تشغيل الوضع الليلي

شبهاتٌ عقائدية حول مذهب التشيع/ في النبوة(3) عصمة النبي في تطبيق الرسالة

منذ 5 سنوات عدد المشاهدات : 1926

اختلفت المذاهب الكلامية في العصمة في هذا المقام إلى خمسة أقوال:

الاول: مذهب أصحابنا الاِمامية: وهو أنّه لا يصدر عنهم الذنب لا صغيرة ولا كبيرة، لا عمداً ولا نسياناً، ولا يخطأ في التأويل، ولا للإسهاء من الله سبحانه.
ولم يخالف فيه إلاّ الصدوق، وشيخه محمد بن الحسن بن الوليد قدس سرهما، فإنّهما جوّزا الإسهاء من الله تعالى، لا السهو الذي يكون من الشيطان، وسيتم الرد عليه.


الثاني: قول أكثر المعتزلة: أنه [أي وقت العصمة] وقت النبوة، وأما قبله وهو أنّه لا يجوز عليهم الكبائر، ويجوز عليهم الصغائر، إلاّ الصغائر الخسيسة المنفّرة كسرقة حبة، أو لقمة، وكل ما ينسب فاعله إلى الدناءة والضّعة.

الثالث: قول أبي علي الجبائي: وهو أنّه لا يجوز أن يأتوا بصغيرة، ولا كبيرة على جهة العمد، لكن يجوز على جهة التأويل، أو السهو.

الرابع: قول النظام وجعفر بن مبشر ومن تبعهما: وهو أنّه لا يقع منهم الذنب إلاّ على جهة السهو والخطأ، لكنّهم مؤاخذون بما يقع منهم سهواً، وإن كان موضوعاً عن أُممهم لقوّة معرفتهم وعلو رتبتهم، وكثرة دلائلهم، وإنّهم يقدرون من التحفظ على ما لا يقدر عليه غيرهم.

الخامس: قول الحشوية، وكثير من أصحاب الحديث من العامّة: وهو أنّه يجوز عليهم الكبائر والصغائر، عمداً وسهواً وخطأً.

والصحيح أنّ النبي (صلى الله عليه وآله) يجب أن يكون منزهاً عن الخطأ في تطبيق الرسالة السماوية؛ لقيام الدليل العقلي والنقلي على ذلك، وهذا ما سيتم تناوله ضمن المطلبين التاليين.

المطلب الأول: الدليل العقلي على عصمة النبي في تطبيق الرسالة
1-لو لم يكن النبي معصوماً في تطبيق الرسالة للزم نفور الناس من حوله وعدم الوثوق به وبتعاليمه.
والتالي باطل فالمقدم مثله في البطلان.
بيان الملازمة:
إنّ الغاية من بعثة الأنبياء هي هداية العباد، وهذه الغاية لا تتحقق إلاّ بوثوق الناس والتفافهم حول النبي وتصديقهم بقوله، لكنهم متى ما شاهدوا نبياً يسهو في تطبيق الشريعة التي أمرهم بها، أو يخطأ في اموره الفردية والاجتماعية فإنّ ذلك سيخرم وثاقته تجاههم ويبدلونها شكا، فيأخذون يتساءلون:
هل أنّ التكاليف التي يأمرنا به النبي هل هي حقاً إلهية؟ أم أنّ النبي اشتبه في أمرهم بها ؟
وهل أنّ النبي خيّل إليه أنّه جاءه الوحي أم حقاً نزل عليه وأخبره بتلك التكاليف؟
إذاً مثلما النبي (صلى الله عليه وآله) معصوم في تلقي الرسالة فهو معصوم في تطبيقها، والملازمة أعلاه كفيلة ببيان ذلك.

"ولابد من الإشارة إلى أنّ عقول الناضجين في الأبحاث الكلامية قادرة على التفكيك بين (عصمة النبي في تلقي الوحي) وبين (عصمة النبي في الامور الاخرى)، أمّا عامة الناس والهمج الرعاع فهم غير قادرون على التفكيك فيجعلون السهو في أحد المقامات (تطبيق الرسالة) طريقاً إلى السهو في المقامات الاخرى (تلقي الرسالة)- ولسد هذا الباب لابد من القول بتنزيه النبي في كافة المراحل"(1).

2- لو لم يكن النبي معصوماً في تطبيق الرسالة لجاز تعديه على أحكام الله تعالى، والمتعدي لذلك ظالم.
والتالي باطل فالمقدم مثله في البطلان.
بيان الملازمة:
لو أخطأ أو نسى أو اشتبه النبي (صلى الله عليه وآله) في احدى عباداته أو معاملاته كما لو اشتبه في حكم الربا وعمل به فقد تعدى الحكم الواقعي المفترض من قبل الله تعالى، وبذلك يكون قد ظلمَ نفسه –بعصيانه لحكم خالقه- استناداً للآية الكريمة: {وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَه}(2).

3- لو لم يكن النبي معصوماً في تطبيق الرسالة للزم أن يُحتمل الكذب في كلامه.
والتالي باطل فالمقدم مثله في البطلان.
بيان الملازمة:
لو أخطأ النبي في ركعات الصلاة مثلاً وصلاها ركعتان وأخبر قومه بأنّها أربع ركعات لجاز عليه احتمال عدم الوثوق بقوله وعدالته، عندئذٍ يكون بحكم من يجب التحري من كلامه؛ بدلالة الآية الكريمة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا}(3).

4- لو لم يكن النبي معصوماً في تطبيق الرسالة لكان ذلك تغريراً بالوقع بالمعصية، إذ يجب الاقتداء به استناداً للآية الكريمة: {لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة}(4).
والتالي باطل فالمقدم مثله في البطلان.
بيان الملازمة:
لو أخطأ النبي في بيان حكم الحج مثلاً لوجب على المسلمين العمل بخطئه على أنّه سنّة نبوية.

5- لو لم يكن النبي معصوماً في تطبيق الرسالة للزم تكذيب الله تعالى حينما يأمر رسوله بالقول: { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُم}(5)، والتالي باطل فالمقدم مثله في البطلان.
بيان الملازمة: لو أخطأ النبي في حكم وجوب الصوم مثلاً وقال: إنّ الصوم عشرة أيام، فمن يتبعه كيف يكون محبوباً عند الله تعالى وهو قد ترك أداء العبادة الصحيحة ! فيلزم كذب الآية الكريمة، وحاشا الله سبحانه.
المطلب الثاني: الدليل النقلي على عصمة النبي في تطبيق الرسالة
الفرع الأول: الدليل القرآني
قال تعالى: { إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ ۚ وَلَا تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيما}(6).
فعلى النبي (صلى الله عليه وآله) أن يحكم بما أراه الله تعالى حينما أخبره الوحي، والحكم هو تطبيق للشريعة فوجب أن يكون حكمه مطابقاً لما أراه الله ايّاه، وإلاّ عد خائنا.

الفرع الثاني: الدليل الروائي وآراء العلماء.
أولاً: الدليل الروائي من كتب الشيعة
١-روي الشيخ الطوسي (قدس سره) "أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما سجد سجدتي سهو قط"(7).

٢-قال المحقق الطوسي (قدس سره):
"يجب في النبي العصمة والذكاء والفطنة وقوة الرأي وعدم السهو وكل ما ينفّر عنه"(8).

3- قال الفاضل المقداد السيوري (قدس سره):
" وأصحابنا حكموا بعصمتهم مطلقاً قبل النبوة وبعدها عن الصغائر والكبائر عمداً وسهواً، بل وعن السهو مطلقاً، ولو في القسم الرابع، ونقصد به الافعال المتعلّقة بأحوال معاشهم في الدنيا مما ليس دينياً"(9).

نعم/ توجد هناك روايات مروية عن زرارة تثبت السهو للنبي في صلاته قال بها الشيخ الصدوق موافقاً بها استاذه ابن الوليد أوضحت: أنّ أدنى درجات الغلو عدم القول بسهو النبي.
ولكن يمكن القول بأن الروايات القائلة بسهو النبي محمولة على التقية مجاراةً لأبناء العامة، أو يكون مقصود أصحاب تلك النظرية -الشاذة عن اجماع علماء الشيعة- هو إمكان وقوع الإسهاء من الله تعالى على نبيّه، وليس السهو الناتج من غلبة الشيطان على العقل.
علماً أنّ علمائنا ردّوا برسائل وكتب عديدة في نفي السهو عن النبي(10).

وأما الرأي الغالب والمشهور هو ما أجمع عليه الإمامية هو القول بعدم جواز السهو على النبي؛ للأدلة التالية:
1- لمخالفتها للأدلة العقلية النافية للسهو.
2- لمخالفتها لأخبار واجماع الإمامية برواياتهم الدالة على مصونية الأنبياء.


ثانياً: الدليل الروائي من كتب أبناء العامة وأقوال بعض علمائهم.
١-قال إمامهم مسلم في صحيحه: "عن ‏ ‏علقمة ‏، ‏قال : قال عبد الله ‏: ‏صلى رسول الله ‏ (ص[صلى الله عليه وآله]) ‏، ‏قال إبراهيم ‏: ‏زاد أو نقص ‏ ‏فلما سلم ، قيل له : يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء ، قال : وما ذاك ، قالوا : صليت كذا وكذا ، قال : فثنى رجليه واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم ثم أقبل علينا بوجهه ، فقال : ‏إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر ‏ ‏أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني وإذا شك أحدكم في صلاته ‏ ‏فليتحر ‏ ‏الصواب فليتم عليه ، ثم ليسجد سجدتين"(11).
فالرواية أعلاه تؤكد سهو النبي (صلى الله عليه وآله) في تطبيق أحد الشرائع السماوية، وهي الصلاة.

٢- قال ابن حنبل في مسنده: "عن عبد الله ‏، ‏قال : ‏صلى رسول الله ‏(ص[صلى الله عليه وآله]) ‏ ‏صلاة فلا أدري زاد أم نقص فلما سلم ، قيل له : يا رسول الله : هل حدث في الصلاة شيء ، قال : لا وما ذاك ، قالوا : صليت كذا وكذا ، قال : فثنى رجليه فسجد سجدتي السهو فلما سلم ، قال : ‏إنما أنا بشر أنسى كما تنسون وإذا شك أحدكم في الصلاة ‏ ‏فليتحر ‏ ‏الصلاة فإذا سلم فليسجد سجدتين"(12).
فالعبارة واحدة في الروايتين، وقد تبيّن بطلان قولها عقلاً ونقلاً في المطلب الأول.
3- قال ابن تيمية شيخ الوهابية: "القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر هو قول أكثر علماء ‏الإسلام وجميع الطوائف، حتى إنه قول أكثر أهل الكلام، كما ذكر أبو الحسن الآمدي ‏أن هذا قول الأشعرية، وهو أيضا قول أكثر أهل التفسير والحديث والفقهاء، بل لم ينقل ‏عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول. والدليل على ‏وقوع الصغائر منهم مع عدم إقرارهم عليها:‏ ... وهذا نبينا محمد صلى الله عليه[وآله] وسلم يعاتبه ربه سبحانه وتعالى في أمور كثيرة ‏ذكرت في القرآن، منها قوله تعالى (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي ‏مرضات أزواجك والله غفور رحيم) [التحريم : 1] وكذا عاتبه في الأسرى، وفي خبر ‏ابن أم مكتوم"(13).‏

مــلاحظة:
قد استدل القوم بتبريراتٍ واهية لإثبات صدور الصغائر –بسبب السهو والخطأ والنسيان- من النبي (صلى الله عليه وآله), منها:
1- قالوا: للتأسي بالنبي عند الوقوع في المعصية بالإسراع في التوبة، وعدم التسويف.
ويُــرد عليهم:
يجب علينا أن نقع في نفس المعصية التي ارتكبها النبي ثم نتوب حتى يكون تأسينا به مطلقاً – فعلاً وتوبةً-، وإلاّ لا مرجح لجهة التأسي بالتوبة دون التأسي بالوقوع في المعصية.
2- قالوا: ليعرف الناس الفرق بين الإله والنبي، فلا يفضي بالناس الغلو بتعظيم أنبيائهم وعبادتهم مع الله تعالى.
ويُــرد عليهم:
كفى بالفارق بين الإله والنبي هو أنّ النبي مخلوق محتاج يجوع ويعرى ويمرَض وينكح ويموت ويفنى, وجميع تلك الصفات لا سبيل لانطباقها على الإله، فلماذا اقتصرتم على بيان الفارق بوجوب صدور المعصية من النبي !
نعم- مَن لم يدرك عقله عدم الملازمة بين العصمة والالوهية فذلك لخلل في عقله وتزلزل في عقيدته، وعدم العلم بالدليل ليس علماً بالعدم.
فتأملوا.
_____________________
(1) ظ: محاضرات في الإلهيات: للشيخ السبحاني، 289.
(2) الطلاق: 1.
(3) الحجرات: 6.
(4) الأحزاب: 21.
(5) آل عمران: 31.
(6) النساء 105.
(7) التهذيب: للشيخ الطوسي، ج2، ص180.
(8) كشف المراد في شرح تجريد الإعتقاد: للشيخ الطوسي،ص349.
(9) ارشاد الطالبين إلى نهج المسترشدين: للفاضل السيّوري، 304.
(10) راجع التنبيه بالمعلوم من البرهان على تنزيه المعصوم عن السهو والنسيان، رسالة الشيخ المفيد في نفي السهو عن النبي، بحار الأنوار: ج17، حق اليقين: ج1، ومصابيح الأنوار: ج2.
(11) صحيح مسلم: مسلم بن الحجاج، كتاب المساجد ومواضع الصلاة - باب السهو في الصلاة السجود له، 572.
(12) مسند أحمد بن حنبل: لأحمد بن حنبل، مسند المكثرين من الصحابة - مسند عبد الله بن مسعود (ر)،3591.
(13) مجموع فتاوى ابن تيمية: لابن تيمية، ج4،ص 319.


اللهم صلِّ على سيدنا محمد صلاة تخرجنا بها من ظلمات الوهم، وتكرمنا بها بنور الفهم، وتوضح لنا الشكل حتى نفهم، إنّك أنت الأعز الأجل الأعلم، وعلى آله الطاهرين وسلم.

علوية الحسيني

اخترنا لكم

الدلال وأثره السلبي على شخصية الطفل

بقلم: قاسم المشرفاوي إن حب الوالدين لأبنائهم من الأمور الفطرية التي أودعها الله تعالى فيهم، والتي تعبر عن الطبيعة الإنسانية السوية، وكلامنا في هذا المقال عن الحب المفرط للأبناء والذي يسمى الدلال وهو توفير كل رغبات وطلبات الأطفال مهما كان حجمها وصعوبتها وعدم رفض أي طلب من طلباتهم مهما كانت كمّ الإحراج الذي يقع فيها الوالدان، وهذا ما يسبّب أثرًا سلبيًا في شخصية الطفل عاجلًا أو آجلًا... ويقع كثير من الآباء والأُمهات في خطأ كبير وهو تدليل أبنائهم بشكل يؤدي إلى تمرد الأبناء حيث يصل الحال بهم إلى عدم احترام آبائهم وأُمهاتهم. وهنا يجب أن نميز بين الحب المتزن والحب المفرط الذي يدمّر شخصية الطفل ويحوله إلى شخص فاشل في المجتمع، لا يحب إلّا نفسه ولا يفكر إلّا بنزواته ورغباته وأهوائه ومصالحه، وممكن أن نقول: أن الحب للأبناء يقتضي توفير احتياجاتهم باتزان، فالطفل يحتاج أن نقول له كلمة (لا) مثلما يحتاج أن نقول له (نعم)، فهو يحتاج إلى حاجات مادية ونفسية باتزان، فالتوازن في العطاء يجعل شخصية الطفل قوية ومستقرة نفسيًا وعاطفيًا. فحاجات الطفل تختلف باختلاف المرحلة العمرية، فالطفل في عامه الأول يختلف عن طفل الأربع سنوات أو العشر سنوات، فالطفل في عامه الأول يحتاج أن نفهم بكاءه ونفهم نظراته وكل سكناته، فهو لا يجيد سوى البكاء للتعبير عن احتياجاته وطلباته، لذلك يجب علينا أن نعرف اختلاف المراحل العمرية واحتياجاتها. فإذا بدأ يحبو نتركه ليشتد ويقوى عوده، ونقدم له المساعدة حسب حاجته لذلك، ليتمكن من الاعتماد على نفسه ويبدأ بفهم قدراته، فكثرة حمل الطفل تمنعه من النمو نفسيًا وعضليًا، فيجب على الأهل فهم متطلبات المرحلة بشكل دقيق حتى يكونوا قادرين على التعامل مع مختلف الحالات. بعد عمر السنتين يحاول الطفل إثبات ذاته والاعتماد على نفسه، لذلك يجب أن نترك له المجال في تجربة الأشياء واكتشاف قدراته وإمكانياته، مع تقديم المساعدة بمقدار احتياجه فقط. ربما يسأل البعض ويقول: كيف نستطيع أن نعرف مقدرة الطفل على عمل الأشياء؟ -إن المدار في ذلك هو قدرة الطفل في فعل شيء ما، فإذا كان يستطيع أن يلبس حذاءه أو يغسل يديه فلا نتدخل هنا بل نتركه يقوم بعمل هذه الأشياء وحده، لأننا لو فعلنا كل الأشياء نيابة عنه فإننا نقوم بقتل قدراته وإمكانياته والقضاء على قوة شخصيته في مهدها، فالطفل يعتاد علينا إذا كنّا نفعل الأشياء نيابة عنه، فالواجب علينا إذًا أن نفسح له المجال للاعتماد على نفسه وأن نقدم له المساعدة وقت الحاجة إذا شعرنا أنه بحاجة إليها، فمن سلبيات الدلال قتل قدرة الطفل لأنه سيشعر بأنه غير قادر على فعل الأشياء لوحده وهو غير مؤهل لثقة أهله. تصبح شخصية الطفل ضعيفة وخاوية وغير مسؤولة لأنه اعتاد الحصول على الأشياء بسهولة وبدون جهد... يصبح طفلًا اتكاليًا والسبب أن الوالدين يقومان بالعمل نيابة عنه... يصبح طفلًا انانيًا لا يفكر إلّا بنفسه، والسبب هو شعوره باستحقاق ما يطلبه وما يرغب به من أهله ويجب عليهم تنفيذ طلباته... يكون طفلًا ذا شخصية ضعيفة انسحابية فهو لا يواجه أي فشل أو إحباط فلا يمكنه أن ينجح بعد الفشل، والسبب أن أهله كانوا يحلون كل مشاكله ولم يعلموه كيف يحل مشاكله ويواجهها... فالطفل المدلل تعلّم الحصول على كل شيء دون أن يبذل أدنى مجهود، لذلك فعندما يبدأ بمواجهة الحياه الحقيقية مع المجتمع بدون وجود والديه فإنه سينهار في أبسط تحدي من تحديات الحياة وربما أدى ذلك به إلى الانزواء والاكتئاب ويلجأ إلى الابتعاد عن المجتمع للتخلص من معاناته وشعوره بالقلق والتوتر. لذلك يجب علينا كآباء وأمهات أن نعطي باتزان، ونحب بإنصاف دون المبالغة والإفراط، فالحب ليس بإعطاء المال بكثرة وتوفير كل الطلبات، وإنما الحب هو بناء شخصية الطفل بشكل سليم يتناسب مع متطلبات الحياة وضرورتها، فالعطاء الذي يدمر شخصية الطفل هو ليس حبًّا وإنما هلاك سندركه عندما يغرق أبناؤنا في سلبيات الدلال، لذلك يجب أن نكون حذرين في سلوكياتنا مع أبنائنا فكل شيء محسوب علينا، والله ولي التوفيق.

اخرى
منذ 5 سنوات
789

رسالة غديرية (تجنبِ الطاغوتَ الذي في داخلِك لتنجو)

بقلم: فاطمة الركابي قال (تعالى): {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}[البقرة:256]. إنَّ أساس تعامل النظام الديني مع الإنسان هو وفقَ مبدأ أن لا يُجبر على أيِّ اختيار، ويبقى مسؤولًا وحرًا في اتخاذِ أيِّ قرار، فإنْ كان من أهلِ الرشد باتباع ما تُمليه عليه فطرته فهو سيسلمُ وينجو، أما إن اختار الغيّ فسيهلك. وحبلُ الثبات للبقاء في منطقةِ الأمان والاستقامة بالكفر والبراءة من الطاغوت، والإيمان والدخول في ولاية الله (تعالى) هو "التمسك بالعروة الوثقى" التي لا يُمكنُ أنْ تنقسمَ أو تزول؛ لأنّها مُرتبطةٌ بربِّ السماء، ونور رسالته، كما ورد عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: "... معاشر الناس! من أحبَّ أنْ يتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصامَ لها فليتمسكْ بولاية علي بن أبي طالب، فولايتُه ولايتي، وطاعتُه طاعتي. معاشرَ الناس! من أحبَّ أنْ يعرفَ الحُجةَ بعدي فليعرفْ عليَّ بن أبي طالب. معاشر الناس! من سرَّه ليقتديَ بي، فعليه أنْ يتوالى ولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ذريتي، فإنّهم خُزّانُ علمي"(1). وبعد رحيل النبي (صلى الله عليه وآله) للرفيق الأعلى، كان يستوجبُ وجود من يخلُفه في الأرض، إذ فُطِرَتِ البشريةُ منذ أول خلقتها على أنَّها تحتاجُ لقائد، والله (تعالى) لم يُخلها يومًا من القيادةِ الحقّة، المعصومة، التي يمثلها الإنسانَ الكامل؛ لتهديها وتأخذ بأيدي من ينقاد إليها لصراطه المستقيم. وفي قوله (تعالى): {وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى الله لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ}[الزمر:١٧]، إشارةً لفعلين بهما يبلغُ العبدُ الخيارَ الصحيح هما (التجنب) و(الإنابة). إذ يُمكنُ أنْ نفهمَ من (التجنب) هو الابتعاد عن الشيء، وركنُه جانبًا، وقوله (أَن يَعْبُدُوهَا) - كما يبدو- أنَّ مفهوم (العبادة) هُنا عامٌ، أي يشملُ خدمةَ الطواغيتِ، دعمهم، تأييدهم، العمل معهم، الإصغاء والسكوت على فسادهم (كما ورد من أصغى إلى ناطقٍ فقد عبده)، فهذا اقترابٌ وليس ابتعادًا (اجتناب)، فهو سيكون ممن يحملُ روحيةَ الطغاة، وجزءًا من مشروعهم الظلامي المفسد، وتحقيقُ الاجتناب يكونُ عبر الفعل الثاني. إذ التجنب -كما تُبيّن الآية- يتطلبُ (الإنابة)، أي الرجوع لله (تعالى) في كُلِّ قولٍ وسلوكٍ، فالدخولُ بولايةِ الله (تعالى) والتقرُّبُ من أهلِ الحقِّ، وخدمةُ المشروع الإلهي، وفضحُ حقيقةِ منهجِ الطاغوت، وتبيين مساوئه، كُلُّها تُحقِّقُ مفهومَ التجنبِ في النفس، وتُحقِّقُ العبودية لله (تعالى)، وتقتلُ بذورَ الطغيان فيها. لذا في الآيةِ التي تليها نقرأ قوله (تعالى): {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ الله وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ}[الزمر:18]، فأهلُ التعقلِ المهديون لن تنطلي عليهم أفكارَ وأساليبَ الطواغيت، بل هم من أهل الوعي وحُسنِ الاستماعِ والتمييز. فالخطورةُ بدءًا ليست في القياداتِ الظالمة، والطغاة، بل في أفرادِ المجتمعات المُلتفّة حولَ هؤلاءِ الطغاة، فهم قد خرجوا من قانونِ العبودية لله (تعالى)، وممن فقدوا رشدهم، وآثَروا مصالحهم الشخصية الدنيوية وزينة الحياة الدنيا ففرحوا بأضوائها، وعَموا عن رؤيةِ حقيقةِ خلوِّها من الأنوار التي لا يُمكِنُ تحصيلُها إلا باتباع أهلِ النور الإلهي، والمنهج للشريعة الإلهية التي أرسلت إليهم. فمن لم يُصغِ، أو أصغى لتبليغ النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يَستقِمْ على عهده في تولّي من ولَاهم عليه من بعدِه على امتدادِ تلك الأزمنة إلى خاتمِ الأئمة (عجل الله (تعالى) فرجه)، هو ممن لم يجتنبْ ذلك الطاغوت الذي في داخلِه، فطغى واستكبر عن طاعة أمرِ ربِّه ورسوله، فصعبٌ عليه الانقياد لولاةِ أمره، وقد اشترك في صناعةِ طاغوتِ زمانه، ولأنه ممن لم يتمسكْ بالعروةِ الوثقى سيكونُ بذلك مصيرُه الهلاكَ في الحياة الأخرى. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (١) غاية المرام: ٢٤٤.

اخرى
منذ 3 سنوات
213

عمائم شرف/ ح ٦ (الشيخ مصطفى الحلفي)

بقلم: غدير خم حميد عراق وفي الترب عطر انتصار *** برغم اللئام وجور الزمن عدوٌ أتاه فهبت الوفٌ *** تحامي وقامت بوجه المحن هو الحشد لبى لفتوى الجهاد *** فكانت دروب بهم تفتتن ومن حوزة العلم جاءت مئات *** تدافع عن ارض هذا الوطن عمائمُ شرفٍ تداوي الجراح *** وكانت لحزن البلاد سكن من عمائم الشرف المباركة التي ضحت في سبيل العراق وأهله ومقدساته الشهيد السعيد (الشيخ مصطفى فاروق مهدي الحلفي)، الشهيد ولد في صيف عام١٩٨٥م بتاريخ ٦-٦ في قضاء شط العرب -التنومة- في مدينة البصرة، كان منذ طفولته متميزًا بالخلق والوعي وذلك بفضل والديه المؤمنين الموالين الذَين سعيا الى تربيته تربية صالحة على منهج آل البيت (عليهم السلام)، درس الابتدائية والمتوسطة ثم التحق بإعدادية الصناعة التي بتخرجه منها انتهى مشواره الأكاديمي لينتقل إلى دراسة العلوم الدينية التي كان مولعًا بها منذ الصغر فقضى في صفوفها قرابة سبع سنوات، ولم تقتصر معارفه على التحصيل الأكاديمي أو الديني فقط بل كان واسع المعرفة محبًا للاطلاع على العلوم والثقافات المتنوعة... كان حسن الخلق متواضعًا محبًا للخير ساعيًا في اصلاح ذات البين ومساعدة المحتاجين، كما كان للجهاد والشهادة ولع خاص لديه، فسعى منذ صباه في إعداد نفسه ليكون مضحيًا مستعدًا لنصرة الدين والوطن، لذا وبمجرد انطلاق الفتوى المقدسة بالجهاد الكفائي التحق بصفوف المدافعين، فكان مقدامًا متقدمًا على غيره إذ كان رفاقه يخشون عليه لمدى المواقف الخطرة التي يقع فيها… شارك بتحرير العديد من المناطق منها: سامراء وبلد والفلوجة والرمادي، إذ تعرض في الأخيرة إلى إصابات عدة في جسده تاركة عليه العديد من الشظايا، لكنه وبحبه للجهاد وإبائه كان يعود الى ساحات القتال بمجرد شفاء جراحاته، قبيل موعد استشهاده بيوم كان وكأنه يحس باقتراب ما يتمناه طوال عمره فاتصل بأهله وأخذ يسلم عليهم واحدًا واحدًا ويودعهم، ويطلب منهم الدعاء، ويقول لهم أن لا يبكوا عليه إذا أتوا به شهيدًا، وفي اليوم التالي في منطقة الصقلاوية وأثناء المعركة، جاءتهم سيارة مفخخة يقودها انتحاري من الدواعش المجرمين، ففجر نفسه وسط مجاهدي الحشد الشعبي مخلفًا ستة من الشهداء كان الشيخ مصطفى من بينهم، فاستشهد يوم الجمعة ٣-٦-٢٠١٦م، فالسلام عليك يا مصطفى بما اصطفاك الله للجهاد والشهادة ودراسة علوم الدين، والسلام عليك يوم استشهدت ورحلت بثياب شهادتك الى ربك ورحمة الله تعالى وبركاته.

اخرى
منذ 4 سنوات
559

التعليقات

يتصدر الان

لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع

يستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
70211

بين طيبة القلب وحماقة السلوك...

خلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
51287

الطلاق ليس نهاية المطاف

رحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
41404

لا تقاس العقول بالأعمار!

(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
35869

المرأة في فكر الإمام علي (عليه السلام)

بقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.

اخرى
منذ 5 سنوات
32692

أساليب في التربية

عالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
32196