اليومُ الذي تتوفرُ فيه كُلّ وسائلِ الراحة حتى تبدأ فيه القراءة لن يأتيَ أبدًا.. لذلك عليك أنْ تجعلَ القراءةَ والدرسَ عذرًا لنفسك.. لا أنْ تجعلَ عذرًا لعدمِ القراءة فصاحبُ الأمرِ يُريدُ شعبًا مُثقفًا مُتسلحًا بالعلمِ والمعرفةِ.. كُنْ مُمهِّدًا بعلمِك وقلمِك.. فما الدُنيا إلا ساعةٌ فاغتنمها.. قلمُك وعقلُك سيشهدانِ كما سيشهدُ عليكَ وقتُك الضائع فإيُّهما أنفعُ شهادةً برأيك؟!
اخرىبقلم: إيمان عبدالستار المذخور سَافَرْتُ؛ أبْحَثُ عَنْكَ قَلْبِي بَوصَلَةٌ، وَحَقَائِبِي مَلآى بِبَعْضِ الأَسْئِلَةْ عادَ الطائرُ المسافرُ بعدَ طولِ غياب .. مختالًا مزهوًا بمظهره الجنائزي البحت.. لكأنّ هذا الصندوقَ الخشبيَّ قد أجهضَ كلَّ البذاءاتِ المُنمَّقةِ، واحتوى - بكلِّ حُبٍ - شهيدَ العقيدة؛ ليولَدَ من جديدٍ على أعتابِ الحياة الأبدية قُربَ الأمير علي (عليه السلام). وقفَتْ بشموخِ شيءٍ يشبهُ الموت: الحلم، الأمل، أرضٌ ملأى قسطًا وعدلاً بعد امتلائها ظلمًا وجورًا.. هذا ما كنتَ تُنشِدُه يا حبيبَ القلب، لكن جوار ابن الزهراء (عليهما السلام) كان أجملَ من كلِّ هذا، أليس كذلك؟ تنتظرُ الإجابةَ، لكنّ صَرَخاتِ المُعزّين كانت تقطعُ حديثَ صمتِهما.. لا زالتْ تقرأُ صمته، و ها هي تَعْبرُ منه الآن وصولًا إلى بكاءٍ يَتَشظّى كزجاجٍ حين يُصبِحُ الكلامُ مستحيلًا، والصمتُ سيّد الموقف. وها هو الوداعُ الذي لا اسمَ له في اللغة، وداعُ نبيّ القلبِ وأمير الوقتِ والحكاية. "(أَينَ المُعَدُّ لِقَطْعِ دابِرِ) مَنْ عَثَا؟ مَازَالَ يُوغِلُ فِي التَّطَرُّفِ حَرْمَلَةُ وَإِلَامَ يَا مَولَايَ فِيكَ أَحَارُ؟ فِي هَذَا التَّحَيُّرِ حَسْرَةٌ كَالقُنْبُلَة (هَلْ مِنْ مُعينٍ)؟ كَي يُطِيلَ مَعِي البُكَا هَلْ سَبَّبَتْ قَدَمَايَ أَيَّةَ عَرْقَلَة؟" مرّت سبعةُ أعوامٍ، وهذا ليس يومَها الأولَ في الفراق، ولا أول ذكرى سنويةٍ لرحيله، ففي كلِّ يومٍ تفتحُ وجعَها في صمتٍ يستدرجُ بعضَه، وكلام لا تعرفُ كيفَ يخرجُ، مجرد كلامٍ يتدحرجُ من فمِها، كما يتدحرجُ المُحترقُ على الرملِ لينطفئ! و في ندبةِ الجمعة يحلو الكلام: "اللهمَّ لكَ الحمدُ على ما جرى فيه قضاؤك في أوليائك الذين استخلصتهم لنفسك ودينك، إذ اخترتَ لهم جزيلَ ما عندك من النعيمِ المُقيم الذي لا زوال له ولا اضمحلال بعد أنْ شرطتَ عليهم الزهدَ في درجاتِ هذي الدنيا الدنيّة .... " أطلقتْ حسرةً عميقةً فهي لم تَعُدْ تُطيقُ الفراق، و تزاحمُ الوجوهِ حولَها يجعلُها تشعرُ بالغربةِ أكثر فأكثر، سجدتْ تُناجي ربَّها بقلبٍ خاشعٍ: "يا مُخلِّصَ الشجرِ من بينِ رملٍ وطين، يا مُخلِّصَ اللبنِ من بينِ فرثٍ و دم، يا مُخلِّصَ الولد من بينِ مشيمةٍ و رحم، يا مُخلّصَ النارِ من بين الحديدِ والحجر، و يا مُخلّصَ الروحِ من بين الأحشاءِ والأمعاءِ، خلِّصني...." تهلّلَ وجهُها لرؤيتِها رفيقَ الدربِ يقفُ على الأعتاب ... وقد نجا مَنْ لَمْ يَعُدْ ...
اخرىبقلم: علياء نعم، مؤلمٌ أنْ يخذلكَ شخصٌ ما.. أنْ يتركَ ألمًا يصعبُ وصفُه... أنْ يتسببَ في بكائك .. لكن انظر إلى الجانبِ المُشرقِ والإيجابي فرُبّما هذا الشعور وهذا الألم يُقرِّبانِك من ربِّك أكثر... يجعلانِك تدعوه؛ ليُريحَ همَّك، ولكن بطريقةٍ مختلفةٍ وجميلة كُلُّها خضوعٌ وتوجُّه لربِّ العالمين مُتناسيًا البشر
اخرىسأظلُّ أعشقُ... كربلاء... وأظلُّ أحكي... كربلاء... وأظلُّ أبكي... كربلاء ... مادامَت عنوانَ الإباء ... سبطُ الرسولِ وابنتهُ وأخوهمُ حملَ اللواء ... مادامتِ الأيامُ تمشي بازدراء ... حزنًا على سبي النساء ... ودمًا عبيطًا طاهرًا قد أمطرتْ كُلُّ السماء ... كيفَ العيونُ ترى الضياء؟... وعيونُ سبطِ رسولِ الله حارسةُ النساء .... فيا عيوني أمطري دمعًا خليطًا بالدماء ...... فلعلكِ يومًا تواسين أمّكِ سيدة النساء ...
اخرىد. حسن عبيد المعموري سيدي أبا عبد الله هذا العامَ، سيتّخذُ الكثيرون الليلَ جَمَلاً، وأراك أشدَّ فرَحًا بذلك، على غير عادتك في كلّ عام؛ لأنّكَ أحببتَ سبعين ناصرًا واعيًا، واكتفيتَ بهم سلاحًا لمحاربة جموع الجهلة. هذا العامَ، أنت تعلمُ بمن سيركبُ الليلَ، وعيونُهُ تفيضُ من الدمع حزَنًا، ممن ليس عليهم حرجٌ من الضعفاء والمرضى. وتعلمُ أيضًا بالذين يستأذنونك، أو لا يستأذنون أصلاً، ممن رضُوا بأن يكونوا مع الخوالف. ونحن نعلمُ أنًّ شيئًا من ذلك لن يضيرَك؛ لأنك علّمْتَنا أنّ القُوّة هي قوةُ الحقّ مهما قلّ ناصروه، وأنّ الوهنَ يَدِبُّ بالكثرة الكاثرة ما داموا على غير حق. سيدي يا أبا عبد الله أفي الرخاء معك، وفي الشدّة نفارقُك ؟! هذا العامَ، ستُحِبُّنا أكثرَ من ذي قبل؛ لأنّنا سنختارك بوعي، كما اختارك جون وعابس وابن القين، لا بحشرٍ مع الناس وبسبعين ملأتَ الدهرَ انتصارًا ... فما قيمةُ جموع المرجِفين #بالوعي_ننصر_الحسين
اخرىصورٌ من الذاكرة بقلم: إيمان صاحب على ضفافِ النهرِ، لاحتْ لعيني صورٌ، من عشرة عاشوراء.. هي تلك التي حفظتُها منذُ الصغر، عن جدّتي وأمّي بمجالس العزاء.. ثوبٌ أسود، رايةٌ صغيرة بيدي، صغيرةٌ بحجمِها كبيرةٌ بمعناها، كنتُ أشعرُ أنّها علامةُ النصر .. مع أنّي في ذلك الوقت لا أُدرِكُ ما كُتِبَ فيها، وإنْ عرفتُ ذلك فيما بعد.. ولهذا كانت أمّي تقدسُ كلَّ قطعةِ قماشٍ خضراء، لا فقط للونها الأخضر، بل لأنّها ترمزُ إلى راية العباس.. أما الصورةُ الأخرى فهي لقربةٍ نشبت بها السهام، حتى نزفت آخر قطرة .. وبينَ هذه الصورةِ وتلك، كنتُ أبكي بِشدّةٍ عندما يصلُ الناعي إلى "يا نفسِ من بعد الحسين هوني" كان يعني غياب القمر.. فيبقى الكونُ بلا ضياء، ويعني هذا أنّ زينبَ بلا كفيل ليلةَ الحادي عشر .. وهي تنظرُ الحُسين على الرمضاء، بأيّ صورةٍ من الصور، كانتْ ولا زالتْ تكمن في خيالي، فهي رزيةُ الأرزاء..
اخرىبقلم: شيماء المياحي الإنسانُ بطبعهِ يَميلُ إلى البهجةِ والسرور، ويبغضُ أجواءَ الحزنِ واللوعةِ والبُكاءِ. ولكن عندما يتعلقُ الأمرُ بالقضيةِ التي عُقِد عليها قلبُ المُؤمن، وارتبطَ بها ارتباطًا وثيقًا، -وكانت عقيدةً راسخة، ووفقَ منهجٍ قويم، ومبدأ لا يُخالف ولا يختلف عن قانون العقلِ والعُقلاء، وفيها قَوَامُ الدينِ وديمومتهِ، ووسيلةٌ في السعي إلى الإصلاح، وحافزٌ للعمل على جهادِ النفس؛ لبلوغِ أعلى مراتبِ الكمالِ الإنساني الذي من أجله خُلِقَ الإنسانُ، وخُلِقتْ لأجلِه ولخدمتِه الكائناتُ- يكونُ الحزنُ والبُكاءُ وإحياءُ الشعائرِ بإقامةِ العزاء؛ جزءاً لا يتجزأ من حياةِ المؤمنِ، وشرفاً عظيماً لا يُساويه شرف، وعدمُ إحيائها وديمومتها - لا سمحَ الله- ثلمةٌ كبيرةٌ للإنسانية عمومًا وللدين خصوصًا. فقضيةُ عاشوراء لم تَكُنْ قضيةً دينيةً فحسب، بل هي قضيةٌ إنسانيةٌ، ومن أهمِّ اهدافِها: تحريرُ الإنسانيةِ من الاستعبادِ والخنوعِ لجبابرةِ العصرِ؛ حيث كان الإمام الحُسينُ (عليه السلام) قد خرجَ للدفاعِ عن كرامةِ الإنسانِ، وحفظها من الذُل والهوان الذي سعى له آلُ أُمية وأتباعُهم، فقد بذلوا أقصى جهدهم؛ ليستعبدوا المُستضعفين ويصنعوا منهم أداةً عمياءَ صمّاءَ لتنفيذِ مآربهم وخُططهم للحصول على أطماعهم الشخصية ورغباتِهم، في بهجةِ ونشوةِ الملكِ والسلطان. وقد أثبتَ أبو الأحرار وسيد الشهداء (عليه السلام) مواقفه في إنقاذِ الأُمّةِ من ذُلِّ طاعةِ الطاغوتِ إلى عِزِّ وكرامةِ طاعةِ الله (تعالى)، ومواقفه في عدم إعطاءِ الشرعيةِ لمن هو ليس أهلًا لها، عندما أرادوا منه مُبايعة يزيد، فقال (عليه السلام): "إنّ مثلي لا يُبايعُ مثله" فالارتباطُ بقضيةِ عاشوراء ومجالسِ العزاء لم يكن ارتباطًا عاطفيًا فحسب، بل هو ارتباطٌ إنسانيٌ عقائدي، ولهفةُ واشتياقُ المؤمنِ للشعائرِ إنّما هي نابعةٌ من الإنسانيةِ والعقيدة، وشعورُه بالحريةِ التي جاهدَ من أجلِها الإمامُ وبذلَ دمَه الزاكي وفلذاتِ قلبه؛ لأجلها حيث قال (عليه السلام): "إنْ لم يكُن لكم دينٌ وكنتم لا تخافُون المعاد فكُونُوا أحرارًا في دُنياكم"، فحقًا لا حياةَ بلا كرامة، ولا كرامةَ بلا عقيدة. اللهم ثبّتْ لنا قدمَ صدقٍ عندك مع الحُسين وأصحابِ الحُسين الذين بذلوا مهجهم دون الحسين (عليه السلام).
اخرى