Profile Image

مدونة الكفيل

الهدفُ الأسمى لسيّدِ الشهداء (عليه السلام)

بقلم: تركية الزيادي السلامُ عليك يا أبا الشهداء، أيُّها الشهيد وابن الشهيد، ما أجلَّ روحك وأسماها! وما أصفى نبع حُبِّك! يسقي مُحبيك على مدى الدهور والأيام، سيظلُّ شعاعُ نهجِك يُضيئُ الدربَ لكُلِّ مُصلحٍ، وطعمُ الحريةِ الذي نسجَتْه دماؤك يتذوّقُه كُلُّ حُرٍّ وشريفٍ على أرضِ المعمورة. من المؤكد أنّ هدفَك كان عظيمًا بعظمةِ خروجِك من عرفاتِ ومنى أيامَ الحجِّ الأكبرِ، لكن أنّى أنْ يُعرفَ من ضِعافِ النفوس وطلّابِ الدنيا الدنية؟! هيهات. لقد رسمتَ أروعَ صورِ الذوبانِ في ذاتِ الله (تعالى)، وتلوّنتْ كلماتُك بدمكَ ودماءِ أهلِ بيتِك الطاهرين؛ لتبقى منارًا يُنيرُ الظلامَ في ديجاءِ الدهورِ ويُحرِّكُ من سَكنَ حُفرَ الضياع عن نهجِ الله القويم، وهذه وقفاتٌ تُبيّنُ اهدافَه (عليه السلام): 1- لقد تضاربتِ الآراءُ حولَ قيامِ الإمامِ الحسين (عليه السلام) بحركته الإصلاحية من المدينة إلى كربلاء، هل كان هدفُها تشكيلَ حكومةٍ؟ أم كان هدفُها حفظَ نفسِه من القتل على يدِ حكومةِ بني أُمية؟ لكن المُتتبع لسيرته (عليه السلام) أثناءَ سيرهِ من المدينةِ إلى مكة أولًا، وتركه مكة في يومِ التروية والناسُ تستعدُ لأداءِ مناسكِ الحج وتوجهه إلى كربلاء، إنّما يُعطي مؤشرًا أنّه خرج لأمرٍ عظيمٍ لا يقل عن أهميةِ الحج في نظرِ الدين، لا سيما أنّ الإمامَ الحسين (عليه السلام) كان يحظى بمكانةٍ رفيعةٍ عند الشيعةِ والأُمّةِ أجمع؛ فهو سيّدُ شبابِ أهلِ الجنة وثالثُ أئمتهم، وهو سبطُ الرسول (صلى الله عليه وآله) . 2- إنّ المُتتبعَ لسيرةِ الإمامِ الحسين (عليه السلام) وخُطَبِه وكلماتِه ورسائلِه إلى أهلِ العراق والكوفة يجدُها ذاتَ دلالةٍ على أنّ هدفَه الإصلاحي كان سماويًا يرتقي إلى هدفِ من سبقَه من الأوصياءِ، وهو هدفٌ يُجسِّدُ إرادةَ ربِّ السماءِ وهو يُمثِّلُ رمزًا للتضحيةِ والحريةِ وعدمِ الرضوخ للظلم. وقد تجلّى موقفُه هذا بالتضحيةِ بنفسِه وأهلِ بيتِه وسبي نسائه من أجلِ إحياءِ القيَمِ الإنسانيةِ والحقِّ وليس هذا بغريب عليه؛ فقد ذكرتِ الرواياتُ أنّه كان أشبهَ الناسَ بالنبيّ (صلى الله عليه وآله)؛ فقد كان يضعُ على رأسه عمامةً من الفراء، وقد وردتْ في فضله رواياتٌ على لسانِ النبي (صلى الله عليه وآله)، منها: "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سيدا شباب أهل الجنة"، و "فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ عَنْ یَمِینِ الْعَرْشِ مِصْبَاحٌ هَادٍ وَسَفِینَةُ نَجَاةٍ. حُسين مِني وَأنَا مِنْهُ، أحَبَ اللَّهُ مَنْ أحَبَّ حُسَينًا" و "مَنْ أحبَّ الحَسنَ وَالحُسينَ فَقدْ أحبني وَمَنْ أبغضَهُما فَقدْ أبغَضَني". 3- جاءت رواياتٌ كثيرةٌ تُنبئُ عن استشهادِ الحسينِ بن علي (عليه السلام)، منها ما وردَ في حديثِ اللوحِ، كما جاءَ عن النبي (صلى الله عليه وآله): "إنّ اللهَ أكرمَ الحسينَ بالشهادة، وفضّله على جميعِ الشهداءِ"، نقلَ المجلسي في البحارِ جملةً من الرواياتِ التي تدلُّ على أنَّ اللهَ (تعالى) أخبرَ بعضَ الأنبياء كآدمَ ونوح وإبراهيم وزكريا ومحمد (صلى الله عليه وآله وعليهم) باستشهادِ الحُسينِ (عليه السلام)، وأنّهم بكوا عليه، فقد رويَ عن أميرِ المؤمنين (عليه السلام) عندما مرَّ بكربلاءَ أرض الطف، في طريقِ عودتِه من حربِ صفين، أنّه قال: "ها هُنا مِهراقُ دمائهم" 4- وإنّ بعضَ الرواياتِ تُشيرُ إلى ما امتازَ به الإمامُ الحُسينُ (عليه السلام) ببعضِ الكراماتِ منها: إرضاعه اللبنَ من إصبعِ النبي (صلى الله عليه وآله)، ومنها مُعافاة مَلَكٍ باسمِ فُطْرُس كان في مهمةِ بعثهِ الله (تعالى) إليها فأبطأ فيها، وكُسِرَ جناحُه، فتمسّحَ بالحُسين (عليه السلام) فشُفي... وأيضًا وردَ في الرواياتِ أنّ اللهَ (تعالى) جعلَ الشفاءَ في تربته واستجابةِ الدعاء تحتَ قُبته، كُلُّ هذا وغيره كانَ دليلًا ساطعًا على عظيمِ أهدافِه وأسماها. 5- كما تذكرُ الرواياتُ سماته الأخلاقية بأنّ الحسين (عليه السلام) كان يجلسُ مع المساكينِ والفقراء، ويُلبّي دعواتِهم لأكلِ الطعام، ويدعوهم إلى بيتِه، ويُناصفُهم ما لديه من طعامٍ وشرابٍ. وفي يومٍ ما طلبَ فقيرٌ منه أنْ يُساعده، وكان الإمامُ يُصلّي، فأنهى صلاتَه مختصرًا فيها، وبذلَ كُلَّ ما عنده للفقير. وكان من عادته أنْ يعتقَ العبيدَ والجواري لحُسنِ خُلُقِهم، رُوي أنّ معاويةَ أهدى إلى الحُسين (عليه السلام) جاريةً، وأرسلَ معها أموالًا وكسواتٍ وغير ذلك، فأعتقَها الحُسينُ (عليه السلام) مُقابلَ قراءتِها بعضَ الآياتِ القرآنية وإنشادها شعرًا في زوالِ الدنيا وفنائها، وأعطاها ما أُرسلَ معها من أموال، وزادَها ألفَ دينار. وفي ذات يومٍ أهدتْ جاريةٌ له وردةً، فأعتقها، فقيلَ له: أعتقتَها لمُجرّدِ وردةٍ أهدتْها لك؟ فقال الحُسينُ (عليه السلام): بلى، استندتُ على عملي هذا بآيةٍ من القرآن، «وإذا حُييتم بتحيّةٍ فحيّوا بأحسنَ منها أو ردّوها» كان الحُسينُ (عليه السلام) كريمًا، وقد اشتهرَ بالجودِ والعطاء، لكنّه كانَ يُراعي حُرمةَ أخيه في العطاء، فيُعطي أقلَّ من أخيه إلى المُحتاجين، ووردَ في المصادرِ أنّه حجّ راجلًا لخمسٍ وعشرين مرة. إنّ رجلًا بهذه الصفات لا يُمكِنُ أنْ يكونَ هدفُه دنيويًا أو ذا أبعادٍ ماديةٍ، كُلُّ المُعطياتِ تُشيرُ إلى أنّ هدفَه كانَ سماويًا لأبعدِ الحدود. 6- ورويَ أنّ الإمامَ الحُسينَ (عليه السلام) قبلَ أنْ يتجهَ نحوَ العراقِ خطبَ خُطبةً قال فيها: "كأنّي بأوصالي تُقطّعُها عُسلانِ الفلواتِ، بينَ النواويسِ وكربلاء فيملأنَ مني أكراشًا جوفًا، وأجربةً سُغبًا، لا مَحيصَ عن يومٍ خطّ بالقلم، رضى الله (تعالى) رضانا أهل البيت، نصبرُ على بلائه ويوفّينا أجورَ الصابرين"1. إنّ الإمامَ الحُسينَ (عليه السلام) كانَ يعلمُ بمقتلِه قبلَ خروجِه، فكيفَ يكونُ هدفُه حفظَ نفسِه من القتلِ أو الحصولِ على مَغنمٍ دنيوي، كُلُّ هذه المُعطياتِ تُشيرُ إلى نُبلِ هدفِه (عليه السلام)، وهو الجهادُ في سبيلِ اللهِ (تعالى)؛ إذ جاءَ عن أميرِ المؤمنين قوله: "الجهادُ بابٌ من أبوابِ الجنّةِ فتحَهُ اللهُ لخاصةِ أوليائه"، وإنّ للحُسينِ (عليه السلام) درجةً لا ينالُها إلا بما حصلَ له في طفِّ كربلاء.

اخرى
منذ 3 سنوات
222

خاطــــرة

أختي الزائرة علاقتُنا بزينبَ (عليها السلام)، لا تكونُ إلّا بالحشمةِ والعفّةِ والالتزام، فالحذرَ كُلّ الحذرَ من قطعِ تلك العلاقة..

اخرى
منذ 3 سنوات
175

المرأةُ والقيادة

بقلم: شفاء الباري قيل: "إنَّ المرأةَ التي تهزُّ المهدَ بيمينِها، تستطيعُ أنْ تهزَّ العالمَ بيسارِها". حين نتحدثُ عن المرأة وخصوصًا العراقية، فنحنُ نتحدثُ عن جبلِ شموخٍ؛ فالبيئةُ الاجتماعية، والظروفُ القاهرة التي مرَّ بها البلدُ من حروبٍ ومطارداتِ السلطة والإرهاب وترمّل الأغلب من النساء، جعلتْ منها حمّالةً لمسؤوليةٍ مزدوجة، أنْ تكونَ مُربيةً لأولادها من جهة، ومُعيلةً لهم وعاملةً لتوفيرِ فرصِ البقاء والنهوض بـأسرتِها من جهةٍ أخرى. وكُلُّ ذلك أعطاها من الصلابةِ والقوةِ والصبرِ والإرادةِ للتصدّي بثباتٍ لكُلِّ تلك المعوقات، خصوصًا الحرب الناعمة التي يستهدفُ بها العدو المرأةَ بالذات؛ لأنه وعى ما لها من دورٍ في نهضةِ البلد، وإمكاناتِها لتغييرِ الواقعِ؛ فهي نصفُ المجتمع، وتلدُ وتُربي النصف الآخر. وهناك نماذجُ في التاريخِ لسيداتٍ عظيماتٍ غيَّرنَ المجتمعاتِ بقيادتِهن الحكيمة وفكرهن الواعي، فها هي بلقيس تقول للملأ: "ماكنتُ قاطعةً أمرًا حتى تشهدون"، وفي الوقتِ الذي مال فيه رجالُ قومِها إلى القوة: "أولو قوةٍ وأولو بأسٍ شديد" مالت هي إلى الحكمة، حتى تمكنت من قيادةِ شعبِها نحو النجاة والإيمان. والسيدة خديجةُ (عليها السلام) قادت هي الأخرى الدفة الاقتصادية للإسلام والدفة النفسية للرسولِ الأعظم (صلى الله عليه وآله). وكذلك السيدة الزهراء والسيدة زينب (عليهما السلام) قدواتٌ للمرأةِ الواعيةِ الفاهمة القائدة. فالمرأةُ تمتلكُ الوعيَ الكافي، إضافةً إلى ما تتمتع به من إمكانياتٍ ذاتية، والقدرة على تفعيلها إذا ما أُعِدَّتْ إعدادًا صحيحًا؛ لأنّ التربيةَ لها الدورُ الأساسُ في نشأتِها وتحديدِ شخصيتها، علاوةً على دور المجتمع في بنائها كامرأةٍ قيادية.. ولا نقصد بقيادية المرأة أن تكون المرأةَ بالضرورةِ مديرةً أو مسؤولةً في منصبٍ سياسي فقط، بل في أيِّ موقعٍ كانت؛ لأنّها خُلِقَت بفطرتها التكوينية وهي قائدة بدءًا بالأسرةِ، وانطلاقًا لقياداتٍ في المُجتمع حسب مُبادرتها التي تؤهلها أنْ تكونَ لها مكانة ومركزية قيادية. لذلك تحتاجُ المرأةُ إلى دعمٍ مجتمعي لتعريفها وتعريف الآخرين بحقوقها وواجباتها لكي تبدع بالعطاء وتتقلد مناصب قيادية عالية من خلال: *إتاحةِ الفُرصِ المتكافئة في المجتمع مع الرجل حسب قدرات كُلٍّ منهما المختلفة.. *القضاءُ على الأمية والفقر، وحل المشاكل الصحية، وتنمية المهارات، وتوفير فرصِ العلم والعمل لتمكينها اقتصاديًا. *القضاء على ظاهرةِ العنفِ الأسري سواءَ أكان عنفًا جسديًا أم نفسيًا أم اقتصاديًا أم اجتماعيًا، وإيجاد الوسائل المناسبة لذلك. *سن القوانين التي تحفظُ حقوقَ المرأة، وتضمن لها الكرامة والأمان. وختامًا... لأنّ المرأةَ تحتاجُ إلى العلمِ والثقةِ والخبرةِ لأجلِ أن تبدع، ولأنَّ قيادتَها فطريةٌ وموهبةٌ تجعلُ منها قائدةً وفاعلةً أيًا كان موقعها في العمل أو في حياتها الخاصة، تدعمها القواعد الخارجية والتمكين ممن يحيط بها، فيجبُ أنْ تُدعَم للوصول إلى أفضلِ إنجازٍ ممكنٍ أنْ تقدّمه هذه القارورة الرقيقة.

اخرى
منذ 3 سنوات
207

كيف أوظِّفُ سلوكي الإعلامي خلال زيارةِ الأربعين؟

بقلم: يقين محمد نعمة هل من الممكن أنْ يكونَ الإنسانُ وسيلةً إعلاميةً؟! وكيف؟ ولمَ لا؟ الإنسانُ في نظرِ رجالِ الإعلام نفسٌ إعلاميةٌ تتغذى بالخبر وتنمو بالفكر، فالإنسانُ الكاملُ بحدِّ ذاته وسيلةٌ إعلاميةٌ ولا يكتملُ إلا عندما يُقرُّ بالإيمان في قلبه، ومن ثم يُصدِّق به في عمله. وتحضرني بالمناسبة حيثياتُ واقعةٍ تؤكدُ أنّ الإنسانَ وسيلةٌ إعلاميةٌ، وقد مرَّ على هذه الواقعة أكثر من ألفِ عامٍ ولا يزالُ صداها ومداها الإعلامي يستجِدُّ ويتسعُ وتعيشُ معه بكاملِ قيمتها الروحية؛ وذلك عندما خطبَ سيّدُ الشهداء ذلك الخطاب الذي ما زال يصدحُ في مسامعِ العالم: "إنّما خرجتُ لطلبِ الإصلاحِ في أمّة جدّي"، حتى يكون نتاجُ انتصارِ الدم على السيف أن "لا يومَ كيومِك يا أبا عبد الله"، وبذا خُلِّدَت حرارة في قلوبِ المؤمنين لا تنطفئ أبدًا؛ ليستجيبَ الكونُ كُلُّه إلى الإعلامِ الصادق، فأصبحتْ كُلُّ بقاعِ العالمِ: كربلاءَ، وكُلُّ أيامه عاشوراء تجديدًا لثورةِ جدِّه الإعلاميةِ الكُبرى عندما قال: "إنّما بُعِثْتُ لأُتمِمَّ مكارمَ الأخلاق" تجديدًا للإنسانية فينا جمعاء فهي حيةٌ إلى يومِنا هذا، ولكن يبقى السؤالُ: كيفَ نُجدِّدها في سلوكياتنا وأفعالنا وسلوكيات أجيالنا القادمة؟ لنقفْ قليلًا مع استفهام: -هل وسائلُ الإعلامِ محصورةٌ فيما هو مُتعارفٌ عليه اليومَ بين الأُمم؟ -كلا، طبعًا؛ فمن المُمكنِ جدًا أنْ يوظفَ الإنسانُ سلوكَه حتى يكونَ سلوكًا إعلاميًا ذا رسالةٍ بالمبدأ الأول، وإنْ كان في البيتِ أو العملِ أو المدرسةِ، وإنْ كان في طريق المشي. كيف؟ لا بُدّ أنْ تكونَ قياديًا مؤثرًا في إحاطةِ الرأي العام بشكلٍ إيجابي انتهاجًا بمبدأ الإصلاحِ الحُسيني أولًا وآخرًا، فكما نعرفُ أنّ مجالَ الإعلامِ أوسعُ بكثيرٍ، والذي يهمُّنا بصورةٍ أكبر هو كيف أوظِّفُ سلوكي الإعلامي خدمةً للدين والمذهب وخصوصًا ترسيخ مبادئ وقيم القضيةِ الحُسينيةِ فيَّ وفي أفرادِ المُجتمعِ وبالأخصِّ المُجتمع المُسلم، إذ لكُلِّ مُجتمعٍ في هذه المعمورة قيَمٌ وركائزُ أخلاقية ثابتة.. ولاشكَّ أنَّ النهضةَ الحُسينيةَ هي من أهمِّ تلك القيمِ والمبادئ الكبرى التي تقومُ عليها جميعُ الأخلاقياتِ الفردية الأسرية والمُجتمعية.. ومن هُنا يكونُ المُنطلقُ في بناءِ شخصيةِ الفردِ بناءً إعلاميًا رصينًا ذا بصيرةٍ واعيةٍ لتوجيه المُحيط الذي تتعايش معه رساليًا؛ فالإنسانُ كائنٌ حي وهو مدنيٌ بطبعه كما يُقال، يتفاعلُ مع المُجتمع الذي يعيشُ فيه ويتأثرُ به ويؤثر فيه يأخذُ منه ويعطي له بشتى الوسائل.. ولو رجعنا إلى ما قبل ألفٍ وأربعمائةِ عامٍ نجدُ أنّ الثورةَ الإعلاميةَ للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) في نشر ِالدينِ الإسلامي قائمةٌ على عقيدةٍ لا يشوبها شكٌ أو ريبٌ، وعلى صدقٍ لا يعتريه كذبٌ، وعلى إخلاصٍ وأمانةٍ لا يُخالطهما غشٌ أو كتمانٌ؛ فآتت تلك الدعوةُ الإعلاميةُ ثمارَها يانعةً شهيةً، وها نحن نتفيأ ظلالها على مرِّ العصور وتعاقب الليالي والأيام.. وهكذا فلابُدَّ أنْ يكونَ سلوكُنا -سواءَ أكان سلوكًا لفظيًا أم فعليًا أم مقررًا- سلوكاً إعلامياً بهدفِ الإصلاحِ، وذلك عبر الأمانةِ في النقلِ، والدقةِ في الرواية، والتثبُّت في الإخبار، والصدق في الحديث، وخصوصًا نحنُ نمرُّ بظروفٍ مُتقلِّبةٍ يومًا بعد يومٍ؛ فمن المهم جدًا أنْ نفهمَ ونعي ما يدورُ حولَنا وأنْ نُعيدَ صياغةَ سلوكياتِنا بمفاهيمَ نبيلةٍ وغاياتٍ حميدةٍ؛ لنرى ذلك الجمالَ الحقيقي اقتداءً بجبلِ الصبرِ زينب (عليها السلام) عندما قالت: "ما رأيتُ إلا جميلًا"، لنرى هذا الجمال قد خُلِّدَ في كُلِّ بقاعِ العالم "فوالله لا تمحو ذكرنا))، فيا لها من رؤيةٍ مُستقبليةٍ للعالمةِ الحوراء (عليها السلام) منبعُها قوةُ الإيمانِ والعقيدة.

اخرى
منذ 3 سنوات
239

وقفاتٌ على أبوابِ الصالحين/ الوقفة الثانية

بقلم: سلمى عبد الرضا على بابِ رسولِ الله (صلى الله عليه وآله) اليومُ هو اليومُ الأخيرُ لي في مدينةِ الحبيبِ مدينةِ رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سفري بعد ساعات، سوف أذهبُ للروضة النبوية لوداعِ رسول الله (صلى الله عليه وآله).. دخلتُ المسجدَ من بابِ علي، حيّرني كثيرًا هذا الباب؛ فمرّةً ينامُ في الفراش؛ لحفظِ الدين، وأخرى يقفُ عندَ الغديرِ؛ لإكماله وإتمامه، ومرةً يبتهلُ إلى الله (تعالى) لنصرته، وأخرى يكونُ معولًا لتحطيمِ الأصنام! ولم تكنْ غزوةٌ إلا وكان البابُ هو الفاتحُ، ولم يُغلقْ أبدًا لا في ليلٍ ولا نهار، فمنه يدخلُ المحبون والمستغفرون بالأسحار. لم أقصده يومًا إلا وقد سهَّلَ لي طريق الوصول إلى الحبيب، وكأنّه يقولُ لي: إنَّ بابَ علي هو بابي؛ ومن دخل بابي فقد دخل حصني.. رغم شدةِ الزحامِ عندَ المقام، لكنني وصلتُ لقبرهِ الشريف؛ فبابُ عليٍ أوسعُ الأبواب.. جلستُ أمام القبرِ المُباركِ بعدَ الصلاة، كان يشعُّ نورًا يُعانقُ السماء ويحتضنُ جميعَ الحاضرين؛ فقد جاؤوا من شقةٍ بعيدةٍ ليرتموا في أحضانه، وليمسح بيدِه الشريفة على رؤوس أيتامه؛ ليُزيلَ عنهم غبارَ الأوهام.. الدموعُ لم تُفارقني لحظةً، وحرارةُ الفراقِ أشعلت ما بصدري.. كيف لجسدي البالي أنْ يُطاوعني على الرحيل من جواره؟ وكيف لقدمي أن لا تتسمرَ عند أعتابه؟ بعدَ ساعاتٍ سأغادرُ الجنةَ، رفعتُ ناظري؛ لأسلم عليه.. سلامي لك يا حبيبي يا رسول الله في يومي الأخير... لم يكن سلامًا لوداعه؛ ليقيني بوجوده معنا في كُلِّ مكانٍ وعندَ كُلِّ صلاة، لقد كان سلامًا لاستماعه... جئتك يا رسولَ الله لأستمعَ وصاياك ... فكأنني به وهو يخطبُ بالناس من منبرِه الشريف: أيُّها المسلمين.. لا تغرنكم الدنيا وإنْ تزيّنت، ولا أنفسكم وإنْ بالسوء أمرت، حصِّنوا بيوتكم، أولادكم، بناتكم، ارحموا، واشفقوا، واعطفوا، وتحننوا على أنفسكم، رجالًا ونساءً، كونوا أشداءً، احموا ثغور المؤمنين، لا تتركوا منطقةَ ضعفٍ بين صفوفكم، لا تتركوا جبلَ الرماة، واثبتوا على جبل المرجعية...

اخرى
منذ 3 سنوات
165

أختي الزائرة

بقلم: قلم زهرائي حسيني ستحملينَ معكِ أغلى ما تملكُ المرأةُ، أي كنزكِ الثمين؛ حجابكِ، عفتكِ، وحياؤكِ.. فلا تُفرِّطي به، وحافظي عليه..

اخرى
منذ 3 سنوات
197

أختي الزائرة

لقد قُتِلَ الحُسينُ (عليه السلام) من أجلِ الصلاة، فلا تقتليه بتأخيرِها تماهلًا أو تكاسلًا؛ فأوقاتُ الصلاةِ امتحانٌ، فكوني من الفائزين.

اخرى
منذ 3 سنوات
154

وقفاتٌ على أبوابِ الصالحين/ الوقفة الثالثة

بقلم: سلمى عبد الرضا على بابِ أميرةِ الماء بعد مُنتصفِ الليل، وأنا على سجادةِ صلاتي، هبَّتْ رياحٌ عاصفةٌ كسّرت زجاجَ نافذتي وفتحت أبوابها؛ لتُزيحَ الستارَ عن خيمةٍ صغيرةٍ نُصِبتْ وسطَ أرضٍ قاحلةٍ، وامرأة نحيلة هائمة على رمالٍ تلتهبُ من حرارةِ الشمس.. كانتْ تحومُ حولَ رضيعٍ ملقى على الأرضِ، وقد علتْ صرخاتُه مخترقةً طيّاتِ الزمن؛ لتشتكيَ عندَ صرخةِ رضيعٍ آخر على رمالٍ غير هذهِ الرمال... يبدو أنَّ بينهم وبين العطش أسراراً ووصالا... لم أتمالك نفسي، فقد أسرعتُ إليهم عسى أنْ أعرفَ منهم سرَّ الوجود، فللمكان والزمان أهمية لا يفقهها إلا من تجوّل عبرها.. اقتربتُ منها، لم تهتم لوجودي؛ فقد كان يشغلُها أمرٌ أهم مني بكثير، لكن شدّةَ فضولي جعلني أتجرأ بالسؤال: ما الذي أتى بكم إلى هنا سيدتي؟ وكيف ترككم من تولّى أمركم بين تلك الجبال القاسية وهذا الوادي الموحش الفاقد لأبسط مقوماتِ الحياة؟ لم تُجِبني؛ فقد كانت منشغلةً بالبحث عن أسبابِ الحياة لهذا الطفل؛ صعدت جبلَ الصفا، وبدأت تنظرُ إلى الأفق البعيد؛ كأنّها تنتظرُ المُنقذَ الذي وثقتْ بقدومه، ثم نزلت لتصعد إلى جبل المروة، عسى أنْ يقدم من هذه الجهة؛ لعلمها أنّ الانتظارَ يحتاجُ إلى سعي وفي كُلِّ اتجاه.. استغربت من سعيها؛ فلا يوجد أحدٌ في هذا المكان وفي ذلك الزمان، كان الطفلُ يضربُ الأرضَ بقدميه الصغيرتين، ومن شدةِ ضربهِ سمعتُ صوتَ تكسُّرِ الصخورِ تحته، واضطربت الأرضُ وقد اعتصرت فاستجمعت كُلَّ بركةٍ بداخلها لتلفظه تحت قدميه الناعمتين... رأتِ السيدةُ تدفقَ الماءِ عند رجلِ رضيعها، فأسرعت لتسقيه ماءً، وشربت من الماء، فدرَّ اللبنُ رزقًا للطفل، ضمّته إليها وأرضعته إلى أن غفا.. وعندها تذكرتُ قول الله (تعالى): "..وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ "[البقرة ٧٤] حدثتني نفسي أنْ استثمر الموقف لأتعلم الدروس والعبر من هذه المرأة الصابرة المثابرة الواثقة بربِّها وبنفسها؛ فكُلُّ مدارسَ وجامعاتِ زمني لم تكن قادرةً على إعداد امرأةٍ بقوّةِ وصلابةِ هذه السيّدة. فما هو السرُّ في الوصول إلى مثل هذه الشخصية؟ لماذا نساءُ أمتي لا يمتلكن نصف هذه الصفات؟ تجرأتُ وجلستُ إلى جوارها لأسألها، إذ حتى السؤال يحتاجُ مني إلى قوة!: سيدتي، لماذا أطعتِ زوجكِ في هذه الرحلة؟ لماذا لم ترفضي السكنَ هنا لتبقي عزيزةً في بلدك؟ رمقتني بنظرةٍ هزّت بها بدني، كأنّها زعزعت جذورَ الإيمان بداخلي؛ كي أتعلمَ كيف أعيدُ تنظيمَ قوانينه وترتيب قواعده لكي يستقيمَ مع البُعدِ الوجودي؛ ليكون مستعدًا للحق.. أناخت الصغير عنها إلى مهده الذي أعدّتْه داخل الخيمة، وجلست إلى جواره، لحقتُ بها، ألحّ بالسؤال علّي أحصل على جوابٍ أنْ أجدَ فيه ضالتي، إنّها كريمةٌ ولن تترك حيرتي للهوى، أدارت بوجهها إليّ وقالت: - إنْ لم أُطِعْ زوجي فلن يكون لي وجودٌ، ولن أعرف قيمةَ الانتظار، ولن تتحقق دولة العدل الالهي. إنّ الزوجَ هو ربُّ البيت، وبه نظامه، واللهُ (تعالى) لم يتركِ الكونَ بلا نظام، وطاعةُ الزوجِ فيما يُرضي الله (تعالى) فيها حفظ للنظام؛ إنّ اللهَ (تعالى) يُريدُ حفظَ نظامِه في كلِّ شيء، ولن يرضى عن امرأةٍ لا تطيعُ زوجَها في حدود طاعته؛ إذ طاعته طاعة لله (جل جلاله). - لكنّه ترككم هنا بلا ماءٍ ولا طعامٍ ولا أنيس...؟ - قلتُ لكِ: إنّ الزوجَ ربُّ البيت، وللبيتِ ربٌّ يحميه. اخترقت كلماتُها سمعي وقلبي.. - نعم إنّ للبيتِ ربّاً يحميه.. لم أستطع ردها ...ولكن قلت لها.. - إنّ نساء أمّتي ينفصلن عن أزواجهِن لأسبابٍ أقلّ من هذا بكثيرٍ جدًا. أجابت.. - وهل يُعقلُ أنْ تنفصلَ المرأةُ عن زوجِها لهذه الأسباب الزائلة، والتي لا معنى لها؟ أطرقتُ برأسي حياءً؛ فكأنّها قرأت ما بداخلي ...قلت لها: - نعم. - اسمعي يا ابنتي، إنّ نساءَ أمّتكِ لم يعرفن الله (تعالى) حقَّ المعرفة، ولم يوحدنه كما يجب توحيده، فلو عرفنه لعبدنه وعشقنه ولاستغنين لأجل عشقه عن كلِّ ما تقولين... إنّ زمانَكم لهو آخرُ الزمان.. ذهبت إلى خيمتها لتستريح من عناء الطريق ومشقة البحث.. لقد انفلق خيط الصباح، وبان الأفق لغبارِ قافلةٍ قادمةٍ من بعيدٍ. نهضتْ ولفّتْ حجابَها وأسدلت خمارها على وجهها، ووقفت تنتظر بباب الخيمة إيذانًا ببدايةِ حياةٍ جديدةٍ... ارتفعَ أذانُ الفجر، وما زلتُ على سجادةِ صلاتي، سأقومُ إلى صلاة الصبح..

اخرى
منذ 3 سنوات
270

أختي الزائرة

بقلم: قلم زهرائي حسيني إنّ استشعارَ وجودِ السّيدةِ الحَوراء إلى جانبِنا تُشاركُنا السّيرَ صوبَ كربلاء المُقدّسةِ يحثُنا على الالتزام بأعلى درجاتِ الأخلاق والسُلوك الحسن..

اخرى
منذ 3 سنوات
130

خاطــــرة

أختي الزائرة أنتِ في ضيافةِ الحسين (عليه السلام)، فليكُن لكِ دويٌّ كدويِّ النحلِ بالعبادة، وابتعدي عن الغيبة والنميمة.

اخرى
منذ 3 سنوات
155

خاطــــرة

أختي الزائرة كوني مرآةً للمرأةِ الزينبية؛ بالحجابِ والسترِ، ولا تكوني شوكةً أمويةً تُغضِبُ الربَّ

اخرى
منذ 3 سنوات
167

خاطــــرة

يا مولاي يا أبا عبد الله قصدت حرمك... نعم قصدته بقلبي وروحي قصدته ببذرة حبك التي أودعتها في قلوب أولادي وسقيتها بدموع الشوق حتى أصبحوا لا يتحملون فراقك يبحثون بين الصور عن ضريحك وبين الحروف عن لسمك لم تسحرهم ألوان الحياة ومغرياتها عزفوا عن كل الملذات بعد أن استنشقوا عطر تربتك كل همهم أن يكونوا ممن يتشرفون بخدمتك ويكتبون من خدام الحسين (عليه السلام)

اخرى
منذ 3 سنوات
157