بقلم: كاردينيا ياس اليوم..انتَ تنظر الى التاريخ.... من وراء شاشة تلفازك... من وراء شاشة جهازك... فترى و تقرأ و تسمع... ما ينبئك ان ركب الحسين عليه السلام .. قافلة الحسين عليه السلام ... رسالة الحسين عليه السلام .... اهداف الحسين عليه السلام .... خرجت من مكة صوبَ كربلاء.. فَتُثار مشاعرك َ وقد تصب دموعك على وجنتيك... لكن... بالله عليك ، قل لي ..بعد هذا ماذا حصل؟ اوجدت نفسكَ معه سائرا ً بقلبك؟ ام لبثت َ حيث انت؟ قافلة طلب الاصلاح لم يزل..مسيرها...للآن.. و امام زمانك َ "عجّل الله تعالى فرجه" ...يرتقب الحركة منك لا مجرد الخطوة ! اَ تود ان تأنس بصحبة ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ اَ تود ان تتربى على يدي بطل العلقمي ؟ اَ تود ان تتعلم دروس الثبات من فخر المخدرات؟ الطريق امامك مشرعة...قم من فوركَ و ليقلها كلّك لا فقط لسانك : لبيكَ يا طالب الاصلاح.... وان وجدت نفسكَ لا تمنحك عزما لذلك ..بحجة انك لست مؤهلاً ... وانّى لكَ بنصرته ِ وانت َ تذنب و تستغفر باليوم مرات و مرات. لاتدعها تكمل ..قاطعها مستدركاً : انا اعلم اني لست مؤهلاً ، ولكن .. اِن مددت يدي لله و قلت له اصلحني لاكون مؤهلا ً لركب ناصر ِ دينكَ و مبلغ رسالاتك... هل ياترى سيتركني ..! ربي و الهي و سيدي و مولاي الذي انعم علي ّ وانا بذنوبي غارقٌ.. او َ يتركني وانا بساحةِ توبتهِ ام لايهديني الى رشدٍ اصل بهِ الى نقطة التقاءٍ بقافلة الحسين عليه السلام ؟
اخرىبقلم: كاردينيا ياس دع روحك تتسحر قبل أذان الفجر بطاعةٍ… كصلاةِ ركعتين بعشقٍ... وتزود فيها ومنها ما شئت... لِتمدك بالغذاء الروحي ما دمت صائمًا وقد يمتد أثره فيك إلى ما بعد إفطارك... بل وقد يمتد ذلك العمر كله... بحسب ما تضمنّ من روحانية وأمسك عن ما تراه قد ألفته وهو مباح... لتعوّد النفس على أن تكون لك طائعة... منقادة لا العكس.. إلى المغرب.. مع الإفطار خاطبها بلطف: إني أستطيع اِتيانكِ ما تريدين الآن بارتسام الخيط الأسود في السماء... لكني أُحب أن أراكِ تحلقين في السماء حرة... بغير أغلالٍ تسحبكِ إلى الارض... فَسَتُروّض بين جنبيك قوىً كنت تحسبها لا تخضع لك… لكن، بوضعك لِجام مناسب عليها... لن تفلت من بين يديكَ تلكَ التي... أهواؤها جامحة.
اخرىمناجاة نفسٍ ولِدت للتوّ! بقلم: كاردينيا ياس الوقت: ليلة عيد الفطر المبارك المكان: بقعة من بقاع الارض الشخصيات: أمة ً لله تعالى تتحاور مع (نفسها) ___________________________ تبدأ الحوارية تحديداً عند لحظة أحست الأمَة فيها بتعب وحزن شديدين لِوهنٍ أصابَ الروح... نعم، الروح التي جاهدت ولا تزال على أن تبقى قوية بل وكانت تترجى أن تكون أقوى من ذي قبل... بدخولها شهر الله الفضيل.. فأول أيامها كانت تأمل... وتعمل... ثم تخفق ثم تندم فتستغفر.. وترجو رحمة ربها أن يعفو عنها.. وتتالت الأيام والمواقف....توفيقٌ هنا... يداخله امتحان فتنجو بفضل من الله... وامتحانٌ هناك تستعد له فإذا به يتخلله توفيق فلا تجد قوة من داخلها لتمد يديها وتتمسك بالتوفيق... فتحبط قليلًا... وسرعان ما تتدارك نفسها بالقول: يا الله، عليك أتوكل في أموري كلها... وإن لم أوفق فيما مضى، سأدعو ربي وأسعى لرضاه فيما بقى... إخفاقات... بعضها صغير وآخر كبير... تقلبات... في المزاج... سلام داخلي يتخلله حروب... بسبب غضبٍ وتسرّع أو أفكار من هنا وهناك تغزو البال فلا تتركه ينعمُ بالراحة... ليتوجه إلى ربه كما يجب... علمًا أنها -الأمَة- كانت تستعين بتدبر آيات كتاب الله المجيد، وأحاديث نبي الرحمة محمد (صلى الله عليه وآله) وتتابع سيرتهم ما استطاعت وسيرة الصحابة والعلماء... مع متابعة ومحاسبة (للنفس) وما يستتبع ذلك من تعديل وتهذيب أفكار أو توبيخ وتأديب... إلّا أن ما ألمّ بِها في تلك الليلة كان حقًا يستحق أن تتوقف عنده... فقد كثرت شكاوي النفس اللوامة من النفس الأمارة بالسوء... لِما ألحقت بالأولى مِن ما لا تكفيه ساعات للشكوى! الأمَة... تضيق ذرعًا من (نفسٍ أتعبتها) وعند الفجر... تقطع سيل الأفكار ما بين لومٍ وندم وعزم على المضي يُخالطه ألم... نعم، ألمٌ يعتصر قلبها.. فهي بالكاد تتقدم شبرًا نحو حبيبها... بجهاد ومحاولات حثيثة لإبقاء العمل بقالب الإخلاص... فإذا بها ترجع باعًا... وأثناء محادثة كتابية عبر الجوال مع أخت لها... طلبت منها أن تدعو لها بالقوة غير مفصّلةٍ لها ما وراء ذلك الطلب... تنهدت... وطأطأت رأسها.. فإذا بها تُباغِت (النفس) (التي كانت أشبه بِلصٍ... سرقَ للتوّ دارًا أهلها نِيام... مُتسحّبًا بكل هدوء لئلًا يوقظ أحدهم)... يا نفس... قفي من فضلكِ لحظةً لو سمحتِ ماذا بكِ؟ أ يُخالُ لكِ أنكِ تستطيعينَ أن تُبددي وتضيّعي ما جمعتهُ، بِأيامٍ نحن فيها بضيافة الكريم؟ أوَ تجرئين على... سحبي إلى ما لا يُحمد عقباه؟ النفس: لِمَ كل هذا التوبيخ؟ لم يصدر شيء يستدعي كل هذا؟ الأمَة: أَ ترينَ ما تقولينه مقنعًا؟ أنتِ نفسكِ... لا أراكِ مقتنعة به! النفس (ترد بتلعثم): لا، لا.. يُخيل إليك هذا.. إنه من ضعف البدن... فَصيامٌ ومرضٌ وظروفٌ... تَحدث مثل هكذا خيالات.. تقاطعها الأمَة: _صيام! وهل الصيام يُضعف أم يقوي! مرض! وهل المرض يُبعّد أم يقرب العبد وربه! ظروف! وهل خُلقنا بدارِ راحة؟ هَي دار امتحانٍ، وبالمحك يظهر المعدن الحقيقي... تَستدرك النفس القول: لا عليكِ.. وإن يكن.. فهل يستحق ذلك؛ كل هذا الجلد لي؟! أتعبتني معكِ. الأمَة: بَل أنتِ مَن أتعبتني.. لِما لا تتركينني وشأني؟ أمّارةٌ بالسوءِ أنتِ، إلّا ما رحِم ربي؛ ... وتزفر رئتاها أنفاسًا مثقلة بالندم على ما وحده ربي يعلمه... النفس: والآن؟ أسنبقى على هذه الحال؟ ونحن مقبلون على عيدٍ، و الناسُ تستقبله بفرح وتحضير سواء بملبسٍ أو مأكلٍ أو حجوزاتِ سفر.. وأنت تقبعين هنا.. ولا أرى منكِ ما يوافق أيام الفرح! إني لكِ ناصحة... اذهبي وتمتعي وافعلي ما يحلو لكِ... تبتسم النفس... وتتنفس الصعداء... بعد تعبٍ حين يلوح لها بارقة الأمل الذي يأخذ بمجامع قلبها ما أن تراه؛ وتُتمتم: العيد.. نعم، العيد... تداهمها النفس بالقول: إيهٍ... وأخيرًا سَمِعنا منكِ ما يُفرح، نعم... انطلقي. .. هيّا نحو كل ما يسعدك ويريحك، فالعيدُ آتٍ... العيد آتٍ! الأمة (ترمق إليها بنظرة حادة وتجيبها): لا تستعجلي... فليس الأمر كما يبدو لكِ، ومع ابتسامة تعلو روحها قبل وجهها تكَمل: (وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد" (1) جُلّ ما سأسعى له بإذن الله في يوم العيد... هو السعي... نعم السعي الحثيث لتحصين نفسي مِما يلبسها جلباب المعصية... ولا أضع بأولوياتي أن يكون المهم هو استعدادًا لخروج أو شراء مأكلٍ أو ملبسٍ، فكما اذكر من طفولتي أن (ثوب العيد) كان له بهجة ورائحة خاصة لا تُنسى! ولابأس بذلك... إن وجدَ.. لكن جلبابي غير الجديد مع الطاعة خيرٌ من جلباب جديد مع معصية قديمة متلازمة، لا تكاد تنفك عني... حتى مع مروري بحمام ملكوتي لشهري رجب وشعبان واستضافتي مِن قبل رب العزة بشهر رمضان المبارك... واختفى صوتها.. ولم تكمل... فَخِتامٌ كلامها ظهرَ جليًّا باِنتفاضتها من مكانها، واستبدلت الكلمات... بخطواتٍ... خطوات مُتسارعة... وقلبٍ ينبض حبًّا أكثر من ذي قبل... لخالقهِ... النفس (الأمارة): إلى أين؟! الأمَة -تحثّ الخُطى ولا تكاد تصدّق ما تراه بعين قلبها-: ها قد رُزِقت بعد مخاضٍ طال َكثيراً... بمولودٍ مباركٍ، وأيّما مولود! نفسٌ ولِدت للتوّ... خرجت من ظلماتِ الغفلة و الهوى و الشيطان... واذا بها بدل َ أن تناغي .. تُناجي... نعم تُناجي ربها ...بحبٍ ، وتهيم في محضر قدسه مُرتلةً : (إني ذاهب ٌ الى ربي سيهدينِ) (إني ذاهب ٌ الى ربي سيهدينِ) وإلى الآن لم يُسْمَع لها تلك (الأمارة) همسٌ و لا صوتٌ! _____ (1) نهج البلاغة، قصار الحكم، حكمة رقم428، ص101. (2) سورة الصافات آية 99.
اخرىبقلم: كاردينيا ياس لم تزلْ تلّة ٌعَلَتْها سيدةٌ جليلة.. قبل سنين طويلة... تحديدًا عند واحدٍ وستين من الهجرة الشريفة.. محطةً تبثُّ الدروس.. لكلِّ مَن أرادوا شحنَ النفوس... محطةً لا تنفك عن إرسال ذبذباتها، لِيلتقطها كلّ قلبٍ حيّ.. يَستطيعُ أن يرى بعين قلبهِ.. وقفةُ امرأةٍ... هناك؛ نادَتْ أخاها... قويّةً أبيّةً، قيلَ عنها.. تشبهُ أباها، يا سائلي: مَن تكون؟ _هيَ زينب بنت عليّ؛ اسأل التاريخ! علّه ُ يُنبئك بعضَ ما فاح من شذاها.. تمعّن في حروفها حين تقرأ، كل حوار ٍ لها... مُذ كانت صغيرةً.. في حجر أمها... وأبيها... إلى لحظةٍ.. تلَتْ معركةً.. كان فيها.. ما فيها... كأنكَ ستسألني: أيُّ معركةٍ؟ اسأل التاريخ! عَلّه ُ يُنبئك أيّ معركةٍ تلك؛ التي رافقت فيها اخاها.. و تحمّل حينها قلبكَ؛ إن عَلَت منهُ صرخات ٌ ، لما جرى هناك؛ حينها... ستستلم روحُكَ كل ما تبثُّه المحطة... نداءات وآهات.. أنينًا ودمعات.. صورًا لأمهاتٍ ثكلى... و نساءٍ فاقدات.. أطفالًا لم ْ يعُد لها.. مَن قال لها: أنا ذاهب ٌوبالماءِ آت! اسع جهدكَ أن يبقى قلبكَ ما حييت مستقبلًا إرسالَ تلكم الذبذبات... فصوت ٌ ستسمعه؛ كفيل ٌبأن يلهمكَ قوةً وعزمًا وثباتًا.. صوتُ عقيلة بني هاشم.. فخرُ المخدرّات.
اخرىبقلم: كاردينيا ياس مع إقبال عامٍ جديد، نجد القلوب تتوجه بطلباتها... للعامِ ذاته؛ مع إنها مجردُ أرقامٍ، نخاطبها: كوني سنة خير علينا، وامنحينا كذا، وكفّي عنا كذا.. وما نريده، زمامه بيد مدبّرٍ حكيمٍ خبير قادر..! أَليسَ الأولى أن نقف ببابِ القادر؟! أَلم يأن لنا أن نتزحزح ولو قليلًا لعلّنا عن دائرةِ الأوهام نغادر! لنستقبل كل حياتنا، لا فقط بداية عامنا ...بـــ: ويستمر المسير... والى الله المصير... عليه توكلنا، وهو حسبنا و نعم الوكيل...
الخواطربقلم: كاردينيا ياس بين ضياع الحقِ وخروجٍ في طلبهِ.. احترتُ، احترتُ فيكَ يا وطني، يخرجُ أبناؤكَ للشوارع متظاهرين.. انظر إليهم كأنهم أعضاءٌ من بدني، تارةً أرى يدي تصاب فتنزفُ، وتارةً قدماي تحرقُ، وأخرى دخانٌ.. دخانٌ.. لعينايَ يدخلُ.. ولرئتَيّ يخنقُ، وأُسارع لعضوٍ ثم آخرُ، أسعفُ هذا.. فيضعف ذاك.. حتّى غدوتُ من واحدٍ لآخر بهِ ومعهُ اركضُ، هم كلهم، مني، وبهم أكون أنا... فأيّهم أحبّهُ وأيّهم أبغضُ..؟ لملمت الجراحَ.. وسكبتُ عليها أدمعي، وأنا أُنادي: يا إلهي.. يا ربنا الطف بنا، سمعتُ صوتًا.. كأنه تأوّهٌ من بين أضلعي.. لا يُكادُ يُسمعُ.. خاطبني: بالله عليكِ اعيريني انتباهكِ اسمعي.. وضعتُ يداي عليه.. وجدتُ فيه بقايا نبض.. وضلعٌ حماهُ.. لكنهُ للتوّ رُض، حوّلت كُلّي مسامعًا... فما سمعتُ منه إلّا: حذاري حذاري، أن.. سألته: أكمل، وما بعد (أن)؟ غصّ بعبرةٍ كأنها لثكلى... واستجمع قواه ونادى: حذاري حذاري، أن تغفلي لحظةً.. وأنتِ في وسطِ زحام الهزاهزِ والمِحن.. أن الجميعَ، بين متظاهرٍ ورجال أمن.. هم كلّهم.. جميعًا أبناءُ الوطن.. هم كلهم.. جميعًا أبناء الوطن..
اخرىبقلم: كاردينيا ياس جن ّ الليل على وطني، والناسُ ما بين نائمٍ مستغرق بأحلامهِ ليلًا لا يقدِمُ على شيء نهارًا، وبينَ من هو مستيقظٌ قد هجر النوم عيناه، تجول الأفكار حولهُ ولا يميّز ما يجب أن يفعل وما لا يجب، فتعبَ وأُنهكَ ما بين ليلة ونهاره، وآخر وظّف ساعاته بين استيقاظٍ نافع، ونومٍ للإرهاق دافع، ليلة كأنها ماثلةً أمامي، ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة... لم أرَ ليلةً مقمرة كتلك من قبل! كنتُ أُحاول أن ألمس تلك البارقات في السماء عَلّي أعرف كيفُ تضيءُ وسط ذلك الظلام الحالك! نادت علينا أمي: حبيباي، أين أنتما؟ أجبتها: نحنُ هنا، على السطح... _لا تتأخرا، فالجو بدأ يبرد... _حاضر أمي... دقائق هيَ، ورأينا بارقةً تتحرك بسرعة عجيبة.. تلتها أخرى، فأخرى .. ويليها دويٌّ، صرخَ أخي: تشبثّي... احتضنته... كانت أمي قد صعدت إلينا بقلب ٍ يرتجف خوفًا علينا... لا تخافا حبيبايَّ، هيا بسرعة معي لننزل... تمسح على وجوهنا و قلوبنا و هي تُتمتم بآياتٍ و صلوات.. تحمل ُ أخي بيدٍ و بالأخرى تمسك بيدي... أخي: لا ، لا يا أمي... أريد أن أطمئن على النجوم التي سقطت، و لكنّها لا تشبه الباقيات! مَن اسقطها؟ و كيف؟ تصمت أمي قليلًا و تزفر حسرةً، تجيبه و قد اغرورقت عيناها بالدموع: هي نجوم الأرض التي أخشى أن تكون قد سقطت مع سقوط ما رأيت! ما رأيته لم يكن نجومًا، بل قنابلًا سقطت بالجهة المقابلة لنا على الضفة الأخرى من النهر .. لم تكمل اكثر من ذاكَ أمي، اختنقت بعبرتها... للآن أذكر كم كانت حارةً دموعها حين مسحتها بيدي الناعمتين، أمّا أخي... فقد وضع يده على رأسه و الأخرى على رأس أمي.. و توجه بقلبه الصغير إلى... بحروف ِ"اللهم كن لوليكَ الحجة ......." وهو يقول: أمي لا تبكي، أدعِ، أتذكرينَ بمَ يوصينا أبي بكل مرةٍ يودعنا فيها قبل الالتحاق بالجيش؟ الدعاء، الدعاء، سلاح المؤمن.. يا أمي أيهٍ يا أخي، كم فتحت أبوبًا للأمل والرجاء حروفك تلك! نظراتك كأنها محفوظة بذاكرة عيناي.. و كيف احتضن أمي واحتضنتهما أنا معًا.. أهمسُ لأمي بقلبِ طفلةٍ لم تتجاوز ست سنون، و بإدراكٍ لا يتعدى فكرة أن الشعب خرجَ طالبًا وطن ، فهذا ما استطعت فهمه مما التقطه عقلي الصغير وقتئذٍ، واطلب منها ان تأمّن على دعواتي التي مزجت بينَ أمنياتي و ما خزنته مداركي من الدعواتِ: يا رب... نريدُ وطنًا كحضن أمي، نريد وطنًا كرعاية أبي، نريد وطنًا كالتفاف ِ ذراعيّ أخي حولي، نريد وطنًا يُشعرني بالأمان.. نريد وطنًا تُوصدَ أبوابه جيدًا.. كي ما تقي أهلهُ من طوارق الليل و النهار إلّا طارقًا يَطرُقُ بخير.
اخرىبقلم: كاردينيا ياس تتجمع الأفكار حولكَ حين تمر على ما يحيي القلب، ذكيّ أنتَ .. تبعد و تطرد ما لا يحلو لكَ، ما تجده لا يتناسبُ وأهواءك... مستمتعٌ بجمعٍ غفيرٍ من الأهواء... هوىً يتشبث بهوى... هوىً يمهد لهوى.. تبقى تتنصل الفرصة المناسبة، لتجهز على تلك الأفكار الطيبة.. فَترديها أرضًا، مسكينةٌ هي.. طيبةٌ حنونة... أرادت بكَ خيرًا، يجر أنفاسه الأخيرة.. ضميركَ يتسحب نحوكَ.. علّهُ يُحييكَ، وَ بكل خبثٍ ومكرٍ... تشربه كأسًا آخرَ من الهوى... وتعودُ لحالكِ ذاته... وأنتَ مُقيّد بسلاسلَ زمامها.. بيدِ أمّارةٍ مُرديةٍ ماكرة.. و شيطانٍ خطواته خفيةٌ ساحرة!
اخرىبقلم: كاردينيا ياس وجدتكَ بعضي.. يمشي على الأرضِ.. فلا تؤاخذني.. حينَ اتتبعَ خطواتكَ، كلماتكَ، أفكاركَ.. فأنت امتدادي.. يا من معكَ، عشقتُ سهادي.. دعني أتنفسكَ أملًا، وأزفركَ عملًا... رجائي وسعادة قلبي... أن أرى أثر ساعات تربيتي لَكَ وإن كان من عالم الآخرة، لا من الدنيا!
اخرىبقلم: كاردينيا ياس رسالةٌ من أختٍ في الله تعالى، جاءت في صبيحة آخر أيامٍ من شهر شعبان الخير... كلماتُها قليلةٌ، تُعد على أصابع اليد... لكنّها حملتني إلى زمانٍ لم يحِنْ بعد، ويا لهُ من زمان! بضعُ حروفٍ، استقبلت بها شهرَ الله تعالى.. بأزكى تبريكاتٍ وتهانٍ! فُتِحَ أمام ناظر القلب، مشهدٌ وكأنه يُرى لكنه لا يُرى! لحياةِ قلبٍ أوشكَ أنْ يحتضر، لولا أنْ تداركه خالقه! إنّه شهرُ الله تعالى! يُلوّحُ لنا من بعيد... ضيفٌ أتانا بعد فراقِ أحد عشرَ شهرًا! فهل من مستقبلٍ له، كما يجب؟! تتطلعُ الروح بشغف، ترفعُ رؤوس أصابع أقدامها كي ما تحسن النظر! اللهم أرني... بصِّرني كيفَ استقبل شهر الرحمة والغفرانِ؟ "أيامه خيرُ الأيام..." أيـــامٌ.. أدنو منها بخجلٍ ووجلٍ!! فهل للعبدِ الآبق أنْ يطرقَ بابَ الرحمن الرحيم... بيدٍ أذنبت.. حتى أسرفت! وتمادت بغرورها... حتى أماتت أغصانِ الحياة فيها... وبين أنفاسِ توبيخي لنفسي.. تتجلى رحمته (جلَّ وعلا) برشفةٍ رحمانية، وكأنّها تملي عليّ: إنّها واللهِ.. الشربة الروية، التي تُحيينا بأولِ رشفةٍ عند الافطار، لشفاهٍ ما تخللها غير استكانةٍ واستغفار، وقولٍ حسن... بساعاتِ نهارها! أتنهدُ... وأتنفس نسائم ريحه المُقبلة علينا من بعيد! فتجودُ عليّ رشفةٌ أخرى: اِبدأ الآن... لا تبتئس، لا تقف خلف جُدران الإحباط... احمل أثقالك... على ظهركَ وسِر بها إليه لتلتقيا عند طرقِ الحبِّ في الله تعالى، وسيدهشكَ بمَ أتاك محملًا ككُلِّ عام، بفارق... أنَّك أنت هذا العام... تغيرتَ، وعدسةً مكبرةً لعينك وضعت؛ وأهمُّ ما في الأمر.. أنَّك لم تتوانَ عن الاستعداد له.. فهنيئًا لمن انتظره واستقبله مُذ أول مغادرته... بأولِ شوال مضى! وطوبى لمن لم ينفكَّ قلبه عن ألطافه فلم يفارقه وإنْ غادر وودع.... إذ بقيَ متشبثًا بضيفِ الله تعالى، عند كلِّ عملٍ يرتضيه الله تعالى. تنادي عليّ أمي: بُنيتي أينَ أنتِ؟ تعالي معي لنكمل استعداداتنا لشهر رمضان المبارك.. ألبي طلبها، وأنا أتمتم: اللهم وفقنا له.. اللهم وفقنا له..! #الضيف_اقترب #هل_من_مستقبلٍ_له
اخرىبقلم: كاردينيا ياس بلهفةٍ يسألُ الزرعُ سحابةً تمرُّ سريعةً فوقه: أراكِ تتسحبين يا سحب الشتاء، الواحدة تلوَ الأخرى... ماذا لو ذهبَ الشتاء، من سيتولى سَقيي وإنباتي؟ تبتسم السَحابةُ، ترسلُ جوابها مع ريحٍ وصلت للتوّ (مخبرةً بوصولِ الربيع): من سَخّرني لكَ سببًا لسقيك وإنباتكَ، يُسخّر لكَ سببًا آخر! تتمايلُ سيقانُ الزرع، وتنحني أخرى.. توديعًا لتلك السُحب الحنونة.... تجذبها جذورٌ افترشتَ أرضًا.. تتسحبُ إليها قطراتٌ من ماءٍ عذب؛ تقشعرُ طبقاتُ ذلك الأديم، بردًا و تعجبًا، فتسألُ إحداها الأخرى: من أينَ هذهِ القطرات؟ كيفَ سرت إلينا؟ كم هي لطيفة، هادئة ... لا تجرف الجذر، ولا تكسر الفرع! تتجمع بضع منها، يهتفن بمقطعٍ أشبه بسمفونيةٍ عصماء، حروفُها ليست كأحرف الهجاء... اِنما هي كُرات ثلجٍ، لامستها خيوطُ شمسٍ، حُيلت إلى ماء.. من بين شقوق الأرض المُتصخرة.. تلك التي لم يأملِ الزُرّاعُ منها خيرًا، انسابت، سَرت بهمةٍ، هادئة.. لا يُسمعُ لها ضوضاء... لا برق، ولا رعدٌ .. شمسٌ عاليةٌ، صافية هيَ سماء اليوم، بل كأنها بالغت في الصفاء! يتكرر ذات الهتاف، ذات المقطع، يسمعه من شاءَ أنْ يسمع: (يا سائلًا عنّا، خلقُ اللهِ، إنّا.. انظر وتتبع الأثر.. انظر وتتبع الأثر... مسخرون نحنُ مُسخرون.. عوالمٌ، كواكبٌ... مسخرون لِبني البشر.. لكنما... قلّما، من يرانا منهمُ... إلاّ من... رأى الله فينا.. فسبحَ.. فحمدَ...فشكر!!)
اخرىبقلم: كاردينيا ياس أحيانًا كثيرة.. تتجه مشاعر المرء نحو منفى بعيد عن السعادة، إحساسٌ لا يوصف... أشبه بالحزن، أقرب للإحباط.. يحاول ذلك المسكين، الرجوع لحالته التي كان عليها قبل دقائق.. لكن ما من جدوى! نقولُ له: جرّب المشي إلى الوراء لعلك تصل، كأنْ تستذكر مع نفسك لحظاتِ لقائك الأولى بقريب ٍ عاد من سفر طويل! لحظات لقاء قفزاتك الطفولية في ساحة مدرستك المتوسطة بأول يومٍ لك فيها! لحظات لقاء أناملكَ بهديةٍ طالما نظرتَ لها بحُبٍّ وأملٍ حين كانت متراصة بمثيلاتها على جانبي طاولة لجنة التحكيم، أثناء حضورك جلسة إعلان الفائزين بمسابقة العام الفائت! بل لحظة لقاء أحرف اسمك مسامعكَ، عند إعلان الأسماء! لحظاتٌ كثيرةٌ لم تفقد بريق السعادة ولن تفقدها، لكنّك أدرتَ ظهرك لها... تحيطك أينما ذهبت هذه اللحظات... انظر من حولك.. دولابك، سريرك، مكتبكَ، ساعة جدارية ذات زخرف محبب لديك.. ما اقتنيتها بنفسكَ.. وما صار بحوزتكَ دون أنْ تسعى إليه.. لكلٍّ منهم لحظة لقاء أولى... ستستذكر.. وتتبسم، وتسحبكَ اللحظاتُ التي عدت إليها، إلى الأمام ستخبرك أنَّ هناك لحظاتٍ أكثر وأكثر بانتظاركَ.. اسعَ.. اعملْ.. ابذلْ.. جددْ حياتك بالمُتاح المتوفر.. سارعْ نحو هدفكَ بأملٍ فيك متجذر.. حينها ستُحيطك هالاتُ السعادة دون أنْ تشعر حتى!
اخرى