بقلم: أم سيد محمد حسين/ علوية الحسيني الحقدُ والصداقةُ الحقيقيةُ أمران مُتناقضان فيما لو كانَ الشخص نقيًّا يعكس صفاء ظاهره. فَـالحقدُ مرضٌ يصيبُ القلبَ يحدثُ بسبب خُبث النفس، وبُغضها الخير للآخرين، وَقد يكون نتيجة تحصيل أذى منهم فيغتاظ القلب ويترسخُ الحقدُ فيه. أما الصداقةُ فهي مظلةٌ يحتمي تحتَ قُبتها الذين مَنَّ الله تعالى عليهم بتوحدِ القلوب، وهي شعورٌ جميل لا يمكن لأحدٍ أن يُنكر قدسيته. لكن ماذا لو اجتمعَ الاثنان معًا: الحقدُ والصداقة؟! حَسب اعتقادي أنهُ غير مُمكن إلاّ إذا كانت الصداقةُ مزيفة؛ فالصديقُ الحقيقي يُحبك في الله تعالى، يؤثركَ على نفسهِ ويتمنى لكَ الخير، ففي زمنِ الجحودِ الذي نَعيشهُ الآن هناك الكثير من العلاقاتِ التي تقعُ تحت مسمى الصداقة، فَيبدو الشخص في ظاهرهِ هو ذلك الصديق الوفي، وفي باطنهِ هو أولُ من يُكنُّ لكَ الحقد والحسد! تجدهُ يسايركَ في أمورِك العامةِ والخاصةِ، ولكن في حقيقة الأمر أنه حالما تعتريكَ السعادة تراهُ قد خيّم عليهِ الحزن، يرشيكَ بابتسامات مزيفةٍ، وَيبتعدُ عنكَ محاولاً اخفاء ما يكنّهُ قلبه من حقدٍ. وما أن يعتريكَ الحزن تراهُ أول الحضور يجاهدُ في معرفةِ الأسباب التي أدّت بكَ إلى ذلك، ليس حبًا بك، وإنما ليُبرد غليلَ قلبه ويشهد على ضعفِكَ، فَـتُبانُ عليهِ ملامحِ الانتصار، حتى يهيئ الله تعالى لكَ الموقف المناسب ليصفعكَ الواقع، فتجدُ ذلك الصديقَ الذي تَودهُ المُتصف بحلاوةِ اللسان الإنسان الناصح لك الذي تقصدهُ في السراءِ والضراءِ، في الراحةِ وعند الحاجة، هو ذاتهُ الذي يلتهبُ قلبه حقدًا عليكَ، يتربصُ بك كالثعلب، ويرمي بسمّهِ كالأفعى، وينسجُ كالعنكبوتِ شباكًا للإيقاعِ بك. قد يكون السببُ في ذلك هي الغيرة التي تنمو مع الأيامِ لتتفحل على شكلِ مرض مُزمِن، أو فقدان الاتزان على عتلةِ الثقة نتيجةِ لثقلِ صورتك في ناظرهِ، وقد يكون الحقدُ بين الإناث أكثر منهُ عند الذكور، حتى ولو كانت الصداقةُ لا تشوبها شائبة في بادئ الأمر، ولكنها مع الأيامِ تتلوثُ لما تشهدهُ النفس من مقارنات؛ نتيجةَ الشكل والمظهر، أو النجاح وكثرة الأصدقاء المحيطين، خاصة في الوسطِ الدراسي. فأصبح الحذرُ واجبًا؛ حيثُ الصداقة الحقيقية عملةٌ نادرة، وغالبًا ما يتخللُها مصالحُ شخصية، ومجاملات وأحقاد في زمنٍ أصبحت فيهِ الحياة تربةً خصبة لهكذا أمور. ولو رجعنا إلى الثقلين لوجدنا أنّهما رسما للعبد القواعد الكلّية لاختيار الصديق، وبيان حقوقه والتزاماته، وكيفية التعامل معه حال احسانه أو اساءته. *ففي القرآن الكريم نجد قواعد عديدة، من أهمها: 1/ أنّ الله تعالى قدّس الصداقة فأطلق عليها تسميات عديدة، منها، الخليل، وأعطى للصديق منزلة الشفاعة إن كان الصديق من الأتقياء الصالحين؛ بدليل قوله تعالى: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِين} (1). وبالتالي من كان حقده دفينًا، وصداقته مزيفة لن يكون من المتقين، فلا منزلة الشفاعة تُعطى له، ولا رضا ربّه ناله. 2/ أنّ الله تعالى أطلق على الصديق المرافق اسم الصاحب في بعض آياته، والصاحب على درجاتٍ ثلاث: - صاحبٌ في الجنة، بدليل قوله تعالى: { وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّة}(2). - صاحبٌ في الأعراف، بدليل قوله تعالى: {وَنَادَىٰ أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُم}(3). - صاحبٌ في النار، بدليل قوله تعالى: { وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّار}(4). وبالتالي فالصديق الذي كان الحقد ملازمه، مُكنًّا العداء لمن صادقه، حتمًا أنّه متعدٍ على حدود ربّه، تلك الحدود الناطق بها الكتاب المبين الذي يزعم أنّه يؤمن به، فلا يبعد أن تكون النار مصيره، بل وإن نالته شفاعة غيره فليس ذلك بعد استعاره في النار عدلاً من الله تعالى كعقوبةً له. *وفي روايات أهل البيت (عليهم السلام) نجد أيضًا قواعد عديدة، نأخذ ما روي عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، وأهمها: 1/ التأكيد على أنّ الصداقة لابد أن تكون في ذات الله تعالى: روي عنه (عليه السلام) أنه قال: "فساد الأخلاق بمعاشرة السفهاء، وصلاح الأخلاق بمنافسة العقلاء، والخلق أشكال فكل يعمل على شاكلته، والناس إخوان، فمن كانت اخوته في غير ذات الله فإنها تحوز عداوة، وذلك قوله تعالى: * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين)"(5). وبالتالي فإنّ الصديق الذي يكنّ الحقد لصديقه لا تكون صداقته في ذات الله تعالى، بل هي صداقة مصلحةٍ، أو تقضية وقتٍ، أو ما شابه ذلك من غاياتٍ دنيوية. 2/ بيان معالم الصداقة أن تكون كالجسد الواحد: روي عنه (عليه السلام) أنّه قال: "الأصدقاء نفس واحدة في جسوم متفرقة" (6). وبالتالي لو كان الصديقان كالنفس الواحدة لما تحاسدا، ولما تحاقدا، ولما تكبرا على بعضهما البعض، فيظهر أنّ تلك الصداقة وهمية، لا قداسة لها. 3/ التأكيد على اختيار الصديق حتى لا يحصل أي مجال للتشكّي منه فيما بعد: روي عنه (عليه السلام): "مَنِ اتَّخَذَ أخاً مِن غَيرِ اختِبارٍ ألجَأَهُ الاِضطِرارُ إلى مُرافَقَةِ الأَشرار" (7) وبيّن (عليه السلام) كيفية الاختبار في مضامين أحاديث مروية عنه، منها: عند الشدة، والغضب، والسفر. وبالتالي فمن لم يختبر صديقه حتمًا أنّه سيكون صريع الصدمة بحقده، وضغينته، وغشه، وخداعه. ____________ (1) الزخرف: 67. (2) البقرة: 82. (3) الأعراف: 48. (4) الأعراف: 36. (5) البحار: 78 / 92 / 100، ص 82 / 78. (6) غرر الحكم: 674، 1669، 8760، 2059. اللّهُمَّ َسَدِّدْنِي لأنْ أعَارِضَ مَنْ غَشَّنِي بِالنُّصْحِ، وَأَجْزِيَ مَنْ هَجَرَنِي بِالْبِرِّ وَاُثِيبَ مَنْ حَرَمَنِي بِالْبَذْلِ وَاُكَافِيَ مَنْ قَطَعَنِي بِالصِّلَةِ واُخَالِفَ مَنِ اغْتَابَنِي إلَى حُسْنِ الذِّكْرِ، وَأَنْ أَشْكرَ الْحَسَنَةَ وَاُغْضِيَ عَنِ السَّيِّئَةِ.
اخرىلماذا البعض يتغافل عن المرضى والمحتاجين طوال عام كامل؟ فإذا حل المحرم بادر بالتظلم لأجلهم، ذامًا بعض محبي الامام الحسين (عليه السلام)! وكلتا عينيه على الطعام الذي يقومون بتوزيعه على حبه (عليه السلام)… ألا يُعد ذلك ضربًا من الازدواجية؟!
اخرىبوركت .... لأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر... لا اشك أنك لا تريد بذلك إلا الإصلاح ولكن… ألا تلمس معي أن لسع سياط لسانك قد جاء بمردود معاكس!
اخرىلماذا نبكي الحسين عليه السلام؟! فالدمع وسيلة. فعلًا ألا نبكي على أنفسنا عندما نتألم!
اخرىلماذا اللطم؟! ألم تقولوا: أن أذية النفس حرام؟ نعم، نقول... وهذا هو الصح... لكن مَنْ قال أننا نتأذی حين نلطم؟ علی العكس تماما… حياتنا بحياة الشعائر… (احيو امرنا رحم الله من احيا امرنا)
اخرىفي كل دول العالم تقام ذكرى سنوية لزعمائهم وقادتهم الدينيين منهم والوطنيين الذين حفروا مجدًا في تاريخ بلدانهم واكسبتهم الحرية على اختلاف طقوسها، لم نرَ امتعاض بعض التيارات؟ لا، بل وجدناهم مرحبين بالفكرة وأنها ضرب من تخليد الرموز الدينية والوطنية والإنسانية… بينما وجدنا امتعاضهم واستهزاءهم وانكارهم لإقامة الذكرى السنوية لسيد شباب أهل الجنة ومفجر ثورة الأحرار على الطغاة على مر العصور. #مفارقة
اخرىقالوا: الشيعة قتلوا الإمام الحسين (عليه السلام). قلنا: إنّ الحسين (عليه السلام) خاطب قاتليه بهذا الخطاب… ويحكم، ياشيعة آل أبي سفيان! إن لم يكن لكم دين، وكنتم لا تخافون المعاد، فكونوا أحرارًا في دنياكم هذه.
اخرىلماذا لم يعمل الإمام الحسين (عليه السلام) بالتقية؟ ان لكل قاعدة إستثناءات وكذلك التقية لها إستثناء، فهناك موارد حكم الفقهاء فيها بعدم جواز العمل بالتقية كما لو دار الأمر بين الأهم والمهم، النفس وما هو أهم منها؟ وفي قضية الإمام الحسين (عليه السلام) كان الأمر يدور بين النفس وبين الحفاظ على الدين، فاختار (عليه السلام) حفظ الدين على حفظ نفسه الشريفة.
اخرى