(I have a story with Al-Hussain (peace be upon him

By: Wajdan Al-Shuhani Translated by: m.Jaafer Al-Saffar The mountain of silence collapsed deep down in me and I couldn't be more patient, and started to reveal what is inside of me, Each one of us has a story, mine is the marvel of eternity because it brought me back to life and I’m alive. Life has shut its doors, to bring a lot to the perils of death, but he is Al-Hussain bin Ali (peace be upon them) for there are no shut doors in front of the light of guidance and the ship of survival. Oh, believers, tear off the clothes of despair, write on the wall of the soul, we held on to Hussain(peace be upon him) as we live and life continues. I’m not exaggerating, but out of the experience, Almighty Allah has blessed me with the blessing of faith and being on the path of Ahul-bayat (peace be upon them) but satan doesn't leave the human and doesn't stop whispering to make him live with the delusions of skepticism. And I'm as many of those who satan has whispered to them, every time I moved up the war with Satan becomes more severe, it's a fierce war that many have given up to, and I got scared, as despair may run deep down in me and leads me to defeat and surrender to satan... What do I do? A huge scream shakes the entire universe. Oh Hussain It's the voice of common sense And the pen appears in front of me so I held it without consciousness and wrote some lines of fascinated words that revealed what is inside of me and I included a complaint to Imam Hussain (peace be upon him), and I kept it a secret as a fortress to me of everything that scares me so I was reassured, I started to do this as a habit every time I was in trouble especially after I saw the benefits of what I wrote how many friends have been facing financial troubles and illness So I grab the pen to write line after line and kept it so I saw how their conditions become better after everyone has driven to despair of remission. So this is my story with Al-Hussain (peace be upon him), a story that introduced me to his status with the eye of insight My life has changed and will never be the same today it lives on the ship of Hussain (peace be upon him) and doesn't fear to be drawn because it sees him (peace be upon him) with the eye of insight, not the eye of seeing, that story has brought life back to life because without knowledge of insight life cannot be the same. I’m not of those who visit my lord (Al-Hussain) (peace be upon him) a lot because of the business and the distance, but I ensure to speak to him through those lines that strengthen my connection with him, as if he inspires me, direct me when I make a mistake, the call: ya Hussain comes to fill the universe so I come back and ask forgiveness of my lord. I tried to remain silent and sup the bitterness of concealment, but the echo of the soul’s scream has been heard by every human being and broke with its scream the bars and ascended the pulpit of the truth to announce to the public about a story which is the marvel of eternity. And here we are getting close to Muharram and the lovers of Imam Hussain (peace be upon him) will start their story with him. And in the light of this pandemic, a lot of the lovers had been tied up, definitely, Satan would have an attack, my inspiration tells me that the remission will be soon and Satan’s defeat will be announced This year will be different from any other year. And the call Ya Hussain a call of lesson and teardrop. Oh, lovers of Al-Hussain ( peace be upon him) prepare your pens to write your story with Al-Hussain (peace be upon him) in2020. And it may be a year of grief with insight, as it exceeds all kinds of grief.

اخرى
منذ 3 سنوات
317

من أقوالِ سيدِ الشُهداءِ "عليه السلام" (2)

بقلم: شيماء المياحي عن الفضلِ بن أبي قرة، عن أبي عبدِ الله (عليه السلام) قال: "كتب رجلٌ إلى الحسين (عليه السلام): عِظني، بحرفين، فكتبَ إليه: "من حاولَ أمرًا بمعصيةِ الله كانَ أفوت لما يرجو وأسرع لمجيئ ما يحذر"(١) عندما يحتاجُ الإنسانُ أمرًا ما، يكونُ أمامَه طريقان للحصولِ على حاجته- سواءَ كانت جسديّةً، نفسيّةً، عاطفيّةً، .... وغيرها مما يحتاجُه الإنسان- أحدُهما اتباع الدستور الإلهي، والآخر اتباع ما تهواهُ النفسُ ويُحرّضُ عليه الشيطانُ وجنودُه. والإنسانُ مُخيّرٌ في اتباعِ أيّ الطريقين- على أنْ يتحمّلَ تبعاتِ اختياره – ولكن كيف يُمكِنُ للإنسانِ أنْ يُخالفَ هواه، ونفسه الأمّارة التي ترفُضُ الالتزامَ والانقيادَ لقانونٍ ما، وتهوى التخبُط وانتقاءِ ما يحلو لها، كما جاء في الكتاب العزيز: "إِنَّ النَّفسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِي"[يوسف:٥٣]؟ والجوابُ في الآيةِ الكريمة: "قَد أفلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا" [الشمس:٩-١٠] فينبغي للإنسانِ- ولا سيّما المؤمن- الاجتهاد في تزكيةِ نفسِه وترويضِها على طاعةِ اللهِ (تعالى) واجتنابِ معصيته؛ وذلك من خلالِ السعي لطلبِ المعرفة، فالنفسُ بطبيعتِها تنفرُ مما يؤذيها، ويؤدّي بها إلى الهلاك ولو مستقبلًا -فضلًا عن الحال- فلو اكتسب الإنسانُ ولو شيئًا قليلًا من المعرفةِ بالعقيدةِ الحقّة بأصولِ الدين، وأنَّ القانونَ الإلهي فرعٌ من عدلِ الله (تعالى) وعلمه وحكمته، وأنَّ التكاليفَ الشرعيّةَ جاءت بحسبِ ضابطةٍ وملاكٍ خاص، وهي المصالحُ والمفاسدُ الواقعيةُ للإنسان، فما فيه مصلحةٌ ضروريةٌ يأمرُنا بفعله على نحو الوجوب، وإنْ كانت أقلَ نفعًا فعلى نحو الاستحباب، وما فيه مفسدةٌ كبيرةٌ ينهانا عنه على نحو الحرمة، وإنْ كانت المفسدةُ أقلَّ ينهانا عنه بنحو الكراهة.. ولو اعتقد الإنسانُ بذلك اعتقادًا وثيقًا؛ لكان رادعًا له من المعصية، وحافزًا للطاعة؛ ولذلك عندما طَلبَ أحدُهم من سيّدِ الشُهداء (عليه السلام) الموعظةَ، أجابه بموعظةٍ بيّنَ له فيها آثار طلبِ الحوائجِ بمعصيةِ اللهِ (تعالى) في الحياة الدنيا؛ لأنَّ الإنسانَ ينفرُ مما فيه ضررٌ عليه؛ ومن ثم لتكون رادعًا له في كُلِّ جوانبِ الحياة، فضلًا عن آثارها وتبعاتها في الآخرة. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الكافي: ج٢

اخرى
منذ 3 سنوات
233

خاطرة

بقلم: فاطمة الركابي كما أنّ أغصانَ الشجرِ لمّا تُحرَق لا يُلتَفَتُ لتحوِّلِها إلى رماد بل يُنظَرُ إلى ما تُعطيه من نورٍ وقّاد كذلك حرارةُ حُبِّ الإمامِ الحُسين (عليه السلام) في قلوبِ المؤمنين التي لا تبردُ أبدًا لا تُحرِقُ كُلَّ شائبةٍ وذنبٍ فقط بل تُوقِدُ شُعلةً من النورِ فيه ليُبصرَ بها القلبُ طريقَه عندَ كُلِّ تراجعٍ أو عثرةٍ من جديد حتى يستقيم ويسير صاحبُه في هذه الحياة على نهجِ هذا الحبيب

اخرى
منذ 3 سنوات
234

من نسماتِ الكفيل (عليه السلام)

بقلم: يا مهدي أدركني كنتُ أقفُ في وسطِ زحامِ النساء، ولكنّي حينها أحسستُ بأنْ لا طاقة لي على الدخول في وسطه؛ فلم تَعُدْ أضلعي تتحملُ ذلكَ الضغطَ الشديد، والدموعُ في عيني تدفعُني للدخول؛ فإنا متلهفةٌ جدًا لأن أكونَ بالقربِ منه، حينها أمرتْ نفسي الوالهةُ قدميَّ بالدخول.. وما إن هممتُ بالخطوةِ الأولى وإذا بصوتٍ في وسطِ ذلك الزحام: "أختي! تفضّلي بالدخولِ من هذا الباب؛ لتجنبِ الزحام، نحنُ خُدّامُ أبي الفضل (سلام الله عليه) نودُّ أنْ نُخفِّفَ عنكم" وإذا ببابِ صاحبِ الزمان (عجّل الله (تعالى) فرجه الشريف) تُفتَحُ أمامي، فتتكحّل عيناي بضريحٍ كأنّه حُلّة من نورٍ لا تنطفئ، وبنسماتٍ عليلةٍ تسقي قلبي المُتعطش، فلم أتمالك دموعي، وفي نفسي خجلٌ عميقٌ كأنّه بحرٌ يشدُّني بأمواجه إلى قاعِه ليخبرَني: "ماذا فعلتِ؟ أنتِ لا تستحقين الدخول! أنتِ لا تستحقين كُلَّ هذا الكرم!" نعم، لا يستحقُّ أحدٌ كرمَهم، ولكنّهم أهلُ الجود والسخاء، فليس هناك مقياسٌ لعطائهم... انطلقتْ روحي وأنا على أعتابِ الصحنِ الشريف، ترفرفُ فوقَ ضريحِه الطاهر، تسقطُ مرةً وتنهضُ أخرى، تطوفُ حولَه وتسأله عن أحوالِ الكفين، وعن قربةٍ لا زالتْ تسقي بمائها قلبًا شغوفًا، وإذا بنفسِ الصوتِ يُكلِّمُني: "أختي ما بالكِ واقفة، ألا ترغبين بالزيارة!" فأجابتْه روحي: وهل للجسدِ إذنٌ بالدخول!؟ فكيفَ لهذا المكان الذي سُقيَ بدماءٍ زاكياتٍ أنْ يدخلَه من تلوَّثَ بمُغرياتِ الحياة؟! كيفَ له وقد كُبِّلَ بسلاسلِ التكبّر والرياء؟! فقال لي: لكِ أنْ تدخلي لتُطهّري تلكَ الروح من كُلِّ تلك الآفات؛ فهو الذي فتح بابَه لكِ لتدخلي... نعم، فتحَ لي أبوابًا عديدةً، ومن كُلِّ بابٍ سقاني شربةَ ماءٍ تُطهِّرُ نفسي وقلبي، وما زالت أبوابُه تفتَحُ لي أروقةً جديدة.. وأنا بثوبِ حيائي منه أتعثّرُ، وعندما أسقطُ يرفعُني بنظرةٍ من عينيه حتى أرسلَ لي من يتكفّلُني وأكون في عُهدتِه؛ ليكونَ سندًا لي في أوقاتِ شدّتي، أتمسّكُ بطرفِ عباءتِه بيدٍ وبالأخرى أمسكُ بحجابي وخماري... هو لا يلتفتُ إليّ أبدًا لكنّه يرسمُ لي الطريق، يُحذِّرُني من هفواتٍ قد تنزلقُ بها قدماي؛ لأصلَ إلى برِّ الأمانِ حيثُ مولاتي الحوراء (سلام الله عليها)..

اخرى
منذ 3 سنوات
329

نجومٌ عاشورائية (12) القرآنُ والأصحاب/ الجزء الثاني

بقلم: يا مهدي أدركني الثانية: تِلاوةُ القرآنِ من صفاتِ المؤمنين أكّدتِ الرواياتُ الشريفةُ فضلًا عن الآياتِ القرآنية على مُلازمةِ القرآنِ الكريم للمؤمنين، وهُنا لا بُدَّ من الإشارةِ إلى نكتةٍ مهمةٍ جدًا، وهي: إنَّ التلاوةَ هنا ليس المرادُ بها مُجرد القراءةِ من دونِ تدبرٍ، وهذا الأمرُ واضحٌ جليٌ؛ فإنّ المؤمنَ عندما يقرأ القرآنَ الكريم تكونُ غايتُه الأساسية هي الغوص في أعماقه، والتزوّد من كنوزه؛ ليكونَ لها أثرٌ في سلوكياته من جهةٍ، وزادٌ له في الآخرةِ من جهةٍ أخرى، فقد قال الله (تعالى) في كتابه الكريم: "الَّذِين آتَيْناهُم الْكِتاب يَتْلُونَه حَق تِلاوَتِه أُولئِك يُؤْمِنُون بِه"[البقرة 121] وفي الروايةِ المذكورة عن أبي جعفرٍ الباقر (صلواتُ الله وسلامُه عليه) أنّه قال: يا أبا المقدام، إنّما شيعةُ علي (صلوات الله عليه) الشاحبون، الناحلون، الذابلون، ذابلةٌ شفاههم من القيام، خميصةٌ بطونُهم، مُصفرةٌ ألوانُهم، مُتغيرةٌ وجوههم. إذا جنّهم الليلّ اتخذوا الأرضَ فراشًا، واستقبلوها بجباههم، باكيةً عيونهم، كثيرةً دموعهم، صلاتُهم كثيرةٌ، ودعاؤهم كثيرٌ، تلاوتُهم كتابُ الله)(1) لذا نجدُ أنّ أهلَ البيت (صلواتُ الله وسلامُه عليهم) حثّوا شيعتهم على المواظبةِ على القراءة؛ لما فيها من الأجرِ العظيم والثوابِ الجزيل. الثالثة: وسوسةُ الشيطانِ اللعين لترك القرآن الكريم لما تقدّمَ من الفضلِ العظيمِ من قراءةِ القرآنِ الكريم نجدُ أنّ الشيطانَ يعملُ جاهدًا ليمنعَ الإنسانَ من تلاوةِ القرآن الكريم، فيبدأ باختلاقِ الأعذار التي تكون مانعًا دونه.. إنّ اللهَ (تعالى) جعل من أحدِ آدابِ قراءة القرآن الكريم هي الاستعاذة من الشيطان الرجيم، لتكون للمؤمن حجابًا يصدّه عن أنْ تتخلّلَ وساوسه إلى نفسه ليبعده عن إتمام قراءته. وقد ورد عن أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه ) أنّه قال: "البيتُ الذي يُقرأ فيه القرآنُ، ويُذكرُ اللهُ (عزَّ وجل) فيه تكثرُ بركتُه، وتحضرُه الملائكةُ، وتهجرُه الشياطينُ، ويُضيئُ لأهلِ السماءِ كما تُضيئُ الكواكب" وبعد أنْ بيّنا بعضَ النقاطِ المهمة حولَ تلاوةِ القرآنِ الكريم، ننتقلُ إلى خيامِ النور التي كانت تُزهرُ لأهلِ السماء بتلك التلاوةِ المُعطرة، وعن سرِّ تلك التلاوة في تلك الليلة بالتحديد. إنَّ التوفيقَ الإلهي منه ما هو عامٌ لكُلِّ البشر، بل لكُلِّ الموجودات، ومنه ما هو خاصٌ ببعضِ الموجودات دون الأخرى، ومنه ما هو خاصٌ بفئةٍ قليلةٍ معينةٍ ممن خاضوا حروبًا طويلة في جهادِ النفسِ؛ ليُحققوا نصرًا عظيمًا، فينالوا بذلك اللطفَ المُقرِّبَ ليرتقوا فيه سلالم التكامل.. ولكُلِّ درجةٍ من تلك الدرجات عنوانٌ معينٌ ومختلفٌ من شخصٍ لآخر حسبَ الظروفِ الموضوعية والاجتماعية التي يتعرضُ لها، فتكون على شكلِ ابتلاءاتٍ خاصةٍ يصبرُ عليها ذلك المؤمن، ومنها ما هو له عنوانٌ عامٌ كبِرِّ الوالدين، وحُسنِ الخُلُقِ، والصبرِ على المعصية أو الطاعة وما إلى ذلك من عناوينَ عديدةٍ لا يُمكنُ حصرُها؛ وذلك لأنّ سُلّمَ التكاملِ غيرُ متناهٍ. ومما لا شكَّ فيه أنّ من توفقَ لنيلِ شرفِ لقبِ (صاحب الإمام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه)) لا بُدّ أنْ يكونَ قد كابدَ كثيرًا حتى وصلَ إلى تلك الدرجةِ العالية. ومن سَلَكَ هذا الطريق لا تخفى عليه أهميةُ تلاوةِ القرآنِ الكريم، بل كانَ الكثيرُ منهم من حفظةِ القرآنِ الكريم وممن يختمونَ القرآنَ في ليلةٍ واحدةٍ، وخيرُ شاهدٍ على ذلك قولُ الإمام الحسين (صلوات الله وسلامه عليه) بعد استشهادِ شيخِ الأصحاب حبيب بن مظاهر الأسدي (رضوانُ اللهِ (تعالى) عليه): "رحمك اللهُ يا حبيبُ؛ فقد كُنتَ فاضلًا، تختمُ القرآنَ في ليلةٍ واحدة" لذا فهم لم يفوتوا ذلك الفضلَ العظيم، بل حاولوا أنْ يتزوّدوا حتى في ليلتِهم الأخيرةِ بتلك التلاوة وفضلّوها على النومِ؛ لشحذِ هممِهم والتقرُّبِ إلى عالمِ الملكوت ليغترفوا من حياضِ الرحمة الإلهية، وليزيدوا من رصيدهم في الآخرة (رضوانُ الله (تعالى) عليهم). فائدة: مما تقدَّمَ يُمكِنُ لنا أنْ نخرجَ بما يأتي: يجبُ أنْ نضعَ نصبَ أعينِنا أنَّ القرآنَ الكريم من أعظمِ الوسائلِ التي بها نُجابهُ الصعاب، ولتكنْ لنا عادةٌ مستمرةٌ تأنسُ بها النفسُ، وليس فقط عند نزول البلاء. ولتكنِ القراءةُ لا لأجلِ ختمِ القرآن الكريم فقط، وإنّما لتكنِ الغايةُ أعظمَ من ذلك، وهي التدبُّرُ في آياته. فليستِ العبرةُ بعددِ المرات التي نختم بها القرآنَ الكريم، ونحنُ نمرُّ على آياتِ النهي عن الغيبة ونستغيبُ الآخرين، ونُرتِّلُ آياتِ العفةِ والحجاب ثم نتزينُ ونخرج، ونقرأُ آياتِ البرِّ بالوالدين ونعقّهما، وما إلى ذلك من أمثلةٍ عديدة. نسألُ اللهَ (تعالى) أنْ يجعلَنا وإياكم ممن يقرؤون القرآن، ويتدبرون آياته ويعملون بها. والحمدُ للهِ ربِّ العالمين. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1- صفات الشيعة، الشيخ الصدوق، ص 10 2- الكافي، ج 2، الشيخ الكليني، ص 610 3- المنهج العبادي ص16

اخرى
منذ 3 سنوات
273

نجوم عاشورائية (12) القرآن والأصحاب/ الجزء الأول

بقلم: يا مهدي أدركني القرآنُ والأصحابُ فلنكسر حاجزَ الزمنِ وننتقل إلى صورةٍ من صورِ ليلةِ العاشرِ من محرمٍ عام 61 للهجرة، حيثُ كان في أرضِ كربلاء مُخيمٌ يسطعُ نورُه لأهل السماء بتراتيلِ القرآنِ وتهجدٍ وعبادة، أصواتٌ خاشعةٌ تصلُ إلى مسامعِ البنتِ الحيية في خدرِها فتزيدها عفةً وحياءً ونورًا وبهاءً... تلك الأصواتُ التي عبّرتْ عنها الرواياتُ بأنّها كدويّ النحلِ لم تهدأ في تلك الليلة... فما هو سرُّ تلك الأصوات؟ ولماذا كانت بتلك الغاية من الروعةِ والجمال؟ هي أصواتٌ كانت تبتدئ ذبذباتُها من قلوبٍ قابعةٍ في صدورٍ خاشعةٍ من خيمِ أنصارِ الإمامِ الحسين (صلواتُ الله وسلامُه عليه)؛ لتُرسلَ أمواجَها إلى يومِنا هذا.. وإنَّ السرَّ في عذوبتِها هو كونُها صادقةً لم تكن مراءً، وإنّما هي صوتُ الإيمانِ النقي الخالص من الشوائب. قد تتبادرُ إلى الذهنِ تساؤل عن سببِ تمسُّكِ هذه الثلةِ المؤمنةِ بتلاوةِ القرآن الكريم في هذه الليلةِ التي كانوا على يقينٍ بأنّهم سيفارقون الدنيا بعدها وهم قد نالوا شرف الشهادة بين يديّ سيّدِ شبابِ أهلِ الجنة (صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه). وللجواب عن هذا التساؤل نذكر النقاطِ التالية لتوضيح الأمر: الأولى: فضلُ قراءةِ القرآن الكريم إنَّ للقرآنِ الكريمِ فضلًا عظيمًا لا يسع المقام لذكره؛ لأنّه كلامُ الله (تعالى)، وحيثُ إنَّ اللهَ (تعالى) غيرُ متناهٍ ولا يُمكِنُ أنْ يصلَ أحدٌ إلى معرفةِ كماله المطلق فإنَّ كُلَّ ما يتعلقُ به (تعالى) من صفاتٍ وأفعالٍ هي أيضًا غيرُ متناهيةٍ ولا يُمكنُ الحدُّ من فضلها. وقد روي عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): "فضلُ القرآنِ على سائرِ الكلام كفضلِ اللهِ على خلقه"(1) وجاء في الحديث النبوي بأنّه "لا تُحصى عجائبُه، ولا تُبلى غرائبُه"، والمقصودُ بذلك أنّه مهما تقدّمَ الزمنُ وتطوّر الإنسانُ فإنَّ القرآنَ الكريم سابقٌ لهذا التطوّر وإنَّ إعجازَه يتركُ بصمةً في كُلِّ علمٍ، وهو لينٌ أنيقٌ وباطنُه عميق، من آثاره –على سبيل المثال لا الحصر-: الأول: الشفاء قال (تعالى): "ونُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ"[الإسراء82]، والأمراضَ منها ما هو بدنيٌّ يصيبُ الأبدانَ فيعييَها، ومنها ما هو يصيبُ الروحَ فيجعلها تتورطُ في مزالق الحياة. ومن الملاحظ إنَّ الآيةَ الكريمة لم تُحدِّدْ أيَّ نوعٍ من الأمراضِ التي يكونُ القرآنُ الكريمُ شفاءً لها، فهو شفاءٌ مُطلقٌ لكُلِّ الآفات. الثاني: الشفاعة عن أمير المؤمنين (صلواتُ الله وسلامُه عليه) قال في إحدى خطبه: "اعلموا أنّ القرآن شافع ومشفّع، وقائل ومصدّق، وأنّه من شفّع له القرآن يوم القيامة شفّع فيه) (2) الثالث: الأمانُ من العذاب إنَّ الله (تعالى) لم يخلقْنا ليُعذبَنا أو يشقينا، وإنّما جعلَ البلاء أداةً ليُمحصنا وينقينا وخيرُ ما نستعينُ به على البلاء هو القرآن الكريم، فهو الذي يُنجينا من عذابِ الآخرةِ؛ فقد ورد عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله): "لا يُعذِّبُ اللهُ قلبًا أسكنه القرآن". الرابع: مصدرٌ للطاقةِ الإيجابية فقد أجريَت تجاربُ عديدةٌ تبيّنُ كيف أنَّ لذبذباتِ قراءةِ القرآن الكريم أثرًا في تشكيلِ جُزيئاتِ الماء بشكلٍ جميلٍ؛ فهي تتأثرُ بتلك الكلمات لما فيها من طاقةٍ إيجابيةٍ هائلة. وهناك العديدُ من الفضائل، فحقلُ القرآن الكريم واسعٌ جدًا ولكُلِّ زهرةٍ فيه نوعٌ ورائحةٌ ولونٌ يُبهِرُ العقول. للكلام تتمة إن شاء الله تعالى... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1- بحار الأنوار/ج92/ ص19 2- نهج البلاغة الخطبة 171 3- بحار الأنوار/ ج92/ ص187

اخرى
منذ 3 سنوات
234

الدعوةُ إلى الحجابِ/ نظرةٌ معاصرةٌ السيدةُ زينبُ (عليها السلام) أنموذجًا (1)

بقلم: فريال ياسر الأسدي إنَّ الحجابَ هو أحدُ أهمِّ المسائلِ الإسلاميةِ المهمة، وعلى الرغم من ذلك فإنَّ حاله في المُجتمعاتِ الإسلامية يدعو إلى الحسرة والتأسف؛ فقد بدأت نسبةٌ ليست قليلةً بالتخلّي عنه، إمّا بخلعِه وهذا هو السفور، أو بلبسِ حجابِ الموضة وهذا هو السفور المقنع الذي كَثُرَ للأسف! من أسبابِ التراجعِ في الحجابِ هو الغزو الثقافي الذي طرحَ مجموعةً من الحُججِ الواهيةِ، ويُسلط هذا المقالُ الضوءَ على مسألةِ الحجاب، وبيانِ فلسفةِ تلك المسألة؛ لأنّ عدمَ توضيحِ وإدراكِ الفلسفة الحقيقية لكثيرٍ من الأحكامِ الإسلامية من أكثرِ الأسبابِ التي سببتِ العديدَ من الأمراضِ التي أصابتْ مجتمعاتنا الإسلامية. ولكي يتحصنَ المجتمعُ الإسلامي من مُخططات الغزو الثقافي في مسألةِ الحجابِ عليه أنْ يعرفَ فلسفته، وأدلته، والهدف منه بشكلٍ مدروس ودقيق. وبعد طرحِ الجانب النظري يجبُ علينا طرحُ القدوة العملية، ويتمُّ ذلك من خلالِ طرحِ الشخصية الأنموذج والمواقف التي مرّت بها؛ فالمواقفُ التي تمرُّ بها الشخصيةُ الأنموذج هي مواقفُ حيةٌ وواقعيةٌ، لا يُمكِنُ أنْ نُدرِكَها إلا بالدخولِ في عمقها، ولو عرفتِ المرأةُ المعاصرةُ اليومَ الصورةَ الحقيقيةَ لتلكَ المواقفِ التي مرّت بها السيدة زينب (عليها السلام) مثلًا؛ لأدركت كنه المرأة المثالية. 1ـ المعنى اللغوي والاصطلاحي للحجاب الحجابُ: هو الحاجزُ عن تلاقي الطرفين جسمًا أو نظرًا. واصطلاحًا: هو كُلّ ما يسترُ المطلوب، يقولُ الشهيدُ مطهري: "استعمالُ الحجابِ للمرأةِ مصطلحٌ جديدٌ نسبيًا، أما في مصطلحِ الفقهاءِ القدامى فقد كانتْ كلمةُ (الستر) هي المُستعملةُ بمعنى الحجاب اليوم، فهم يستعملون في كتابِ الصلاةِ والنكاحِ ـ اللذين يتناولان هذا الموضوع ـ كلمةَ السترِ بدلَ الحجاب" 2ـ تاريخُ الحجاب يحكي لنا التاريخُ أنَّ الحجابَ كان موجودًا في بعضِ الحضاراتِ الإنسانية المعروفة، فالآشوريون مثلًا كانوا يُميّزون بينَ السيّدةِ الحُرَّةِ والجاريةِ الوصيفة التي تعملُ ضِمنَ حاشيةِ الملكة، حيثُ يقولُ أبو ديَّة: "النسوةُ الأحرار كُنَّ يرتدينَ عباءَةً تُسفِرُ عن الوجهِ فقط وذلك عند الخروج إلى الشارع، فيما فُرِضَ على الإماءِ السفورُ لتميّزهن عن النسوةِ من الحرائر". وفي الحضارةِ اليونانية كانَ الحجابُ مثلَ القناعِ الذي يُغطِّي كُلَّ الوجهِ ماعدا العينين، ويصفُ ديكاريش حجابَ نساءِ طيبة وهي مدينةٌ من مُدُنِ اليونان قائلًا: "إنّهن كُنَّ يلبسنَ ثوبَهن حولَ وجهِهن بطريقةٍ يبدو معها هذا الأخير وكأنّه غُطيَ بقناعٍ، فلم يكنْ يُرى منهن سوى العينين" وفيما يتعلقُ بالحجابِ عندَ اليهود فقد كانوا مُتشددين على المرأةِ في ذلك، يقولُ الشهيدُ مطهري: "إذا خالفت امرأةٌ شريعةَ اليهود، كأنْ تخرجُ بين الناس مكشوفةَ الرأس، أو تغزلُ في الشارع العام ... في تلك الحالاتِ لزوجِها أنْ يُطلقها بغيرِ أنْ يدفع َلها مهرًا". وفي الديانةِ المسيحيةِ كان هناكَ عقابٌ لمن لا تُغطّي رأسَها في أثناءِ الصلاة وهذا ما ورد ذكرُه في رسالةِ بولس الأولى: "وكُلُّ امرأةٍ تُصلّي أو تتنبأ ورأسُها مكشوفٌ فإنّها تُشينُ رأسَها؛ لأنّها تكونُ كما لو حُلقَ شعرُها، إنّ المرأةَ إذا لم تتعظ فليُقص شعرها". وجاء في التاريخ أنَّ السُننَ الحنيفية التي كانت لعبدِ المطلب في دارِ الندوة أنَّ البنتَ إذا بلغتْ مبلغَ النساء أتوا بها إليه فيُلبِسها الخمارَ، وكان وجهُها مكشوفًا وأحيانًا تُسدِلُ خمارَها على كتفيها فيظهرُ صدرها". إذن الحجابُ كانَ معروفًا في الحضاراتِ القديمة مع التفاوتِ بين المُجتمعاتِ والقبائل، ولم يظهرْ بظهورِ الإسلامِ، وهذا الأمرُ يدفعُنا للتساؤلِ: كيف عرفت تلك المجتمعات الحجابَ والستر؟ وهل هذا الأمرُ مجبولٌ عليه الإنسان بفطرته؟ وهل إنَّ دوافعَ تلك المُجتمعاتِ في الحجاب هي نفسُها دوافعُ الدين الإسلامي؟ وهذا ما سوف نتطرق إليه في المطلبِ التالي، وهو الحجاب والفطرة.

اخرى
منذ 3 سنوات
187

الضبطُ النفسي للسيّدةِ زينب (عليها السلام) في مواجهةِ عنفِ السلطة/ الجزء الأول

بقلم: فريال ياسر الأسدي تمهيد يقفُ قلمي وقفةَ صمتٍ وخشوعٍ أمامَ مدرسةِ كربلاء، هذه المدرسةُ التي مزجها أئمتُنا بالعِبرة؛ فالحديثُ عن مدرسةِ كربلاء يعني الحديثَ عن زينب (عليها السلام)، والحديثُ عن زينب (عليها السلام) في كربلاء يعني الحديثَ عن الرسائلِ التي تحملها إلينا. ومن أروعِ تلك الرسائل هو الضبطُ النفسي الذي تحلّتْ به في مواجهةِ عنفِ السلطة، والتصرفُ بحكمةٍ وتعقلٍ فدارتِ الدوائرُ على رموزِ السلطةِ (لعنةُ الله عليهم) في مجلسهم. على حين أنّ يزيدَ مثلًا أتى بهم؛ ليذلَّهم ويكسرَ شوكتهم، ولكنّ النتائجَ أتت على غيرِ ما كانَ يتوقع، فقد قلبتْ كُلَّ الموازين وفضحتْ يزيدَ وأعوانه أمامَ الرأي العام.. *مفهومُ الضبطِ النفسي. الضبطُ لغةً: لزومُ الشيء وحبسه، وضبطُ الشيء حفظُه بالحزم، وضبطُ النفسِ اصطلاحًا: منعُها من التصرُّفِ خطأً في المواقفِ الطارئةِ والمفاجئةِ التي تتطلبُ قدرًا من الشجاعة. وهناك تعريفٌ آخر لضبطِ النفسِ فيه معانٍ جميلة، منها: (القدرةُ لضبطِ نفسِك من الداخلِ، والحكمةُ، وشيءٌ حسنٌ يُمسِكُ بك من الداخل) وإنَّ هذه القدرةَ تنبعُ من الداخل، ونفسُ معنى كلمةِ ضبطِ النفس تعني القُدرةَ على قولِ (لا) لما هو خطأ، و (نعم) لما هو صحيح. *أبعادُ ضبطِ النفس. تُعدُّ الأزماتُ المُجتمعة والضغوطُ الدائمة على مُختلفِ الأصعدة السياسية والعسكرية والنفسية وغيرها من الأسبابِ التي تجعلُ الفردَ غيرَ سويٍ نفسيًا أو سلوكيًا، بحيث يُصاب بالإحباطِ والقلقِ أو الاضطراباتِ أو يُصبح عدوانيًا أو انطوائيًا، ولكن في كثيرٍ من الأحيان تخلقُ هذه الأزمات فردًا قادرًا على التحمل، وبالتالي يشبُّ الأفرادُ وهم أكثرُ صلابةً. وهذه الصلابةُ النفسيةُ لمن مرَّ بالأزماتِ والمِحنِ ناتجةٌ من ضبطِ النفسِ في المواقفِ الطارئةِ والمُفاجئةِ التي تتطلّبُ قدرًا من الشجاعةِ والحكمة وحسن التصرف. ولضبطِ النفسِ أبعادٌ أخرى مُشابهةٌ له، ومن تلك الأبعاد المُشابهة هو كظمُ الغيظ. وكظمَ الرجلُ غيظَه إذا اجترعه وردَّه وحبَسَه، والكاظمون الغيظ يعني الحابسين غيظهم، يقول العلامة الطباطبائي في تفسير الآية الكريمة: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يُحِبُّ المحسنين"، لفظةُ الكظمِ في اللغةِ تعني شدَّ رأسِ القربةِ عند ملئها، فيقولُ: كظمتُ القربةَ، إذا ملأتها ماءً ثم شددت رأسَها. وقد استُعمِلت كنايةً عمّن يمتلئُ غضبًا، ولكنّه لا ينتقمُ؛ ولهذا تجعلُ الآيةُ كظمَ الغيظ الصفةَ البارزة من صفات المتقين". وعليه فإنّ الذي يضبطُ نفسَه هو الذي يكظمُ غيظَه ويحبسُه ويتميّزُ بالعقل والحكمة ويكونُ قادرًا على فعلِ ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي. ونجدُ هناك تشابهًا بين ضبطِ النفس والحكمة، والحكمةُ: العدلُ، ورجلٌ حكيمٌ عدلٌ حكيمٌ وأحكم الأمر: أتقنه. والحكمةُ أخِذتْ من مادةِ (حَكَمَ) بمعنى المنع، وبما أنَّ العلمَ والمعرفةَ والتدبيرَ تمنعُ الإنسانَ من ارتكابِ الأعمالِ الممنوعةِ والمُحرّمةِ؛ فلذا يُقالُ عنها إنّها حكمة. وضبطُ النفسِ هو أيضًا الصبرُ والتقوى، يقولُ اللهُ (عزّ وجل) في كتابه الحكيم: "وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُور"؛ لذلك يُعرَفُ الصبرُ بأنّه حبسُ النفسِ على ما يقتضيه العقلُ والشرعُ، ويضاده العجز. ولو لم يصبرِ الإنسانُ لما تكامل؛ لأنّ الصبرَ يحتوي على العزيمةِ والإرادةِ والوعي والتحمّلِ لأجلِ الله (تعالى). وقيمةُ الصبرِ تكمنُ في احتمالِ المكارهِ من غير جزعٍ ومواجهةِ المكارهِ التي قد تصعبُ على الإنسانِ لكنّ صبرَه يكونُ هو العكّاز الذي يتكئ عليه. ومواجهةُ الصعابِ مع الصبرِ يؤثرُ على حالةِ الإنسانِ النفسيّة. والصابرُ يكونُ في أعلى قممِ الصحةِ النفسية حينما يشعرُ بأنّ اللهَ (تعالى) يُعوِّضه عن صبرِه بالحُبِّ واللطفِ؛ فلا شقاءَ مع حُبِّ الله (تعالى) له، ولا قيمةَ لشيءٍ أمامَه وهو داخلٌ في دائرةِ الحُبِّ الإلهي؛ فلا تأثيرَ للابتلاءِ الذي يواجهه. يتبع إن شاء الله تعالى..

اخرى
منذ 3 سنوات
349

رسالةٌ إلى الكفيل

بقلم: رحاب سالم البهادلي السلامُ عليك يا سيّدي ومولاي يا أبا الفضل العباس، سيّدي يا صاحبَ الفضل، أحنيتُ رأسي إلى مقامكم الرفيع؛ لأسطرَ هذه الكلماتِ لتكونَ لي عندكم ذخرًا، وأقدّمُ بها حاجتي بين يديكم التي قُطعتْ في ساحةِ كربلاء دفاعًا عن أولادِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله)، أقولُ وأعلمُ أنّكَ تسمعُ كلامي وتردُّ سلامي: أزورُ بعيدًا وأُلقي السلام بقلبٍ لهوفٍ كطيرِ الحمام.. إليكَ أحلِّقُ شوقًا وروحًا وأحملُ في الأحرفِ كُلَّ الهيام.. فيا سيّدي قد يطولُ الكلام فتشتاقُ روحي وقلبي الحزين ففي كُلِّ يومٍ يزيدُ الحنين سؤالي إليكَ وأنتَ الشهيد وأنتَ المحامي وأنتَ العميد نظرتَ همومي؟ سمعتَ دعائي؟ رمقتُ إليكَ وأنت الرجاء وأنتَ القريبُ لربِّ السماء وأنت الكفيلُ ونحن اليتامى فمنّا إليكَ حبيبي سلاما استجرتُ ببابكَ وأنتَ المُجير لأشكو إليكَ كثيرَ البلا وموتًا بنا سيّدي أوغلا كتبت إليكَ بريدَ همومِ وذي العينُ تبكي أسىً كُلَّ يومِ فهلّا نظرتَ وأنتَ الكفيل قصدتُ لبابك وأنت الدواء ويُعرَفُ عنك كثيرُ العطاء شكوتكَ حالًا بأرضِ الجواد ففي كُلِّ يومٍ يئنُّ الفؤاد وأنت المُعينُ وأنتَ السبيل فيا ابن عليٍ وفحلِ الفحول لربّي اتخذتُكَ دربَ الوصول أبثُّ إليكَ جراحي وهمّي وأرفعُ كفّيَّ في كُلِّ يوم فليسَ لي سواكَ سبيلٌ سلامًا أقولُ وأنتَ السلام وأنتَ المُحامي لخيرِ الأنام بعثتُ إليكَ رسالةَ همّي وأرجو تراها وتدعو الإله

اخرى
منذ 3 سنوات
302

يتصدر الان

لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع

يستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
71286

بين طيبة القلب وحماقة السلوك...

خلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
52379

الطلاق ليس نهاية المطاف

رحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
41946

لا تقاس العقول بالأعمار!

(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
37379

المرأة في فكر الإمام علي (عليه السلام)

بقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.

اخرى
منذ 5 سنوات
34099

أساليب في التربية

عالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
32542