سلسلة فيءٌ من أروقة القرآن الكريم/ الآية السابعة: (لطف الهداية)

بقلم: يا مهدي ادركني قال تعالى: (وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى) [سورة الضحى: آية7] إنّ هذه الآية جاءت ضمن سياق آيات تعرضت إلى ذكر حياة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وعناية الله تعالى الفائقة به، وعند الوصول إلى هذه الآية الكريمة قد يرد تساؤل وهو: ما معنى الضلالة هنا؟ وهل من الممكن أن يكون النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) متصفًا بها؟ قبل الجواب على هذا التساؤل يجب أن نشير إلى نقطة مهمة وهي: إنّ النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وكذا سائر الأئمة والأنبياء والرسل هم أنوار طاهرون مطهرون وهم في ظهور آبائهم، وقد أشارت إلى ذلك الآية الكريمة (وتقلبك في الساجدين) [الشعراء: 219]، وهذا يعني أنهم مطهرون من كل أنواع الشرك والضلال. ولتفسير هذه الآية عدة أوجه نذكر البعض منها لنزيح عنها الضبابية ونبصر حقيقة أراد البعض تشويهها: الوجه الأول: إنّ مادة (ضالًا) مأخوذة من الضلال وهو عدم الهداية، وقد جاء عن صاحب الميزان (المراد بكونه (صلى الله عليه وآله) ضالًا حاله في نفسه مع قطع النظر عن هدايته تعالى) (1) بيانه: إنّ النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) إنّما نال هذه الدرجة العظيمة نتيجة لعبوديته الخالصة لله تعالى، تلك العبودية المجردة من كل الشوائب التي قد تُعكر صفاء القلب وتضعف نوره، فهو كان بعبوديته تلك مصداقًا للافتقار إلى الله تعالى من كل الجهات لذا كان (صلوات الله وسلامه عليه) يردد دومًا (ربي لا تكلني إلى نفسي طرفة عين أبدًا) ليرسم أجمل صور العبودية المحضة لله (جل وعلا). فإذا ما نظرنا إلى هذا الجانب من الافتقار إليه (جل وعلا) لوجدنا أنّ نور الهداية يتجلى في العبد برحمة منه (جل وعلا) ولولا ذلك لما اهتدى الخلق، ولكن هنا لا بد من أن نشير إلى أمر مهم وهو: إنّ هذا لا يعني أنه (صلوات الله وسلامه عليه) لم يكن موحدًا، وأنه كان وضالًا والعياذ بالله بالمعنى العرفي للضلال وإنما المراد منه أنّ تفاصيل الهداية والتشريعات لم تكن منكشفة له قبل أن ينزل عليه الوحي، وأما من ناحية توحيده لله تعالى فهو أمر ملازم له (صلوات الله وسلامه عليه) مُنذ أن كان نورًا تحت العرش. الوجه الثاني: من معاني الضلال هو عدم الوجدان، أي هو ما قد فُقد وضاع من المحسوسات أو المعقولات، فيقال: وجد ضالته، أي وجد ما قد فقد. وعليه يمكن القول بأن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) كان شيئاً عظيمًا ضالًا بين قومه لا يعرفون قيمته فهداهم الله تعالى إليه وهدى به (صلى الله عليه وآله) من أراد الهداية وسلوك طريق الحق والنجاة يوم الحساب. ___________________ 1- الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي/ ج20/ص354.

اخرى
منذ 3 سنوات
330

سلسلة فيءٌ من أروقة القرآن الكريم (6) الآية السادسة: حقيقة الكيد الإلهي

بقلم: يا مهدي أدركني قول تعالى: (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً. وَأَكِيدُ كَيْداً) [الطارق 15 – 16] أُمِرنا بقراءة القرآن الكريم والتدبر فيه، ولا يعني هذا أن أي إنسان هو قادرٌ على فهم معانيه بتمام معنى الكلمة من دون الرجوع إلى ذوي الاختصاص وإلى ينبوع العلم والمعرفة تراجمة القرآن الكريم أهل البيت (صلوات الله وسلامه عليهم) وبالتالي قد يقع من لا يرجع إلى مصدر التفسير الصحيح للقرآن الكريم في دوامة الشك والتساؤلات التي تبعده عن نور المعرفة نتيجة محاولته فهم القرآن من تلقاء نفسه. ومن هذه الأمور التي قد يقع فيها هو رمي ساحة الذات المقدسة بالصفات السلبية المذمومة التي تورث النقص تعالى الله عنها علوًا كبيرًا، ومنها صفة الكيد التي نعت الله تعالى نفسه بها في القرآن الكريم، فهل يمكن للعاقل أن ينكرها وقد نعت الله تعالى بها نفسه؟ وكيف يثبتها له وهي من صفات النقص؟ وللخروج من هذه الدوامة ولكي لا نقع في مصيدة الأفكار الخاطئة علينا أن نذكر المقدمات التالية لتوضيح الأمر: أولًا: إن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين، واللغة العربية غنية بمفرداتها ومعاني مفرداتها، فلا يمكن الحكم على كلمة من دون الرجوع إلى معناها اللغوي وأخذها من مصادرها النقية لعله نعرف المعنى منها المستعمل في زمن صدور القرآن الكريم أو الرواية الشريفة. هذا فضلًا عن كون اللغة العربية لها قوانينها الخاصة بها من بلاغة ومجاز والاعتماد على القرائن وما إلى ذلك. ثانيًا: إن الله سبحانه وتعالى متصف بكل الصفات الكمالية ومنزه عن جميع الصفات السلبية ولا يمكن نسبة أي صفة سلبية للذات المقدسة، أما إذا كانت مذكورة في القرآن الكريم فكن على يقين بأن لها معنى غير ما ربما يوهم النقص فيه جل جلاله. وعليه نقول: الكيد: في اللغة ضرب من الاحتيال، وقد يكون مذمومًا وقد يكون ممدوحًا، وإنْ كان يستعمل في المذموم أكثر، ويكون بعض ذلك محمودًا (مفردات الراغب الأصفهاني مادة كيد). فلهذه الكلمة استعمالان واستعمال أحد الوجوه أكثر من الآخر لا يعني اندثار المعنى الأول ووأده وعدم الالتفات إليه. وبعبارة أخرى: أن الكيد عمومًا هو التدبير والتخطيط، ولكن هذا التدبير إذا كان من الكفار والمنافقين فهو تدبير سيء والقصد منه إيذاء المؤمنين، أما إن كان من الله تعالى فهو تدبير حسن والغاية منه جزاء الكافرين ورد كيدهم وصدهم عن المؤمنين. إذًا هو كالمرآة يعكس حقيقة الوجوه فإن كان الشيء بأصل ذاته جميلًا فيكون الكيد هنا حسنًا جميلًا، وأما ما كان ذاته قبيحًا فيكون كيده مرآة لذاته. والخلاصة: أن المراد من الكيد في الآية الكريمة هو أن الله تعالى يجازي الكافرين الذي يكيدون بالمؤمنين ويريدون أن يطفئوا نور الله تعالى، ولكن الله تعالى أعلم بسرائرهم الخبيثة فيقي المؤمنين من شر أعمالهم بطرق لا يمكن لهم –أي الكافرين- أن يعلموها ويعذبهم عذابًا أليمًا.

اخرى
منذ 3 سنوات
424

سلسلة فيءٌ من أروقة القرآن الكريم الآية الخامسة: ادعاء أم إلزام؟

بقلم: يا مهدي أدركني قال تعالى: (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) [ سورة الأنبياء: آية 63] حكى القرآن الكريم عن النبي إبراهيم (صلوات الله وسلامه عليه) قصة الأصنام التي حطمها (عليه السلام) بيده الشريفة وعلّق الفأس على كبيرهم... فقد قام النبي إبراهيم (عليه السلام) بتكسير الأصنام وترك كبيرهم، وعندما جاء أهل المدينة وأحضروا النبي (عليه السلام) قال: (قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَٰذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ) وهنا تساؤل: هل من الممكن أن تكون المراوغة في الكلام من أخلاق الأنبياء (عليهم السلام) أو هل من المناسب أن يصدر منهم الكذب؟ هنا لا بد من أن نستضيء بشمعة العصمة ونجعل نورها دليلًا لنا في خطوات معرفة السبيل لهذه الآية المباركة. العصمة في اللغة هي الحفظ والوقاية، أما اصطلاحًا فهي عدم الوقوع في الخطأ عمدًا أو سهوًا فعلًا أو قولًا. والكذب هو من السلوكيات الخاطئة والأفعال القبيحة عقلًا ولا يختلف على ذلك اثنان، هذا أولًا. والنبي إبراهيم (صلوات الله وسلامه عليه) هو من أنبياء أولي العزم وهو خليل الله تعالى والعصمة ثابتة له وعلى مبنى الشيعة الإمامية فإن من يتصف بالعصمة يجب أن يكون معصومًا منذ يوم ولادته إلى آخر نفس في حياته وفي جميع أقواله وأفعاله (ويبحث ذلك في مبحث النبوة في علم الكلام). وعليه فإنّ العصمة أضاءت لنا نقطة مهمة ووضعت لنا علامة أساسية وهي عدم جواز حمل كلام النبي إبراهيم (عليه السلام) على الكذب في هذه الآية الكريمة. إذًا ما هو التفسير الصحيح لهذه الآية الكريمة وما هو المراد منها؟ الجواب: إنّ من أحد أساليب الحوار والمناظرة مع الطرف الآخر الذي يحمل أفكارًا مضادة هو إلزامه بما يدعيه بقصد إبطال مدعاه، وهو ما فعله النبي إبراهيم (عليه السلام). وهذا ما أشار إليه صاحب الميزان فقال: [ما أخبر (عليه السلام) به بقوله: (بل فعله كبيرهم هذا) دعوى بداعي إلزام الخصم وفرض وتقدير قصد به إبطال الوهيتها]*. بمعنى: أن النبي (عليه السلام) قال لهم: أنتم تعتقدون أن هذه الأصنام آلهة، إذن، أنا ادّعي أن الصنم الكبير هو من حطم الصغار، فاسألوا الأصنام لتجيبكم كما ادعيتم، وحيث إنهم لا يجيبونكم، فهذا معناه أن دعواكم ألوهيتهم لا معنى لها، فأبطل دعواهم بهذا الأسلوب. ____________________ *الميزان في تفسير القرآن للعلامة الطباطبائي/ ج14/ص302.

اخرى
منذ 4 سنوات
342

سلسلة فيءٌ من أروقة القرآن الكريم (4) (ميل القلوب)

بقلم: يا مهدي ادركني قول تعالى: (وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ) [سورة النساء: 129] إن الله سبحانه وتعالى خالق الإنسان وهو عالم بأحواله وقدراته، وقد أودع فيه قوتين (الغريزة والعقل) ووضع له القوانين والتشريعات تحننًا ولطفًا منه (جل وعلا) لئلا تجذبه الغريزة إلى وادي المعاصي لتلسعه ألسن الشهوة. ومن تلك القوانين قانون تعدد الزوجات الذي جرت عليه سنن الأقوام السابقة على مر العصور، غاية ما في الأمر أن الإسلام قنّن هذه الظاهرة ووضع لها شروطًا وحدودًا حفاظًا على حقوق المرأة وتكريمًا لها. ويترتب على تعدد الزوجات وجوب العدالة، أي على الرجل أن يعدل بين زوجاته فإن لم يستطع أن يحقق هذا الشرط فعليه الاكتفاء بواحدة فقط، حتى لا يقع في الحرام. وقد يتوهم البعض بأن هذه العدالة من المستحيل تحققها لأن الله تعالى قد بين في الآية أعلاه استحالة تحققها ولو حرص الرجل على ذلك. فهل من الممكن أن يُكلف الله تعالى عباده بغير المقدور؟ للجواب على هذا التساؤل لا بد من المرور على بعض النقاط النافعة: أولًا: إن الله (جل وعلا) متصف بجميع الصفات الكمالية وبأعلى مراتبها، ومن هذه الصفات صفة الحكمة، والحكيم لا يمكن أن يضع القوانين عبثًا. ثانيًا: إن الله تعالى لا يكلف عباده بغير المقدور أو ما هو خارج عن حدود قدرة العبد لأنه سيكون ظلمًا والله تعالى عادل منزه عن جميع أنواع الظلم. ثالثًا: إن إمكانية تحقق هذه العدالة واقعة فعلًا فهي ليست منحصرة في حيز الإمكان وإنما لها وجود واقعي وهذا يمكن التحقق منه بمجرد الرجوع إلى سيرة النبي الأعظم والأئمة (صلوات الله وسلامه عليهم). رابعًا: إن حكم القسط والعدل الذي وضعه الله تعالى على الرجل بين النساء هو بخصوص إيتائهم حقوقهن الواجبة عليه من إنفاق وإظهار الاحترام والمعاملة بالحسنى. وأما العدالة المستصعب حصولها وتحققها في الآية الكريمة، فهي التي تتعلق بالأمور الوجدانية التي ليس للإنسان فيها سلطان، فهي أمور لا إرادية مثل ميل القلوب، فهو وإن استطاع أن يعدل بين نسائه ويساوي بينهن في الإنفاق والاحترام وتوفير جميع مستلزماتهن وقسمة الليالي بينهن، إلّا أنه لا يستطيع أن يتحكم بمشاعره وهوى قلبه، فهو قد يميل إلى إحداهن دون الأخرى. والخلاصة: إن الشرط الذي وضعه الله تعالى ليصح تعدد الزوجات هو العدل والقسط بين النساء في ما عليه من حقوق وواجبات ظاهرية تجاه الزوجة، فإن علم بعدم قدرته على أن يقسط بينهن أو حتى خاف من عدم تحقق ذلك فعليه الاكتفاء بواحدة، وأما المراد من الآية الكريمة في عدم إمكانية الرجل من أن يحقق العدالة وإن حرص فهو ما يخص الأمور الوجدانية مثل ميل القلوب والحب الداخلي، ولكونه أمرًا غير اختياري فمن لطف الله تعالى لم يكلف به الرجل بأن يعدل به بين النساء وإلّا كان تكليفًا بغير المقدور.

اخرى
منذ 4 سنوات
307

سلسلة فيءٌ من أروقة القرآن الكريم (3) الآية الثالثة (عطر المجالس)

بقلم: يا مهدي ادركني قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [سورة الأحزاب: آية56]. عند سماع أو قراءة كلمة (الصلاة) سرعان ما يتبادر إلى الذهن فريضة الصلاة اليومية بركوعها وسجودها وبقية أركانها وأجزائها، لذا قد يتساءل البعض عند قراءة هذه الآية المباركة وأنه كيف يصلي الله تعالى على النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) وهو الرب الآمر بالصلاة الغني عن العبادة، المعبود الذي تفتقر إليه العباد؟ للإجابة عن هذا التساؤل يجب أولًا أن نتعرض لمعنى الصلاة اللغوي وإلى أي نوع من الألفاظ تنسب: أولًا: معنى الصلاة في اللغة هو الدعاء، والدعاء يصح إذا كان من الداني إلى العالي، كما في حال الدعاء الصادر من العبد إلى الرب. ثانيًا: إن لفظ الصلاة يندرج تحت قسم اللفظ المنقول، ومعنى هذا: أن هناك ألفاظًا في اللغة وضعت لمعنى معين ولكن بعد فترة تم استعمالها في معنى آخر لوجود مناسبة بين المعنيين وهُجر الاستعمال الأول، فقد كان المعنى الأول للصلاة هو الدعاء ولكن تم استعمالها في الفرائض اليومية لوجود مناسبة بين المعنيين، أي أمر مشترك بين المعنى الوضعي الأول وبين المعنى الاستعمالي الثاني وهو اشتمال هذه الفريضة على الدعاء. بعد أن تبين معنى الصلاة في اللغة نقول: الصلاة بمفهومها العام هي الدعاء بالرحمة، وهذا هو المعنى الكلي للصلاة، وفي اللغة يمكن إطلاق اللفظ على المعنى الكلي ويكون المراد منه الجزء لا الكل، فيراد من الصلاة الرحمة فقط لا الدعاء لأن الدعاء وكما تبين هو طلب من الداني إلى العالي، وحيث أن الله تعالى هو العلي الأعلى فلا يجوز توظيف المعنى الكلي فيه (جل وعلا). فبإسناد الصلاة إلى الله تعالى في هذه الآية الكريمة يراد منها الرحمة فإنّه (جل وعلا) وسعت رحمته كل شيء ومن أولويات ما تختص به رحمته تبارك وتعالى هو من خُلق الكون لأجله أشرف وأعظم مخلوقاته نبينا الأعظم (صلوات الله وسلامه عليه). قال صاحب الميزان فيما يخص هذه الآية الكريمة: (إن أصل الصلاة الانعطاف فصلاته تعالى انعطاف عليه بالرحمة انعطافًا مطلقًا لم يقيد في الآية بشيء دون شيء وكذلك صلاة الملائكة عليه انعطاف بالتزكية والاستغفار وهي من المؤمنين الدعاء بالرحمة)* ___________________ *الميزان في تفسير القران للعلامة الطباطبائي: ج16:ص 344.

اخرى
منذ 4 سنوات
357

سلسلة فيءٌ من أروقة القرآن الكريم/ الآية الثانية (أحسن الخالقين)

بقلم: يا مهدي أدركني قال تعالى: ( فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) [المؤمنون: آية 14] اتفقت كلمة الموحدين على التوحيد في الخالقية، فلا يوجد خالق في الكون إلّا الله تعالى، وقد أثبتوا ذلك بالأدلة العقلية (يبحث ذلك في علم الكلام)، فضلًا عن الأدلة النقلية التي جاءت لتمضي ما أثبته العقل وتُرشد إليه، فقد قال عز من قائل: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ) [سورة فاطر: آية3]. وقد يتوهم البعض عدم انحصار الخالقية بالله تعالى لمكان صيغة التفضيل المستخدمة في الآية الكريمة، وهذه الصيغة إنما تستعمل عند وجود طرفين مشتركين بصفة أو فعل ما، ولكن يوجد ترجيح بالأفضلية لأحد الطرفين، والترجيح هنا لله تعالى أحسن الخالقين. فهل هناك خالق في الكون غير الله تعالى؟ في الجواب نقول: أولًا: إن الخالقية تنقسم إلى قسمين: أ- مستقلة (وهي منحصرة بالذات المقدسة). ب- غير مستقلة وإنما قائمة بالتسبيب أو التفويض من الله تعالى، وهي من أفعال الممكنات. ثانيًا: إنّ النظام الذي جعل الله تعالى العالم قائمًا عليه هو نظام الأسباب والمسببات أو نظام العلة والمعلول. ثالثًا: إن صفات الله تعالى بلحاظ إمكانية إطلاقها على غير الله تعالى تنقسم إلى قسمين: الأول وهو ما لا يمكن إطلاقه على غير الله تعالى كصفة واجب الوجود فهي من الصفات التي لا يصح إطلاقها على غير الله تعالى، وتسمى بالأسماء المستأثرة. والثاني وهو من الصفات التي يمكن أن تطلق على غير الله تعالى كصفة الحياة والقدرة والحكمة والخالقية. رابعًا: إن الصفات التي يمكن إطلاقها على غير الله تعالى هي ذات مفهوم مشكك أو لنقل هي من المشترك اللفظي، وهذا يعني إن صفة الحياة بالنسبة إلى الله تعالى هي في مرتبتها الكمالية غير المتناهية، أما بالنسبة للمكنات فلها درجات كمالية مختلفة حسب مرتبتها الوجودية فهي في النبات أقل كمالًا مما هي في الحيوان والثانية أقل كمالًا مما هي عليه في الإنسان وبمجموعها هي متناهية ومحدودة. ونتيجة لما تقدم نخلص إلى: أن صفة الخالق هي من المفاهيم المشككة التي يمكن إطلاقها على الممكنات بمراتبها المتناهية، وهي قد تكون صادرة من الممكن لا على نحو الاستقلال وإنما على نحو التسبب أو التفويض من الله تعالى فهي لا تخرج عن دائرة القدرة لله تعالى. ويبقى الخالق المستقل حصراً هو الله تبارك وتعالى.

اخرى
منذ 4 سنوات
431

سلسلة فيءٌ من أروقة القرآن الكريم الآية الأولى (منزلة الروح)

بقلم: يا مهدي أدركني. قال تعالى: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) [سورة الحجر: آية 29] قد يشتبه البعض عند المرور على هذه الآية الكريمة ويظن بأن لله تعالى روحاً، ومن هذه الروح التي هي جزء من الذات المقدسة نفخ تعالى في جسد أبينا آدم (صلوات الله وسلامه عليه) وبث فيه الحياة، وغالبًا ما تقع هذه الإشكالات نتيجة الفهم الظاهر للآية الكريمة، مع الغفلة عن أن للقرآن الكريم ظاهراً وباطناً. ونلفت النظر أولاً إلى امرين: الأول: إن من أهم صفات واجب الوجود (الله جل وعلا) كونه بسيطًا غير مركب على خلاف جميع مخلوقاته التي تتصف بالتركيب، لأن التركيب يلازم الاحتياج وكونه تعالى غنياً بالغنى المطلق، فلا يمكن أن يكون مركبًا. الثاني: إن الله تعالى إذا أراد أن يكرّم شيئاً ويعظّمه فإنه ينسبه إلى نفسه، ومن هذه القبيل نجد تطبيقات كثيرة منها: بيت الله تعالى، بقية الله تعالى، روح الله تعالى، وما إلى ذلك من ألفاظ مشابهة. إذا تبين هذا نقول: إن الله تعالى أراد أن يكرم الإنسان، ذلك الموجود المادي ببدنه، فأفاض عليه موجودًا آخر له نوع من الاتحاد بالبدن، ولكن له استقلاله الخاص به، وهو موجود مجرد، لكنه أشرف من الموجود الأول، فهو لا يتفسخ بالموت كما يتفسخ البدن ويجيف، وفي حقيقة الأمر أن الموت هو عبارة عن انسلاخ ذلك الموجود المجرد (الروح) عن البدن، وبمجرد انفصالها عنها يؤدي إلى تفسخ البدن وتحوله إلى تراب. وهذا يعني: أن البدن نال شرفيته من تلك الروح التي لشرفها وعظمتها نسبها الله تعالى إلى نفسه، ولا يعرف أحد سرها أو حقيقتها (قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) [سورة الإسراء: آية 85]. ومنه يتبين: أن الروح التي نفخها الله تعالى في الإنسان ليست جزءاً منه جل وعلا، وإنما هي مخلوق من مخلوقاته، لكنه تعالى نسبها لنفسه ليُكسبها شرفاً ومقاماً لم يكن البدن قد حصل عليه، والفارق أن الروح مجردة، والبدن مادي، والمجرد أشرف من المادي.

اخرى
منذ 4 سنوات
482

خاطرة

إنه لمن المحزن حقًا أن نتصارع أنا وأنت! بعدما كنا شركاء في القرار... الآن القرار للأقوى! إذًا أصبح القرار شخصا ثالثًا بيننا! مرهق فعلا أن يكون الفرق شاسع بيني وبينك، فأنت بطيبتك اللا متناهية وأنا بحكمتي! أصبحت أحاربك لأجلك؛ كي لا تصبح عبداً للأشياء العابرة! لا أريد أن يتقمصك الخذلان ويأخذ بتشتيت روحك! كنت أربت على كتفك دائما وأعلمك بقراري الصائب... ما عليك هو أن توافقني كي لانصبح اعداءً يا صديقي القلب العطوف! و إن اخترت قرارك يوما ما، إياك أن تعود لي يعلوك الندم! وتطلب النصح كعادتك! سئمت قراراتك المصحوبة بالحب! سأركنك في بساتين روحي وأصنع منا شيئاً لا ينسى.

اخرى
منذ 4 سنوات
313

خطوات وقواعد في تربية الأبناء

بقلم: قاسم المشرفاوي كلٌ منّا يحلم بأبناء صالحين، يتمتعون بحسن السيرة والسلوك وجمال المنطق، وبلاغة الحديث وحسن التصرف. لكن لا يمكن أن نصل إلى ذلك إلا بتوفيق من الله تعالى، وسعي حثيث منّا، فقد جاء في محكم كتابه الكريم قوله تعالى: (وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40)) سورة النجم لا يمكن أن نتزوج ونُنجب الأطفال ونقول إن الزمن كفيل بتربيتهم وتعليمهم، فهذا تقصير واضح في دور الآباء والأمهات الذين يلقون بمسؤولية التربية على عاتق الزمن. لذلك يجب على الشباب قبل أن يقدموا على الزواج التفكير بموضوعية في هذا الأمر، فهو من الأمور التي تحتاج تأمل وتعمق من أجل بناء أسرة سليمة ومعافاة نفسيًا، تشترك في صلاح المجتمع وبنائه في المستقبل. لو أردنا أن نبين بعض الخطوات المهمة والضرورية في التربية فيمكن أن نذكر بعضها: أولاً: يجب على الرجل والمرأة أن يكون اختيارهما صائباً لبعضهما البعض، فهذه تعتبر أهم الخطوات نحو أسرة سعيدة، فقد ذكر النبي الكريم (صلى الله عليه وآله) عدة أحاديث في هذا الشأن ومنها: - ما روي عنه (صلى الله عليه وآله) قال: {إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير}. (١) - وروي عنه (صلى الله عليه وآله) : ((لا تسترضعوا الحمقاء، فإن الولد يشب عليه)). (٢) لأن هناك صفات وراثية تنتقل إلى الأبناء بالوراثة فيجب أن يكون الاختيار موفقًا في هذا الشأن. ثانيًا: بعد ذلك يجب أن يخطط الزوجان لحياتهما فيما يخص عدد الأبناء وتناسبه مع وضعهما المادي والنفسي، فالحمل المتلاحق للزوجة يُتعبها من الناحية النفسية والجسدية مما يؤثر سلبًا على علاقة الزوجين معنويًا وروحيًا، فتصبح متابعة الأبناء صعبة من جميع النواحي، فالتخطيط المُبكر لهذا الأمر يعد خطوة بالاتجاه الصحيح... ثالثًا: ينبغي أن يكون الزوجان ذوي ثقافة فكرية جيدة، وإحاطة علمية فيما يخص أساليب التربية الحديثة، والأسس المتينة التي يستند عليها البناء التربوي ليتمكنا من إعداد أبنائهما الإعداد الصحيح في مواجهة مختلف تحديات الحياة وصعوباته، وهنا وجب على الزوجين قراءة الكتب التربوية والنفسية من أجل تثقيف نفسيهما بهذا الجانب، الأمر الذي يدعم حياتهما الزوجية، ويعطيها طابع الانسجام الفكري والنفسي وهذا هو المطلوب. رابعًا: أن يكون الوالدان قدوةً حسنة في السلوك أمام أبنائهم فالأطفال يتأثرون بالأفعال أكثر من النصائح والإرشادات، خصوصًا التي تستند على أسس التوبيخ والانتقاص وإهانة الذات، فلا يمكن أن يتقبّل الطفل نصيحة من أبويه إذا كانت تحتوى على مس لكرامته وانتقاص لذاته، فأرجو توخي الحذر في ذلك يرحمكم الله. خامسًا: يجب أن يكون الأبوان متفقين وغير متعارضين في أسلوب التربية المتبع في البيت، وإلا اصبح البيت في فوضى تامة، فإذا كان أحدهما يأمر والآخر ينهي فإن هذا التناقض سيُدخل الأطفال في متاهة وضياع دائم، ونرى حالات التناقض منتشرة بسبب محاولة فرض الرأي والسيطرة وإثبات الذات، فالزوج يريد أن يثبت أنه المسيطر والزوجة كذلك، كأننا في حرب دائمة مع بعضنا البعض، هنا يجب على الوالدين أن يتنازلا عن أنانيتهما، ويفكرا بمنطقية وموضوعية أكثر من أجل بناء أسرة واعية منسجمة ذاتيًا مع بعضها البعض.. لعل البعض يسأل: على ماذا نُربي؟ وما هو المنهج الذي نتبعه في التربية؟ نقول: إنه يجب علينا أن نربي أبناءنا على منهج الإسلام الأصيل آخذين بنظر الاعتبار التطور التكنولوجي، والتسارع المعلوماتي والزمني في ذلك من أجل الحفاظ على تربية متزنة تسير في طول المنهج الإسلامي لا في عرضه، وهذا يعتمد على أسلوب الوالدين ودرايتهما في هذا الأمر. والله الموفق والمستعان

اخرى
منذ 3 سنوات
423

يتصدر الان

لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع

يستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
70389

بين طيبة القلب وحماقة السلوك...

خلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
51497

الطلاق ليس نهاية المطاف

رحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
41498

لا تقاس العقول بالأعمار!

(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
36082

المرأة في فكر الإمام علي (عليه السلام)

بقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.

اخرى
منذ 5 سنوات
32911

أساليب في التربية

عالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
32263