بقلم: شفاء الباري قيل: "إنَّ المرأةَ التي تهزُّ المهدَ بيمينِها، تستطيعُ أنْ تهزَّ العالمَ بيسارِها". حين نتحدثُ عن المرأة وخصوصًا العراقية، فنحنُ نتحدثُ عن جبلِ شموخٍ؛ فالبيئةُ الاجتماعية، والظروفُ القاهرة التي مرَّ بها البلدُ من حروبٍ ومطارداتِ السلطة والإرهاب وترمّل الأغلب من النساء، جعلتْ منها حمّالةً لمسؤوليةٍ مزدوجة، أنْ تكونَ مُربيةً لأولادها من جهة، ومُعيلةً لهم وعاملةً لتوفيرِ فرصِ البقاء والنهوض بـأسرتِها من جهةٍ أخرى. وكُلُّ ذلك أعطاها من الصلابةِ والقوةِ والصبرِ والإرادةِ للتصدّي بثباتٍ لكُلِّ تلك المعوقات، خصوصًا الحرب الناعمة التي يستهدفُ بها العدو المرأةَ بالذات؛ لأنه وعى ما لها من دورٍ في نهضةِ البلد، وإمكاناتِها لتغييرِ الواقعِ؛ فهي نصفُ المجتمع، وتلدُ وتُربي النصف الآخر. وهناك نماذجُ في التاريخِ لسيداتٍ عظيماتٍ غيَّرنَ المجتمعاتِ بقيادتِهن الحكيمة وفكرهن الواعي، فها هي بلقيس تقول للملأ: "ماكنتُ قاطعةً أمرًا حتى تشهدون"، وفي الوقتِ الذي مال فيه رجالُ قومِها إلى القوة: "أولو قوةٍ وأولو بأسٍ شديد" مالت هي إلى الحكمة، حتى تمكنت من قيادةِ شعبِها نحو النجاة والإيمان. والسيدة خديجةُ (عليها السلام) قادت هي الأخرى الدفة الاقتصادية للإسلام والدفة النفسية للرسولِ الأعظم (صلى الله عليه وآله). وكذلك السيدة الزهراء والسيدة زينب (عليهما السلام) قدواتٌ للمرأةِ الواعيةِ الفاهمة القائدة. فالمرأةُ تمتلكُ الوعيَ الكافي، إضافةً إلى ما تتمتع به من إمكانياتٍ ذاتية، والقدرة على تفعيلها إذا ما أُعِدَّتْ إعدادًا صحيحًا؛ لأنّ التربيةَ لها الدورُ الأساسُ في نشأتِها وتحديدِ شخصيتها، علاوةً على دور المجتمع في بنائها كامرأةٍ قيادية.. ولا نقصد بقيادية المرأة أن تكون المرأةَ بالضرورةِ مديرةً أو مسؤولةً في منصبٍ سياسي فقط، بل في أيِّ موقعٍ كانت؛ لأنّها خُلِقَت بفطرتها التكوينية وهي قائدة بدءًا بالأسرةِ، وانطلاقًا لقياداتٍ في المُجتمع حسب مُبادرتها التي تؤهلها أنْ تكونَ لها مكانة ومركزية قيادية. لذلك تحتاجُ المرأةُ إلى دعمٍ مجتمعي لتعريفها وتعريف الآخرين بحقوقها وواجباتها لكي تبدع بالعطاء وتتقلد مناصب قيادية عالية من خلال: *إتاحةِ الفُرصِ المتكافئة في المجتمع مع الرجل حسب قدرات كُلٍّ منهما المختلفة.. *القضاءُ على الأمية والفقر، وحل المشاكل الصحية، وتنمية المهارات، وتوفير فرصِ العلم والعمل لتمكينها اقتصاديًا. *القضاء على ظاهرةِ العنفِ الأسري سواءَ أكان عنفًا جسديًا أم نفسيًا أم اقتصاديًا أم اجتماعيًا، وإيجاد الوسائل المناسبة لذلك. *سن القوانين التي تحفظُ حقوقَ المرأة، وتضمن لها الكرامة والأمان. وختامًا... لأنّ المرأةَ تحتاجُ إلى العلمِ والثقةِ والخبرةِ لأجلِ أن تبدع، ولأنَّ قيادتَها فطريةٌ وموهبةٌ تجعلُ منها قائدةً وفاعلةً أيًا كان موقعها في العمل أو في حياتها الخاصة، تدعمها القواعد الخارجية والتمكين ممن يحيط بها، فيجبُ أنْ تُدعَم للوصول إلى أفضلِ إنجازٍ ممكنٍ أنْ تقدّمه هذه القارورة الرقيقة.
اخرىبقلم: علويه فاطمية حسينية مهدوية باختصارٍ أقولُها لكَ ولكِ: ما ضربتما طفلكما أو آذيتما شعوره بكلمةٍ واحدة؛ إلا لضعفٍ في إيمانكما. لا تُنكروا عليّ ربطَ هذا بذاك؛ فصورةُ تعنيفكم وكلامكم الجارح ما زال في مُخيلتي، لا تختلقا الأسباب وتُبررا لنفسيكما، ضربتُ طفلي كونه أزعجني، أو لا يسمعُ الكلام، أو إنّه شديدُ العناد و... عجبًا ولمَ هو هكذا؟ أهو تقصيرٌ منه أو منكما؟! صفحةٌ ناصعةُ البياض وفطرةٌ سليمة، قد وضِعت بعضُ الخربشاتِ عليها فشوّشتها، فأراد تنبيهَك تعبيرًا عن تقصيرِك وسوءِ الرعايةِ للأمانةِ علّك تَدركُ عظمَ الأمانةِ وتهتمُّ بها وتغذيها بحبه (تعالى) ونبيه وآله الأطهار (عليهم جميعًا أفضل الصلاة والسلام). فافهما هذا الكائن اللطيف جيدًا، ولتكنِ التربيةُ بإنصافٍ كما دعانا إليها الإسلام، ولا تتذرعا بحجةِ أنّكِ متعبةٌ بسبب تنظيف البيت، أو أنّكَ في العملِ وقد عدتَ إلى البيت مرهقًا، فأعصابكما متوترةٌ والصرخات تملأ المكان؛ فليس سبب عنائكما الصغير بل في عدة أمور قد غفلتما عنها بالتأكيد؛ فلو كان تنظيفُ البيتِ قربةً لله (تعالى)، وعلمت الأمُّ أنَّ لها بكلِّ قطرةِ عرقٍ وجهدٍ تبذله ثواباً من الله عظيماً، لتعاملت بأريحيةٍ واطمئنان، وساد هدوؤها البيت، وكانت بأتمِّ الاستقرار، ولو أدرك الأبُ ماله من منزلةٍ وثوابٍ لدخل للبيت بسلام واحتضن الأولاد ووزّع البسماتِ بدلَ الصرخات. ولا تدّعيا أنّكما محطما الأعصاب، فتبادران إلى ضرب الطفل حتى يتورم ظهره، وتحمر يداه، ويخضر كتفاه، أو تُمسكان بالمقص وتمزقا الثياب حديثة الاقتناء، وتخبرانه بأنَّكما ما فعلتما ذلك إلا لتربيته، ولتجعلا منه فتىً مطيعًا! لا يا أخي، ولا يا أختي، فأنتما واهمان، وقد دمرتما هذا الطفل بعمى قلبكما الآثم، ولو كنتما غضضتما البصر قليلًا، ولم تتبعا الشهوات والأهواء لكنتما حكيمين بتصرفكما ووجدتما حلًا لمشكلته؛ فلربما لم يُرِدْ شيئًا سوى ارتداء ملابسه الجميلة ليشاهده الأقران من أولاد الأعمام، لكنّه لم يكن يعلم بأنكما كنتما مشغولين بعزيزكما الجوال، هذه صورةٌ من جمعٍ من الصور لبراءةِ الأطفالِ وحشية الكبار. فقد –وللأسف البالغ- أصبح الموبايل أعزَّ من فلذات الأكباد، والعسلُ يقطرُ من اللسان في شبكات التواصل عليه، وأما في البيت فالعلقمُ أرحم وأحنُّ منكما في الطعم والكلام! يناديكما: أبتاه! أماه! اشتقتُ للعبِ معكما، فتردان عليه وأعينكما لا تفارق حبيبكما الجوال: اذهب والعب بعيدًا عني ولا تسبب لي الازعاج. ابتعدا يا عزيزي، يا عزيزتي، قليلًا عن الجوال والأجهزة الحاسبة والآيباد وتذكرا أنّكما مسؤولان عن عائلةٍ وبرقبتكما عدّةَ أطفالٍ يحتاجان إلى بعض الحنان لينشؤوا براحةٍ وسلامٍ أصحاء أسوياء. أما إن كنتما تؤذيانهما وتحبسانهما بحجة التقصير بالأعمال أو توقظانهما لصلاةِ الفجرِ بصرخاتٍ وركلاتٍ، فاعلما أنّكما لا تفلحان أبدًا وسينشؤون فاشلين متكاسلين، لا يؤدون الأعمال إلا بالضرب والصراخ، وسيُسيئون لمن أحسنَ إليهم لأنّهم نشأوا على الظلمِ والتعنيف. وأما الصلاةُ فسيتركونها والسبب أنتما، إذ يقفون على السجادةِ وقلوبهم تقطرُ حقدًا عليكما، ولربما لشدةِ الألمِ يعاندونكما ويؤديان حركات الصلاة من دون كلام! فهل تُفرحكما تلك النتيجة يا أحبائي؟ استحلفكما بالله لو كُنّا قد هذّبنا النفسَ، وأحسنّا الظنَ باللهِ تعالى وملأنا قلوبنا بحبِّ المهدي والزهراء (عليهما السلام) وعرفنا مسؤولياتنا وأدركنا أنّ الرزقَ بيدِ الله (تعالى)، وأنّ الدنيا دارُ ابتلاء، أفعلنا كُلَّ هذه الأخطاء؟ أكانت قلوبُنا قاسيةً لهذه الدرجة؟ أفعمت الأنظارُ ولم نعُدْ نشعرُ بألمِ الأطفالِ واحتياجاتهم؟ أم هل إنَّ دمعتهم الصادقة وتوسلاتهم الحزينة لم تؤثرْ فينا ولم تُحرِّكْ مشاعرنا أبدًا؟ وما أقولُ إلا إنَّ قسوة القلوب ما تأتي إلا من كثرةِ الذنوب، فراجعا نفسيكما وطهراها من الذنوب؛ لتريا براءة الأطفال.. وفي آخرِ الحديثِ تنبها لتصرفاتكما وكلماتكما مع الأطفال، سواء كان ابنكما أو غيره ممن هو تحت رعايتك، بل وإنْ كان مارًا في الطريق. وكونا كإمامكما علي (عليه السلام) باللطف والحنان، وإن استطعتما اكفلا يتيمًا وداويا جراحه، امسحا على رأسه، اشعراه بانكما الأب العطوف أو الحنون. ولا تفكر أخي الكريم في الطلاق لأدنى نزاع، فتتبع الأهواء وتترك الزوجة والأطفال، وارجع قليلًا للوراء وفكِّرْ بهؤلاء الأبناء، الذين باتوا يصرخون من ألمِ الضياع، وكأنّ لسان حالهما يقول: لو كان أبونا شهيدًا أو مات بمرضٍ ولا حلّت بنا لعناتِ الطلاق، أيُّ ذنبٍ قد اقترفناه ليُهدمَ بيتنا الذي كان أجمل ما في الكون بنظرنا رغم أنّه صغير! حتى صرنا نُمسك بيد أمنا الحنون بقوةٍ خشيةَ أن يأخذها منا القدر كما أخذ بيتنا الصغير.. أبتاه لِمَ لمْ تخفْ على شعورِ ابنتك وأنت الحنون؟ أهكذا أهواؤك أصبحت أعزَّ من ملاكك الصغير؟ أبتاه قد بكيتُ حين دخولي لأولِ مرةٍ لقاعةِ الانتظار وأنا أسمع صرخات الأطفال وراء عيون الأمهات الحائرات، لم أشعر بتلك اللحظة إلا بكسر الخاطر، وناديت إمامي الغائب (عجل الله فرجه) وقلت له: روحي لك الفداء عجّل لنا الظهور؛ فالظلمُ لا يُحتملُ وحلمُ الطفولةِ قد قُتِلَ عجِّل أيا نور العيون. فعلى كُلِّ من يؤذي طفلًا بكلامٍ أو نظرةٍ أو يدٍ أن يتذكر حين يجرؤ على أذيةِ أحباب الله تعالى وقفته بين يدي جبار السماوات والأرض، وهو أضعف وأذل من هذا الطفل الصغير ..
اخرىبقلم: تركية الزيادي السلامُ عليك يا أبا الشهداء، أيُّها الشهيد وابن الشهيد، ما أجلَّ روحك وأسماها! وما أصفى نبع حُبِّك! يسقي مُحبيك على مدى الدهور والأيام، سيظلُّ شعاعُ نهجِك يُضيئُ الدربَ لكُلِّ مُصلحٍ، وطعمُ الحريةِ الذي نسجَتْه دماؤك يتذوّقُه كُلُّ حُرٍّ وشريفٍ على أرضِ المعمورة. من المؤكد أنّ هدفَك كان عظيمًا بعظمةِ خروجِك من عرفاتِ ومنى أيامَ الحجِّ الأكبرِ، لكن أنّى أنْ يُعرفَ من ضِعافِ النفوس وطلّابِ الدنيا الدنية؟! هيهات. لقد رسمتَ أروعَ صورِ الذوبانِ في ذاتِ الله (تعالى)، وتلوّنتْ كلماتُك بدمكَ ودماءِ أهلِ بيتِك الطاهرين؛ لتبقى منارًا يُنيرُ الظلامَ في ديجاءِ الدهورِ ويُحرِّكُ من سَكنَ حُفرَ الضياع عن نهجِ الله القويم، وهذه وقفاتٌ تُبيّنُ اهدافَه (عليه السلام): 1- لقد تضاربتِ الآراءُ حولَ قيامِ الإمامِ الحسين (عليه السلام) بحركته الإصلاحية من المدينة إلى كربلاء، هل كان هدفُها تشكيلَ حكومةٍ؟ أم كان هدفُها حفظَ نفسِه من القتل على يدِ حكومةِ بني أُمية؟ لكن المُتتبع لسيرته (عليه السلام) أثناءَ سيرهِ من المدينةِ إلى مكة أولًا، وتركه مكة في يومِ التروية والناسُ تستعدُ لأداءِ مناسكِ الحج وتوجهه إلى كربلاء، إنّما يُعطي مؤشرًا أنّه خرج لأمرٍ عظيمٍ لا يقل عن أهميةِ الحج في نظرِ الدين، لا سيما أنّ الإمامَ الحسين (عليه السلام) كان يحظى بمكانةٍ رفيعةٍ عند الشيعةِ والأُمّةِ أجمع؛ فهو سيّدُ شبابِ أهلِ الجنة وثالثُ أئمتهم، وهو سبطُ الرسول (صلى الله عليه وآله) . 2- إنّ المُتتبعَ لسيرةِ الإمامِ الحسين (عليه السلام) وخُطَبِه وكلماتِه ورسائلِه إلى أهلِ العراق والكوفة يجدُها ذاتَ دلالةٍ على أنّ هدفَه الإصلاحي كان سماويًا يرتقي إلى هدفِ من سبقَه من الأوصياءِ، وهو هدفٌ يُجسِّدُ إرادةَ ربِّ السماءِ وهو يُمثِّلُ رمزًا للتضحيةِ والحريةِ وعدمِ الرضوخ للظلم. وقد تجلّى موقفُه هذا بالتضحيةِ بنفسِه وأهلِ بيتِه وسبي نسائه من أجلِ إحياءِ القيَمِ الإنسانيةِ والحقِّ وليس هذا بغريب عليه؛ فقد ذكرتِ الرواياتُ أنّه كان أشبهَ الناسَ بالنبيّ (صلى الله عليه وآله)؛ فقد كان يضعُ على رأسه عمامةً من الفراء، وقد وردتْ في فضله رواياتٌ على لسانِ النبي (صلى الله عليه وآله)، منها: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سيدا شباب أهل الجنة"، و "فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ مِصْبَاحٌ هَادٍ وَسَفِینَةُ نَجَاةٍ. حُسين مِني وَأنَا مِنْهُ، أحَبَ اللَّهُ مَنْ أحَبَّ حُسَينًا" و "مَنْ أحبَّ الحَسنَ وَالحُسينَ فَقدْ أحبني وَمَنْ أبغضَهُما فَقدْ أبغَضَني". 3- جاءت رواياتٌ كثيرةٌ تُنبئُ عن استشهادِ الحسينِ بن علي (عليه السلام)، منها ما وردَ في حديثِ اللوحِ، كما جاءَ عن النبي (صلى الله عليه وآله): "إنّ اللهَ أكرمَ الحسينَ بالشهادة، وفضّله على جميعِ الشهداءِ"، نقلَ المجلسي في البحارِ جملةً من الرواياتِ التي تدلُّ على أنَّ اللهَ (تعالى) أخبرَ بعضَ الأنبياء كآدمَ ونوح وإبراهيم وزكريا ومحمد (صلى الله عليه وآله وعليهم) باستشهادِ الحُسينِ (عليه السلام)، وأنّهم بكوا عليه، فقد رويَ عن أميرِ المؤمنين (عليه السلام) عندما مرَّ بكربلاءَ أرض الطف، في طريقِ عودتِه من حربِ صفين، أنّه قال: "ها هُنا مِهراقُ دمائهم" 4- وإنّ بعضَ الرواياتِ تُشيرُ إلى ما امتازَ به الإمامُ الحُسينُ (عليه السلام) ببعضِ الكراماتِ منها: إرضاعه اللبنَ من إصبعِ النبي (صلى الله عليه وآله)، ومنها مُعافاة مَلَكٍ باسمِ فُطْرُس كان في مهمةِ بعثهِ الله (تعالى) إليها فأبطأ فيها، وكُسِرَ جناحُه، فتمسّحَ بالحُسين (عليه السلام) فشُفي... وأيضًا وردَ في الرواياتِ أنّ اللهَ (تعالى) جعلَ الشفاءَ في تربته واستجابةِ الدعاء تحتَ قُبته، كُلُّ هذا وغيره كانَ دليلًا ساطعًا على عظيمِ أهدافِه وأسماها. 5- كما تذكرُ الرواياتُ سماته الأخلاقية بأنّ الحسين (عليه السلام) كان يجلسُ مع المساكينِ والفقراء، ويُلبّي دعواتِهم لأكلِ الطعام، ويدعوهم إلى بيتِه، ويُناصفُهم ما لديه من طعامٍ وشرابٍ. وفي يومٍ ما طلبَ فقيرٌ منه أنْ يُساعده، وكان الإمامُ يُصلّي، فأنهى صلاتَه مختصرًا فيها، وبذلَ كُلَّ ما عنده للفقير. وكان من عادته أنْ يعتقَ العبيدَ والجواري لحُسنِ خُلُقِهم، رُوي أنّ معاويةَ أهدى إلى الحُسين (عليه السلام) جاريةً، وأرسلَ معها أموالًا وكسواتٍ وغير ذلك، فأعتقَها الحُسينُ (عليه السلام) مُقابلَ قراءتِها بعضَ الآياتِ القرآنية وإنشادها شعرًا في زوالِ الدنيا وفنائها، وأعطاها ما أُرسلَ معها من أموال، وزادَها ألفَ دينار. وفي ذات يومٍ أهدتْ جاريةٌ له وردةً، فأعتقها، فقيلَ له: أعتقتَها لمُجرّدِ وردةٍ أهدتْها لك؟ فقال الحُسينُ (عليه السلام): بلى، استندتُ على عملي هذا بآيةٍ من القرآن، «وإذا حُييتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسنَ منها أو ردّوها» كان الحُسينُ (عليه السلام) كريمًا، وقد اشتهرَ بالجودِ والعطاء، لكنّه كانَ يُراعي حُرمةَ أخيه في العطاء، فيُعطي أقلَّ من أخيه إلى المُحتاجين، ووردَ في المصادرِ أنّه حجّ راجلًا لخمسٍ وعشرين مرة. إنّ رجلًا بهذه الصفات لا يُمكِنُ أنْ يكونَ هدفُه دنيويًا أو ذا أبعادٍ ماديةٍ، كُلُّ المُعطياتِ تُشيرُ إلى أنّ هدفَه كانَ سماويًا لأبعدِ الحدود. 6- ورويَ أنّ الإمامَ الحُسينَ (عليه السلام) قبلَ أنْ يتجهَ نحوَ العراقِ خطبَ خُطبةً قال فيها: "كأنّي بأوصالي تُقطّعُها عُسلانِ الفلواتِ، بينَ النواويسِ وكربلاء فيملأنَ مني أكراشًا جوفًا، وأجربةً سُغبًا، لا مَحيصَ عن يومٍ خطّ بالقلم، رضى الله (تعالى) رضانا أهل البيت، نصبرُ على بلائه ويوفّينا أجورَ الصابرين"1. إنّ الإمامَ الحُسينَ (عليه السلام) كانَ يعلمُ بمقتلِه قبلَ خروجِه، فكيفَ يكونُ هدفُه حفظَ نفسِه من القتلِ أو الحصولِ على مَغنمٍ دنيوي، كُلُّ هذه المُعطياتِ تُشيرُ إلى نُبلِ هدفِه (عليه السلام)، وهو الجهادُ في سبيلِ اللهِ (تعالى)؛ إذ جاءَ عن أميرِ المؤمنين قوله: "الجهادُ بابٌ من أبوابِ الجنّةِ فتحَهُ اللهُ لخاصةِ أوليائه"، وإنّ للحُسينِ (عليه السلام) درجةً لا ينالُها إلا بما حصلَ له في طفِّ كربلاء.
اخرىبقلم: علوية فاطمية حسينية مهدوية الجدُّ أبو محمد حسن شخصيةٌ لطيفةٌ ورائعةٌ أينما يذهبُ ينثرُ الوردَ، يُحِبُّه الجميعُ، لا ينطِقُ إلا حقًا، مواعظُه دُررٌ ثمينةٌ تُحاكي العقولَ وتخترقُ القلوب.. في أحدِ أيامِ الصيفِ الحارّة أرادَ أنْ يَعُدَّ أحفادَه، ويُبيّنَ لهم بعضَ الأمور لكن كعادته لا يستخدمُ الطُرقُ التقليدية؛ ليوصل إليهم الحقائق، بل يحاولُ أنْ يجعلهم يكتشفون الحقائقَ بأنفسِهم ويعيشوا الأحداث. في هذهِ المرّةِ قرَّرَ أنْ يأخذَهم برحلةٍ شاقةٍ إلى الصحراء في يومٍ شديدِ الحر، وطلب منهم أنْ يؤدّوا بعضَ الأعمال، شعروا بالتعبِ فأرادوا الرجوع، لكن لم يأذنْ لهم الجدُّ، ورفضَ طلبهم، ثم قالَ لهم: - فلنذهبْ إلى ذلك البيت الذي بنيتُه منذ فترة، وتحمّلتُ الصعابَ والمخاطرَ لأكمله من أجلكم، أنا أحبكم وأخاف عليكم؛ لذا بنيتُ هذا البيت ليحميكم.. ذهب الجميعُ للبيتِ الصغير في الصحراء وارتاحوا فيه وأكلوا وشربوا، وبقوا ثلاثة أيامٍ، وفي اليوم الثالث قرّر الجدُّ أنْ يُنفذَ خطته، بالاتفاق مع بعضِ الأشخاص الذين أحضروا مكبرات صوت وقاموا بتشغيل صوتِ ذئابٍ، كأنها تحومُ حولهم. لم يخف الصغار؛ لأنّ جدَّهم كان معهم، وبيده سلاحٌ يدافعُ عنهم فهم مطمئنون بجانبه. وفي هذه الأثناء قال لأحفاده الصغار: أنا اليوم يا أحبائي أشعرُ بتعبٍ شديدٍ وسأرتحلُ عنكم قريبًا، فصُدِموا بكلامه، ودخلهم الخوف، وأخذوا يفكرون بمصيرهم بين هذه الذئاب، ما الذي يفعلونه.. ثم قال لهم مطمئنًا إيّاهم بأنَّ يومَ غدٍ أنْ شاء الله (تعالى) سيُخبرهم بأمرٍ مهم جدًا وسيُنجيهم من الذئاب فلا يخافوا. وبعدَ أنِ انتهوا من العملِ الشاقِ الذي كلّفهم به أمرَ الجميعُ أن يصعدوا على سطح الدار، فصعد الجميع لسطح الدار وحرارة الشمس المحرقة جعلتهم يرفعون قدمًا ويضعون أخرى، لكن لأهمية الأمر لابُدَّ أنْ يجتمعوا ويستمعوا لما سيقوله جدهم، فتكلّم معهم وقال لهم: أنا أحبكم كثيرًا ومستعدٌ لأن أضحي بنفسي لإنقاذكم.. قالوا: نعلم بذلك يا جدّاه.. فقال لهم: كلُّ ما أقوله لمصلحتكم، ولابُدَّ لكم من طاعتي، وإلا ستأكلكم الذئاب. قالوا: نعم يا جداه؛ فأنت جدنا، وأهم شيءٍ لديك هو مصلحتنا وكل ما تقوله لضمان سعادتنا . نادى أحد أحفاده واسمه علي، وقال: تعالَ يا علي وقِفْ بجانبي، فقال لهم ممازحًا: أنا أحبُّ عليًا، وأثنى عليه، ثم قال لهم: انتهى الاجتماع. فأصابتهم خيبةُ الأمل، وقالوا له: يا جدّاه نعلمُ بمنزلةِ علي عندك وأنك تحبه، فقد أخبرتنا بذلك ومدحته في أكثر من موضع، فلِمَ جعلتنا نتحملُ حرارةَ الشمس فقط لأجلِ أنْ تخبرنا بأنّك تحبّ عليًا؟! ابتسم الجدُّ وقال لهم: أنا أمازحكم يا أعزائي، لم أقصد هذا الأمر سأخبركم بما أردته منكم.. علي هو أخوكم الأكبر، وقد أعطيتُه المفاتيح جميعها، وهو يعرف كلَّ الطرق التي ستنقذكم وتصل بكم إلى طريق النجاة، اشربوا يا أعزائي هذا العصير البارد لترووا عطشكم وتذوقوه، كم هو لذيذ لأكمل باقي الكلام.. شرب أحباؤه العصير البارد بهناءٍ، وكان حلوًا ذا طعمٍ لا يوصفُ لروعته. أكمل الجدُّ الكلام وقال لهم: إياكم أنْ تخالفوا أخاكم في أي أمرٍ، ونفذوا ما يأمركم به، وإلا فستُضلون الطريق، وتفترسكم الذئاب. علي لديه كل أسراري، وحفرنا سويًا الخندق، وسيقودكم إلى النجاة فلا تخافوا، وثقوا به كثقتكم بي.. قالوا له: سمعًا وطاعةً يا جداه، لن نخالف ما قلت، وسنتبعُ ما يأمرنا به علي، فأي أحمقٍ سيُخالفُ وهو يعلمُ أنَّه السبيل الوحيد للنجاة، وهو موضعُ ثقةٍ لدى الجميع؟ فرحَ الجدُّ كثيرًا من ردِّهم الرائع الذي يدلُّ على رجاحة عقولهم، وابتسم لهم وقال: أحسنتم كثيرًا يا وروداً زُرِعتْ بحُبِّ آلِ محمدٍ فأزهرت.. لقد نجحتم بالاختبار يا أيّتُها العصافير المُغردة. تعجَّبَ الأولاد وقالوا: ما الذي تقصده يا جداه... قال الجد: انا بأتمِّ الصحة والعافية، ولا توجد ذئاب..
اخرىبقلم: شيماء المياحي بعد الغزو التّقنيّ-إن صحَّ التعبير- لمواقع التواصل الذي اجتاح حياة الأفراد في المجتمع، والذي تغلّغل في كُلِّ جزيئاتها؛ بَرَزْت لدى الكثير منهم الشخصية الإلكترونية، وهي: شخصيّة وهميّة تميلُ كثيرًا للوجود الإلكتروني؛ لأنّه يتلاءم مع تصنعها للمثاليّة، خلافًا لواقعها تمامًا.. فصاحبُ الشخصية الإلكترونية يتحدّثُ عن براءةِ الطفولة، ويُناغي صورَ أطفاله على مواقعِ التواصل، وكأنّه الأب/الأم الرؤوف بهم، وصاحب القلب العطوف عليهم، وربما هو في الواقع فرعونُ زمانه معهم. وعندما يتحدّثُ عن بِرّ الوالدين؛ يغبطه كثيرٌ من الآباء والأمّهات في العالم الافتراضي ظنًا منهم أنَّ تغريداته تُمثّل سلوكه مع والديه في الواقع. وإذا ترنّم بعذوُبة الكلام والرقّة والرومانسية التي تستحقها الزوجة ازدحمت على شاشته الافتراضية إشعارات برامج التواصل من قِبل الساذجات من رائدات العالم الافتراضي؛ توهمًا منهُنَّ بأنّه فارسُ الأحلام الذي تتمنّاه كل فتاة، وزوجتهُ المظلومة المُضطهدة تُشاهدُ بصمتٍّ وتتألمُ لما يتداوله زوجها على المواقع خلافًا لسلوكه الواقعي المعاش معها! هكذا شخصية -غالبًا ما- تُفضل الحياة الافتراضية على الحياة الواقعية، والتعامل المباشر مع الآخرين؛ وذلك لأنّها تُخفي ملامحها وسلوكها الواقعي، وتظهره بصورةٍ جميلةٍ جذّابة.. وهذا أحدُ أنواع النفاق الذي وصفه أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: "ما أقبح بالإنسان أن يكون ذا وجهين"(١)، وقال أيضًا: "نفاقُ المرءِ من ذُلٍّ يجده في نفسه"(٢) فينبغي الاعتدالُ والتوازُن في التعاملِ بين الواقعِ والمواقع الإلكترونية، كما ينبغي الاعتدال في النشر أيضًا؛ فلا إفراطَ ولا تفريطَ ببثِّ كُلِّ ما يتعلقُ بحياةِ الإنسان الخاصة وكذا العامة؛ حتى لا يكون الإنسان كتابًا مفتوحًا يتصفّحه الجميع.. وأخيرًا ينبغي أن يُعْلمْ بأن العالم الافتراضي ليس مسرحًا لعرض المميزات الشخصيّة من سلوكياتٍ ومشاعر-صدقًا أو كذبًا- وغيرها مما يتعاملُ به المرء مع أفرادِ عائلته ومجتمعه، بل هو وسيلةُ تواصلٍ بما يتناسبُ مع المنطق والدين. ....................... ١ و٢ غرر الحكم
اخرىيستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي
اخرىخلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي
اخرىرحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي
اخرى(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي
اخرىبقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.
اخرىعالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي
اخرى