بقلم: نجلاء المياحي أيُ نفوس كانت تنظر لدموعك المنهمرة على وجهك الملائكي من المصير الذي سيلقونه بعدك دون تتردد حتى فيما هي عازمة عليه ؟ أيُ نفوس كانت تحتمي من حرارة الشمس وتروي عطشها وتتركك وحيدًا عطشانًا ذابل الشفاه؟ أيُ نفوس كانت ترميك بحجارة وسهام ونبال ما استطاعت الى ذلك سبيلًا؛ لتسقط عن جوادك فتتمكن منك؟ أيُ نفوس كانت تتسابق لحز رأسك دون أن تشعر أن ارواح العالمين معلقة بك تريد أن تفديك، لكن أبعدتها عنك الدهور؟ ما كانت تلك الوحوش؟ من أي جحيم خرجت، وكيف تصورت بصورة إنسان؟! أي يوم كان ذلك اليوم؟ كيف لم تطبق السماء على الأرض وتعلن انتهاء العالم؛ لأن لا شيء فيه يستحق البقاء! أجزم أنها أرادت انهاء هذا العالم البائس الذي لا يستحق وجودك، لكن صبرك حال دون ذالك..... رمال كربلاء اللاهبة كيف غطت عينيك الدافئتين وهي انهمرت شفقة حتى على قاتليك ..... نحاول أن نتصور ما جرى عليك ونتخيله فنشعر بأرواحنا تتمزق وصدورنا تضغط بقوة كأنها تُشعرنا بألمك تحت حوافر الخيل، نتكلم ونركض خلف أعبائنا اليومية لنخفف عن أنفسنا الألم والاختناق هذا..... لكن ابنك (عليه السلام) كان حاضرًا هناك، كل سهم و رمح و سيف كان يمر على ناظريه قبل أن يخترق جسدك، ولم يمكنه وهو غارق في بحر المرض إلا أن يبكي ويحاول أن ينهض ليفتديك، لكن زينب (عليها السلام) أختك -التي لا أدري أي اطمئنان ألقيتَه عليها لتكون صبورة متماسكة وسط كل هذا المصاب- تمنعه لأنك لا تريد أن يبقى الناس دون يكون هناك من يدبر أمورهم من بعدك، ويعتني بهم ويحميهم ويسندهم... لحظاتك الاخيرة تلك كنت تفكر بنا ..... كيف نعود بالزمن لنستلذ ونحن نذوذ عنك عن آخرنا ونمنع ما حدث؟ الألم والغصة على أننا بقينا دونك لن يتوقف يوما ..... صوتك مناديا الا من ناصر ينصرني وصل الينا بعد ١٤٠٠عام ... تأخرنا كثيرا... صحيح ولكنا سنتأتي ملبين نداءك على استحياء... أرجوك كن هناك بانتظارنا ....... لسنا كالعباس وحبيب وبرير وجون لكنك الجواد الكريم تقبلنا سيدي...
اخرىكان يأخذ متاعه ويذهب في رحلة الليل... حيث الفقراء والمساكين، حاملًا على ظهره زاد الآخرة، فيطرق الأبواب ويطعم الأيتام. فتئن الجدران وتنحني عندما ترى آثار الجامعة والسلاسل على جسده الطاهر، وتخجل الأرض عندما تشم رائحة تراب كربلاء العالقة بأقدامه... هكذا أحيا إمامنا صدقة السر.
اخرىقال لي: بعد كل هذه السنين أتبكون الحسين؟! قلت له: ولنا في سيد البكائين (عليه السلام) أسوة حسنة..!
اخرىكفكفت سكينة دموعها وقالت: عمتي زينب، اشتقت الى تلك الكفوف المقطوعة عم يا عباس، لم يعد للماء طعمٌ بعد رحيلك...
اخرىبقلم: زهراء حسام جاءَ رجلٌ من أَقصى المدينةِ، قالَ: يا قوم إننا في الثانية والستين للهجرة، هذا ما يقولُه عدّاد التاريخ وما يتناقله معاصروا التوقيت. نعم! قد وَعيت عليه، وهل هناك أَحد يُجادل أَحداً في زمانه الذي يعيش فيه؟! كلا! إلا عقلي، قد أَهلكني، يكادُ يميل الى غير مَذهب توقيتي، يُجادلني في صِحّة زماني، وأنا أنهره بشِدّة: -قِف ما أنت صانع، لأي ضلال خانِع؟! إنّه عصرُ الإسلام، إنّه عصر الخلافة الأموية وليس كما تقول، إنّك تقولُ شيئاً نُكرا، تقول إننا في الجاهليّة، تقول إننا في عصر العصبيّة، وإن تحتنا موءودة إسلاميّة، وإننا بخلافة سفيانيّة؟ فهاتِ برهانك إن كنت من الصادقين.. ليجيبني وهو غير خَجِل مما يقول: ارمِ ببصركِ الى المِئذنة ستجدها عادت كالعرجون القديم تَكاد الأرضُ تتلقّفها، أليست هي من أَوّل علامات الإسلام؟ فأين هيبة إسلامها، أين أُبهة دولتها، أين زَهو عِمارتها؟ التمستُ صِدقاً فيما يقول، وطلبت اطمئنان قلبي: لَئن لم يهدِني الله لأكوننّ من القومِ الضّالّين.. أجاب: فقط افتح سَمعيك، ما تسمع من تلكم المِئذنة؟ أَتسمعُ صوت "بلالها"؟ أتسمع جَهارة تهليلها؟ أُسكن قليلاً، وسألزَمُ الصمت أَنا واستمِع إلى: (لا إله إلا الله)... أسمعت؟ فيها حروف أُخر، فيها أصواتٌ نُكر، إنها: (لا إله الا الله والمال والسلطان)! إنهم يُشركون بعبادة ربّهم أحداً!. اسمع الآن الشهادة للنبي (صلى الله عليه وآله)، إنها خافتة، تتداخل، ويخفيها صوت قهقهة صاخبة مع شهادة كُفر قائلة: (لا خبرٌ جاء ولا وحي نزل)! وانظر لهؤلاء الناس، تحسَبهم سُكارى وما هم بسُكارى، قائمين يتخبّطهم الشيطانُ مِن الغفلة، إنهم قالوا أحلَّ الله سلطاناً جائراً! فبالله قل لي: أين الإسلام وعصره؟ أينهم من الله وخلافته؟ فلما رأيتُ الحق بازغاً بهتُّ وقلتُ فزِعاً: لكن كيف لمن أوجده محمدٌ أن يزول؟ هوّنَ عليّ وعقَّب: إن الوجود محمّديّ.. ثم ارجع البصر كرة أخرى، إنّه دمٌ عبيط من قارورةِ كربلاء يصّعد الى السّماء، ويمكثُ في الأرض يميث فسادها وأَدران جور حكّامها، وسَكرة الغافلين وذلة المُرهقين بها، تَنبتُ منه كفّان تُقيم انحناءة المأذنة، ومِعصمان مقيّدان بسلاسل تطوّق قصور الظالمين وسكنتها.. دم له صوتٌ يُخرج الناس من أجداثِ التضليل والإشاعة.. ها قد أبصرنا الإسلام الآن.. بقي بعد عُرضةِ الزوال؛ هذا جواب ما لم تستطع عليه صبراً: إن البقاء حسيني.. إنه قول موجِد الإسلام: (حُسين منّي وأَنا مِن حُسين).
اخرىسيدي أبا محمد هذه الكدمات التي على جسمك المقدس أ كانت من الجامعة؟! أم من الجراب؟!
اخرىفي ذلك الزمن كان زين العباد (عليه السلام) مقيدًا بسلاسل الأعداء! واليوم الإمام المهدي (عجل الله فرجه) مقيد بذنوب الأحباء!
اخرىخذوا صغاركم إلى مجالس الحسين (عليه السلام) حتى لو كانوا لا يفقهون شيئًا بل حتى لو كانوا نائمين... فبركة تلك المجالس سوف تتغلغل في قلوبهم الصغيرة وستكون نورًا لهم يضيء طريقهم... وسيسري حب الحسين (عليه السلام) المخلوط بدموع والديهم ليجري في دمائهم.
اخرىهل من الممكن أن نتصور لوعة الحسين (عليه السلام) في موقف خروجه الأخير للمعركة... تُمسكُ بأطراف ثيابه عزيزتُهُ سكينة.. أبي! نعم بنيتي... إن العطش قتلني... إذا رجعت للمخيم فاجلب لي الماء معك!
اخرىمن يستهجن عباءة وخمار السيّدة زينب (سلام الله عليها) كــمن يكتب على جدار ضريحها كتابات طائفية، مهددًا بتهديم مرقدها.. فمَن يرد محو تراثها ونشر التهتك والسفور كـمن يريد محو قبرها وتلميع صورة الطاغية. فــلننظر كم شمرًا يقبع بيننا؟ شخصية الشمر تلك أحيانًا تتجلى في رجلٍ لايبالي بحجاب أهله. وأحيانًا تتجلّى تلك الشخصية في امرأةٍ تطعن بالحجاب الزينبي عند انسياقها وراء الأبواق الخاسئة. فهلاّ أدركت الفرق الشاسع؟!
اخرىما ذنبنا إن كنتَ شحيح المعرفة والولاء... فبلوعة المصاب، وبغصة الاكتئاب... نحن عرفنا من ذُبح عطشانًا في طف كربلاء... زيارة الناحية المقدسة.
اخرىهيهات منا الذلة هتف بها سيد الشهداء (صلوات الله وسلامه عليه) وانتقل صداها عبر القرون لتصل إلينا... كلمة رفض لمصاديق عديدة، فالذلة قد تكون على هيأة شاب بتسريحة شعر غريبة، او فتاة متبرجة ذات ملابس ضيقة. فمن يهتف بهذا الشعار عليه ان لا يتبع خطوات الغرب وهو أعمى. فهل وصلت الرسالة!
اخرى