Profile Image

مدونة الكفيل

خاطــــرة

بقلم: علوية الحسني اتخذوا من شهرِ الحُسين (عليه السلام) ميقاتًا للصلاة .. يا تاركي الصلاة انتبهوا.. استيقظوا من غفلتِكم فالدنيا فانية، لا تستهينوا بالصلاة؛ إنّها عمودُ الدين من أجلِ الصلاة ضحّى الحسين (عليه السلام) بالغالي والنفيس ومع ذلك، ورغمَ أنّ الأعداءَ مُحيطةٌ به من كُلِّ جانبٍ لم يتركْ صلاتَه أبدًا.. هذه العبرة من طفِّ كربلاء!

اخرى
منذ 3 سنوات
196

خاطــــرة

بقلم: نور عيني ياحسين يصفون مولاتي زينب (عليها السلام) بجبلِ الصبر لكن صبر مولاتي زينب أقوى من الجبالِ يقولُ اللهُ (تعالى) في كتابهِ الكريم "وتكونُ الجبالُ كالعهنِ المنفوش" لكن مولاتي زينب (سلام الله عليها) رأتْ في ليلةِ الحادي عشر أشلاءَ الجثثِ على الأرض ورؤوس إخوتها على الرماح وخيامًا تحترقُ، وأطفالًا تصرخُ وتلوذُ بها وعندما قالَ لها الطاغيةُ: كيف رأيتِ فعل الله في اهلِ بيتكِ؟ قالت: ما رأيتُ إلّا جميلًا أيُّ صبرٍ صبركِ مولاتي؟ وبِمَ أصفه؟

اخرى
منذ 3 سنوات
196

هل أخرجتُمُ السهامَ من بدنه؟!

مهلًا.. مهلًا.. هل أخرجتم السهامَ من بدنه؟! هلِ انتظرتُم وصولَ أهله؟! هل أغلقتم عينيه قبلَ دفنه؟! آهٍ.. آهٍ.. يا حُسين احملوه برِفقٍ حتى لا تتأثرَ جراحُه لا.. لا تضعوا رضيعَه على صدره! أخشى أنْ تهيجَ أوجاعُه من تهشُمِ أضلاعه آهٍ.. آهٍ.. يا زينب هل علمتِ بدفنِه؟ لقد دفنوا روحكِ مولاتي تحتَ الثرى

اخرى
منذ 3 سنوات
236

لا تُهدِني أُغنية

بقلم: منار المهدي لا تُهدِني أُغنيةً كتبَها شاعرٌ؛ ليربحَ ويشتهرَ، وغنّاها مطربٌ؛ ليُعرفَ، وتناقلَها الناسُ بينهم طربًا ولَهوًا. لا تُعبّرْ لي عن محبّتِك ولا تحكِ لي عن حُزنك وتعبك ولا تُخبرني بفرَحِك بكلماتٍ مكررةٍ لستُ أنا المعنيُ بها ولستَ أنت. عبّرْ بكلماتِك البسيطة، وخربشاتك اللطيفة، مهما كانتْ بسيطةً فهي عندي أحلى من أغنيةٍ لا أجني منها سوى الذنوب.. عندما تُهدي لأحبابِك أغنيةً تكونُ كمن يُهدي وردةً جميلةَ الشكل، لكنّها سيئةُ الرائحة، وسامّة تُجرّح فِطرته...

اخرى
منذ 3 سنوات
215

خاطرة

لقد رُفِعَ قميصُك في السماء يا حسين.. وضجّتِ الملائكةُ بالبُكاء.. وجميعُ الرسلِ والأنبياء.... فكيفَ بأهلِ الأرض؟ لا يُقيمون مجالسك! ويستلهمون العِبَرَ من مُصابِك.. بأنواعِ العزاء.. هذا يكتُبُ والآخرُ يرثي وأولئك يلطمون.. مصائبُكم فينا باقيةٌ نكتبُها بأقلامٍ دامية ماذا قلتَ لأبي الفضل حين هويتَ عليه بدموعٍ باكية أ قُلتَ: أ تترُكَ زينبَ ليزيدَ وسياطِه أم لألفاظه النابية؟

اخرى
منذ 3 سنوات
184

خاطــــرة

بقلم: عباس قاسم المرياني المصائبُ والويلاتُ التي أحاطتْ بزينبَ (عليها السلام) تعصفُ بالصبرِ نفسِه ولا ينهضُ بها إلا أولو العزم ولو مرّتْ هذهِ المصائبُ على دِولٍ لأسقطتْها، لكنَّها قوة ذلك الإيمانِ ورسوخه في قلبِها الذي كان مُحمديَّ الرسالة علويَ الإيمانِ فاطميَ الصبر لذا بقيتِ السيدةُ زينبُ (عليها السلام) منارةً شامخةً، ومضربًا للأمثالِ

اخرى
منذ 3 سنوات
260

قصّتي مع المجالسِ الحسينيّة

بقلم: المستبصرة غفران سعد كلية الطب/ جامعة بغداد في ظلِّ مثلِ هذهِ الظروف من البلاء الذي حلَّ علينا مع كورونا -نسألُ اللهَ الفرجَ العاجلَ القريب بحقِّ حرمةِ أيامِ سيّدِ الشهداء (صلوات الله عليه)- ربما ستكونُ نسبةُ حضورِنا المجالس النسائية بنسبةٍ أقل، ونُحرَمُ من الكثيرِ منها، وستقلُّ أعدادُنا ونُحرَمُ من لقاءِ الكثير من الأحبّةِ الذين تعوّدْنا أنْ نراهم ونزدحم معهم كُلَّ عامٍ على المجالسِ الحسينية في مثلِ هذه الأيام؛ بسببِ الظروفِ الصحية، وتوصياتِ المراجعِ العظامِ بضرورةِ الالتزام بالإجراءات الوقائية الصارمة، أو قد أُحرَمُ منها أنا خصوصًا؛ بسبب ظروفٍ خاصة.. دفعتني الحسرةُ والألمُ والاشتياقُ ولهيبُ الفراق على أنْ أستذكِرَ قصتّي مع هذهِ المجالسِ المُقدّسة، كيف كانتْ؟ وكيف بدأتْ؟ وأين وصلت؟! وبعض المواقفِ التي حصلتْ معي فيها. قبل سنواتٍ كُنتُ كغيري من الناسِ البعيدين عن الوسطِ الشيعي والجاهلين به وبحقيقته، أعتقدُ أنَّ هذه المجالسَ كُلَّها كفرٌ وإشراكٌ، وأنَّ هذا النواحَ واللطم والعزاءَ هو سببُ كلّ بلاءٍ وغضبٍ وفقرٍ يحلُّ علينا! وأنَّ صاحبَه أصلًا لا يُريده، ولا يستفيدُ منه، بل لو رجعَ للحياة لقتلهم! كما قتلَ عليٌ ابنُ أبي طالب المُغالين فيه، وكُنتُ ادّعي أنني أحِبُّهُ وأعرفه أكثرَ منهم من دون هذا اللطمِ والبكاء! بالأخلاقِ والاقتداءِ والعمل فقط.. وكانتْ بنظري هذه المجالس مصدرًا للإزعاجِ، وتعطيلًا للحياة، ومزاحمةً وخرابًا، إضافةً إلى نظرةِ الانتقاصِ لمؤديها. منطقتُنا التي نسكنُ فيها شيعيّة، وكُلُّ سنةٍ تؤدّى فيها الشعائر؛ المواكبُ منصوبةٌ، والمجالسُ قائمةٌ، وزادُ أبي عبدِ الله (عليه السلام) في بيتِنا لا ينتهي حتى حلولِ شهرِ مُحرّم التالي! ووسطُنا في المدرسةِ والشارعِ والجيرانِ أغلبُه شيعيٌّ، وكانوا يدعوننا لحضورِ هذه المجالس، ولكنّي لا أحضر، أمي فقط كانتْ تحضر من بابِ التلبيةِ لدعواتِ صديقاتِها والجيران. لا تُغادرُ بالي صورتي وأنا واقفةٌ في يومٍ من الأيامِ لأمّي على بابِ المنزلِ؛ لأمنعها من حضور تلك المجالس، قائلةً: (لا تخرجي، فأنت ذاهبة لمكان كله كفر)! أولُ مجلسٍ حضرتُه من بابِ الفضول؛ لأطلع على ما يفعلون في هذهِ المجالس، ولأساعدَ صاحبته وهي مُدرِّسةٌ لي في الإعدادية، كان قلبي مُتعلِّقًا بها؛ فقد جذبتني بأخلاقِها والتزامِها وإخلاصِها في العمل، وعندما علمتُ أنّها شيعيةٌ صُدِمت! فحضرتُ المجلسَ وقدّمتُ لهم المساعدةَ في إعداد الشاي وتقديمهِ للمُعزّين، وتضييفهم حتى انتهى المجلس، لم أكنْ أعلمُ ساعتَها أنني أعِدُّ الزادَ لسفينةِ نجاتي التي أخذتْ بيدي للحقِّ، وأبصرتُ بها جانبَ النور! وقفتُ قليلًا على بابِ الغرفةِ التي فيها المجلس، أنظرُ تارةً إلى قارئة العزاء، وتارةً إلى المُعزّين وهم يلطمون ويبكون، أمسكتُ نفسي بصعوبةٍ عن التأثُّرِ بهم وعدم البكاء.. ولكن أخيرًا لم أتمالك نفسي عندَ تصويرِ حالةِ الخطابِ بين السيدة زينب والعباس (عليهما السلام)، وغربة الإمام الحُسين (عليه السلام)، ففاضت عينايَ بالدموع، ولم أكنْ أعلمُ أنَّ هذه الدموع ستغسلُ الغشاوةَ عن بصيرتي، وستُصيّرني في بضعِ سنينٍ من الذين يُصلّي عليهم اللهُ؛ لأنّهم من شيعة الحُسين الباكين. كالمغشي عليه من الموتِ، أختنقُ تارةً فأخرجُ من المنزل لباحتِه، حتى لا أتحمّل إثمَ هذا الكفرِ والغضبِ الإلهي الذي سيحلُّ علينا في الداخل بسببِ أفعالهم، وبنفسِ الوقتِ ثمةَ نور في الداخلِ يجذبُني؛ لأعود تارةً أخرى، فأقفُ على البابِ، وأستمع للنعي، وأنظر ماذا يفعلون. كنتُ أنظرُ إلى مُدرِّستي وأراها بحالةٍ عجيبة، تبكي وتلطمُ وفي عالمٍ آخر، أُكذِّبُ الكونَ كُلَّه ولا أُكذِّبُها فيما تفعلُ وتعتقدُ ولا أشكُّ في صدقِها قيدَ أنمُلة. مضت أيامُ هذا المجلس، وأنا بين المُصدِّقةِ لقلبي ونفسي وروحي فيما حصدتُه منه، وبين المُكذِّبةِ المُعانِدة المُنغلِقة على أفكارها المُتمسكة بما وجدت عليه آباءها... مضتِ الأيامُ وانقضت، ومُحرّمُ التالي ليس كما قبله؛ فلم أقفْ لأمّي على البابِ؛ لأمنعها من الذهاب للمجلس، بل كانت في نفسي راغبةٌ في أن أذهب! لم أمنعْها من لبسِ السواد تماشيًا مع أهواءِ منطقتِنا، ولم أُطفئُ التلفازَ عن صوتِ القصيدةِ الحسينية التي تظهرُ صدفة... لم أستهزئُ باللطم... ولم أنطقْ عبارات التكفير والاتهام بالشرك من دون دليلٍ ومعرفة. لم أتذمّرْ من صوتِ الموكب! بل أظهرتُ عدمَ الرضا على أفعالِ أهلي في البيتِ من الاستهزاءِ بالقصيدةِ التي ظهرت، وطلبتُ منهم أنْ يكتفوا بخفضِ الصوت! وقمتُ بتسجيل فيديو لأختي الصغيرة، وهي تلطمُ على قصيدةِ "براءة العشق"! وحزَّ في نفسي بهذا العام أنَّ مدرستي لم تدعُني إلى مجلسِها؛ احترامًا لمشاعري أو لنقُل لتُجنبني الإحراج؛ لاختلاف اعتقادي وأفكاري! وشعرتُ بداخلي أنّني حُرِمتُ، وتمتمتُ في نفسي: نحنُ أيضًا نُحِبُّ الحُسين (عليه السلام) ونرغبُ بحضور مجلسه. ومضتِ الأيامُ ولم يكنْ شيء كما كان! الباطِنُ يُنذِرُ بتغيير، والأفكارُ بدأتْ تتضاربُ وتتحرّكُ وتبحثُ عن الأجوبةِ والحلول، إلى أنْ أذِنَ اللهُ (تعالى) واُتيحتِ الفرصة؛ ولأنني أعلمُ أنّ فرصَ الخيرِ تمرُّ مرَّ السحاب، تحمّلتُ كُلَّ شيءٍ وانتهزتُها.. فرصةُ أنَّ هناك مَن يُجيبُني عن كُلِّ أسئلتي ونقاشاتي، مَن يُعينني على معرفةِ الحقِّ والحقيقة، فرصةُ أنْ أخضعَ لما يتوضَّحُ لي من الحقِّ في أمرِ الدين، وأطبِّقُه وأعملُ به.. والحمدُ لله أنّني لم أُقصِّرْ في ذلك، وشكرتُ النعمةَ حقَّ شُكرِها، حتى وفّقَني الله (تبارك وتعالى) والتزمتُ بطريقِ المعرفةِ وطلبِ الحقِّ حتى آخرِ الأنفاس! وحتى وصلتُ لما وصلتُ له من العقيدةِ والولاءِ لأهلِ بيت محمّدٍ (صلواتُ اللهِ عليهم أجمعين).. إلى أنْ جاء مُحرّمُ بعدَ سنتين وبدأتُ أحضرُ المجالسَ وأنا بعقيدةٍ جديدةٍ وفكرٍ جديد. كان أولُ محرّمٍ لي هو مُحرّم التعرُّفِ والمعرفةِ، أقرأُ ما جرى في كربلاء وأعيشُه في المجالس، وبنفسِ الوقتِ أبحثُ عن أجوبةٍ عقائدية: لِمَ البُكاء؟ لِمَ اللطم؟ لِمَ العزاء؟! وعندما أحصلُ على الجواب أطبِّق.. لا يملكُ الإنسانُ السببَ حتى يبكي عندما يسمعُ المقتلَ والرثاء، لكنّه قد يُمسِكُ نفسَه عن اللطمِ إنْ لم يكنْ مقتنعًا بذلك! وأنا في أولِ مجالس حضرتُها حاولتُ ذلك؛ لأنني لم أكن قد وصلتُ إلى قناعةٍ وحجةٍ أنَّ اللطمَ جائزٌ بعد، ولم أُكمِلْ هذا الـ chapter من الكتابِ بعد! حيثُ كُنتُ مُعتادةً أنْ أقرأ كُلَّ شيءٍ على مهلٍ وأبحثُ عنه وأسأل، وعندما أقتنعُ أطبِّقُ على الفور! فـ"من عمِلَ بما يعلمُ علّمَه اللهُ ما لم يعلمْ!". كانت هذه الرواية وتطبيقُها مصدرَ كُلِّ التوفيقات في حياتي وسببَ سرعتي في الوصول.. ومع ذلك لم أكنْ أصمدُ في المجالسِ حتى أنتهي من قراءةِ البحثِ لألطمَ على مصائبِ الحُسين! وكان هذا الردُّ عفويًا: "الما يلطم على احسين مو شيعي يسمونه" سمعتُ هذهِ العبارةَ بأحدِ المجالس، فقمت باللاوعي باللطمِ معهم، وفتّتَتِ المعرفةُ المكتومةُ في باطني للحُسين كُلَّ هذا العناد وأزالتْ عمى البصيرة.. فعُلِّمتُ ما لم أعلمْ حينَها وقمتُ لألطمَ عن معرفةٍ وعقيدةٍ ووعيٍ وقناعةٍ وعاطفةٍ ووجدان.. صرختُ بداخلي: "كيف لا أُعتبَرُ شيعيةً وأنا كُلُّ ذرةٍ من ذراتِ وجودي تصرخُ: أشهدُ أنَّ عليًّا ولي الله"؟! بعدئذٍ ما إنْ سمعتُ نفسَ هذه العبارة على قناة كربلاء، في يوم العاشر، حتى بدأتُ باللطمِ معهم.. كنتُ عندما أحضرُ المجالسَ لا أعرف كيف ألطم، فأنظرُ إليهم وأتعلمُ منهم.. والشيءُ الوحيدُ الذي كنتُ أُجيدُه هو البكاء، والبكاءُ بصمتٍ وهدوءٍ لا يُسمَعُ لي فيه أي صوت! أولُ المجالسِ التي كُنتُ أحضرُها، كانت قارئة العزاء بعد الانتهاءِ كُلَّ مرةٍ تُناديني، وتسألُ عني وتتعرفُ عليّ: (من هذه الفتاة التي تبكي بحرقة مع هدوء؟) فتنتبهُ إليَّ جميعُ من في المجلسِ دون أنْ أشعر، ويغبِطنني قائلاتٍ: هنيئًا لكِ، وأمّا قارئة العزاء فكانت تدعو لي بالتوفيق والثبات وتُهنئني، وهي لا تعلمُ بقصتي أصلًا ولا تعرفني من أنا! كُنتُ أشعرُ أنَّ هذه المواقف من تدبيرِ يدِ الغيب، وأنَّها أمارةُ قبولٍ تشدُّ الأزرَ وتثبتني على هذا الصراط، كُنتُ أشعر أنّها علامةُ القبول من الزهراء (صلوات الله عليها) لهذه التعزية والمواساة؛ لأنّني كنتُ أقرأُ حينَها أنَّها (صلوات الله عليها) تحضرُ وتفعلُ ذلك... وبعدَ كُلِّ مجلسٍ أحضره يتكرّرُ هذا الشعور، حتى صرتُ معروفةً به، وجيراننا في كُلِّ مرةٍ يطلبونَ حضوري بالخصوص، وإذا كانتْ أمّي لا تستطيعُ الحضور فيأتونَ هم ويأخذونني معهم! والبعض منهم يأتي ويجلسُ بجانبي، مُعللين ذلك بقولهم: "الزهراء تحضر عندك!"، وفي كُلِّ مرةٍ يأتونَ لدعوتِنا يقولون لأهلي: "وغفران هل تأتي" فضلُ هذه المنطقة والجيران عليّ عظيمٌ، وحتى مجالسهم وناسهم، وعلى الرغمِ من السلبيات التي توجد لكن لهم عظيمَ الأثرِ في طريق تكاملي وتعلَّمْتُ منهم الكثير وأهمها الولاء. حتى أنّهم عندما يأتون بـ(الثواب والتوزيعات)، فإنَّ لي عندهم الحصة الخاصة، وأحيانًا يخصونني بحصةٍ مماثلة لحصةِ أهلي أجمعهم قائلين: "هذه لغفران فقط" ولأننا لا نخرج في منطقتنا كثيرًا، ولا تربطني بالجيران علاقة غير المجالس، فإنّهم يأتون في المناسبات والأعياد ويُسلِّمون عليّ، ويخصونني بالمعايدة، كما واسوني بطريقةٍ عجيبة، وأخذوا بيدي دون شعورٍ وعلموني الكثير واستفدت منهم، رغم لقاءاتنا القليلة، وهذه المعنويات يحتاجُها كُلُّ شخصٍ في بدايةِ طريقه.. في أولِ زيارةِ أربعين لي في العام نفسه، كانتْ موافقةُ أهلي مستحيلةً؛ فالزيارةُ والمشي والمبيتُ خارج البيت بمثل هكذا أماكن لا توجد في قاموسنا.. فبقيتُ أيامًا أبكي وأتحسّرُ وتقطّع قلبي أوصالًا، رغم أنَّ الحُسينَ (عليه السلام) أعطاني إشارةَ المواساةِ والقبولِ ولكنَّ القلبَ لا يقتنع.. فوقفوا معي حتى أنَّ جارتنا قالت: لن أذهبَ هذهِ السنةَ للأربعينيةِ إلا وغفرانُ معنا! ولأنًّ والدهم صديقُ والدي، فقد استجاب لطلبهم ووافق حياءً منهم، فذهبنا أنا وأمّي معهم.. وبعد ذلك صارت سُنّةً في أغلبِ الأحيان؛ تتسابق عليها أمّي -إنْ هداها اللهُ- قبلَ أنْ أطلب منها إنْ كانتْ الظروفُ مناسبةً.. وفي إحدى السنوات -وكانت هذه السنة الوحيدة التي خرجت فيها لمجالس في ليلة العاشر- طرقت جارتنا بابنا وقالت: "أأتوا غفران معنا لتحج"، فأخذتني معها، وذهبنا مع (قارئة العزاء) لكُلِّ المجالس التي تُقيمها في المنطقة حتى الفجر، وهي التي يسمونها "الحجة". عندَ عودتِنا للمنزل، وقريبًا من وقتِ صلاة الفجر، وأنا أسيرُ معهم في الشارع المظلم لوحدنا، وضعت طرف حجابها على وجهها وقالت: ليت عيني تعمى لأجلك مولاتي يا زينب، كيف تحملت كل أنواع الغربة والسبي والظلم والظلام!... وأجهش الجميعُ بالبكاء وأبكوني معهم. أمّا أنا وخصوص مجالس العباس (عليه السلام) فهي قصة خاصة؛ فمن فروضي أنْ أحضرَ مجلسًا في ليلته كل عام، حتى وإنْ لم يدعنا أحدٌ، فإنّي أبحثُ عن مجلسه وأذهبُ دون دعوة! وكم أتفاعل مع (قارئة العزاء) التي تأتي العزاء بالرايات والأهازيج العباسية، وقصائد الحماس، ومن ثم العتاب بين الإخوة، والحوار بينه وبين زينبه (صلوات الله عليهما)، وكذلك كيف أن استشهاده كسر ظهر أخيه الحسين (عليه السلام)، كُلُّ ذلك ألوانُ عشقٍ ومواساةٍ لا تُترجَمُ إلا بحرِّ الدموع ولطمِ الصدور! فكيف بالصبرِ على الفراق؟! أمّا ازدحامُ المجالسِ والصلوات فهذه قصةٌ أخرى، كُلّما يزدادُ عددُ الحضور ترتفعُ الصلوات ليتوسَّعَ المجلس! وبالفعلِ يتوسعُ لأضعافه! وعبارةُ (الزهراء توسِّعُ المجلس) لا تُفارقُ ألسنتهم.. أمّا أنا فلو بقيتْ لي زاويةٌ تكفي لإصبع فقط فإنّي أحشرُ نفسي فيها، وأوسِّعُ المجلس، ولا يهمني، وأنظرُ عليهم جميعًا كأنّهم معجزة؛ فرؤيتهم وهم يتوافدون ويتحاورون ويتواسون، بل حتى حديثهم العادي، يُبكيني، فأُردِّدُ: لبيكَ يا حُسين. لا أنسى نظراتِ صاحبةِ إحدى المجالس، عندما تأخرتِ (قارئة العزاء) عن مجلسها لفترةٍ طويلةٍ، فاضطروا لتبديلها لظرفٍ طارئ، فإنّها لم تُبقِ شيئًا في منزلِها لم تُخرِجْه لنا وتُضيّفنا به، وكُلّما غادر أحدٌ المجلسَ بسببِ طولِ الانتظارِ فإنَّ دموعها تنهمرُ على خديها، وكأنّها تتوسلُ بالمعزين قائلةً: (أرجوكم انتظروا قليلاً لتواسوا الزهراء) وهي تبكي وأنا أبكي معها، ملتمسةً منهم الانتظار. من عادتي أنني لا أتذمرُ مُطلقًا بسبب التأخير في المجالس، بل أنتظر ولو لساعات، واستثمرُ الوقتَ بما يُعينني على الخشوع وحضور القلب والتأمُّل في المُعزّين والتعلُّم منهم ومن كلامهم وعاداتهم وتصرفاتهم، حتى أنَّ أُمّي أحيانًا تتركني وتذهب، وأنا أواصلُ الانتظار، ولا أخرجُ إلا بعد أن ينتهي المجلس. لا يفرقُ عندي إنْ كان المجلسُ فيه محاضرةٌ دينيةٌ أو مجلسُ عزاءٍ فقط، ولا أُحِبُّ أنْ أنتقيَ المجالس، فإنْ حدَّثتني نفسي بالانتقاء ألومها؛ فالحُسينُ عَبرةٌ وعِبرةٌ، والعزاءُ في أيامِ المحرّمِ هو الأساسُ والمُنطلقُ والشعارُ كما قال مرجعُنا الأعلى. روحي دائمًا تتعلقُ بالبيتِ الذي أحضرُ مجلسَه، وأشعر انّي لا أرغب بأنْ أُفارقَ المجلسَ، حتى أُكمِلَ كُلَّ دعواتي وطقوسي، وجولتي على الصورِ والراياتِ المُعلّقة عليه لأمسح بها وجهي ودموعي.. وكم أحرصُ على أنْ أساهمَ في تنظيفِ المحلِّ الذي يُقامُ فيه المجلسُ بعد انتهائه، فأحمل ما يُمكنني حمله مما تركه المعزون، وأتمنى لو يمكنني البقاء لانتهاء كل التنظيف. كانتْ مُدرِّستي دائمًا ما تمنحني هذه الفرصة؛ لأنال هذا الشرف العظيم، وأخدم ولو بالشيء القليل أبا عبد الله (عليه السلام) ومُعزيه ومجلسه، كنتُ أذهبُ معها قبلَ الجميع وأمدُّ لها يد العون، وبعدَ انتهاء المجلس أبقى معها؛ لننظف المكان معًا.. وقد دفعني حبي للمجالس الحسينية إلى أن أتمسك بمنطقتي التي أسكنها، حتى أنّ أهلي كُلّما كانوا يتناقشون في موضوعِ تركِ المنطقة وشراء بيتٍ في مكانٍ آخر، كُنتُ أولَ من يعترض، ولا أقبلُ بذلك أبدًا ولا أرضى؛ خوفًا من أنْ أُحرَمَ من هذهِ المجالسِ ومن الشعائر ومن رؤيةِ هذه المواكب وحتى زاد أبي عبد الله (عليه السلام). كما لا أقوى على فراق هؤلاءِ الموالين الذين بفضلِهم تعلّمْتُ بعضَ أبجدياتِ الولاء، وكيفَ يُطبَّقُ الولاء والمحبة والعقيدة في الواقع، وكيف تكونُ حياةُ الموالين، ولو كان اللقاءُ والاجتماعُ لدقائقَ قليلةٍ. كُنتُ وما زلتُ دائمًا أحلمُ وأخطِّطُ لليومِ الذي سيكونُ لي بيتي الخاص، وأقيم فيه مجالس العزاء، ومجالس مناسبات أهل البيت (صلوات الله عليهم)، وأخدم فيه شيعتهم ومُعزيهم.. هذه المجالسُ كانتْ وسيلتي الوحيدة للصلةِ الواقعيةِ مع أهلِ البيت (صلوات الله عليهم) ومناسبتهم ومواساتهم، والنهل من فيوضاتهم المعنوية والروحية في ظلِّ حرماني من الزياراتِ والغربة.. ثم حلَّتْ علينا كورونا ضيفةً ثقيلةً، وجُلّ ما أخشاهُ أنْ تحرمني حتى من هذه المجالس، فلله (تعالى) الأمر وله حكمةٌ هو بالغها، وللحُسين (عليه السلام) نشكو الحال، وضاقت فلمّا استحكمت حلقاتها، ستُفرجُ وكنتُ أظُنُّها لا تُفرجُ. كنتُ أحترقُ من الداخل وأنا أزورُ عن بُعد، أو أسجل اسمي في زيارةِ الإنابة، والآنَ كيف بي وأنا أحضر المجالس عن بعد؟! لكنّما هو اختبارٌ جديد، ومحكٌ جديد، وللولاء تعبيراتٌ وآفاقٌ عجيبةٌ، كما قالت المرجعية العليا.. لوهلةٍ كنتُ أظنُّ نفسي العالمةَ العارفةَ بأهلِ الخدمةِ والولاءِ والمواكبِ والشعائرِ والمجالسِ، المُحسِنةَ التعامُلَ والفهمَ والتعبيرَ، المُطلعةَ على فيضِ القلوبِ وصفائها ونقائها وصدقها، المؤمنةَ بكلامِ العقيلةِ زينب (عليها السلام) عندما صدَحَتْ بالوعدِ الإلهي ببقاءِ هذه الشعائر أثرًا لا يُدرَسُ على كرورِ الليالي والأيام.. وبدأتُ أقولُ: الأمرُ مع كورونا مستحيلٌ مستحيلٌ، فكيف بنا؟! وإذا بهم يُفاجئوننا، ويُبدعون من جديد، وتظهرُ آفاقُ خدمتِهم وتمسُكِهِم بشعائرهم وعشقهم للحُسين (عليه السلام) من عجائبِ الدنيا، ويبقى هذا السِرُّ يُحيّرُ العقولَ والأفهام؟! وحتى صدمني أحدُ كبارِ علماءِ الحوزة وأساتذتها بعبارةٍ وقفتُ مُتحيّرةً أمامَها لساعاتٍ، في أيّ عقلٍ أحملها؟ وبأيّ قلبٍ أحتويها؟ وعلى أيّ صفحةٍ في روحي أكتبها؟ كي لا أنسى هذا الدرسَ الجديدَ في الولاءِ والعزاءِ والإحياء الذي تعلّمته.. السيدُ الأشكوري، أستاذٌ بحجمه الكبير في الحوزة العلمية، يتحدثُ عن خَدَمَةِ الإمام الحسين (عليه السلام) قائلًا: قولوا للخدام: أنتم أخذتم بيدنا إلى هذا المنهج، وطريق الخدمة الحسينية والمأتم، والآن أنتم على المحك وفي تحدٍ جديد. الله أكبر! كما تعلّمتُ وصبرتُ لسنواتٍ وسأظلُّ أصبرُ حتى يعجز الصبرُ عن صبري، وينظرُ الرحمن في أمري.. سيبقى أهمُّ ما عندي أنْ أرى المجالسَ والشعائرَ والزيارات تُقامُ وبأروعِ صورةٍ تعكسُ للعالمِ من هُم شيعةُ الحُسين وعُشّاقه ومُحبوه وخُدّامه. هم الملتزمون بتوصيات مراجعهم العظام التي تعكسُ تعاليمَ الدين الإسلامي الحنيف، سواء أكنت من الحاضرين أم لا. عظّمَ اللهُ أجوركم وأحسنَ عزاءكم بمصابنا بأبي عبد الله الحُسين (عليه السلام)، وجعلنا الله وإيّاكم من الطالبين بثأرهم مع الحجة المنتظر (عجل الله فرجه).

اخرى
منذ 3 سنوات
430

شغف الورد

بقلم: زهراء المتغوي من أولِ العمرِ حتى ساعــة اللحدِ أراك في شغفِ الأرواحِ للوعــــــدِ أراكَ حيـن سفين الشوقِ يأخذني والموجُ ينثـــــالُ بين الجزرِ والمدّ أراك أجمــلَ إحساسٍ يخالجـني كالزهرِ والعطر والأنســام والوردِ أراك مثل صـــلاةٍ في تبتلهــــــا وأنت أنت إليهــا سورة الحمدِ هواك يقطرُ ما بين الدموع ندى والغيمُ يرسمُ لون الحزن في خدّي يا فكرةَ الصبح بالجمعاتِ تجذبني وتشعــلُ النبضَ بين المسك والندِّ والضوءُ يصقلُ بالندبات جوهـرةً وأنت أثمنُ ما تبقي الرؤى عندي أستوقفُ العمـرَ في أبهى محطته للانتظـــارات ما أخفي وما أبدي وأنت في مهجتي يـــا من أخبّئـــهُ لعتمــةِ العمر كنز النورِ يا مهــدي جمعة والهة

اخرى
منذ 3 سنوات
294

ماذا تعلمتَ من عاشوراء الحسين؟ (١)

تعلّمتُ أنَّ الصلاةَ هي أهمُّ دعائمِ الدين، وأنّها وسيلة الاتصالِ بين العاشقِ والمعشوق، بين الخالقِ والمخلوق، بين العبد وربه، وأنّها حصنُ المؤمنِ في مواجهةِ مُغرياتِ الحياةِ؛ فهي كما وصفَها اللهُ (تعالى): "إنَّ الصلاةَ تنهى عنِ الفحشاءِ والمنكر" وهي علامةٌ للتمييزِ بين المؤمنِ والفاسق فها هو الحسينُ (عليه السلام) في يومِ عاشوراءِ بين صليلِ السيوفِ، وطعنِ الرماحِ، ورمي السهامِ صلّى بأصحابِه صلاةَ الخوفِ بوقتِها، ولم يتوانَ لحظةً في تأخيرها.

اخرى
منذ 3 سنوات
225

السجاد .. نداء الحزنِ الأبدي

بقلم: زهراء المتغوي زدني أيا جرحَ العليلِ توجّـــعا شتّانَ بين من اكتوى ومن ادّعى هذا نداءُ الحُزنِ يملأ خــافقي والعينُ تجري في المصيبةِ أدمعا والقلبُ يذكرُ من مآثر عـلمِه وبعلمه قلبُ الشريعةِ قد وعى أبكي على السجّادِ زفرة فاقدٍ من حوله جبلُ الهمومِ تجمّعا أبكي على من بالعـــــبادةِ ليله ونهـاره وإلى الإلــه تضرَّعـــا وعلى الذي شرحَ الحقوقَ مخافةً أن تستباحَ من الورى وتضيّعا وعلى الذي ذاق الـمــــرارةَ كلّها والقلبُ من كأسِ الطفوف تجرّعا ما حاله وهو الحــــنونُ فؤاده لمّا رأى جسم الشهيد مقطّعا؟ ما حاله وهو العـــــزيز إباؤه حتى يرى تلك السبايا هلّعا ؟ ما حاله والموتُ يفري قلبه سمّا يجرّعه المنية أنقــــعا؟ ما حال باقـــــــره وحال بناته والرزء يا للرزء أحنى الأضلعا؟ ما حال شيعته تجــــــدّد حزنها فكأنّ عاشــوراء عادت أفظعا ؟ وكأنّ هذا اليوم أعظم حسرةً ملأ الزمان شــكايةً وتفجّعا حتى القصــائد أطفأت جمراتها فلنحمل الذكرى ونشعلها معا مأجورون ونسألكم الدعاء

اخرى
منذ 3 سنوات
247

الدعوةُ إلى الحجابِ/ نظرةٌ معاصرةٌ السيدةُ زينبُ (عليها السلام) أنموذجًا (3)

بقلم: فريال ياسر الأسدي 5ـ الحجابُ والقرآن هل هناك حكمٌ صريحٌ بتشريعِ الحجابِ في آيةٍ من الآيات الكريمة؟ يُطرَحُ هذا التساؤلُ من قبلِ كُلِّ من يُنكِر وجود دليلٍ على الحجابِ في القرآن، وأحيانًا يتعدّى إلى إنكارِ المفهومِ القرآني وفي هذا الموضوع سنذكرُ بعضَ آياتِ الحجابِ التي لها صلةٌ مباشرةٌ بالمسألةِ، لتتشكلَ لدينا رؤيةٌ قرآنيةٌ لمفهومِ الحجاب. 1ـ {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلاَ يُبْدِينَ} وهي من أهمِّ الآياتِ التي استدلَّ بها الفقهاءُ على الحجابِ الشرعي الإسلامي، وتُسمّى بـ(آيةِ الزينة) حسبَ المقطعِ الأولِ منها وهو: {وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، وتُسمّى كذلك بـ(آيةِ الخمار)؛ استنادًا إلى المقطعِ الذي يقولُ اللهُ (تعالى) فيه: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}. 2ـ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ ِلأَزْوَاجِك وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}. يقولُ الشيخُ باقر الأيرواني في إشارة منه إلى عدم اختصاص الحجاب بنساء النبي (صلى الله عليه وآله): "المعنى: قُلْ للنساءِ يسترنَ جميعَ بدنِهنَ بواسطةِ جلابيبِهن فإنَّ ذلك أقربُ لأنْ يُعرَفْنَ بأنَّهُنَّ من أهلِ الصلاحِ والعفافِ فلا يؤذين من قبلِ أهلِ الفسوقِ والفجور". 6ـ الحجاب... نظرة معاصرة. إنَّ الحجابِ المعاصرِ بينَ نساءِ جيلِ التطوّرِ والحداثةِ يواجِهُ حملةً عنيفةً وغزوًا يحاولُ إسقاطَه وتفريغَه عن محتواه في ذلك، وهذه الحملةُ تُدار من قبلِ جهاتٍ عالميةٍ مُنظَّمةٍ تستهدفُ خلقَ حاجزٍ بين المرأةِ والحجاب، وسلاحُهم في ذلك حُججٌ واهيةٌ لا تستندُ على دليل. ومن أهمِّ تلك الحجج: *تشريعُ الحجابِ لا يستندُ على دليلٍ واضحٍ ومعقولٍ في القرآنِ والسُنّةِ *تشريعُ الحجابِ الذي ذُكِرَ في القرآن هو خاصٌ بنساءِ النبي (صلى الله عليه وآله) *الحجابُ يسلبُ حُريةَ المرأةِ، ويؤدي إلى الخمولِ في النشاطات. ولقد بيَّنّا في المبحثِ الثاني أهمَّ الأدلةِ الشرعية من القرآن الكريم،، وأنَّ للحجابِ هدفيةً معقولةً حيثُ إنّه يرتفعُ بقيمةِ المرأةِ ومقامِها، وكذلك بينّا أنّه ليس خاصًا بنساءِ النبي (صلى الله عليه وآله) في الآية: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ ِلأَزْوَاجِك وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلاَبِيبِهِنَّ}. أمّا كونُ الحجابِ يسلبُ حريةَ المرأةِ، فهناك اختلافٌ كبيرٌ بين أنْ تُحبسَ المرأةُ في البيتِ أو أنْ يُطلَبَ منها السترُ إذا أرادتْ مواجهةَ رجلٍ أجنبي. إنَّ حبسَ المرأةِ واحتجازِها لا وجودَ له في الإسلام، والحجابُ واجبٌ ملقى على عاتقِ المرأةِ، وليسَ الرجلُ مَنْ فرضَ ذلكَ الواجب، ولا هو مما يتعارضُ وكرامتها، ولا هو اعتداءٌ على حقوقِها الطبيعية، وقدْ وضُحَتْ سابقًا فلسفةُ الحجابِ وأنّه يُحافِظُ على هدوءِ الآخرين وراحةِ أعصابِهم وعدم الإخلالِ باتزانِهم الأخلاقي. أما كونُه يُسبِّبُ خمولًا في نشاطاتِ المرأة فهذا أيضًا ليس صحيحًا؛ فالإسلامُ حثَّ المرأةَ والرجلَ على طلبِ العلمِ على حدٍّ سواء، ودعاها إلى استثمار قدراتها مثلما دعا الرجل؛ ومعلومٌ أن المرأة تتمتعُ بالكثير من القدرات من الفكر والإدراك، والذكاء، والذوق والقدرة على العمل، وغيرها، والحجابُ ـ بالكيفية والحدود التي بيناهاـ لا يوجِبُ إضاعةَ تلك القدرات والمؤهلات، وإنَّ هذا الاعتراض يُمكِنُ أنْ يوجَّهَ للحجابِ الذي كانَ سائدًا عند القدماء، أمّا الحجابُ الإسلامي فلا يقولُ بحبسِ المرأةِ بينَ جُدرانِ البيت.

اخرى
منذ 3 سنوات
188

ماذا تعلّمتَ من عاشوراء الحُسين؟ (٣)

تعلّمتُ من عاشوراء الحُسين (عليه السلام) أنْ أكونَ ناصرةً لإمامِ زماني، وأقدِّمُ أغلى ما أملكُ لنصرةِ الدينِ والمذهبِ، والحفاظِ على مبادئه وقيمه من الزيف والتحريف وأنْ أقفَ صامدةً كزينبَ (عليها السلام) في وجهِ الانحرافِ والتضليل الذي يحدثُ في زماننا هذا.

اخرى
منذ 3 سنوات
246