلت فوق قمم الجبال، ونثرت شذاها على سفوح الروابي، وملأ غيثها الأنهار والوديان، فكان نورًا على شاطئ السلام، من مطلع الشمس حتى مغربها، نقل الناس عنه من العلوم ما سَارَتْ به الركبان، وعجزت عن أدراكه الأفهام، وانتشر ذكره على كل لسان، ولم ينقل العلماء عن أحد من أهل بيته ما نقلوا عنه من الحديث، فكان عصره ذهبيًا حقيقيًا، وكان علمه مقترن بالعمل. فكان له من الأخلاق أفضلها. ولم يكن ليعتمد في أخلاقه على نظريّة استفادها مِن فيلسوف، ولا قاعدةٍ أخذَها مِن حكيم، ولكنّه استقى الأخلاق من ينبوع الوحي، واستقادها مِن هُدى القرآن، واستخرج منه الكنوز واللآلئ، واستنتج عجائبه، فكان ينير ظلام الجهل بنور علمه وبصيرته، لذلك كان قد نشر العلم في كل الأرجاء لينير طريقهم نحو الكمال، لأنه يعلم أنه لا يكون هناك نورا بدون علم. وكان من أهل السخاء على الفقراء في زمانه، متصدقًا في غلس الليل البهيم، ليطعم الجائع واليتيم، ندي الكف، زاهدًا، عابدًا، صابرًا غير جازع على ما كان يلاقيه من عظيم المحن والآلام، محتسبًا بما لاقاه هو وآباؤه وأجداده، فكان من عظماء العباد وأكابر البلاد. ومنهلًا لكل ضمآن، لكن هذا الشعاع الساطع أزعج السلطات والحكام، فعملوا بكل ما بوسعهم جاهدين وبكل الوسائل في كثير من المحاولات لطمس الكثير من وهج علمه، والحد من انتشاره، لكن الله (جلا وعلا) أبى إلا أن يتم نوره، ولو لا تلك الحكومات الجائرة بمحاولتها بالقضاء على الإمام (عليه السلام) لو جدنا هناك قفزة كبيرة في كل صروح العالم الثقافية في جميع الحواضر العلمية الإسلامية . __________________ ١- تأريخ الإسلام للذهبي: 6/45

اخرى
منذ 5 سنوات
3410

لماذا أنت حزين أيها الطائر؟

بقلم: عبداللطيف الشميساوي لحكايات أجدادنا وآبائنا نكهة وطعم لا يكاد يفارق مخيلتنا، وكل حكاياتهم عبر ومواعظ ودروس لعلهم استلوها من واقعهم المليء بكل صور الوفاء بالعهد، وأداء الأمانة وصدق القول والحديث. لا أنسى كيف كنا نجلس حولهم كتلاميذ مطيعين لأستاذهم، نحدق بأبصارنا إلى حركة شفاههم مرة، وإلى نظرات عيونهم أخرى، وكلنا شوق لسماع قصة جديدة عادة ما تنتهي بحكمة أو موعظة أو طرفة فيها من المعاني الكثير. ومن خلال حكاياتهم غرسوا فينا حب أهل البيت (عليهم السلام)، واسمعونا مآثرهم، ولازلت لا أنسى أبي (رحمه الله) وهو إذا رأى أحدنا يحسن للآخرين ويعبث في بيتنا كانت تملأ وجهه الابتسامة، وهو يقول: (هذا أخوكم مثل حمام الكاظم). كان ذلك المثل كلما ذكره أبي أتساءل في نفسي. لماذا هذا الحمام بالذات؟ وكبرت وكبر معي كل شيء، ورحل أبي عن هذه الدنيا، ولكن لم تزل حكاياته هي... هي... تأخذ صداها في نفسي، ولم أنس ذلك الحمام... وفي يوم ذكرى استشهاد مولاي الإمام محمد الجواد (عليه السلام)، حضرت مع أصدقائي إلى ضريحه الطاهر، وبعد أداء الزيارة رأيت تلك الطيور تهبط وتعلوا في المرقد الشريف غير آبهة بكثرة الزائرين، ولا خائفة ولا وجلة بل تهبط بكل طمأنينة لتلقط حبها وتحلق عاليًا. نعم، فأسرابها لا تنقطع هبوطًا وصعودًا، هنا تذكرت مثل أبي الذي كان ينعت به أحد أخوتي والذي تبين لي معناه وقصده فيما بعد. عجبًا! عجبًا! هناك طائر من بين تلك الطيور حزين لا يشاركها الطعام، ولا متعة الطيران والمرور بين الزائرين، وكأنه في عالم آخر، بجلسته الحزينة وهو مطأطأ رأسه، وقد جلس على بعض الشُرَف القليلة الارتفاع. دنوت منه رويدًا، رويدًا… ظنًا مني أنه سيهرب حين أدنو منه، ولكنه غير مكترث لقربي منه، كدت ألمسه، فخفت أن يفارقني، فحدقت به كثيرًا وكنت أمعن النظر إليه طويلًا... وأخاطب نفسي وأسألها... لماذا هو يبدو حزينًا؟ لماذا لا يمتع نفسه مع الآخرين؟ لماذا لا يلتقط طعامه أما يخشى أن ينتهي الطعام ويبقى جائعًا؟ أهو مصاب بعلة؟ وأنا أطرح بالأسئلة تباعًا، وبدت نظراتي إليه تأخذ منحى الاشفاق عليه... وإذا بي أسمع همسًا... بل صوتًا رقيقًا ضعيفًا حزينًا شجيًا... لا... لا... لا... ليس كما ظننت أيها المحب لإمامك. قلبت طرفي يمينًا وشمالًا فلم أجد أحدًا يخاطبني. أنّا... أنّا... من يخاطب... أنا الطائر... فتحت عيني مستغربًا ومذهولًا... وإذا بالصوت يخرج منه. نعم... أنا... وفيمَ الدهشة أيها الموالي... رأيتك تركت كل شيء حولك وصرت تتساءل عن ما أنا فيه... ازددت دهشة وتعجبًا! واقتربت أكثرًا منه... وقلت في تعجب! أنت؟ نعم أنّا... اجلس وسأُخبرك عن حالي... امتثلت لأمره وجلست حتى كاد يلامس أذني. اصغ لي أيها المعزي... اصغ ولا تقاطعني. ولا تسألني كيف هذا؟ أو لماذا حدث؟ فقط... اصغ لحديثي... حدثني أبي كما كان يحدثك أبوك عن أجداده، في زمن ماض كان جدي ومعه مجموعة من أصدقائه اعتادوا أن يذهبوا كل يوم إلى بيت الإمام الجواد (عليه السلام)، وينزلوا على سطح داره ليجدوا طعامًا وشرابًا لم يجدوا ألذ منه في الوجود، ومرت السنوات وهم على هذا الحال، وقال أبي عن أجداده: في يوم من الأيام ذهبنا لنمتع أنفسنا بلذيذ الطعام والشراب، وهبطنا كعادتنا فرحين يسابق أحدنا الآخر وكانت المفاجئة! لم نجد طعامًا أو شرابًا... انتظرنا، انتظرنا! ولكن بدون جدوى. أشار عليهم أحدهم أن ننزل بصحن الدار فنزلنا لم نجد شيئاً... طفنا حول الدار ونحن نسترق النظر والسمع من نوافذه لم نستطع فكها مغلقة. عجبًا! هل غادر الإمام داره... قال أحدهم: لا، لا... حتى وإن غادر فهو كريم ابن كرماء لا يغادر ويتركنا بدون أن يهيأ لنا طعامنا وشرابنا. غادرْنا ونحن في حزن شديد... وعدنا في اليوم الثاني لنرى من بعيد شيئًا على سطح الدار، ففرحنا وأخذ أحدنا يسابق الآخر. يا للدهشة! يا للدهشة! ما هذا؟ إنه إمامنا مسجى على سطح الدار يتقلب من الألم وشفتاه ذابلتان. نظر أحدنا إلى الآخر وطرنا نبحث عن ماء نحمله إليه وجدنا الماء حملناه بمناقيرنا مع قلته، ولكن لعله يبرد غليل إمامنا... وصلنا إليه... يا للمصيبة! يا للفاجعة... قد قضى نحبه عطشانًا... وبقي ثلاثة أيام على سطح داره ونحن نحمل إليه الماء لنرشه على جسده الطاهر، ونصنع له ظلًا من حرارة الشمس بأجنحتنا، ونمرغ أجسادنا بجسده الطاهر. هل عرفت أيها الباكي لمَ أنّا حزين.

اخرى
منذ 5 سنوات
1903

جدار ينشق ليخرج الحق

بقلم: عبداللطيف الشميساوي خرج محمد من عمله متجهًا إلى بيته، وفي طريق عودته رأى أحد أصدقائه، فسلم عليه، وإذا بصديقه يبادره بالسؤال، هل علمت يا (محمد) بظهور أسماء الذين فازوا بقرعة الحج هذا العام؟ أجابه محمد: متى... متى ظهرت، وأين أجد هذه الأسماء؟ هناك عند صاحب ذلك المكتب، وأشار إلى مكتب قريب. أسرع (محمد) الخطى نحوه، وهو يدعو الله تعالى أن يكون اسمه بين الأسماء الفائزة... دخل وسلم عليه، وطلب منه بأدب أن يبحث عن اسمه، فاستدار الرجل وبدأ يلاعب تلك الأزرار بأنامله، ومحمد يود أن يدخل في ذلك الجهاز. ماهي إلا لحظات، والتفت صاحب المكتب إلى (محمد): ما اسمك الرباعي ولقبك؟ فأخبره، وبدأ يقلب صفحات داخل جهازه، ليلتفت إلى صاحبنا بوجه بشر، ويقول له: مبارك لك يا حاج. لم يصدق محمد ما سمع، خرج وهو في غاية الفرح والسرور يكاد يطير في الجو بأجنحة الأمل الذي لم يفارقه. مرت الأيام والشهور، وجاء موعد السفر، وحانت لحظة التوديع مع الأهل والأحبة... استقل الطائرة وهو مستغرق بأفكار تُراوده، وحلم أصبح واقعًا. بدأت المراسيم حين الوصول إلى الديار المقدسة، وفي لحظة طوافٍ لم يكن واجبًا ولا مستحبًا بل طواف استطلاع، وصل إلى جنب جدار بيت الله، ورأى آثار شق لم تستطع أيدي أمهر المهندسين وحذاقة النحاتين أن تخفي ذلك الأثر، وقف وهو ينظر إليه بتمعن واستغراب، والتساؤلات تدور في مخيلته... لماذا هذا الشق أثره لا يندثر؟ وهو في استغراقه، وإذا بصوت رقراق جميل ينساب من بين تلك الجموع المتهادرة، يصل إلى مسامعه… كأنك لا تعلم مَن شق ثناياي وأنا بغاية السرور؟ كأنك لم تسمع صوت حقٍ يشق جدر الظلام؟ نعم.. نعم ... أنا أعلم بأن سيدي ومولاي أمير المؤمنين (عليه السلام)، ولد هنا في بيت الله. نعم إنك سمعت، ولم تشاهد ما حدث، سأروي لك تفاصيل ذلك اليوم. في يوم رجبيٍ جميل، جاءت سيدة عليها سيماء الصالحين، تسير بهيبة ووقار، وأخذت تطوف حول البيت، وهي ترفع رأسها إلى السماء، وتتمتم بكلمات لا أكاد اسمعها، وإذا بنداء السماء: من منكم يشق بعضه ويضحي بأجزائه لهذه السيدة العظيمة، قبل أن أفعل ذلك بقدرتي، فكنت أول من استجبت فضغطت بعضي ضغطًا شديدًا لفتح طريق لتلك السيدة، فلما أبصرت بانشقاقي أسرعتْ ودخلتْ بيت الله، وخوفًا على أن يراها أحد أسرعتُ بلملمة بعضي لأغلق ذلك الشق. فما كدت أفعل هذا، وإذا بي أسمع تهليلًا وتكبيرًا وتسبيحًا، وشعرت بحركة أفواج من الخلق لا أعرف من هم، يهبطون ويصعدون، وإذا بنور يخرج من جوف الكعبة يخطف الأبصار ليضيء الدنيا، أمعنتُ النظر، فإذا بوليد يخرج ساجدًا يكبر الله، وصوت ينادي: هذا هو الحق، هذا هو الحق، من أراد أن يرى الحق ويتبعه فلينظر إليه ولا يفارقه. فشعرت بزهو لا يوصف، وأنا افتخر على جميع الحجارة في الوجود أني أول من شق نفسه لولي الحق، وخير أهل الأرض بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إلا وهو ذاك المسمى أمير المؤمنين علي (عليه السلام).

اخرى
منذ 5 سنوات
958

مأتمٌ والناعي الحُسين

بقلم: عبد اللطيف الشميساوي في ليلةٍ من ليالي الأسى والألم ونحنُ نُحيي ليالي عاشوراء، اتفقنا مُنذُ سنين على أنَّ نعقدَ مجلسًا للتحاورِ وتبادُلِ الأفكار والرؤى بعدَ أنْ يُنهي الخطيبُ محاضرتَه، وبمرورِ السنين بدأ المجلسُ بالاتساع، أخذَ يستقطبُ إليه بعضَ الشبابِ والفتيانِ فمنهم من يستمعُ ومنهم من يُريدُ إجابةً لسؤالٍ ما، منهم من يشارِكُ بطرحِ فكرةٍ تُثيرُ المُناقشةَ بين الحضور، في إحدى الجلساتِ رأيتُ طفلًا يجلسُ في زاويةٍ وهو يسترِقُ السمعَ لحديثِنا، كأنّه يُريدُ أنْ يقولَ شيئًا.. كان حديثُنا في تلكَ الليلةِ عن الأطفالِ اليتامى في كربلاء، كم عددهم وعن معاناتهم.. هُنا رأيتُ ذلك الطفلَ يهمُّ بالكلامِ والتقرُّبِ منّا أكثر، لم يلاحظِ الآخرون مُراقبتَه لنا، همهمتَه مع ثنايا حديثنا، إنصاتَه لكلامِنا وتدقيقَه في حركاتِ شفاهنا. في تلك اللحظةِ أشرتُ إلى المُتحدِّثِ وطلبتُ منه السكوتَ فاستغربَ الجميعُ فعلي هذا؛ إذ لم يعتادوا على مثلِ هذا الأمر، حتى لا أُثيرَ تساؤلاتٍ من حولي لما فعلتُ، توجّهتُ بنظري وكلامي إلى ذلك الطفلِ بلهفة، قلتُ له: تفضَّلْ بُني، التفتَ يمينًا وشمالًا فأشرتُ إليه: نعم.. نعم.. أنت يا بُني.. فأشارَ بيدِه إلى نفسِه: أنا.. أنا.. - نعم، أنت.. اقتربْ حبيبي.. اقترب اقتربَ رويدًا مع خَجَلٍ بانَ على مُحيّاه.. أجلستُه بجنبي وقبّلتُه وسألتُه: ما اسمُك بُني؟ - أنا.. أنا.. - نعم بُني.. - اسمي محمد.. - حبيبي محمد، رأيتُ شفتيكَ تتحركانِ، وكأنّك تُريدُ أنْ تقولَ شيئًا - لا.. لا وقبلَ أنْ يُكمِلَ كلامَه مسحتُ على رأسِه، وقُلت له: يا مُحمد، دعْ عنك خجلَك أمامَنا؛ فنحنُ مسرورون بوجودِكَ بيننا، وقل ماذا أحببتَ أنْ تتكلم؟ التفتَ إليّ أحدُ أصدقائي، وقال لي: أتعرفُ مَنْ هذا الطفل؟ - لا أعرفه.. - إنّه موضوعُ حديثِنا الليلةَ، هو ابنٌ لشهيدٍ ضحّى بنفسِه تلبيةً لفتوى الجهادِ المُقدّس. انحنيتُ عليه أُقبِّلُه ومسحتُ على رأسِه ولم أستطِعْ أنْ أتمالكَ نفسي، أطلقتُ العِنانَ لدموعي لتأخذَ مجراها على خدي وأنا في تلك اللحظةِ تذكّرتُ يتامى كربلاء.. من كانَ يمسحُ على رؤوسهم؟ حبستُ عبرتي، وأنا مُختنِقٌ بها، وعاودتُ الكرّةَ ليتيمِنا مُحمّد. - بُنيّ ماذا كُنتَ تُريدُ أنْ تقول؟ - ها.. ها.. أنا.. أنا أردتُ أنْ أسالَ عن أولِ يتيمٍ أو يتيمةٍ في نهضةِ الإمام الحسين (عليه السلام). فدُهِشَ الجميعُ من سؤالِه وجرتْ دموعُ بعضهم. فتمالكَ أحدُنا نفسَه وقال: إنّهم يتامى مُسلم بن عقيل.. - أتعلمونَ أنّ أولَ من نصبَ مأتمًا وعزاءً لمُسلمٍ بن عقيل هو مولانا الإمامُ الحُسين (عليه السلام)؟! فعندما بلغَه استشهادُ مُسلمٍ بن عقيل نصبَ مأتمًا وكانَ هو الناعي ويتيمةُ مُسلمٍ حميدةُ في حجره.

اخرى
منذ 4 سنوات
467