(زيارة الأربعين) هي عودةُ السيّدةِ زينب ومعها رأسُ الحسين، وقد تكسّرتْ ثناياه وازرقّت شفتاه أمامَ ناظريها، فخفّفي عنها ألمَ المُصابِ بحجابكِ الزينبي.
اخرىبقلم: أم محمد السوداني يومُ الغدير كان أهمَّ حدثٍ تاريخيٍ في حياةِ خاتمِ الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله)؛ ليخبرَ عن أهمِّ الأحداثِ وآخرِها في حياةِ البشرية، عندما أخبرَ باليومِ الموعود والعهدِ المعهود، وأخذَ البيعةَ لمُنقذِ البشرية ومُحقِّقِ العدالة الإلهية على الكرة الأرضية. آخرُ يومٍ من حياةِ آخرِ الأنبياء (عليه وآله وعليهم أفضل السلام) يُخبِرُ عن آخرِ يومٍ في الدنيا! روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): " لو لم يبق من الدنيا إلا يومٌ واحدٌ لطوَّلَ اللهُ (تعالى) ذلك اليومَ حتى يبعثَ اللهُ رجلًا من ولدي اسمه اسمي، فقام سلمان وقال: يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أيِّ ولدِك هو؟ قال: من ولدي هذا، وضرب بيده على رأس الحسين (عليه السلام)".
اخرىبقلم: أم حوراء النداف "إلهي رضًا بقضائك، وتسليمًا لأمرك، لا معبود لي سواك" قد يتساءلُ البعضُ عن الحكمةِ من اصطحابِ الإمامِ السجاد (عليه السلام) إلى كربلاء مع ما يُعانيه من المرض، فلماذا لم يبقَ في المدينةِ مع سائرِ المعذورين من الالتحاقِ بركبِ سيّدِ الشهداءِ الإمامِ الحسين (عليه السلام)، أمثال عبدِ الله بن جعفر ومحمد بن الحنفية! أليست مجازفةً بحياةِ إمامِ معصوم؟! والحالُ أنَّ الأمامَ الحسين كان مُتيقنًا من الشهادةِ على يدِ بني أمية، وقد أخبرَ عن ذلك غير مرّة، ومثال ذلك ما قاله في خطبتِه الأخيرة قبل الخروجِ من مكة: "ألا ومن كان باذلًا فينا مُهجتَه، موطِّنًا على الموتِ نفسَه فليلتحقْ بركبنا.." مما لا شكَّ فيه أنَّ الإمامَ الحسينَ كان صاحبَ مشروعٍ إصلاحي إلهي هدفُه تقويمُ الاعوجاجِ الذي طرأ على مسارِ الأمّةِ الإسلاميةِ بعدَ وفاةِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله)، فكما اختارَ اللهُ رسولَه النبيَّ الخاتم (صلى الله عليه وآله) بشيرًا ونذيرًا، اختارَ الإمامَ الحسين (عليه السلام) مصباحَ هدايةٍ، لا يخبو ضياؤه، على مدى العصور بمدادِ دمِه الطاهر. انطلاقًا من هذا المبدأ عملَ الإمامُ الحسينُ على توفيرِ كافةِ العناصرِ اللازمةِ لإنجاحِ مشروعِه الرسالي، وكانَ وجودُ الإمامِ السجّاد أحدُ تلك العناصر الارتكازية التي سعى أهلُ البيت (عليهم السلام) لحفظِه وصيانتِه من أيدي الغدرِ والبطشِ الأُموي، فما هي الأدوارُ التي لعبَها الإمامُ (عليه السلام) في القضيةِ الحسينية؟ أولًا: رغمَ أنَّ السيّدةَ زينبَ (عليها السلام) قد تكفّلتْ برعايةِ النساءِ والأطفالِ إلا أنّها وحتى اللحظاتِ الأخيرةِ من حياةِ الإمامِ الحسين (عليه السلام)، وقبلَ خروجِه الأخير إلى المعركة، كانت تتلقى التوجيهَ من الإمامِ المعصوم، فكان (سلام الله عليه) كُلّما لاحظَ الحزنَ أو القلقَ في عينيها شدَّ إزرَها بكلماتِه الإيمانية: "أُخية تعزّي بعزاءِ الله، لا يذهبنّ بحلمِك الشيطان، اعلمي أنّ أهلَ الأرضِ يموتون وأهلَ السماءِ لا يبقون..."، وسواها من الكلماتِ التي تقوّي عزيمةَ السيّدةِ زينب (عليها السلام) في ظروفِ المحنة. وبعدَ استشهادِ الإمامِ الحسين (عليه السلام) كان لابُدّ للإمامِ السجّاد (عليه السلام) أنْ يتولى زمامَ الأمورِ وقيادةَ القافلةِ النبوية، وإن لم يكُ الأمرُ ظاهرًا. وهنالك عدّةُ شواهدَ تدلُّ على ذلك، كسؤالِ السيّدةِ زينب الإمامَ السجّاد (عليهما السلام) عن التكليف الشرعي حين بدأ الأعداءُ بحرقِ الخيام بعد استشهادِ أخيها (عليه السلام)، فقال لها: عمّة، فرّوا على وجوهكم في البيداء. فالدورُ الريادي للسيّدةِ زينب لا يخلو من توجيهِ إمامِ زمانِها وحجةِ اللهِ على أرضه. ثانيًا: التصدّي لإرادةِ الشرِّ الأموي الرامية إلى حرفِ الحقائقِ وتزييفِ الوقائع ونسبةِ الخروجِ عن الدين لشهداءِ الطف، فكانتْ خطبةُ الإمامِ في مجلسِ يزيد تحديدًا كفيلةً بفضحِ جريمةِ آل أمية، وذلك عندما عرّفهم بنفسه قائلًا: "أنا ابنُ مكةَ ومنى، أنا ابنُ زمزمَ والصفا، أنا ابنُ من حُمِلَ على البراق في الهوا،....." فأرجعَ الناسَ إلى حقيقةِ رسالةِ التوحيدِ المُحمّدي الأصيل، ومن هم المعنيون بحملِها بعدَ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله)، بعيدًا عن أوهامِ الصراعِ على السلطةِ والحكم. ثالثًا: كان الإمامُ السجّاد (عليه السلام) شاهدَ حقٍ على واقعةِ الطفِّ، ولم يكن أحدٌ ليجرؤَ على تكذيبِ روايتِه. رابعًا: إنّ وجودَ الإمامِ (عليه السلام) في ساحةِ مُقارعةِ الظُلمِ هو بمقتضى وظيفتهِ الشرعية كإمامٍ للأمّةِ، فمن واجبِه إلقاءُ الحُجّةِ عليهم وإزالةُ الغشاوةِ عن أعينِهم، وحينئذٍ "فمن اهتدى فإنّما يهتدي لنفسه ومن يضلُّ فعليها". طبعًا لا يُمكننا الإحاطةُ بمجملِ الأسبابِ، فمشيئةُ اللهِ (تعالى) اقتضت، وأهلُ البيت (عليهم السلام) سلّموا وفوّضوا أمرَهم للحقِّ (سبحانه)، نصرةً لدينِه الحنيفِ وإعلاءً لرايةِ: لا إلهَ إلا الله، محمدٌ رسولُ الله. لرُبما لا زالَ الأذانُ في الجامعِ الأموي عندما ينطلقُ يرتدُّ إليه صدى تكبير الإمامِ السجّاد (عليه السلام) وتهليلُه المُبارك.. فالسلامُ عليه يومَ ولِدَ، ويومَ استُشهِدَ، ويومَ يُبعَثُ حيًا..
اخرىبقلم: العلوية الموسوي كأنّي أُخاطِبُ الطريقَ وأتساءلُ: أجِبْني أيُّها الطريقُ عن اسمِك وطولِك وصفاتِك، فإنّي أُشاهدُ فيكَ اختلافًا وتميُّزًا عن كُلِّ الطرق.. تُرى ما سِرُّ هذا الاختلاف؟ ولماذا لا تشبهكَ الطرقُ الأخرى؟ أجابَني الطريقُ بكُلِّ فخرٍ واعتزازٍ: كيفَ لي أن لا أتميّزَ عن كُلِّ طريقٍ ولا اختلفَ، فأنا المُلقّبُ بطريقِ الحُسين (عليه السلام)، الحُسينُ ذلك العظيمُ الذي تفتخرُ به السماءُ قبلَ الأرض.. أنا من اقترنَ اسمي بسيّدِ الشهداءِ وقائدِهم الإمامِ الحسين (عليه السلام)... أنا طريقُ العشقِ والفداءِ.. أنا عنوانُ العزّةِ والإباء.. ليس لطولي حدٌّ ونهايةٌ، أنا الطريقُ الذي ليس له حدودٌ ونهايةٌ؛ لأنّي طريقُ الثورةِ والصمودِ والإباءِ... أنا لستُ مسافاتٍ تُطوى من الأرض، أنا فيضٌ من نورٍ يتكللُّ بي كُلُّ عاشقٍ لأبي الأحرار؛ ليسطعَ جبينُه بأسمى المعاني السامية، وتلتهبُ روحُه بفتيلِ ثورةِ الحقِّ على كُلِّ ظُلمٍ وجور.. أنا طريقُ الحُسين.. أنا طريقُ الحُسين..
اخرىواضطربتِ القلوبُ عيونٌ ملأها الخوف، وأيدٍ مُمسكةٌ بالألمِ دون أنْ تشعر، وأجسامٌ باتتْ كالأصنامِ من هولِ المنظر، وأفواهٌ مُغلقةٌ لكنّها تودُّ السؤال: أين أبي؟ أين أمي؟ أين إخوتي؟ أهُم صرعى مع الموتى؟ أم على قيد الحياة؟ وصورٌ مُلطخةٌ بالدماء، قد طُبِعتْ في الذاكرة، ولا تكادُ تبرحُ حتى تعودُ مُجدّدًا وعلى إثرِها أصبحتِ الرغبةُ في الحياةِ معدومةً والقلوبُ تخشى من وحوشٍ ضاريةٍ تنكّرت بهيئةِ بشر.
الخواطر