تشغيل الوضع الليلي
طفلك والمدرسة وبداية سنة جديدة
منذ 6 سنوات عدد المشاهدات : 1337
يذهب عام ويأتي عام جديد ويبدأ القلق من جديد من الأهل، فهم يشعرون بالخوف من نواحي عديدة: الخوف من إخفاق أبنائهم في المدرسة، الخوف من الحوادث، الخوف من المشاجرات التي غالباً ما تحدث بين الاطفال، الخوف من المجهول، هذه المشاعر والانفعالات تراود أغلب الأهل عند بداية العام الدراسي.
فكيف يجب أن يتعامل الأهل مع مخاوفهم؟ وهل تؤثر هذه المخاوف وتنتقل إلى أبنائهم؟
ومن جانب اخر كيف يمكن ان يتعامل الاهل مع طفلهم الاول؟
هذا ما سوف نركز عليه في هذا المقال ونوضحه من جميع جوانبه ان شاء الله تعالى.
يجب أن يتعامل الأهل في بداية كل عام دراسي باتزان واعتدال، فالأهل الذين يشعرون بالمخاوف بشكل كبير يسببون الأذى لأنفسهم ولأطفالهم، فالتفكير السلبي والقلق الذي يصاحب الأهل يجعلهم يشعرون بإحباط مع أحداث المدرسة وتفرعاتها مما يظهر انزعاجهم من الدراسة والتعليم، وهذا ما يسبب فقدان الرغبة للدراسة، فالكلام السيء عن المدرسة والانزعاج من تحضيراتها يرسل رسالة سلبية للأبناء مفادها أن الدراسة مصدر إزعاج وألم وتوتر، مما يزيد من ابتعاد الأطفال نفسياً عن العلم والتعليم،
لذلك يجب على الاهل أن يتعاملوا بنفسية منشرحة مع تحضيرات الدراسة حفاظاً على إعطاء الأبناء شحنة إيجابية تدفعهم نحو الرغبة بالتعليم والدراسة، فكل ما يصدر من الأهل يتأثر به الأبناء سلبياً كان أم إيجابياً.
لذلك لابد من الحذر من إظهار انزعاجنا من قدوم المدرسة، بل يجب أن نظهر الفرح والسرور والاهتمام حتى يفهم الأطفال بأن العلم مهم ومقدس بالنسبة لأهلهم وذويهم وبهذا تزداد رغبة الأطفال بالدراسة.
ونود أن نلفت انتباه الأخوة الآباء والأمهات إلى أنه يجب أن تتم السيطرة على طريقة تعاملهم مع مخاوفهم وقلقهم، وهذا يتم عن طريق رفض الأفكار السلبية المسببة للقلق والتوتر وعدم السماح لها بالولوج إلى عقلنا الباطن، والسيطرة عليها تتم عن طريق العقل الواعي الذي هو بمثابة السيطرة الرئيسية التي تسمح أوتمنع الافكار من الدخول أو عدمه، ويجب ان تكون هذه السيطرة محكمة ودقيقة في التعامل مع نوعية الافكار المسموح لها بالمرور الى العقل الباطن.
ونضيف أيضاً أنه يجب على الأهل أن يتعاملوا بشكل آني وحاضر دون التفكير بالمستقبل كثيراً، فإذا فكّر الإنسان بيومه استطاع أن يعيش اللحظة بلحظتها دون التفكير بشكل سلبي في المستقبل.
فعندما نكون أقوياء أمام أبنائنا في التعامل مع مختلف الظروف والتحديات فإننا نعطي قوة إلى أبنائنا تضيء لهم الطريق وتعبده بشكل يصلح للسير عليه وبهذا فإن الدعم الذي نقدمه لأبنائنا ينطلق من إيماننا واعتقادنا بذواتنا، فكلما كنا أكثر تقبلاً لذواتنا، استطاع أطفالنا أن يكونوا أقوياء واصحاب إرادة وعزيمة، فهم يستمدون ذلك منا، فلنختر طريقة في تعاملنا مع أبنائنا تشعرهم بقوتهم وتعطيهم الدافع والحافز في التغلب على صعوبات الحياة، فكما نكون، يكون أبناؤنا.
قاسم المشرفاوي
اخترنا لكم
رسائل من الطف
قالوا: ان الإسلام سلب حقوق المرأة وجعلها ضعيفة... فجاءت عاشوراء بزينب (عليها السلام) لتتمم ما بدأ به الحسين (عليه السلام) ولتمثل أضخم مؤسسة إعلامية وإصلاحية...
اخرىمحورية الزهراء في التراث الإسلامي
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (1). في الآية الكريمة يخاطب الله تعالى الناس أنه خلقهم من نفس واحدة وهي نفس آدم وحواء عليهما السلام وجعل منها شعوباً وقبائل ليتعارفوا فالناس متساوون في الاصل وهو الرجوع لادم وحواء اللذين خُلقا من التراب. ثم حصر الله تعالى الافضلية بقوله (اكرمكم عند الله اتقاكم) فجعل محور التفاضل والكرامة هي التقوى لا النوع. لربما كان السبب في ذلك الرد على من يفضّل الذكور على الاناث للنوع ويعتبر الاناث عورة وعاراً، ففي الجاهلية كانت المرأة تتعرض إلى أسوء معاملة، ولربما انزلوها منزلة أثاث المنزل والحيوان، ولطالما قتلوا بناتهم احتقارا لنوعهن! بل ذكر الله أنهم كانوا يستاؤون إذا ما ولدت لهم انثى كما في قوله تعالى(وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) (2). وكان وضع المرأة في الديانتين السماويتين اليهودية والمسيحية لا يقل سوءً عن الجاهلية، فهم كذلك اعتبروها لعنة ولا ميراث لها، وهي سبب خروج ادم من الجنة ويجوز بيعها وشراؤها وليست من جنس البشر، ولم يعطوها أي مكانة انسانية فضلًا عن الحقوق (3). حتى جاء الإسلام فرفع المرأة من كل ذلك الظلم والامتهان وأوصلها إلى مكانتها الانسانية، وبين الله تعالى في كثير من آياته أنه لا فرق بين الرجل والمرأة في اصل الخلقة والمكانة وكلهم خلقوا من نفس واحدة والله نفخ فيهما من روحه، وانما التفاضل يتحقق في التقوى عند أي فرد منهما وهي اعلى مرتبة في الطاعة لله تعالى. وهنا في هذا البحث المختصر سنتناول سيرة امرأة صارت بفضل تقواها وكمالها محورا في جميع التراث الاسلامي، وهذه المرأة هي سيدة الوجود فاطمة الزهراء. وقبل أن نبدأ لا بأس أن نذكر نبذة مختصرة للتعريف بالسيدة الزهراء . المشهور بين العلماء الشيعة ان الزهراء عليها السلام ولدت في يوم الجمعة في العشرين من جمادي الاخر بعد البعثة النبوية بخمس سنين. واستندوا في ذلك إلى روايات وردت عن اهل البيت عليهم السلام منها: ما روي عن الامام الباقر(عليه السلام) : ( ولدت فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وآله بعد مبعث رسول الله صلى الله عليه وآله بخمس سنين)(4). وكذا ما روي عن الامام الصادق (عليه السلام):( ولدت فاطمة في جمادى الآخرة يوم العشرين منه ، سنة خمس وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وآلة وسلم)(5). وغيرها... وكذا المشهور في روايات العامة ان الزهراء (عليه السلام) ولدت قبل البعثة وهو ما رواه الواقدي وابن الجوزي. ولكن إن اردنا الوقوف على التاريخ المحدد لميلادها سلام الله عليها فنأخذ ذلك من روايات اهل البيت عليهم السلام، فأهل الدار اعلم بما فيه. خاصة لوجود قرائن قوية تثبت انها ولدت بعد البعثة. منها ما اخرجه الطبري في ان السيدة خديجة لما ارادت وضع الزهراء بعثت إلى نساء قريش ورفضن المجيء اليها لا نها تزوجت رسول الله وكان ارسالها لهن بعد نبوته (صلى الله عليه وآله). ومنها ما اخرجه ابن الجوزي نفسه من أن أبا بكر لما تقدم لخطبة الزهراء كان رفض النبي (صلى الله عليه وآله) لكونها صغيرة ولو كانت ولدت قبل البعثة لكان عمرها ناهز الثامنة عشرة لان أبا بكر تقدم لخطبتها بعد الهجرة ،فلا مجال لتعلل النبي بصغر سنها. وكذا رواية عائشة في الدر المنثور من ان الزهراء خلقت من ثمار الجنة بعد ان اكل منها النبي (صلى الله عليه وآله) ليلة الاسراء والمعراج . وعاشت الزهراء في كنف ابيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وامها خديجة الكبرى التي هي من اطهر نساء العالمين حتى اختطفت يد المنية امها الغالية خديجة وهي لم تبلغ الخامسة بعد . فبقيت بعدها منكسرة الجناح كما روى القطب الراوندي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام وهو يصور لنا موقف الزهراء من وفاة امها بقوله (إن خديجة لما توفيت جعلت فاطمة تلوذ برسول الله (صلى الله عليه وآله) وتدور حوله وتسأله: يا أبتاه أين أمي؟ فجعل النبي (صلى الله عليه وآله) لا يجيبها، فجعلت تدور وتسأله: يا أبتاه أين أمي؟ ورسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يدري ما يقول، فنزل جبرائيل (عليه السلام) فقال: إن ربك يأمرك أن تقرأ على فاطمة السلام وتقول لها: إن أمك في بيت من قصب كعابه من ذهب، وعمده ياقوت أحمر، بين آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران، فقالت فاطمة: إن الله هو السلام ومنه السلام وإليه السلام). وبعد ان بلغت مبلغ النساء تقدم لخطبتها الكثيرون طالبين الشرف العظيم بالاقتران ببنت خير المرسلين الا ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) كان يرفض ذلك منتظرا امر الله تعالى فيها حتى ابلغه جبرائيل بأمر الله تعالى ان يزوج النور من النور ـ اي ان يزوج فاطمة لعلي عليهما السلام ـوهكذا تم زواجها من الامام علي لتنتقل الزهراء إلى بيت الزوجية متولية مسؤولية المحافظة على دورها كمصلحة للمجتمع وكزوجة وام للمعصومين . محورية الزهراء في الاسلام في اللغة محور الشيء: مركزه وما تدور حوله الاشياء . اما في الاصطلاح المحور ما يكون أساساً ويكون مدار صحة الأمور حوله . فالقران مثلا محور في التشريع فما خالف القران فهو ليس من الاسلام لأنه كلمة الفصل كما قال الامام الصادق (كل شيء مردود إلى الكتاب والسنة ، وكل حديث لا يوافق كتاب الله فهو زخرف )(7). وهكذا الزهراء كانت محورا يعرف من خلاله الحق فما كان حولها فهو الحق وما خالفها كان باطلا بلا شك. كيف كانت الزهراء محور الاسلام؟ الزهراء سلام الله عليها لم تنل هذه المكانة العظيمة والدرجة الرفيعة لكونها ابنة النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله ) والسيدة خديجة الكبرى فقط على الرغم ما للمكانة هذه من شرف عظيم لم ينله سواها. لكن لو اردنا ان نصل إلى السبب الحقيقي وراء كونها المحور الذي يدور الاسلام حوله نجده يتعلق بكمالها وبما وصلت اليه من التقوى التي اشرنا في بداية المقال إلى أنها المعيار والميزان للتفاضل . ان المتتبع لسيرة الزهراء عليها السلام يجد فيها امرأة انقطعت عن الدنيا وما فيها متوجهة نحو معبودها الكريم، اخلصت لله تعالى بكل جوارحها وانفاسها حتى استحقت منزلتها العظيمة هذه، وكما في الحديث السابق الذكر فالله تعالى اقرأها السلام وهي في الخامسة من عمرها! ان هذا السلام الالهي ورد الزهراء عليه يوضحان للمطلع المكانة العظيمة للزهراء عليها السلام عند الله تعالى ومدى اخلاصها له تعالى لتكف دموعها على الرغم من عظمة المصاب بفقد الام لتقول (الله هو السلام واليه السلام ومنه السلام). والروايات التي تبين فضلها وعظمتها كثيرة جداً... منها ما روي عن الامام الحسن بن علي عليهما السلام قال: (رأيت أمي فاطمة عليها السلام قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعة ساجدة حتى اتضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسميهم وتكثر الدعاء لهم ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا أماه، لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بني، الجار ثم الدار)(8). وعن محمد بن علي الحسين بن علي عليهم سلام في خبر طويل نذكر منه ( بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سلمان إلى فاطمة، فوقفت بالباب وقفة حتى سلمت، فسمعت فاطمة تقرأ القرآن من جوا، وتدور الرحى من برا، ما عندها أنيس... فتبسم رسول الله صلى الله عليه وآله وقال: (يا سلمان ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيمانا إلى مشاشها، تفرغت لطاعة الله فبعث الله جبرائيل عليه السلام ـ فأدار لها الرحى، وكفاها الله مؤونة الدنيا مع مؤونة الآخرة (9). وفي حديث اخر النبي صلى الله عليه وآله: ( وأما ابنتي فاطمة عليها السلام فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين، وهي نور عيني، وهي ثمرة فؤادي، وهي روحي التي بين جنبيّ، وهي الحوراء الإنسية، متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض، ويقول الله عز وجل لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة إمائي قائمة بين يديّ، ترتعد فرائصها من خيفتي، وقد أقبلت بقلبها على عبادتي، أُشهدكم أَني قد آمنت شيعتها من النار) (10). وهناك الكثير من الاخبار بهذا الشأن نكتفي بهذا القدر. والسبب الثاني الذي يجعلها في موقف الحق بشكل مطلق هو: عصمتها سلام الله عليها التي ذكرت بنص القران والاحاديث الشريفة . قال تعالى ( إنَّما يُريدُ الله لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البَيت وَيُطَهِّرَكُم تَطهيراً )(11). اجمعت الاُمة الاسلامية ـ من العامة والخاصة ـ على أنّ المراد بأهل البيت في الآية هم أهل بيت رسول الله ، ووردت الرواية من طريق الخاصّ والعامّ أنّها مختصّة بعليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، وأنّ النبيّ جلّلهم بعباء خيبريّة ثمّ قال: (اللهمّ إنّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً) فقالت اُمّ سلمة: يا رسول الله وأنا من أهل بيتك؟ فقال لها: (إنّك على خير)(12) . ولأجل ذلك كانت الزهراء هي المحور والمركز الذي يدور حوله الاسلام. إن العصمة التي هي ملكة نفسية تعصم صاحبها عن الخطأ والذنب وما بلغته من كمال العبودية لله هما ما جعل النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) يصرح بان الحق والاسلام يدور حول فاطمة، كما في قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): ( إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها)(13). بمعنى أوضح: أن الزهراء هي الحق ،ومن يوافقها ويدور في محورها لا محالة يكون على الحق، والمخالف والبعيد باطل لا محالة. بل ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) صرح بأن الزهراء محورٌ لرضا الله وغضبه فمن رضت عنه فاطمه فالله تعالى راض عنه ومن غضبت عليه فاطمة فالله تعالى غاضب عليه . وكذا قوله (صلى الله عليه وآله) (فاطمة بضعة مني، وأنا منها، فمن آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي ، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي ) وكذا بلفظ اخر قاله النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) على المنبر ( إنما ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها( (14). والكثير من الروايات التي ذكرها النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) واهل البيت (عليهم السلام) التي تبين محورية الزهراء ومركزها في الاسلام مما لا يتسع ذكره جميعا هنا . ومن هذا المنطلق كان على الزهراء ان لا تقف مكتوفة الايدي في وقت انحرفت الامة انحرافا خطيرا عن الاسلام والنبي (صلى الله عليه وآله) لم يدفن بعد . ومن الغريب ان الامة التي ما إن اغمض النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) عينيه حتى تنكّروا لكل ما سمعوه منه من بيان مقام الزهراء! والاغرب منه ان وصل بهم الجحود ان يطلبوا منها بيّنة على فدك التي وهبها اياها رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ان الانحراف الخطير الذي حصل بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) جعل الزهراء تنهض للتصدي والثورة عليهم فقامت متجلببة بجلبابها عاصبة رأسها رغم ما ألمّ بها من حزن عظيم على فقد ابيها لكن نداء الواجب كان يدعوها. ولا يظننّ أحدٌ ان الزهراء (عليها السلام) ألقت تلك الخطبة العظيمة واستنهاضها المسلمين لأجل بساتين فدك! فالزهراء (عليها السلام) التي لا تدعو لنفسها الا بعد الدعاء للمؤمنين اعلى واجل من ان يسوؤها أخذ فدك بل كان الامر اعمق مما نتصور . الزهراء عليها السلام لأنها تعلم ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله ) جعلها محورا للدين الاسلامي كان واجبا عليها ان تبين موقفها للمسلمين وان تقوم بفضح اتباع السقيفة كي لا يُستغل سكوتها على انه رضىً منها بما يجري. لذا يمكن تلخيص ما قامت به الزهراء (عليها السلام) على محورين: الأول : في بيان الإمامة وفضح الغاصبين: بعد ان فرغ الامام علي (عليه السلام) من دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) اقام في منزله كما امره رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليجمع القران الكريم واجتمع معه عدد من الانصار: الزبير والمقداد وسلمان وبعض بني هاشم. لكن سولت نفوس القوم في منازعة الامام علي الخلافة التي سلمها له رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حياته بتنصيب من الله تعالى، فاجتمعوا في السقيفة عازمين على بيعة ابي بكر ونقض بيعتهم السابقة للإمام علي (عليه السلام). هنا قامت الزهراء بواجبها الشرعي ببيان رفضها بيعة ابي بكر فقد اجمعت الامة ان الزهراء لم تبايع أبا بكر قط، حتى توفيت وكان ذلك دليلًا كافياً على بطلان بيعته(15) . ولم يقف الامر عند الزهراء (عليها السلام) على رفض البيعة فقط، بل بادرت هي للوقوف خلف الباب حين هجم القوم على دارها طالبين اكراه الامام علياً (عليه السلام) على البيعة. ولعل البعض يتساءل: كيف يمكن للزهراء ان تبادر إلى الباب والامام في البيت؟ وكيف ذاك وهي تقول: خيرٌ للمرأة أنْ لا ترى الرجال ولا يراها الرجال؟ نقول: أولاً : اننا كما اسلفنا ان الامام علياً (عليه السلام) كان مشغولا ومعه بعض الانصار والزهراء كانت اقرب إلى الباب لتجيب. ثانياً : ان الزهراء مع ما كانت لها من محورية في الاسلام ومقام رفيع بين المسلمين كان واجبها الشرعي يقتضي ان تبين للناس ان هؤلاء غاصبون، وان الضلال وصل بهم إلى أن لا يراعوا حرمة لمن يغضب الله لغضبها ويرضى لرضاها، كي لا يكون للناس حجة بعد ذلك في عدم معرفتهم بالحقيقة. ثالثاً: ما المنافاة بين قولها (عليه السلام) خير للمرأة ان لا ترى الرجال ولا يراها الرجال، وبين ان تقوم بواجبها الشرعي تجاه قضية الامامة؟ ما المنافاة في ان تكون قامت إلى الباب بحجابها وسترها؟ وهل هناك من يجرأ ليظن غير ذلك؟ وهي -كما تشير إلى ذلك الروايات- انها كانت خلف الباب تجيبهم وتحاججهم. والرواية السابقة رغم اشكالية سندها الا أن معناها واضح جليٌ بان الافضل للمرأة الحجاب والتستر وعدم رؤية الرجال الا للضرورة، واية ضرورة اكبر من الامامة التي قال عنها تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ) (16). رابعاً: ثبت ان النبي الاكرم (صلى الله عليه وآله) اخذ معه فاطمة (عليها السلام) ونساءً كثراً في الحروب، وكذا ثبت ان الامام الحسين (عليه السلام) اخذ معه السيدة زينب (عليها السلام)، هل يمكن لاحد ان يقول كيف اخذوهن معهم إلى حيث الرجال؟ إن المرأة في الاسلام عليها واجبات كما الرجل. لو ان الامام الحسين (عليه السلام) لم يأخذ معه السيدة زينب إلى كربلاء هل بقى لكربلاء اثر؟ من الذي بلغ الناس بجرم الامويين وغصبهم الخلافة سواها (عليها السلام). وكذا لو لم تتصدَّ الزهراء (عليها السلام) بنفسها للرد على القوم، فمن الذي كان يبلغ الناس ان الخلافة اخذت غصباً من الامام علي ؟ وكيف يمكن للناس معرفة ذلك إن لم تكن واقعة عظيمة تهتز لها مشاعرهم الباردة؟ وكما يقول احد المستشرقين: لم تخلد كربلاء الا بعد ذبح عبد الله الرضيع! وهنا نقول: لم يبق الاسلام قائما لو لم تتصدَّ الزهراء (عليها السلام) لفضح القوم الذين كان همهم الرجوع للجاهلية ومحو الاسلام كله. جاء في الروايات انه : لما جاء قنفذ لفاطمة (عليه السلام) قال : أنا قنفذ رسول أبي بكر ابن أبي قحافة خليفة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قولي لعلي: يدعوك خليفة رسول الله..! قال علي (عليه السلام): " قولي: ما أسرع ما ادعيت ما لم تكن بالأمس، حين خاطبت الأنصار في ظلة بني ساعدة ودعوت صاحبيك عمر وأبا عبيدة ". فقالت فاطمة ذلك. فرجع قنفذ، فقال عمر: ارجع إليه فقل: خليفة المسلمين يدعوك. فرد قنفذ إلى علي فأدى الرسالة، فقال علي (عليه السلام): " من استخلف مستخلفا فهو دون من استخلفه، وليس للمستخلف أن يتأمر على المستخلف.. " فلم يسمع له ولم يطع. فبكي أبو بكر طويلا. فغضب عمر ووثب وقام، وقال: ألا تضم هذا المتخلف عنك بالبيعة..؟! فقال أبو بكر: اجلس، ثم قال لقنفذ: اذهب إليه فقل له: أجب أمير المؤمنين أبا بكر.. فأقبل قنفذ حتى دخل على علي (عليه السلام) فأبلغه الرسالة، فقال: " كذب والله! انطلق إليه فقل له: لقد تسميت باسم ليس لك، فقد علمت أن أمير المؤمنين غيرك.. " فرجع قنفذ فأخبرهما. كما هو الواضح من الرواية كانت هناك مراسلات عديدة بين الامام علي والقوم بحضور الزهراء ومشاركتها . بل الزهراء خرجت بعد ذلك بنفسها تستنصرهم للرجوع لإمامهم كما جاء في رواية ابن قتيبة: خرج الامام علي (عليه السلام) يحمل فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) على دابة ليلا يدور في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله! قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أن زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به..! فيقول علي (عليه السلام): " أ فكنتُ أدع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيته لم أدفنه وأخرج أنازع الناس سلطانه..؟! " فقالت فاطمة (عليها السلام): " ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له وقد صنعوا ما الله حسيبهم وطالبهم ". ثم بعد ذلك بعد ان يأس القوم من اجابة الامام علي(عليه السلام) لهم عمدوا إلى الهجوم على بيت الزهراء...(17) دور الزهراء (عليها السلام) في قمع محاولات إرجاع عادات الجاهلية ثم بعد ذلك بأيام بلغ بالقوم الضلال أن أخذوا ارض فدك التي وهبها النبي (صلى الله عليه وآله) لها في حياته حيث ذكر اصحاب السير لما نزلت الآية «وآت ذا القربى حقه» دعا رسول الله فاطمة الزهراء وأعطاها فدكاً»(18). ويذكر الامام علي امر فدك بقوله (عليه السلام) «بلى كانت في أيدينا فدك من كل ما أظلته السماء، فشحت عليها نفوس قوم وسخت عنها نفوس قوم آخرين، و نعم الحكم الله». فجاء القوم بحديث من عند انفسهم ليكذبوا به على رسول الله (صلى الله عليه وآله) لإرجاع عادات الجاهلية بحرمان المرأة من الارث، فقال أحدهم: (سمعت رسول الله يقول: نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة)(19). هنا تصدت الزهراء (عليه السلام) للرد على هذا البهتان على رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأخذت بخمارها وتجلببت بجلبابها لتخطب بالناس في المسجد خطبتها الفدية المعروفة التي سنقتطف منها ردها على حديث أبي بكر: قالت عليها السلام: أيها المسلمون أأُغلب على إرثيه؟ يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله أن ترث أباك، ولا أرث أبي؟ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّاً. أ فعلى عمدٍ تركتم كتاب الله، ونبذتموه وراء ظهوركم، إذ يقول: وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ؟ وقال فيما اقتص من خبر يحيي بن زكريا(عليه السلام) إذ قال: فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا, يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّاً. وزعمتم ألا حظوة لي، ولا إرث من أبي لا رحم بيننا! أ فخصّكم الله بآية أخرج منها أبي؟! أم هل تقولون: أهل ملتين لا يتوارثان؟! أولست أنا وأبي من أهل ملة واحدة؟! أم أنتم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبي وابن عمي؟! فدونكها مخطومة مرحولة، تلقاك يوم حشرك، فنعم الحكم الله، والزعيم محمد، والموعد القيامة، وعند الساعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ). ورجعت لبيتها تاركة القوم في حيرة من امرهم يتنازعون بين حبهم للدنيا والحق الذي بينته لهم الزهراء (عليها السلام). ورفضت بعد ذلك ان ترضى على أبي بكر وعمر رغم مجيئهم مراراً لاسترضائها حتى توفت (20). كانت هذه قبسات من سيرة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها حيث تصدت بكل ما تستطيع لمنع الامة من الانحراف والضلال وارجاعهم إلى الهدى والرشاد... لكنهم ابوا الا الضلال . فالسلام عليها يوم ولدت ويوم توفيت ويوم تبعث حية. _____________________ (1) الحجرات الآية 13 (2) النحل الآية 58 و 59 (3) ينظر العهد القديم والجديد للاطلاع على واقع نظرة الدينين للمرأة . (4) دلائل الإمامة : 79| 18. وبحار الأنوار 43 : 9| 16. (5) تاريخ الأئمة | ابن أبي الثلج : 6. (6) الخرائج و الجرائح ج2 ص529 ح4، عنه بحار الأنوار، ج43، ص27. (7) وسائل الشيعة ج 27 ص 111 والحديث بهذا المعنى ورد كثيرا وفي اسانيد صحيحة ومتينة . (8) البحار: 43، ص81 ـ82. (9) الجواء: داخل البيت والبرا: ظاهر البيت. المشاش: رأس العظم اللين. المناقب: لابن شهر آشوب. ج3، ص 337 ، 338. (10) الأمالي، للصدوق: المجلس 24، ص100. (11) الاحزاب الآية 28. (12) الحديث هذا متواتر وبعدة الفاظ وورد في اغلب كتب الفريقين واصحها. (13) الحديث صحيح السند عند الفريقين وورد في الحاكم النيسابوري في (المستدرك) (ج 3 ص 153 . وكتاب احقاق الحق للمرعشي و الكثير من المصادر الاخرى . (14) علل الشرائع لابن بابويه القمي ص 185 ، 186. الطبراني ، المعجم الكبير ، الجزء : ( 22 ) ، رقم الصفحة : ( 404 (15) اجماع الامة على عدم بيعتها سلام الله عليها باتفاق اهل السير. (16) المائدة الآية 67. (17) الهجوم على بيت فاطمة ص103 . (18) الدر المنثور «للسيوطي» عن البزاز و أبي يعلى و ابن حاتم و ابن مردوه عن سعيد الخدري. وذكر ذلك ابن الاثير في الكامل وغيرهم. (19) نهج البلاغة في رسالته لعثمان ابن حنيف. نجلاء المياحي
اخرىرسائل من الطف
شهداء.. ركضة طويريج ركضة أرواحٍ كأنها كانت... قبل الابدان، أرواحٌ... شاء الله أن تعرج من الجنة الى الجنة.
اخرىالتعليقات
يتصدر الان
لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع
يستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي
اخرىبين طيبة القلب وحماقة السلوك...
خلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي
اخرىالطلاق ليس نهاية المطاف
رحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي
اخرىلا تقاس العقول بالأعمار!
(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي
اخرىالمرأة في فكر الإمام علي (عليه السلام)
بقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.
اخرىأساليب في التربية
عالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي
اخرى