تشغيل الوضع الليلي

المنبرُ الحُسيني بين تحدياتِ الحاضرِ وتطلُّعاتِ المستقبل/ المجلسُ الحُسيني النسوي إنموذجًا

منذ 3 سنوات عدد المشاهدات : 240

بقلم: نجاة رزاق
كانَ وما زالَ للمنبرِ الحُسيني دورٌ مهمٌ في حفظِ الدينِ الإسلامي والمذهب الجعفري من خلالِ الأبحاثِ التي يطرحُها فُضلاءُ الحوزةِ العلميةِ والخُطباء الحُسينيون التي تتناولُ الآياتِ القرآنية الكريمة والرواياتِ الشريفة بالشرحِ والتوضيحِ وربطِها بسيرةِ أهلِ البيت (عليهم السلام) باعتبارِهم عِدلَ القرآنِ الكريم وترجمانه، ثم يستحضرُ الخطيبُ مأساةِ سيّدِ الشهداء وما جرى على أهلِ بيتِه من الظلم والعدوان.
وقد حرصَ أهلُ البيتِ (عليهم السلام) على إقامةِ المجالسِ الحسينيةِ وترغيبِ شيعتِهم بالاقتداءِ بهم في هذا الأمر، وبيانِ ما للباكين على سيِّدِ الشهداءِ (عليه السلام) من الثواب والأجرِ، إضافةً إلى الفائدةِ الدُنيوية الاجتماعية والسياسية، فقد قال الإمامُ علي بن الحسين (عليه السلام): "مَن قطُرتْ عيناهُ فينا قطرةً، ودَمِعَتْ عيناهُ فينا دمعةً بوّأهُ اللهُ بها في الجنةِ غُرَفًا يسكنُها أحقابًا"(١)
والسؤال: هل أنّ للمجلسِ الحسيني النسوي ذلك الدور؟
وماهي هيكلية هذه المجالس؟
قبل الجوابِ عن هذين السؤالين لا بُدّ أنْ نعرفَ متى بدأ المجلس الحسيني النسوي؟
يُمكِنُ القولُ إنّ أولَ مأتمٍ هو المجلسُ الذي أقامته السيّدةُ زينبُ (عليها السلام) حيث وردَ أنّه:

"لما حملوا النساءَ أُسارى مرّوا بهن على الحُسينِ (عليه السلام) وأصحابه وهم صرعى فصِحْنَ النسوةُ وصاحتِ الحوراءُ زينبُ: "يا مُحمّداه صلّى عليكَ مليكُ السماءِ، هذا الحُسينُ مُرمَّلٌ بالدماءِ، مُقطَّعُ الأعضاءِ، وبناتك سبايا، وذُريتُك مُقتّلةٌ..."(٢)
وعندما وصلوا بالركبِ إلى الكوفةِ وطافوا بهم في السككِ والطُرُقاتِ خَطَبَتْ عقيلةُ الطالبين خُطبةً عظيمةَ الشأنِ بعدَ أن حمدتِ اللهَ وصلّت على النبي وآله؛ بيّنتْ حقيقةَ المُجتمعِ الكوفي قائلةً: "أمّا بعدُ، يا أهلَ الكوفةِ، يا أهلَ الختل والغدر، ألا فلا رقأت العبرة، ولا هدأت الرنة ...ثم ذكرتْ مصيبةَ الإمامِ الحسين قائلةً: "أتدرون أيّ كبدٍ لرسولِ الله فريتم؟ وأيّ كريمةٍ له أبرزتم؟"
كما خطبتْ أُمُّ كلثوم ابنةُ أميرِ المؤمنين (عليه السلام) خُطبةً مثل هذه قائلةً: "يا أهلَ الكوفة، مالكم خذلتُم حُسينًا وانتهبتُم أموالَه وورثتموه ..."
وخطبتْ بعدَها فاطمةُ الصُغرى بنتُ الإمامِ الحُسين (عليه السلام) قائلةً: "الحمدُ للهِ عددَ الرملِ والحصى، وزِنَةِ العرشِ إلى الثرى، أحمدُه وأؤمنُ به وأتوكلُ عليه، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، وأنّ مُحمّدًا عبدُه ورسولُه …"
فبهذِه الكلماتِ بيّنَتْ حقيقةَ إيمانِهم وأنّهم لم يخرجوا من الدين كما وصفَهم الطغاةُ، ثم ذكرتْ مصيبةَ الإمامِ الحُسين (عليه السلام) قائلةً: "وإنّ أولادَه ذُبِحوا بشطِّ الفُراتِ بغيرِ ذحل ولا تراث ..."
ثم بيّنَتْ مكانةَ البيتِ العلوي والكرامةَ التي فضلّهمُ اللهُ بها على سائرِ خلقِه وأنَّ المصائبَ التي ابتلاهم اللهُ (تعالى) بها لا لهوانٍ بهم عليه (سبحانه)، بل إنّ ذلك في كتابٍ واستشهدتْ بقوله (تعالى): "إنّ ذلك على الله يسيرٌ لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يُحِبُّ كُلَّ مُختالٍ فخور"(٣)
كما وردَ في بحارِ الأنوار أنّ يزيدَ لمّا أصبحَ وبعدَ رؤيا قصّتها عليه زوجتُه (استدعى بحرم رسولِ اللهِ (صلى الله عليه وآله) فقال لهن: أيُّما أحبُّ إليكن:
المقامُ عندي أو الرجوعُ إلى المدينة؟ ولكم الجائزةُ السنية، قالوا: نُحِبُّ أولًا أنْ ننوحَ على الحُسين، قال: افعلوا ما بدا لكم، ثم أخليَتْ لهن الحُجَرُ والبيوتُ في دمشقَ ولم تبقَ هاشميةٌ ولا قرشيةٌ إلا ولبسِتِ السوادَ على الحُسين، وندبوه على ما نُقِلَ سبعةَ أيامٍ"(4)
وبعدَ هذهِ المقدمةِ نعرفُ ما للصوتِ الزينبي من أثرٍ في بقاءِ الصوتِ الحسيني مُدويًا في سماءِ الولاء، ومُزعزِعًا لعروشِ الظالمين في الأرض. وقد قامَ أئمتُنا بإشراكِ النساءِ في المجالسِ التي كانوا يُقيمونها من وراءِ الستار. فقد حدّثَ شاعرُ أهلِ البيتِ الكُميتُ بن زيدٍ الأسدي (رحمه الله) قائلًا: "دخلتُ على أبي عبدِ الله الصادق يومَ عاشوراء فأنشدتُه قصيدةً في جدِّه الحُسين (عليه السلام) فبكا وبكا الحاضرون، وكان قد ضربَ سترًا في المجلسِ وأجلسَ خلفَه الفاطمياتِ فبينما أنا أُنشِدُ والإمامُ يبكي إذ خرجتْ جاريةٌ من وراءِ الستار وعلى يدِها طفلٌ رضيعٌ مُقمّطٌ حتى وضعتْه في حِجرِ الإمامِ الصادق (عليه السلام) فلمّا نظرَ الإمامُ إلى ذلك الطفل اشتدَّ بكاؤه وعلا نحيبُه وكذلك الحاضرون"(٥)
وما هذا إلا دليلٌ على شرعيةِ البُكاءِ، وشرعية اشتراكِ النساءِ في العزاء، وأحقيّةِ تمثيلِ الواقعة..
كما يتبيّنُ من هذا ما للصوتِ النسوي من دورٍ حيثُ لم يتوانَ أو يتأخرَ في فترةٍ زمنيةٍ عن قرينِه الصوتِ الرجالي في إقامةِ الشعائرِ على سيّدِ الشهداءِ (عليه السلام).
أمّا عن جوابِ السؤال الثاني:
فإنّ مراجعةَ الخُطبةِ الزينبية والفاطمية في الكوفةِ يتبيّنُ لنا ما ينبغي اتباعُه في تحقيقِ أهدافِ النهضةِ الحُسينيةِ وذلك عن طريقِ اتباعِ الخطواتِ التالية:
1- البدءُ بذكرِ اللهِ (تعالى) وحمدِه والصلاةِ على مُحمّدٍ وآلِ مُحمّدٍ (صلّى اللهُ عليه وآله وسلم).
٢- تلاوةُ آيٍ من الذكرِ الحكيم وانتخابُ الآياتِ التي لها علاقةٌ بأهلِ البيت (عليهم السلام)، أمّا الخاصةُ بإمامةِ أميرِ المؤمنين وأهلِ بيته أو تلك التي تتحدّثُ عن أخلاقِهم (عليهم السلام)، وأخلاق الصفوة من المؤمنين.
٣-بيانُ علاقةِ أهلِ البيتِ بالنبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ومحبتِه لهم، واتباعُ توصياتِهم لما له من أهميةٍ في ردِّ الجميل للرسولِ الأعظم ووصلٍ قُرباه الذين هم أهل بيته (عليهم السلام أجمعين).
٤-بيانُ أنّ أخلاقَ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) هي أخلاقُ القرآنِ التي أوصى بها على لسانِ نبيّه الأكرم (صلَى اللهُ عليه وآله).
٥- بيانُ مظلوميةِ سيّدِ الشهداءِ وأهلِ بيتِه من بعدِه والأسباب التي أدّتْ بطاغيةِ عصرِه إلى ارتكابِ فاجعةِ الزمانِ من قتلٍ وتمثيلٍ وسبيٍ وحرقٍ وتشريدٍ لا لشيءٍ سوى لانتمائهم لبيتِ الرسالة!
٦- الفحصُ والتدقيقُ في نقلِ الأخبارِ والرواياتِ بشكلٍ لا يُسيءُ إلى الشعائرِ ولا إلى المذهب.
٧- اتباعُ توصياتِ المرجعيةِ وفتاوي العلماء الأعلام من الالتزامِ بالحجاب، وعدمِ التبرج، وعدمِ استخدامِ مُكبّراتِ الصوتِ زائدا عن الحد المناسب، أو التغنّي بالقصائدِ بحيثُ يكونُ صوتُ المرأةِ فتنةً للسامعين.
٨- يُفضّلُ اجتماعُ النساءِ في حُسينياتٍ أو أحدِ البيوتِ بدلًا من الدوران بينَ البيوتِ المُتعددةِ، ولا يكونُ هدفُ القارئةِ العددَ والكمَّ وليسَ النوع.
٩- قراءةُ الأشعارِ والقصائدِ، وإثارةُ الحُزنِ والبُكاءِ، وإبداءُ اللوعةِ لمصابِ سيّدِ الشهداء، فلا تنس الخطيبة ما لذلك من أثرِ نفسي في هدايةِ الكثيرِ من الشابات.
١٠- عدمُ طردِ الصغيراتِ من المجلسِ بحُجةِ كونِهن صغيرات؛ لأنّ هذه الشعائر سوف يتحمّلُها أولئك الفتيات في المستقبل.
وبعدَ هذه التوصيات البسيطةِ، ولضيقِ المقامِ ندعو لجميع الخطيباتِ ونبتهلُ إلى الله (تعالى) أنْ يوفقَنا لمراضيه، ويجعلَنا من خَدَمَةِ سيّدِ الشهداء وأهلِ بيته (عليهم السلام)، وأنْ يُعجِّلَ بظهورِ صاحبِ الثأر الإمامِ المنتظرِ (عجَّل اللهُ فرجه الشريف).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
١-كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه :٢٠٢
٢- ثمرات الأعواد، علي الهاشمي ج ٢ :٤ نقلا عن مقتل الخوارزمي.
٣- سورة الحديد :٢٣
٤- بحار الأنوار، العلامة المجلسي ج ٤٥: ١٩٦
5- مأساة الحسين (عليه السلام) بين السائل والمجيب، عبد الوهاب الكاشي :١٥٤

اخترنا لكم

أمي تحبها باقة ورد

تجول الصديقان في أسواق المدينة في اليوم الأخير في الجامعة قبل عطلة رأس السنة الميلادية وقبل نزولهما إلى محل سكناهما، وكانا يتجاذبان أطراف الحديث وهما يتجوﻻن في الأسواق... (أحمد) مبهور بما يرى في محلات الملابس والهدايا، فقال لصديقه (أمجد): ما رأيك أن نشتري شجرة الميلاد؟ لدي مبلغ جيد متبقي من مصروفي، نتقاسم ثمنها، نحتفل هنا مع بقية الأخوة قبل نزولنا لبيوتنا؟ اكتفى (أمجد) بابتسامة... فقال أحمد: احتفال رأس السنة ﻻ يفوت، سوف ننشغل هناك بأعمال البيت فلا تفسد المقترح بنظراتك اللوامة، هيا يا بخيل شارك بالشجرة، فرفع (أمجد) حاجبيه معبراً عن صدمته بكلام صديقه، وقال: انا بخيل! وكانا قرب مقهى، فأمسك بيد صديقه ودخلا وجلسا يكملان الكلام. فقال أمجد: أنت احكم بنفسك، لن استخدم مصطلحاً علمياً أو أتفلسف عليك، ولكن قل لي: ماذا رأيت في الأسواق التي مررنا بأغلبها مع أصدقائنا منذ أسبوع، ولكن الآن ماذا ترى؟! ألم نتجول من أرقى المناطق إلى المناطق الشعبية؟! هل وجدتها تخلو من ملابس البابا نؤيل وأشجار الميلاد والزينة؟! هز أحمد كتفيه وقال: ﻻ، وحتى بعض الجزرات الوسطية فيها هذه البضاعة، وما أثار عجبي زهدها ورداءت نوعيتها! فعدل (أمجد) من جلسته قائلاً: وماذا تفهم من ذلك؟ أحمد: ﻻ أدري! أمجد: وعدتك لن أتفلسف عليك، ولكن هذه الظاهرة مرفوضة من الناس لتغليب الجانب الشخصي والمصلحة الخاصة وإهمال مصلحة المجتمع كمجتمع بشري ومطاوعة للنفس في تقليد آخرين في كل شيء بدون فحص ونظر وهو أمر مرفوض عقلاً وأخلاقياً بغض النظر عن الدين والشرع بالعكس فديننا يحث على تقليد ما ينفع مثل اكتساب العلوم. أحمد: والناس المحتفلون؟ وما الذي يفعله المحتفلون؟! أمجد: عزيزي ما يجري في صلب دراستنا، ألا ترى تزايد أعداد الناس الذين يقيمون احتفالات رأس السنة الميلادية وبملاحظة بسيطة نرى أنه أصبح سلوك اجتماعي تمارسه شريحة من الناس في المجتمع المسلم وبصورة مخجلة ﻻ تعكس إسلامه وما له من التأثير السلبي على المجتمع، بحيث يصبح عيد رأس السنة هو العيد الذي ننتظره بدل أعيادنا، وأنت تعلم ما لهذا من تأثيرات على العقيدة والنفس، خاصة أن هناك شريحة تعتبره من مظاهر التطور... فأي مشكلة جرّها لنا هذا اﻻحتفال؟ فهز أحمد رأسه رافضاً: انتظر، انتظر... من قال إنها أصبحت ظاهرة أو مشكلة؟! ها أنت منعتني من عمل الاحتفال، وهناك أناس كثيرون ﻻ يحتفلون به، فلا تقس أولئك بهؤﻻء... فتبسم أمجد وقال: ليست المسألة عددية... ألا تتذكر عندما شرحها أستاذ كامل حينما قال: إن الباحثين يعرّفون الظاهرة بأنها فعل اجتماعي يمارسه جموع من البشر يتعرضون له أو يعانون منه أو من نتائجه. ويا صديقي حينما "تكون الظاهرة ذات بعد سلبي فهي مشكلة اجتماعية" وضع أحمد يده على رأسه وقال: نعم هذه المحاضرة كنت مريضاً ولم أفهم منها شيئاً، فقلت لما نرجع تشرحها لي في الطريق... أكمل يا صديقي! قال أمجد: الحمد لله لقد أخفتني عليك كثيراً ،خصوصاً وأن والدتك أوصتني عليك أنك آخر العنقود! قالها وأردف مكملاً كلامه ولم يدع لصديقه مجالاً ليرد: نعم، فهي مشكلة اجتماعية تطال الكل أم ﻻ؟! أنت أجبني... ألا تجد أنها أصبحت مشكلة في مجتمعنا المسلم... لقد انقسمت العائلة الواحدة (لا أقول بسبب هذه الظاهرة فقط، ولكنها مجموعة ظواهر تعمل على هدم المجتمع ونحن غافلون) لذا ترى البعض ابتعد عن أهله وأرحامه بحجة أنهم ﻻ يشاطرونه رأيه... أحمد: ها أنت رجعت للحديث عن الدين! أمجد: مطلقاً أنا أتكلم من منطلق العقل والأخلاق، فهما يرشدان الإنسان إلى ما فيه صلاحه الحقيقي، هل تعتقد أن ما يفعله البعض لا يؤثر فينا؟ أحمد: ولكننا سوف نجتمع ونمرح ونروّح عن أنفسنا ولا نثير مشاكل! أمجد: ليس المقصود من قولي: أصبحت مشكلة، أننا سوف نثير مشاكل ولكن "لها آثار سلبية من شأنها أن تؤثر بالآخرين، والسبب هو وجود خلل في بعض مجالات الحياة أو كلها" ونحن كشباب مالم ندرك الآثار السلبية التي تخلّفها مثل هكذا تجمعات، فإننا لن نستطيع تحديد أنها حقاً مشكلة لسبب بسيط: أن الإسلام لم يحرم التجمّع بصورة مطلقة، بالعكس فهو يحث على التجمع والتآلف والمحبة، بدليل العبادات الجماعية، سواء الواجبات كالحج، أو المستحبات كالزيارة والجماعة والمشاركة في قراءة الأدعية وغيرها. هنا يكون الاقتباس والتقليد الواعي، فيمكننا عمل جلسة سمر يتخلله قراءة أدعية وأعمال مستحبة أكثر من أن تحصى، فأكون احتفلت بقدوم سنة ميلادية وودعت سنة مضت، وأنا في رحاب رحمة الله تحف بي الملائكة ويحفظني الرحمن، وجميعنا يدرك هذا الكلام -إلا أن هوى النفس وشهوتها تصور للإنسان أن راحته وفرحته تكون في الصخب والتحلل من الآداب والأخلاق- فيمكنني بهذه الصورة أن أقول: إننا قلّدنا، ولكنه تقليد واعٍ وبتدبر في حياتنا... وﻻحظ أمجد تأثّر صديقه بكلامه فأردف قائلاً: ألا ترى يا صديقي أننا ننزع فطرتنا شيئاً فشيئاً، تلك التي فطرنا الله عليها ولن نستطيع أنا وأنت فقط أن نغير شيئاً ما لم يدرك الجميع فداحة هذا الأمر. علينا العمل على هذه المسألة بعد عودتنا للقسم الداخلي، والله يعيننا بقدر نيتنا للتغيير نحو الأفضل والسير على طريق واضح المعالم. فقال أحمد وهو يستشعر كلام صديقه: صدقت، وأنا آسف على كلمتي التي قلتها... فقاطعه أمجد مازحاً وضاحكاً: لا أتذكر أي كلمة وهل تتجرأ! الآن ماذا قررت أن تفعل بمصروفك؟ قال أحمد: سأشتري لأمي باقة ورد، أتذكر أبي عندما كان يجلب لها هدية تقول له: لا تكلّفْ حالك، باقة ورد تكفيني، فأمي تحب هديتها أن تكون باقة ورد، حقاً علينا النظر والاقتباس والأخذ من الآخرين ولكن بما يناسبنا، كلامك يا صديقي وضّح لي الأمر بصورة جلية. على العموم أنت عبقري لأنك صديقي وليس العكس، هيا ادفع حساب الشاي... أمجد يقوم قبل صديقه: أنسيت أنني بخيل؟! أنت ادفع مما تبقى من مصروفك... (يتضاحكان...) خرج أحمد وهو يقول: أنت صديق بحق، الشكر لله على ما أعطاني، العيد سيكون روحانياً هذا العام، مع باقة الورد، أمي ستفرح بها وبابنها الحبيب، وأنت ماذا ستفعل؟ أمجد: أمي تحب أن تقرأ زيارة المعصوم معي، سوف نجلس سوية مع العائلة ونزور في البيت، الوقت ﻻ يسع للسفر للأماكن المقدسة... قال أحمد مازحاً: ألم أقل لك إنك بخيل... وافترقا ليركبا السيارة وهما يضحكان علوية أم مهدي

اخرى
منذ 5 سنوات
2218

البُرعُمُ الزكيّ

بقلم: دعاء الربيعي من بينِ ضحايا كربلاء والعطاشى والسبايا كانت هُناك شفاهٌ ذابلات، ودماءٌ سائلات من نحرٍ صغيرٍ، أعياهُ العطشُ وأنهكتْ بدنَه حرارةُ الشمس، تلقّفَتْه الأيادي الملائكية بعدَ أنْ نبتَ السهمُ اللعينُ في وسطِ نحرِه الصغيرِ، ذاكَ النحرُ الذي لطالَما قبّلَه الإمامُ الحُسينُ (عليه السلام) واستنشقَ عبيرَ عطرِه، لقد حظيَ هذا المولودُ بمكانةٍ خاصّةٍ في قلبِ أبيه، وكيفَ لا يكونُ كذلك وهو أصغرُ الأقمارِ التي أفلَ ضوؤها في كربلاء؛ فقد كانَ نحرُه الصغيرُ هو آخِر قرابينِ العشقِ الإلهي التي قدّمَها الحُسينُ (عليه السلام) يومَ العاشرِ من المُحرّمِ، وبرهنتْ دماؤه الزكيّةُ على بُطلانِ شرعيةِ الحكومةِ الأُمويّة، وساهمتْ في إسقاطِ عرشِ يزيدَ وفسادِ سلطتِه الدموية، وإزالةِ حُكمِه الذي شُيّدَ على الباطل، وثبتتْ دعائمَه على نُكرانِ الفضائلِ لآلِ الرسولِ (صلى الله عليه وآله) الأصائل. لقد أرادَ الإمامُ الحُسينُ (عليه السلام) أنْ يوصلَ رسالةً هادفةً ذات مضامينِ عالية في الدقةِ مُستعينًا بهذا الشهيد الصغير وبدمِه الطاهر الذي شاءت إرادةُ الباري أنْ لا يُلامسَ الأرضَ لقداستِه وعظمتِه وأخذته السماءُ؛ ليكونَ شاهدًا ودليلًا على طُغيانِ بني أميّة إلى يومِ إحقاقِ الحق، فبريقُ الظمأ في عينِ ذاك الصغير وبراءتُه الذابلةُ التي لا تقوى على البُكاءِ أو التعبيرِ عمّا يجولُ في خاطرِها، وكفّاه الصغيرتان اللتان عجزتا عن ردِّ سهمِ المنيةِ عن عُنُقِهِ، وقلب أُمّهِ الذي تفطّرَ حُرقةً وأسىً على مولودٍ كالقمر، ماهي إلا أدواتٌ وأسلحةٌ فتّاكةٌ حملَها الرضيعُ ليُحارِبَ بها أعداءَ الباطلِ، وليُثبتَ للعالمِ أجمع أنّ الوقوفَ إلى جانبِ داعيةِ الحقِّ ونُصرتِه لا يتوقفُ عندَ حدٍ ولا ينتهي إلى أمدٍ ولا يختصُّ بفردٍ دونَ آخر، بل هو واجبٌ حتميٌ على كُلِّ من اتسمَ بالإنسانيةِ ودانَ بالوحدانية. فسلامٌ على ذلك النجمِ الصغيرِ اللامعِ الذي لا زالَ بريقُه يُنيرُ الدربَ لأحرارِ العالمِ أجمع.

اخرى
منذ 3 سنوات
130

أختي الزينبية: حجابُكِ تجسيدٌ لولائكِ (الحجاب الباطني)

ثانياً: الحجاب الباطني : وهو حجابٌ لا يقتصر على النساء فقط بل يشمل الرجال أيضاً، والمقصود به: ما يحجب الانسان عن الرذيلة والفساد وعن كل ما من شأنه أن يغضب الله (تعالى) ويسخطه، ويتمثل بالعفة والحشمة وغض البصر، وعدم الرضوخ للشهوات المحرمة والانجرار وراء الملذات الممنوعة.. ولذا أختي الفاضلة فإن الحجاب لا يتم إلا بحجب قلبكِ عن الوقوع في العشق المحرم ونفسكِ عن الشهوة المحرمة والعياذ بالله، ومن أهم أبوابهما العين والأذن، فاجتهدي أختاه في غض البصر وحجبه عمَا حرَم الله (تعالى) فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام): النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها لله عز وجل لا لغيره أعقبه الله إيمانا يجد طعمه (1). ولذا فقد نهى الله (تعالى) عنه قائلاً في خطابه إلى نبيه (صلى الله عليه وآله): قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ (2) وحاولي أختي المؤمنة أن تُحجِّبي سمعك هو الآخر فلا تسترقي السمع إلى ما لا يعنيكِ شأنه؛ فقد قيل قديماً أن الأذن لتعشق قبل العين أحياناً. وركزي جهدكِ طيلة مسيركِ على المصائب التي حلَت في واقعة الطف المفجعة واستذكري مصارع الكرام المؤلمة، واستحضري مواساة سيدة النساء وابنتها العقيلة عليهما السلام والنسوة الطاهرات فإن من شغلت ذهنها بهذا الأمر العظيم لا ترى ما يصادفها من مغريات إلا أمراً تافهاً وحقيراً فتترفع عنه بيسرٍ وسهولة. وقد يتحجج بعض الشباب والشابات بصعوبة غض البصر وبالتالي عدم تحقيق الحجاب الباطني لكثرة المغريات وشدتها التي تتزامن مع فوران الشهوة لديهم وثورتها، ولا ننكر صعوبة الأمر لاسيما في التجمعات التي يكثر فيها الاختلاط كالمعاهد والجامعات ولكن مع ذلك فإن الأمر ليس مستحيلاً إذا ما جُعِلَ زمام القيادة بيد العقل وكانت النفس منقادة إليه تأتمر بأوامره وتنتهي عن نواهيه. كما إن الله (تعالى) قد احتج على كل من الرجال والنساء، فأما الرجال فقد احتج عليهم ببطل الورع والتقوى والطهارة النبي يوسف (عليه السلام) الذي كان شابّاً كباقي الشباب يحمل جميع الأحاسيس والغرائز في هذه المرحلة العمرية ولكنه عقَلَها بقوة العقل والتقوى والايمان، فصمد أمام نسوة مصر وإغرائهن لاسيما امرأة العزيز التي اجتهدت في اغرائه وتهيأة كل الظروف المناسبة لما كانت تخطط له . وأما النساء فقد احتج عليهن بالسيدة الطاهرة مريم العذراء (عليها السلام) إذ عاشت طاهرة مطهرة نقية الجيب، حتى كان يضرب بها المثل بين الناس في العفة والتقوى. وقد نسمع من بعض الفتيات المؤمنات اليوم أنهن لا يأبهن أي خطر على عرضهن طالما كُنَّ على ثقةٍ من ورعهن وعفتهن، وهذا خطأ كبير فالقرآن الكريم عندما نقل إلينا طريقة تعاطي سيدة العفاف مريم (عليها السلام) مع المَلَك الذي دخل عليها في خلوتها على هيأة رجل جميل لم تكن على هذا النحو... نعم، هي لم تضعف عند دخوله في محل خلوتها لأنها كانت مطمئنة إلى عفتها وورعها ولكنها في الوقت نفسه داخلها الرعب والاضطراب لأنها تجهل الشخص الذي أمامها كما تجهل نيته، فالتجأت الى الله (تعالى) مباشرةً وقالت: إِنّي أعوذ بالرحمن منك إِن كنت تقياً (3) فذكرت اسم الرحمن الدال على شمول رحمته وعمومها لجميع خلقه ترغيباً لهذا الرجل في التقوى وليرتدع إِن كانت له نيّة سيئة في ارتكاب المعصية، ولم تهدأ حتى علمت بأنه رسول ربها إليها. ولعل هذا المعنى المقصود من الجبن المحبب في المرأة. أختي الكريمة كما أن غض البصر وحجب السمع عمّا حرم الله (تعالى) من أهم سبل الحفاظ على الحجاب الباطني فإن بعض المقدمات التي قد لا ترين فيها إشكالاً قد تكون من الأبواب المؤدية الى المحرمات، كالحديث البريء بين الجنسين والذي لا تشوبه شائبة محرمة أو نيَة فاسدة ولم يكن في خلوة إلا أنه بالرغم من ذلك قد يشكل مقدمةً لارتياح كل منهما للآخر، والذي ربما يمثل مدخلاً من مداخل الوقوع في المحرمات والعياذ بالله ولو بصورة تدريجية.. وليست المحادثات التي تتم بين الجنسين عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأقل شراً من ذلك الحديث المباشر بينهما فإنها قد تجر المرء رويداً رويداً نحو الحرام والعياذ بالله خصوصا وإن الشيطان الذي لا يتمكن من إيقاع المؤمن والمؤمنة مباشرةً في المحرمات فإنه يبذل كل ما في وسعه لتحقيق ذلك ولو بخطواتٍ صغيرة تلو خطوات، ولذا حاولي أختي المصونة الابتعاد عن كل ذلك والاقتصار فقط على ما هو ضروري جداً منها كما لو كان الحديث لأجل التعلم او العمل مثلاً ... مما تقدم تبين جلياً أن من أهم مقدمات تحصيل الحجاب الباطني وصونه ، هو غض البصر وحجب السمع إضافةً إلى تجنب الوقوع في بعض المقدمات وإن كانت مباحة التي قد تؤدي إلى هتكه.. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1)ميزان الحكمة ج10 ص383 (2)النور 30و31 (3)مريم 18 رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
1506

التعليقات

يتصدر الان

لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع

يستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
69410

بين طيبة القلب وحماقة السلوك...

خلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
50353

الطلاق ليس نهاية المطاف

رحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
41065

لا تقاس العقول بالأعمار!

(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
34903

أساليب في التربية

عالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
32055

المرأة في فكر الإمام علي (عليه السلام)

بقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.

اخرى
منذ 5 سنوات
31630