Profile Image

د. ابراهيم صفاء الصائغ

الشخصية السايكوباثية

بقلم: الدكتور ابراهيم صفاء الصائغ يوصف مفهوم الشخصية بأنه مجموعةُ السماتِ التي تكوّن شخصية الأفراد. وتختلف هذه السمات من شخصٍ إلى آخر، حيث يتفرّد كلُّ شخصٍ بصفاتٍ تُميّزه عن غيره. ويندرج تحت مصطلح الشخصية في العادة مفهومان أو معنيان وهما: المهارات الاجتماعية والتفاعلية مع البيئة الخارجيّة، كما تشترك الكثير من العلوم في دراسة مكنونات الشخصية الإنسانية وما وراءها بمنظورٍ علميٍ ومتخصص من أهمها: علم النفس وعلم الاجتماع، وعلم الطب النفسي.[١][٢]. أما ماهية الشخصية وتعريفها هو: الشخصية لغةً: مشتقةٌ من فعل شخّص، يُشخص، تشخيصًا. نقول شخّص الطبيبُ المرض إذا حدد أوصافه وأعراضه. كما أنَّ كلمة الشخصية في اللغة الأجنبية مشتقة من الكلمة اليونانية Persona وتعني القناع الذي يضعه الممثل المسرحي على وجهه ليتقمص الدور الذي يمثله. الشخصية اصطلاحًا: مجموع التصرفات والسمات وطريقة العيش والتفكير. وهي تتكون تدريجيًا منذ السنوات الأولى من عمر الإنسان بما يمرُّ به من أحداثٍ ونجاحاتٍ ومطبات. ولعلماء النفس والفلاسفة عدة تفاسير وتعريفات تخص مفهوم الشخصية في علم النفس، إلا أنَّ ما يهمنا في هذا المقال هو الشخصية السايكوباثية؛ لذا سنحاول تسليط الضوء على بيان تعريفها، وصفاتها، والأسباب التي أفرزتها، وسبل علاجها، كل ذلك على نحو الإيجاز. *تعريف الشخصية السايكوباثية: هي أحد الأنواع المتعددة لاضطرابات الشخصية، والذي يُعدُّ الأكثر تعقيدًا وضررًا على الشخص نفسه وعلى من حوله. ويبدأ منذ سنِّ المراهقة ويمتدُّ مدى الحياة لكن تضعف شدته مع تقدم العمر. *صفات الشخصية السايكوباثية : تتميز هذه الشخصية بثلاثةِ محاورٍ أساسية: 1/الخداع. فيتميز الشخص السايكوباث بالخداع، حيث يستغل قدرته الاستثنائية لتكوين علاقات مع أشخاصٍ ضعفاء ويستغلهم خلال هذه العلاقة، وهؤلاء الضعفاء أو قليلو الخبرة سينخدعون بحسنِ الحديث والتملق الذي يمتاز به السايكوباث. وقد يصل الاستغلال لدرجةٍ عاليةٍ من الناحية المادية أو الأخلاقية أو الجنسية، ويُعدُّ الكذب جزءاً أساسياً من صفات هذا المرض لكن رغم ذلك يتم تصديقه بشدة من قبل الضحايا. 2/ الأذى للشخص نفسه ولكلِّ من حوله. حيث يعيش هذا الشخص حياةً كلَّها اضطرابات ومشاكل قد تصل للأسرة كالزوجة والأطفال وحتى المجتمع وزملاء العمل. يميل هذا الشخص لتعاطي المخدرات، وخرق القانون والأعراف الاجتماعية، والسلوك الإجرامي المستمر، والغضب غير المسيطر عليه أحيانًا، فقد يكون عنيفًا مع الزوجة والأطفال. 3/ عدم الشعور بالذنب أو الندم. فلا يعترف بخطئه ولا يندم عليه، بل يرمي الذنب على الآخرين. فضميره غائبٌ ولا يتعاطف أو يشعر بالرحمة على الآخرين. وتشكل هذه الشخصية في المجتمع نسبة ١ % ، وترتفع هذه النسبة بين السجناء والمجرمين لتصل إلى ٢٠%. *أمثلةٌ على هذه الشخصية نرى الشخصية السايكوباثية في السجناء بين المجرمين. وكذلك بين قادة العصابات أو قادة الدول الدكتاتوريين الذين يُضحون بالشعب كله من دون ندمٍ لأجل غايةٍ تافهةٍ أو أطماعٍ شخصية. *الأسباب التي تكون الشخصية السايكوباثية قد يؤدي الإدمان إلى هذا السلوك وخلق هذه الشخصية، وكذلك اليُتم أثناء الطفولة، وعيش الطفولة السيئة، والحياة في الشارع من خلال تعلم هذا السلوك من الآخرين. مثلما تلعب الوراثة والعوامل البيولوجية دورًا مهمًا في إنتاج هذه الشخصية. *علاج الشخصية السايكوباثية تُعدُّ اضطرابات الشخصية سلوكاً مَرَضياً مزمناً يستمر طويلًا، ولا يتوفر له علاجٌ دوائي، وكلُّ ما يستطيع الطب النفسي تقديمه هو إعطاء المريض بعض الأدوية التي تعالج الاكتئاب والعصبية والقلق والغضب. أما علم النفس فوظيفته في هذه الحالة هو تحليل الشخصية ودراستها والوقوع على التعقيدات ومحاولة حلِّها من خلال السيطرة على الانفعالات وتوجيهها وتحسين السلوك. وللأسف الشديد فإنَّ مرض السايكوباث بشكلٍ عام يُصنَّف من الأمراض النفسية التي ليس لها علاج، ويفضل الابتعاد عن المصابين به؛ لما لهذه الشخصيات من تأثيراتٍ سلبية عميقة على المحيطين بهم سواء كان ذلك في مجال العمل أو البيت، فهناك الكثير من المشاكل الأسرية والتفكك الذي كان سببه هذا المرض. وأما في حالة عدم توفر خيار الابتعاد عنهم فلا بُدَّ من التعرف على هذه الشخصية وتشخيصها التشخيص الصحيح لكي يجعل الذين يتعاملون معهم مدركين لخطورتهم وآثارهم السلبية فيعملون على تفادي أذاهم وحماية أنفسهم من أنْ يُصبحوا من ضحاياهم. ------------------------------------ ١- أحمد عبد الخالق (1987)، الأبعاد الأساسية للشخصية (الطبعة الرابعة)، الإسكندرية: دار المعرفة الاجتماعية، صفحة 29. ٢- معمري أحمد، حملاوي رضوان، بولال مبروك، كفاءة أستاذ التربية البدنية والرياضية وأثرها على أدائه المهني، صفحة 9-12.

اخرى
منذ 4 سنوات
9600