لماذا الصافي والكربلائي؟

سوال يطرح نفسه لماذا الصافي و الكربلائي ؟؟ --- هل لانهما نجحا في إعمار العتبات وإطلاقا افضل الخدمات والاستثمارات بدون فساد وبأقل كلفة وبجهود عراقية وذاتية؟ --- هل لانهما لم يكونا من اهل السياسة وانحدارها في مزالق ومطبات ولم يكونا كفلان وفلان؟ --- هل لانهما سلما من كل تهمة و اتهام فالتجأ العدو الى التلفيق والبهتان والكذب والافتراء ؟ --- هل لانهما نجحا في الادارة في بلد يقل وجود مثليهما ؟ --- هل لانهما كونا فرقة علي الأكبر والعباس وكان لهما محاور مهمة في النصر العظيم على الدواعش؟ --- هل لانه ليس لهما ارتباط موثر وموجه من خارجي البلاد ؟ --- هل لانهما ينتميان لاعظم مدرسة وحوزة عرفها التاريخ ؟ --- هل لانهما يمثلان احكم رجل في عصره وأصبحا يأتمران بأمره وينتهيان بنهيه ولا يخالفانه بالقول والعمل لأنهما رأياه ممثلا للمعصوم ؟ --- هل لانهما اماما جمعة كربلاء التي أصبحت اللسان الناطق لكل فضيلة وتوجية وإرشاد حتى بحت الأصوات وهل وهل وهل وهل وهل وهل وهل وهل وهل وهل واما جوابي انا لمن نصب لهما العداوة وحاربهما بالقول والعمل هو جواب سيدتي العقيلة ليزيد: ولئن جَرَّتْ عَلَيَّ الدَّواهي مُخاطبتَك ، إنّي لأستصغِرُ قَدْرَكَ ، وأستَعظِمُ تَقريَعكَ ، وأستَكِبرُ تَوبيخَك ، لكنّ العيونَ عَبرى ، والصدور حَرّى ... فكِدْ كَيْدكَ واسْعَ سَعْيَكَ وناصِبْ جُهْدَكَ ، فواللهِ لا تَمحْو ذِكرَنا ، ولا تُميتُ وَحيَنا ، ولا تُدرِكُ أمَدَنا ، ولا تُرحِضُ عنك عارَها ؛ وهل رَأيُك إلاّ فَنَد  ، وأيّامُك إلاّ عَدَد ، وجَمْعُك إلاّ بَدَد ، يومَ يُنادي المنادِ : أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ . اللهم العن كل ظالم ظلم محمد وال محمد واستغفر الله واتوب اليه والحمد لله رب العالمين ابو محمد مهدي الترابي

اخرى
منذ 5 سنوات
1009

ابناء الطلقاء بين الماضي والحاضر

ابناء الطلقاء بين الماضي والحاضر يحدثنا التاريخ بان الطلقاء هم الذين اطلقهم النبي صلى الله عليه واله بعد أن فتح مكة ـ وصارت تحت سلطته ـ وكان بإمكانه أن يقتلهم بما صدر منهم من مواقف عدائية وحروب طاحنة ومتتالية ضد النبي الكريم ـ بالذات ـ وضد المسلمين بصورة عامة لكنه رغم كل ذلك .. التفت إليهم قائلا: «يا معاشر قريش ! ما ترون أني فاعل بكم ؟»  قالوا : «خيراً أخ كريم وابن أخ كريم»  فقال لهم : «إذهبوا فأنتم الطلقاء»  وكان فيهم : معاوية وأبو سفيان .  وقد ذكرت مولاتنا السيدة زينب يزيد بذلك وهي تخاطبه: أامن العدل يابن الطلقاء... ويزيد هو ابن معاوية وحفيد أبي سفيان وكأني بها تذكره وتقول له ما قال جدها حيث أطلق عليه (ابن الطلقاء) تذكره بفضل رسول الله صلى الله عليه وآله على ابيه وعلى جده فهي وأهل بيتها لهم الفضل عليه ولذلك قالت: أمن العدل يابن يبن الطلقاء والذي اريد التنبيه عليه هو: أن الطلقاء لم يموتوا، بل استمروا باستمرار من يمثل منهجهم ويقتدي بهم فالطلقاء كانوا بالأمس وما زالوا اليوم وهنأ اخاطب اولاد الطلقاء في عصرنا هذا: أما لمرجعيتنا من فضل؟ أما لها من فضل على جميع الشعب العراقي حيث جاهدت منذ سقوط النظام وبذلت ما بذلت ليكون للعراق جهة تنفيذية وجهة تشريعية؟! ومن باب التنزل نقول: لو فرضنا انها لم تفعل اي شي، أما تكفي فتوى الدفاع الكفائي عام ٢٠١٤ التي أنقذت العراق حينما سقطت الموصل وبدأ الدواعش يتوجهون إلى بغداد وانهار أمامهم كل شي وهدأت الأصوات و بلغت القلوب الحناجر! والكثير من المسؤولين كان قد جهز نفسه للإقلاع!! وبعد صدور الفتوى المباركة والاستجابة الواسعة من الناس تحملت المرجعية ما تحملت رغم أنها وطوال ١١ سنة كانت تحذر الحكومة والقيادات في الدولة من خطورة الوضع القائم ولابدية وضع الحلول الجذرية لمشاكل البلد ولم تلق آذانا صاغية من الحكومات المتتالية فضلا عن أنها بذلت الاموال الطائلة لتجهيز المقاتلين بالسلاح والغذاء والعلاج وصرف المساعدات والرواتب لهم ولاهليهم والى غير ذلك وبعد الانتصار استمرت المرجعية وهي تنادي بالإصلاح وجاءت الانتخابات ووضعت خارطة لمن ينتخب وكيف ينتخب وغير ذلك وبين هذا وذاك تأتي ايادي مأجورة (أطلقت عليهم أبناء الطلقاء ) تتجاسر وتتجاوز على مقام المرجعية تريد أن تعلم المرجعية كيف تتصرف وكيف تتكلم وماذا تتكلم فتجاسروا بكلام لم ينزل ربي به من سلطان وبعد كل هذا فلا أجد خطابا اصفهم غير قول: أفمن العدل يا ابناء الطلقاء. تتهجمون عليها أفمن العدل يا ابناء الطلقاء. تنكرون فضلها أفمن العدل يا ابناء الطلقاء. يكون هذا جزاءها أفمن العدل يا ابناء الطلقاء لأجل مال ودنيا تكفرونها مالكم كيف تحكمون وبأي دين تدينون ابو محمد مهدي الترابي

اخرى
منذ 5 سنوات
4485

دعــوة إلى ارتداء الخـمار

اُخيّـة بغض النظر عن الحكم الشرعي لتغطية الوجه كونه واجباً أم لا، فإنه لا عاقل ينكر مشروعية هذه التغطية لا من جهة أنّها مباحة، فما هو إلاّ تعبّد لله تعالى بالأستتار عن الأجانب، وهو الصورة الأكمل والأورع والأتقى لحجاب المرأة المسلمة. اُخيّة كلامي في مقام الأورع والأحوط والأكثر حفظاً وصيانةً ووقايةً لكِ، والتقـوى فوق الفتوى، إنّي اليوم لستُ في مقام الآية : " ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها" دعيني اعرّفكِ بماهيّة الخمار، ثم أسرد لكِ الانموذج النورانيّ لذلك الحجاب البهي. الخمار: هو قماشٌ ذو لونٍ أسود لايشف ولايصف تستر به المرأة وجهها عن الأجانب. هلاّ علمتِ أنّهُ لم يثبت من الناحية التأريخيّة ولا الدينيّة بأنّ سيدة الطهر والقداسة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت تكشف عن وجهها الشريف، وماورد من روايات فهي ضعيفة لايؤخذ بها. وأمّا مولاتنا زينب (عليها السلام) فلم يروِ لنا التاريخ حتى على مستوى الخبر الضعيف بأنها كشفت عن وجهها بإختيارها، بل ما جاء من سيرتها في مسيرة السبي أنّ القوم لعنهم الله تعالى كشفوا عن وجهها هي ونسائها الشريفات حتى لذن ببعضهنّ يغطين وجوههن بأيديهنَّ. كما يحكى أنّ القوم أخذوا عن ظهورهن الملاحف والأُزر مما يعني أنهنَّ كنَّ يغطين أجسامهنَّ بالملاحف والأُزر - والملاحف جمع ملحفة وهي العباءة، والأزر جمع إزار وهو الثوب الواسع يلقى على الرأس ويسدل على جميع الجسم _. فيا اُخيّة مـاذا لـو ارتديتِ الخمار؟! مـاذا لـو كنتِ فاطميّة الحجاب ؟! لعلّكِ تقولوين عنّي انّها تدعوني لعصرِ الجاهليّة! لا والذي رفع السماء, إيّاكِ وهذه السفاهات القوليّة التي هي باب التهتك والحريّة. إذا امتنعتِ أنتِ وغيركِ عن ارتدائه فـمَن تحافظ على تـراث فاطمة (عليها السلام)؟ أجيـبي بالله عليكِ. أ يُعقل أن يفوق عدد كاشفات الوجه عدد ذوات الخمار؟! أ يُعقل أن تُـنتقَد مَن غطّت وجهها ولا تُـنتقَد مَن شمّرت عن ساعديها, وكشفت قدميها؟! أ يُعقل أن تُشبّه ذات الخمار بكيس القمامة وتشبّه ذات السفور بالحمامة؟! أ يُعقل أن تُساء سُمعة ذات الخمار الفاطمي وتلمّع سمعة ذات التهتك الموضوي؟! أ يُعقل أن يقال لا خمار إلاّ للمتسوّلة ولا تكشّف إلاّ المثقفةِ المبتذلة؟! والحديثُ يطول بشجونٍ ودمعٍ هطول. أسألكِ بالله تعالى: لماذا خلق الله تعالى فاطمة الزهراء (عليها السلام)؟ هل لكي تكون بنتاً للنبي (صلّى الله عليه وآله )؟ أم لكي لا يعيّر بأنه (صلّى الله عليه وآله) أبتر مقطوع النسل؟ أم لكي تكون زوجة لعلي (عليه السلام) تنجب له ذرية معصومة(فقط)؟ أم لنقرأ سيرتها ونقول:ما أعظم فاطمة؟ تأملي اُختاه في وجوب اتخاذ القدوة، وما خابَ من اقتدى سيما وهي بنت المهتدى. اُخيّة لعلّ الدعوة لإرتداء الخمار مستحدثة تصريحاً، لكن هذا لا يعني تجاهل ما قرأتِ، فكلّ امرأةٍ تهدف الوصول إلى الكمال في شتى المجالات، فاجعلي الكمال في الحجاب أحد أهدافك. لاسيما ونحن نعيش اليوم انسلاخ الحجاب عمّا شرّعه الله تعالى، مِن نقابٍ فاتن، وبوشيةٍ مزكرشة، وحجابٍ هاتك، وعباءةٍ مخصّرة، وبنطالٍ ضيّقٍ، وقميصٍ مشمِّر. فيبقى المصداق الأكمل والأسمى للمرأة من الحجاب هو الخمار. فيا اُخيّة أ ترتضين حجابكِ عباءة ونقابا فذلك سببٌ في العذابِ والعقاب فكم مِن رجلٍ مفتون بنقابكِ والعيون وسوف تسألين عنه يوم لاينفع مالٌ ولا بنون. هلّمي معي اُخية لإرتداء الخمار, ودحض خطط الفجّار. وتذكري وأنتِ تقرأين المقال في موقع مدونة الكفيل، ما جرى لزينب بعد الكفيل، وكفى باسم الموقع خير مذكّرٍ. ____________ اللّهمّ حبِّب لنسائنا الخمار ووفقهن للكمال ياعزيزُ ياغفّار. علوية الحسيني

اخرى
منذ 5 سنوات
4713

كذبوا المنجمون وإن صدقوا

عند مطالعتنا لبعض المقالات أو متابعتنا لبعض البرامج والحوارات نجد البعض يستشهد بمقولة (كذبوا المنجمون وإن صدقوا ــ أو صدفوا) كدليل على عدم جواز التصديق بالمنجمين مدّعياً أنها من أقوال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أو أحد اهل بيته عليهم السلام ولبحث هذه المقولة دلالةً لا بد من التطرق أولاً الى معنى التنجيم وسبب المنع من إتباع المنجمين والآثار المترتبة على ذلك لنخرج بحصيلة جواز التصديق بالمنجمين من عدمه، ومن ثم بحثها سنداً لمعرفة مدى صحة نسبتها الى حبيبنا محمد (صلى الله عليه وآله).. التنجيم هو التنبؤ بالمستقبل والتكهن بما سيقع من أحداث بواسطة النظر إلى الكواكب والنجوم ورصد حركاتها ومنازلها المقسمة على مدار الأشهر والسنة والإيمان بأن لها تأثيراً على مصائر الناس. وبما إن الإنسان كان ولازال مهتماً أشد الإهتمام بمستقبله، إذ يأمل أملاً كبيراً في تحقيق أحلامٍ يتمناها، ويقلق قلقاً شديداً من وقوع أحداثٍ يخشاها؛ ولهذا فيحاول البعض جاهداً الإطلاع على ذلك المجهول الذي ينتظره شوقاً لما قد تتحقق فيه من آمال وخوفاً مما قد تسوء فيه من أحوال، فإن وافق هذا الشوق وذلك الخوف جهلٌ من الإنسان تراه دائماً وأبداً منشداً الى أخبار المنجمين، طارقاً أبواب العرّافين، بانياً على أقوالهم شؤون حياته ، ومتخذا منها ركناً شديداً في تكوين قراراته‘ سواء كان ذلك في العمل أو الدراسة أو الزواج أو التجارة وما الى ذلك.. وقد يقول قائل: إن كثيرٌ ممن يتابع أخبار المنجمين ويصدق النجوم هم من المتعلمين والمثقفين بل وبعضهم من حملة الشهادات العليا، فكيف يمكن الإدعاء بأن الجهل هو السبب الرئيسي في تصديق المنجمين؟؟ وفي مقام الإجابة نقول: إن الجهل أمرٌ نسبي، فقد يكون الإنسان عالماً في مجالي الرياضيات والفيزياء ولكنه في الوقت ذاته هو جاهلٌ في أيسر مسائل الدين الإبتلائية، ومن أوضح الأمارات على جهلهم أنهم يدّعون أن بعض المنجمين يتوصلون الى العلم بالأمور الغيبية عن طريق تسخير بعض الجن في حين أن القرآن الكريم قد صرّح وبشكل جليّ أن الجن يجهلون الغيب تماماً كما في قصة نبينا سليمان (عليه السلام) إذ قال (تعالى):" فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)"(1)، بل وصرّح أن الغيب لا يعلمه إلا هو (عز وجل) ومن إرتضى قال (تعالى):" عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ"(2) ولا يمكن أن يكون المنجمون مصداقاً لمن إرتضاه (سبحانه). وأما حجتهم في إتباع المنجمين وتصديق أقوالهم فهو إدعاؤهم بإنطباق بعضها على الواقع، في حين أن الموضوع لا يعدو عن كونه مجرد لعبة أتقنها المنجمون لما يتمتعون به من خبرة جيدة في فن التواصل مع أفكار المتلقي، والقدرة على التأثير فيه وحمله على تصديقهم؛ فهم يكتبون الصفات والتوقعات بإيرادهم عبارات وأساليب تحتمل أكثر من مصداق بل وقد تحتمل مصاديق متعددة ومتكثرة بحيث أن تحقُقَ أيّ منها يوحي الى الشخص بتصديق موردها من قبيل قولهم: سيصلك خبر سار من إنسان تحبه، ومن الطبيعي أن لا يخبرنا الأخبار السارة الا الذين نحبهم، أو قولهم: تواجهك بعض المشاكل المادية، ومن منا لا يواجه مشاكل مادية؟ وقد يخاطبون الناس بأسلوب الناصحين: كأن يقول أحدهم: انتبه وكن حذراً، فصحتك أغلى ما تملكه أو يقولون: واحذر من أصدقاء السوء وهكذا.. كما أن التنبؤ بعددٍ كبير من الأخبار وإن صدر من إنسان لا يعرف التنجيم ولا يفقه في النجوم شيئاً فإنه قد يصادف قد صدقاً فيما أصابَ به الواقع من أخبار؛ وذلك لأن إصابتهم للواقع فيما أوردوه من أخبار إنما كان على نحو المصادفة ليس إلا ومن هنا تصح عقلاً مقولة (كذبوا المنجمون وإن صدقوا) وعلى قول بعضهم (كذبوا المنجمون وإن صدفوا) أي وإن صادف قولهم الواقع. وأما من ناحية الشرع فإن تكذيب المنجمين من الأمور الواجبة أيضاً، فقد ورد ذلك عن أمير المؤمنين (عليه السلام) عندما عزم (عليه السلام) على السير الى تأديب الخوارج وقال له بعض أصحابه: إن سرتَ في هذا الوقت خشيتُ أن لا تظفر بمرادك من طريق علم النجوم فقال له الإمام (صلوات الله عليه):" أتزعم أنّك تهدي إلى السّاعة التّي من سار فيها صرف عنه السّوء ؟ و تخوّف من السّاعة الّتي من سار فيها حاق به الضّرّ ؟ . فمن صدّق بهذا فقد كذّب القرآن و استغنى عن الاستعانة باللّه في نيل المحبوب و دفع المكروه . و تبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربّه لأنّك بزعمك أنت هديته إلى السّاعة الّتي نال فيها النّفع و أمن الضّرّ. أيّها النّاس ، إيّاكم و تعلّم النّجوم إلاّ ما يهتدى به في برّ أو بحر ، فإنّها تدعو إلى الكهانة و المنجّم كالكاهن ، و الكاهن كالسّاحر، و السّاحر كالكافر ، و الكافر في النّار ، سيروا على اسم اللّه"(3). وقد أوضح (سلام الله عليه) الآثار الوخيمة التي تترتب على التصديق بالمنجمين وأهمها: أولاً: تكذيب القرآن الكريم الذي طالما أكدّ على ربط الأحداث بأسبابها، وترتب النتائج على مقدماتها، سواء كانت طبيعية أم اجتماعية، ومنها قوله (تعالى):" وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40)"(4)، وهذا المبدأ إلهي كوني وهو من السنن غير القابلة للتبديل أو التغيير، قال (تعالى):"سنة اللّه في الذين خلوا من قبل و لن تجد لسنة اللّه تبديلاً"(5)، فالذي يسعى وبكل جد وتوكل على الله (تعالى) فإنه يحصد نتيجة سعيه مهما كانت حركة النجوم؛ لأن النجاح نتيجة السعي الجاد والتوكل. ثانياً: الإستغناء عن الإستعانة بالله (تعالى) في نيل المحبوب ودفع المكروه. فالذي يربط حركاته وسكناته لتحقيق ما يسره وتجنب ما يضره بحركة النجوم وسكون الكواكب سيهجر التوكل على الله (تعالى) قلبه تدريجياً شعر بذلك أو لم يشعر. في حين أن من أهم أسباب النجاح بعد العمل و الإجتهاد و العزم هو التوكل عليه (تعالى)، قال(عز من قائل):"فإذا عزمت فتوكل على اللّه"(6) ثالثاً: يترتب على التصديق بالمنجمين الشعور بالامتنان لهم وأنهم سبب الهداية والخير دون الله (تبارك وتعالى)، قال (عليه السلام):" و تبتغي في قولك للعامل بأمرك أن يوليك الحمد دون ربّه لأنّك بزعمك أنت هديته إلى السّاعة الّتي نال فيها النّفع و أمن الضّرّ ". والعقل قبل الشرع يقر بأن الله(تعالى) هو الأولى بالشكر بل له الشكر المطلق لأنه مصدر النعم ومنبع إستمرارها.. رابعاً: التصديق بالمنجمين يدعو الى الكفر، لأن حركات النجوم تدعو الى الكهانة و ما يترتب عليها من الإخبار رجماً بالغيب، ولهذا فالمنجم كالكاهن في أباطيله و أكاذيبه؛لأنه يدّعي علم الغيب وهذا العلم لله وحده، والكاهن كالساحر في شعوذته و شيطنته، والساحر كالكافر؛ لما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن جده الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله):"من مشى الى ساحر أو كاهن أو كذاب يصدّقه فقد كفر بما أنزل اللّه من كتاب"(7) إذن فالشريعة الإسلامية لاتجيز التصديق بالمنجمين وعليه فإن مقولة(كذبوا المنجمون وإن صدقوا أو صدفوا) صحيحة دلالةً على كلتا القراءتين، بيدَ أن صحة دلالتها لا يسوّغ البتة نسبتها الى الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) كما يحلو للبعض أن يدّعي ذلك؛ لخلو الكتب الحديثية منها. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) سبأ 14 (2) الجن 26 (3) في ظلال نهج البلاغة خطبة رقم 77ج1 ص370 (4) النجم 39و40 (5) الأحزاب 62 (6) آل عمران 5 (7) وسائل الشيعة ج1 ص151 رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
16704

المرأة الرساليّة في الموروث الروائيّ

لـو رجعنا إلى ثاني مصدر مِن مصادر الشريعة وهو السُنّة النبويّة الصحيحة ومرويّات أهل البيت (عليهم ازكى السلام جميعاً) لـوجدنا تعظيماً واجلالاً للمرأة, بل نجد فيه أن الله تعالى يـغضب لـغضب امرأة , نـعم لــغضب إمرأة, تلكَ هي فاطمة الزهراء (عليها أزكى السلام), واخرى يُحفظ بها الإسلام وبأخيها؛ لجهادهم الفكريّ والواقعيّ , تلك هي زينب بنت عليّ بن أبي طالب (عليها أزكى السلام). ودونكم جانباً مِن الدور الرساليّ الذي قامتا به : 1- فاطمة الزهراء (عليها السلام): هي تلك المرأة التي مارست دورها الرساليّ بصورةٍ أجلى من شمس النهار, والى يومنا هذا ترى الإسلام محفوظاً بفضل وجودها ووجود آخر أئمة الهدى صاحب العصر والزّمان الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) وهو بركة من بركات الصدّيقة الطاهرة، عليها وعلى أبنائها أفضل الصلاة والسلام. لقد كانت الزهراء (عليها السلام) عالمة بما لــلكلمة من معنى، فإنها كانت تتلقى العلم من مدينة علم الرسالة وهو النبي (صلى الله عـــليه وآله) ومن بابها وهو علي (عليه السلام)(1). فهي العارفة بالله وبحقائق الكون وفلسفة الحياة، كما أنّ قربها من المسجد النبوي كان يتيح لها أن تتابع أحكام الله وتلاوة آياته المباركة, هذا إلى جنب ما كان لها من العلم اللدني. فمقاماتها السامية وعلومها الزخارة أهلتّها لأن تقوم بدور التربية والتعليم والتوجيه لـنساء العالم في كل عصر ومصر، وخاصة نساء عصرها اللواتي كنّ يجتمعن حولها ويتلقين منها علوم الإسلام ويسألنها عن كل شيء, وهي كانت تقوم بدورها الرساليّ. لقد كانت تعلّم النساء ما يشكل عليهنّ من الأحكام الشرعيّة والمعارف الإلهيّة الضروريّة ، وكانت تغشاها نساء المدينة وجيران بيتها(2)، ويبدو أنّ بيتها كان المدرسة النسائية الاُولى في الإسلام ، حيث تقبل عليها النساء طالبات للعلم ، فيجدن فاطمة العالمة وهي تستقبلهنّ بصدر رحب لا يعرف الملالة والسأم . روي عن الإمام العسكري عليه السلام قال : « حضرت امرأة عند الصديقة فاطمة الزهراء عليها السلام فقالت : إنّ لي والدة ضعيفة، وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيء، وقد بعثتني إليك اسألك، فأجابتها فاطمة عليها السلام عن ذلك ، فثنّت فأجابت ، ثم ثلّثت إلى أن عشّرت فأجابت، ثم خجلت من الكثرة ، فقالت: لا أشقّ عليك يا ابنة رسول الله . فقالت عليها السلام : هاتي وسلي عمّا بدا لك . . . إنّي سمعت أبي يقول : إنّ علماء أُمّتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدّهم في إرشاد عباد الله ، حتى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلّة من نور . . . »(3). وقد كانت الزهراء (عليها السلام) المعلّمة والمربية حتى للرجال مِـن خلال النساء، فعن الإمام الحسن العسكري قال (عليه السلام) قال رجل لامرأته: اذهبي إلى فاطمة (عليها السلام) بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فسليها عني: أنا من شيعتكم أو لست من شيعتكم؟ فسألتها، فقالت (عليها السلام): (قولي له: إن كنتَ تعمل بما أمرناك وتنتهي عما زجرناكَ عنه، فأنت من شيعتنا وإلاّ فلا). فرجعت فأخبرته، فقال: يا ويلي ومن ينفك من الذنوب والخطايا، فأنا إذن خالد في النار، فإن من ليس من شيعتهم فهو خالد في النار! فرجعت المرأة فقالت لفاطمة (عليها السلام) ما قال زوجها, فقالت فاطمة (عليها السلام) قولي له: (ليس هكذا فان شيعتنا من خيار أهل الجنة، وكل محبينا وموالي أوليائنا ومعادي اعدائنا، والمسلم بقلبه ولسانه لنا لـــيسوا من شيعتنا إذا خالفوا أوامرنا ونواهينا في سائر الموبقات، وهم مع ذلك في الجنة، ولكن بعد ما يطهرون من ذنوبهم بالبلايا والرزايا أو في عرصات القيامة بأنواع شدائدها، أو في الطبق الأعلى من جهنم بعذابها، إلى أن نستنقذهم بحبنا منها وننقلهم إلى حضرتنا) )(4). ولمّا استشهد جعفر بن أبي طالب عليه السلام في مؤتة أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تتخذ لاَسماء بنت عميس طعاماً ثلاثة أيام ، فجرت بذلك السُنّة، وأمرها أن تقيم عندها ثلاثة أيام هي ونساؤها لتسليها عن المصيبة )(5). فها هو بعض دورها الرساليّ (عليها السلام), ناهيكم عن دورها أثناء خطبتها حين مطالبتها بفدك, وبأحقيّة زوجها بالخلافة. 2- السيّدة زينب (عليها السلام) مِن القطع واليقين أنّ السيّدة زينب الكبرى (عليها السّلام) كانت قد سمعت ما لا يُحصى من الأحاديث من جدّها رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، وأبيها أمير المؤمنين (عليه السّلام)، وأخويها الإمام الحسن والإمام الحسين (عليهما السّلام)، ورَوت عنهم الشيء الكثير الكثير, ناهيكم عن النهل مِن علوم امّها الزهراء (عليها السلام). وكيف لا ؟ وقد فَتحت عينَيها في مَهبط الوحي والتنزيل، وترعرعت ونَمَت في أحضان مصادر التشريع الإسلامي، وتراجمة الوحي الإلهي، ومنابع المعارف والأحكام السماويّة . كما وكانت تعلّم تفسير القرآن لنساء الكوفة، فجاء في التاريخ أنّ جمعاً من رجال الكوفة جاؤوا إلى الإمام أمير المؤمنين (عليه السّلام) وقالوا : ائذن لنسائنا كي يأتين إلى ابنتك ويتعلّمنَ منها معالم الدين وتفسير القرآن. فأذن الإمام لهم بذلك، فبدأت السيّدة زينب بتدريس النساء. ويعلم الله عدد النساء المسلمات اللواتي كنّ يحضرن درس السيّدة طيلة أربع سنوات أو أكثر(6). ولو تطرقنا إلى مقاطع خطبتها عليها السلام,لتجلّى لنا دورها الرساليّ وسط الحكّام الفسقة الظَلَمة, فدكّت بها الصرح الوهميّ الذي كان يُريد يزيد وشرذمته أن يبنوه بالباطل، وفضحت أكذوبتهم. حيث قارعت اعداء الدّين قائلة: الحمد لله الذي أكرمنا بنبيّه محمّد (صلّى الله عليه وآله) ، وطهّرنا من الرجس تطهيراً، وإنّما يفتضح الفاسق، ويكذب الفاجر، وهو غيرنا والحمد لله فقال ابن زياد : كيف رأيت فعل الله بأهل بيتك ؟ -نجدها تُجيب بكلّ بسالة وشجاعة وقوّة شخصيّة: ما رأيت إلاّ جميلاً؛ هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم، وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاجّون إليه، وتختصمون عنده، فانظر لمَنْ الفلج يومئذٍ، ثكلتك اُمّك يابن مرجانة ! فغضب ابن زياد واستشاط, فقال له عمرو بن حريث : أيّها الأمير، إنّها امرأة ، والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها . فلم يستطع مواجهتها؛ لذلك حاولَ أن يُثير غضبها بقولهِ : لقد شفى الله قلبي من طاغيتك الحسين والعصاة المردة من أهل بيتك. وانطلاقاً من ذلك لاشكّ انّ للمرأةِ دورا في بناء المجتمع وتوعيتهِ بشرح الآيات القرآنيّة, وتعليم الاصول العقائديّة, والأحكام الفقهيّة, والحلول الإجتماعيّة, وإنطلاقاً مِن ذلك الدور المُلقى على عاتقها يجب عليها النهوض وتبليغ ما تحمل مِن رسالة سامية, مع كامل حشتمها ووقارها الدينيّ, كـالسيّدتَين الزهراء وزينب (عليهما السلام). ________________ (1) اشارة إلى حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها). عيون أخبار الرضا (عليه السلام): ص233. (2) شرح ابن أبي الحديد 9 : 193 (3) بحار الأنوار 2 : 3 | 3 . (4) تفسير الإمام الحسن العسكري (عليه السلام): ص308. (5) راجع: أخبار مكة| الأزرقي, 1 : 161 الشريف الرضي, ومغازي الذهبي : 555. (6) الخصائص الزينبية: السيد الجزائري / 68 , ورياحين الشريعة: للمحلاّتي 3 / 57 . علوية الحسيني

اخرى
منذ 5 سنوات
2687

كيف تُغير عادات طفلك السيئة

لاشك ان تغيير العادات السيئة لدى الطفل أهون وأسهل من تغييرها أيام الشباب ، لان العادة ستكون جزءامن شخصية الانسان بمرور الايام فيصعب الاقلاع عنها ، فاذا كان ولدك قد اعتاد على بعض السلوكيات الخاطئةوالتي أدت إلى تكوين عادات وطبائع سيئة ستكون جزءاً أساسيا من شخصيتة المستقبلية، فانه يجب عليك الآن الاستعداد بل العمل لتغيير هذه العادات والعمل على تخليص ولدك منها ، لقد اصبح واضحا ان تماهلك ودلالك الزائد يساهم بشكل فعال في ترسيخ هذه العادات وتطبعها ، وقد بدا لديك الآن انه يجب ان تغير من اسلوبك القديم معه لتُصلح ماقد افسدته في الماضي بقصد او بدون قصد ، فما عليك فعله الان هو اتخاذ بعض الخطوات الجادة والحازمة والثابته التي قد تستمر لايام او لشهور ليتم اعادة برمجة العقل الباطن لطفلك من جديد ، فما يتعلمه الطفل خلال سنوات لايمكن ان نغيره خلال ايام ، بل نحتاج الى وقت طويل وجهد مستمر لتغيير البرمجة القديمة بما هو صالح ومناسب لطفلك، فلو كنت تسمح لطفلك البالغ من العمر (٧سنوات او ١٠ سنوات ) بالبقاء لوقت متأخر من الليل مثلا، وأردت ان تغير من هذه العادة التي اعتادها ولدك لسنوات ، فماعليك فعله هو :_ ١:_ ان تكون قد قررت وعزمت على تغيير هذه العادة وعقدت النية على ذلك بعد التوكل على الله تعالى فهو الخالق وبيده كل شيء فاذا لمس منا الصدق في ذلك سيكون عونا لنا بلاريب ولاشك في ذلك ..... ٢:_بعد ان حددت العادة المراد تغييرها يجب ان تمتلك خطة مدروسة لتطبيقها ، فتغيير سلوك مثير وخاطئ يحتاج الى خطوات صحيحه تتجه نحو تحقيق الهدف. ... ٣:_ فمثلا لو تم اختيار (عادة البقاء لوقت متأخر ليلا) فالخطوات تكون بعد عقد النية ، وتحديد العادة السيئة المراد تغييرها ، ووضع برنامج يكون بتحديد وقت للنوم فنقول للطفل: سيكون موعد نومك الساعة التاسعة مساءا بعد ان نكون قد وفرنا الاجواء المناسبة للنوم من اطفاء الانوار والتلفاز لان الاجهزة تعتبر من المثيرات للانسان والتي تمنعه من النوم والراحة. . ٤:_والخطوة التي تليها ستكون مصيرية لانها تحتاج الى موقف حازم ، فعندما يكون الطفل قد اعتاد العادة لسنوات فإن ردة فعله ستكون عنيفة اتجاه هذا التغيير ، وسيُقابل تلك الخطوة بالمقاومة والعناد ، ويحاول الاصرار والبقاء على ماكان عليه ، وهذة الثورة يجب ان تُقابل من الاهل بثلاث خطوات حاسمة:_ أولها هي الثبات على الموقف مهما فعل الطفل من ردود افعال عنيفه كالصراخ والبكاء والمماطلة ، لانه اذا استطاع التملص من عدم الانصياع لنا فاننا لن نستطيع ان نضبظ باقي سلوكياته مستقبلا ولن يكون بمقدورنا السيطرة على ردود افعاله ، فخطوة الثبات على النظام الجديد هي حجر الاساس التي من خلالها يمكن تغيير السلوك السيء الثانية هي ان الطفل بعد المرحلة الاولى سيُقاوم هذا التغيير بشدة لان الطبيعة البشرية ترفض تجربة كل ماهو جديد خوفا منه وركونا الى منطقة الراحة التي اعتادت عليها النفس ،لذلك وجب على الاهل اتخاذ (اسلوب الحزم والصرامة) في تطبيق الخطة الجديدة بدون ادنى تراجع ، وستنخفض مقاومة الطفل اذا شعر بجدية الوالدين في التصرف ، وبالتالي سيخضع بشكل تدريجي بعد يومين او ثلاثة ايام او اسبوع او شهر ، الثالثة هي الاستمرارية في تطبيق البرنامج الجديد ، فالبعض من الاباء والامهات لايستمر على النهج وانما يمل ويصيبه الاحباط ، لذلك فان الاستمرارية مهمة جدا في ترسيخ المبدأ الجديد الذي يُثبت العادات الجديدة ويعلم الطفل على الانضباط الذاتي والذي بدوره يشكل صفة التحكم بالنفس لدى الطفل بمرور الايام .. وبعدها يبدأ الطفل بالتأقلم مع الوضع الجديد بالتدريج ، وهنا نقول ان الاطفال مختلفون في الاستجابة فبعضهم يستجيب بسرعة والبعض الاخر يقاوم ويقاوم ، والبعض الاخر يصّر على عنادهِ...... باختصار فاننا نحتاج الى عدة خطوات في تغيير اي عادة سيئة اعتاد عليها طفلك :_ عقد النية والعزم على تغيير عادة ما بعد التوكل على الله تعالى.. وضع برنامج وخطة للتغيير على ان تكون قابلة للتطبيق . الثبات على الموقف مهما قاوم الطفل التغيير.. استخدام الحزم في تطبيق البرنامج وعدم السماح لعاطفتنا بالتغلب على عقلنا الاستمرارية في تطبيق البرنامج الجديد وعدم التقطّع والتماهل فيه... هذه اهم الخطوات التي من الممكن لو طبقها الأبوان أن تساعدهم على تغيير السلوكيات المزعجة والخاطئة لدى ابنائهم .. ومن الله التوفيق قاسم المشرفاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
4450

مُختصراتٌ عقليّة باللغتَين العربيّة والإنجليزيّة (2) م/ إشـكالٌ واردٌ على برهان الـحدوث وجوابه There are problems to prove the occurrence and answer

بدايةً لابدّ من التعريف ببرهان الحدوث إجمالاً وبقياسٍ منطقيٍّ؛ ليُحاكي الجواب مقدّماته. وخلاصته التالي: ص/ العالَمُ حادثٌ ك / كلّ حادثٍ يحتاجُ إلى مُحدث ن/ العالمُ يحتاجُ إلى محدِث (وذلك بعد حذف الحدّ الاوسط من كلا المقدّمتين) توضيح الإشـكال: يقول الملحد: نحن نسلّم إنّ للعالَم محدِثاً لكنه ليس بــغنيّ بدليل طرو الفناء عليه فامتنع أن يكون المحدث هو الله لأنّكم تقولون إنّ الله غنيٌّ مطلق، فالبنّاء علّة للبناء لـكنه يفنى ويبقى بناؤه، فهكذا العالم خلقه خالقه ثـم فنى. الـجواب عن هذا الإشكال مِن عدّة وجوه منها: إنّ الفناء مِن سمات الموجود الممكن لا الواجب فالبنّاء موجودٌ ممكنٌ محتاجٌ إلى علّته حدوثاً وبقاءً قابلٌ للفناء، وهو لـــيس علّة مانحة لوجود البِناء بــل هو علّةٌ معدّة لجعل مادّة البناء بهذه الهيكلة. أمّـا العلّة المانحة للوجود فهي العلّة التامّـة الواجــبة كيف ذلك؟ نتابـع كيف تكون علّة العالَم واجبة. يمكن أن نُثبت الشيء بـنفي ضدّه، وعليـهِ لــو كانت علّة العالَم حادثة لـزم أن يكون لهذه العلّة علّة، وهذه العلّة الأخيرة أ- إمّا أن تكون حادثة ب- أو قديمة فلو كانت حادثة لزم أن تكون لها علّة أوجدتها وللعلّة علّة وللعلّة علّة... وهكذا، وهـذا باطل للزومـه التسلسل. إذاً تعيّن أن تكون العلّة قديمة. وقد يعترض الملحد ويقول: أنا لـم أطلب منكم إثبات كون العلّة واجبة، بـل طلبتُ أن تثبتوا زعمكم أنها غنيّـة لا تفنى. نـقول: هداكَ الله لعلّكَ لاتعلم الملازمة بين صـفتي القِدَم والغنى الموجبة لتسمية تلك العلّة بـ(واجبة الوجود) فـواجبيّة الوجود للعلّة تدل على السرمديّة ونفي (الشريك، والمِثل، والتركيب بمعانيه، والضد، والتحيّز، والحلول، والاتحاد، والجهة، وحلول الحوادث فيه). وماأسردنا لكَ مِن صفات تخلو منها مخلوقات تلك العلّة، ومقايستكَ البنّاء بالله تعالى -كــعلّة- قياسٌ مع الفارق، فــتأمّل. وبـهذا يتبيّن للملحد بطلان زعمه مِن إمكانيّة فناء علّة العالَم، فـبعد أن تبيّن كون تلك العلّة هي العلّة التامّة الوحيدة لخلق العالَم ومافيه، وانطلاقاً مِن اقراره بالمقدّمة الكبرى من هذا البرهان (كلّ حادثٍ يحتاج إلى مُحدث) فأنّى للحادث(المعلول) المفتقر الاستغناء عن مُحدثه (العلّة)؟! فإن قلتَ بإمكان ذلك لزم اجتماع النقيضَين (الغنى والفقر) في وقتٍ ومحلٍ واحدٍ، وهذا خُلف. وإن أقررتَ عدم استغنائه أصبتَ واهتديتَ. فـتأمّـل. _________________ المُـختصر باللّغة الإنجليزيّة English Manual First, it is necessary to define the proof of occurrence in general and logically; The world is updated Each incident needs updating ______ N / The world updated (After deleting the middle limit of both providers) Formation: The atheist says: We recognize that the world is updated, but it is not rich evidence Troh annihilated it, so avoid being the modern God is because you say that God is absolute rich, Building is a bug for building, but it is depleted, and its construction remains. This is how the world created it, its creator, and then a technician The answer to this problem of several aspects, including 1 - The courtyard of the existing features is not possible Construction is possible, which needs to be a permanent occurrence and survival, and it is not a donor problem for the existence of the building, but a bug designed to make the building material such a structure The cause of the existence of the presence is the absolute due How so? We follow how the bug of the world is obligatory - We can prove the thing banished against him, and so If the illness of the world incident had to be a bug, this latter bug A. It is either an accident B- or old. If an incident had to be caused by a bug and created a bug and a bug ... Thus, this void of the sequence. If the bug should be old. Here the answer is opposed to the words of the atheist, saying: I did not ask you to prove that the illness is obligatory - but I asked you to prove your claim that it is rich and does not destroy. We say: O atheist God guided you may not know the inherent between the two feet and rich positive to name that bug B (must exist) The absence of the existence of the disease indicates the permanence and negation (partner, ideals, structure, sense, antagonism, prejudice, solutions, union, destination, and solutions to accidents). And we have listed to you qualities that are devoid of the creatures of that illness, and the measuring of the building in God Almighty - the coefficient - measuring with the difference, hoping. Thus, the atheist can see the invalidity of his claim to the possibility of the world's vandalism, after it turns out that the fact that this illness is the only complete reason to create the world and what, Based on its acknowledgment of the great introduction of this proof (every incident needs an update) For the incident (the infallible) is lacking to dispense with the updated (bug)? - If you say that he can do so, the meeting of extremes (richness and poverty) must be held at one time and place, and this is behind. B- If I admit that I did not do it, I was injured and I was menstruating. .Think ____________________ والحمدُ لله الكائن لا عن حدَث، الموجود لا عن عدَم، وصلِّ اللّهم على الصفوة وآلها، بعدد قدرها. علوية الحسيني

اخرى
منذ 5 سنوات
2322

من دروس رحلة الحج... الابتلاءُ متاعبٌ محشوةٌ بكراماتٍ

مما لا شك فيه أن رحلة الحج باقةٌٌ من باقات اللطف الإلهي التي يمن الله (تعالى) بها على الحجيج المخلصين، باقة مضمخة بعبير الحب الإلهي الذي دعاهم فلبوا، ملونة بألوان الثواب العظيم الذي به رغبوا، وموصلة إلى قربه ورضاه الذي إليه سعوا وطلبوا، مُفعمة بالعبر والمواعظ والدروس والفوائد التي بها انتفعوا وبسببها في سلم التكامل ارتقوا... كيف لا وهي رحلة اختُصِرت فيها أصول الدين بأسرها، فهي قصدٌ لله الواحد الأحد وبذا يتأصل أصل التوحيد في نفوس الموحدين، ليترسخ بعد ذلك تحت القباب الطاهرة للمسجد النبوي أصل النبوة حيث قبر خاتم الأنبياء والمرسلين (صلى الله عليه وآله) وبلا ريب لا تكتمل هذه الرحلة المباركة إلا بالطواف حول البيت العتيق الذي تشرف بولادة أول الأئمة وسيد الوصيين (عليه السلام)، وبالبياض الذي يكسو الحجيج أجمعهم من سيدهم الى مسودهم يتجلى عدل إله العالمين، وبحشرهم على صعيد واحد تذكير لهم بحشر الناس قاطبة للحساب بين يدي أحكم الحاكمين. ومن بين أهم الدروس والعبر التي يمكن للحجيج الاستفادة منها والاتعاظ بها هي مرحلية الابتلاء وزوال مرارته الحتمي وفي المقابل خلود آثاره الطيبة إن نجح المؤمن في تجاوزه وحلاوته الأبدية، وهو درس عظيم حريٌ بالحاج والحاجة أن يتأملّا به وهما يشهدان تلك الأماكن التي شهدت على نفوس تجرعت الأسى والعذاب الأليم، بقلوب ملؤها الرضا والتسليم، حباً بربهم وخالقهم العظيم، وشوقاً إلى ما وعدهم به من ثوابه الكريم. فها هي ذي مكة المكرمة لم تكن إلا وادياً جافاً لا زرع فيها ولا ماء، ولا إناس فيها بل كانت مجرد أرض وسماء، وبالرغم من كل ذلك فقد سلَم بطل التوحيد نبينا إبراهيم (عليه السلام) لإرادة أحكم الحكماء، وأودع فيها زوجه الطاهرة وفلذة كبده الذي جاءه بعد طول انتظار وعناء، تركهما دونما تردد أو اعتراض وإنما ودعهما بقلب يملؤه الأمل بالله والرجاء، مردداً:"رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ (38) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39) رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)"(1) وأما هاجر تلك المرأة المؤمنة فلم تكن إلا راضية لأمر الله (تعالى)مسلمة لما نزل بها من قضاء، وقد ودّعت نبي الله (تعالى) حبيب قلبها الذي لا تُطيق أن تُودع أو تُفارَق مثله سائر النساء، ولمَا لم يزل ألم نوى الحبيب الذي أشعل في قلبها النيران، وإذا بفؤادها يتمزق لصوت ولدها العزيز صارخاً: أمّاه أنني ظمآن، فتحيرت تلك السيدة الطاهرة فلا ماء لديها فتُسقيه وقد جفَ لبنها فلا يمكنها أن ترويه إلى أين تذهب؟! ومن أين تأتي له بالماء؟! وحيثما مدت ناظريها لا ترى سوى أرضاً قاحلةً وسماء قد توسطتها شمسٌ حارقة... يا الله، ما أشد هذا البلاء؟؟!! وبينما صرخات طفلها الغالي تغرس في نفسها الألم بيدَ أن قلبها مفعمٌ بالأمل ويعلوه الرجاء، فيصور لها في الجانب المقابل صورة ماء، فتهرول مسرعةً لعلها تجد غايتها وما أن تصبح في مقصدها حتى يصور لها هذه المرة في الجانب الآخر صورة ماء، وبقيت على هذه الحالة حتى تعبت لكثرة السعي بين الصفا والمروة، ولكن الله (تعالى) لم يخيب رجاءها، إذ أنبع ماءً عذباً صافياً من تحت قدميّ ولدها، فيرتوي هو ماءً وترتوي هي سكينةً واطمئناناً بأن معها رباً كريماً لا يخيب رجاء من رجاه ولا يخذل عبداً سعى اليه ودعاه، فيزداد قلبها الطاهر حباً لله، وتزداد قوةً وثباتاً للنجاح في اختبارها الذي إليها اصطفاه.. ولم يمض وقت طويل حتّى تعلم قبيلة (جرهم) البدوية التي كانت قريبة من مكة المكرمة بتوفر الماء فيها، فيرحلوا إليها وشيئاً فشيئاً تأخذ مكّة بالتحضّر. ولم يكن نصيب النبي إبراهيم (عليه السلام) من الابتلاء في مكة المكرمة هو فراق الأهل والأحبة فقط، وإنما كان له فيها اختبار آخر هو أشد ابتلاءاته وأعظمها ابتلاء قال الله (تعالى) في وصفه: "إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106)" (2)، إذ إن الولد البار الذي انتظره لسنوات طوال أضحى غلاماً يستطيع السعي وبذل الجهد مع والده في مختلف اُمور الحياة وهي الثمرة التي ينتظرها كل أبٍ فكيف بالأب الذي طعن في السن؟! أُثلج صدر النبي إبراهيم (عليه السلام) بغلامه الصالح ولكن ذلك لم يدم طويلاً فقد رأى (عليه السلام) ذلك المنام العجيب الخطير، والذي يدلّ على بدء امتحان آخر ولكنه هذه المرة جداً عسير، إذ رأى في المنام أنّ الله (تعالى) يأمره بذبح ابنه الوحيد وقطع رأسه، فنهض من نومه مرعوباً؛ لأنّه يعلم أنّ ما يراه الأنبياء في نومهم هو أمر من الله (تعالى) مرغوباً، هو حقيقة وليس من وساوس الشياطين، ولما تكرّرت رؤيته هذه ليلتين اُخريين أيضاً، علم أن ذلك بمثابة التأكيد على ضرورة تنفيذ الرؤيا. فكّر النبي إبراهيم (عليه السلام) في إعداد ابنه لهذا الأمر، حيث قال: "يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102)"(3). ولم يكن رد الولد البار إلا دليلاً على أنه ابن ذلك النبي ذي الشأن العظيم الذي خاض الابتلاءات الواحد تلو الآخر دون تردد أو تلكؤ بل بقلب كله تسليم، لذا كان النبي إسماعيل (عليه السلام) نسخة من أبيه فقد رحّب بالأمر الإلهي مجيباً والده بكل صبر وثبات: "يا أبت إفعل ما تؤمر" بالرغم من عمره الصغير! مشهدٌ حقاً تحار فيه العقول والألباب، فأيهما أصلب موقفاً؟ وأشد قوةً وصبراً؟ وأيهما أعظم كلماتٍ؟ حيث الأب لا يقصد أبداً خداع ولده، ودعاه إلى ساحة الامتحان العسير بكل وضوح كي يشركه في جهاد النفس الكبير، وليستشعر حلاوة لذّة التسليم لأمر الله (تعالى) كما استشعر هو من قبل. وأما ابنه (عليه السلام) فقد رسخ عزم وتصميم والده في تنفيذ الأمر الإلهي مخاطباً إياه بكلمة (يا أبت) ليوضّح أنّ هذه القضيّة لا تقلّل من عاطفة الابن تجاه أبيه ولو بمقدار ذرّة، وأنّ أمر الله (تعالى) هو فوق كلّ شيء، بل وذكر بعض المفسرين أنه ساعد أباه على تنفيذ هذا الأمر الإلهي فطلب من أبيه أن يُحكم من شدّ الحبل كي لا تتحرّك يداه ورجلاه أثناء الذبح، كما طلب منه أن يشحذ السكّين جيّداً، ويمررها بسرعة على رقبته كي يكون تحمّل ألم الذبح سهلاً على كليهما معاً، كما أوصاه بخلع ثوبين من على جسده كي لا يتلوّثا بالدم خشيةَ أن تلحظهما والدته وتفقد عنان صبرها، كما اقترح على أبيه أن يضع جبينه على الأرض عند ذبحه كي لا تلتقي عيناه بعيني ولده العزيز فتهيج عنده عاطفة الأبوة وتمنعه من تنفيذ الأمر الإلهي. اقتربت لحظات التنفيذ، وعندما رأى إبراهيم (عليه السلام) درجة استسلام ولده للأمر الإلهي احتضنه وقبّله، وفي هذه اللحظة بكى الاثنان بكاء عاطفةٍ إنسانيةٍ من جهة، وبكاء شوقٍ لتنفيذ أمر الله (تعالى) من جهةٍ أخرى. عمل النبي إبراهيم (عليه السلام) بكل وصايا ابنه الحبيب ومرّر السكّين بسرعة وقوّة على رقبته، وروحه تعيش حبّ الله (تعالى) الذي غمرها إلاّ أنّ السكّين الحادّة لم تترك أدنى أثر على رقبة إسماعيل اللطيفة، تحيّر النبي إبراهيم (عليه السلام) في أمرها وأعاد الكرة ولكنها كسابقتها لم تؤثر البتة، وأنّى للسكين أن يستجيب لأمر الخليل بالذبح والجليل ينهاها؟! غمرت النبي إبراهيم (عليه السلام) الحيرة التي لم يطل أمدها إذ قطّـّع أوصالها نداء الله (تعالى) إياه:" يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) "(4) فكان جزاء الله (تعالى) لتسليمهما وبكل وجودهما للأمر الإلهي وطاعتهما المطلقة له أن وفقهما للنجاح في الامتحان، وحفظ إسماعيل من أن يُمس بسوء، ورفع درجتيهما، وجعل إبراهيم (عليه السلام) إماماً، وكرَم إسماعيل (عليه السلام) وأمه هاجر فجعل قبريهما بمقربة من بيته الحرام لا يصح طواف الحجيج إلا بإدخالهما ضمنه! وقد ورد في بعض الروايات أنّ جبرئيل كان يهتف (الله أكبر، الله أكبر) اثناء عمليّة الذبح لتعجّبه، فيما هتف إسماعيل (لا إله إلاّ الله، والله أكبر)، ثمّ قال إبراهيم (الله أكبر ولله الحمد)، وهذه العبارات تشبه التكبيرات التي يردّدها الحجيج في يوم عيد الأضحى. وإكمالاً لبرنامج النبي إبراهيم(عليه السلام) وتحقيقاً لأُمنيته في تقديم القربان لله (تعالى)، بعث الله كبشاً كبيراً إلى إبراهيم ليذبحه عوضاً عن إبنه إسماعيل، وأصبحت فيما بعد سنّة وشعيرة من شعائر الله (تعالى) لا يصح الحج من دون النحر في أرض (منى). إنه لدرسٌ عظيمٌ في التسليم لإرادة الله (تعالى)، وفي المضي في مواجهة المصاعب والصبر على النوائب بقلب كله أملٌ به (سبحانه) ورجاء، وهو درسٌ يشجع الصابرين على التمسك بصبرهم عند الضراء ويحث المؤمنين الى عدم الجزع عند حلول البلاء، وينشر في صدورهم الأمل بالله مهما واجهوا من ألم وعناء، لما ختم به من ختام كله فرجٌ وسرورٌ وبهاء، بل وكرامةً ورضاً منه (سبحانه) إله الارض والسماء.. حقاً أن المحن مهما إشتدت، والبلايا مهما قست، تبقى محشوةً بكرامات وهدايا للعبد المبتلى كما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)أنه قال:"أفضل الوصايا و ألزمها أن لا تنسى ربك و أن تذكره دائماً ولا تعصيه وتعبد قاعداً وقائماً ولا تغتر بنعمته واشكره أبداً ولا تخرج من تحت أستار رحمته وعظمته وجلاله فتضل وتقع في ميدان الهلاك وإن مسك البلاء والضراء وأحرقتك نيران المحن واعلم أن بلاياه محشوة بكراماته الأبدية و محنه مورثة رضاه وقربه ولو بعد حين"(5) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) إبراهيم 37ــ40 (2)الصافات 106 (3) الصافات 102 (4)الصافات 104و105 (5) مصباح الشريعة ج1 ص70

اخرى
منذ 5 سنوات
3187

ظـاهرة سب وشتم الـمرجعيّة

عَنْ أَبِي بَصِيرٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عَلَيهِ السَّلام) قَالَ قَالَ رَسُولُ الله (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِه) سِبَابُ الْمُؤْمِنِ فُسُوقٌ, وَقِتَالُهُ كُفْرٌ, وَأَكْلُ لَحْمِهِ مَعْصِيَةٌ, وَحُرْمَةُ مَالِهِ كَحُرْمَةِ دَمِهِ"(1). تعدّ ظاهرة السباب مِن أرذل الظواهر الأخلاقيّة بشأن المؤمنين عامّة, وبشأن علماء الدّين خاصة, لاسيما وأنّ عقيدتنا في المرجع قد نصّ عليها أهل البيت (سلام الله عليهم). فعقيدتنا في المجتهد الجامع للشرائط: إنّه نائب عن الإمام (عليه السلام) في حال غيبته، وهو الحاكم والرئيس المطلق، وله ما للإمام في الفضل في القضايا والحكومة بين الناس، والراد عليه راد على الامام، والراد على الامام راد على الله تعالى، وهو على حدّ الشرك بالله، كما جاء في الحديث عن صادق آل البيت عليهم السلام(2). واعلم ياهداك الله انّ هناك نصوصاً قانونيّة ضمنت حق المواطن مِن الإنتهاك, وعُدّ التجاسر عليه جـريمة يعاقب عليها القانون، ذلك القانون الذي خرجتَ تطالبه بأن يعطيكَ حقوقكَ فهو في الوقت نفسه رتّب عليكَ التزامات. وعلماء الدّين -ومنهم المرجعيّة- مِن المواطنين الذين لهم ما لكَ مِن الحقوق، فإذا كنتَ قد تجاهلتَ الحكم الشرعي الذي أفتى به كافّة الفقهاء بشأن التشهير بسمعة الأخرى، بالسب والشتم وماشابه ذلك، فدونك الحكم القانوني بحقك، حيث نصّ قانون العقوبات على مايلي: " يُعاقب مَن سبّ غيره بــــالحبسِ مدّة لاتزيد على سنة، وبغرامة [يقدّرها الخبير القضائي] أو بإحدى هاتين العقوبتين. وإذا وقعَ السب بطريق النشر في الصحف، أو المطبوعات، أو بإحدى طرق الإعلام الأخرى عدّ ذلك ظرفاً مشدداً"(3). يُذكر إنّ تحريك هذه الدعاوى القضائيّة ضد الجاني لابدّ أن تكون مِن قبل المجني عليه، أو ذويه، وعلى ذلك إن تنازلوا عن تحريك الدعوى فبإمكان أيّ مواطن تحريك الدعوى لـكن تحت مسمى آخر، فلا يقف حق المطالبة بتأديب وعقوبة الجاني عند التنازل. فاعلم إنّ هناك نصوصاً قانونيّة تكون أنت بتصرّفك هذا موضع سطوة عقوبتها, فهلاّ أدركتَ خطر تصرّفك بعدُ أم لا؟! هناك جرائم تمس الشعور الديني، ومنها جريمتك النكراء، حيث نصّ قانون العقوبات نفسه على مايلي: "يُـعاقب بــــالحبس مدّة لاتزيد على ثلاث سـنوات، أو بغرامة [يقدّرها الخبير القضائي] مَن أهــانَ علناً رمــزاً أو شــخصاً هو موضـع تقــديسٍ، أو تمجيـدٍ، أو احترامٍ لـدى طائـفةٍ دينيّـة"(4). وعلى ذلك نضع بين يديّ أصحاب هذا الخلق مجموعة مِن العلاجات لعلّها تنفع في الردع عن تلك الرذيلة الخلقية: 1- الالتزام بما جاء به القرآن الكريم ﴿وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾، وهذه آية قرآنية محكمة وليست متشابهة حتى يتغافل الناس عن المنهج الذي تُقدمه للبشرية جمعاء. 2- التأسي بالنبي وآله (صلوات الله عليهم أجمعين) بترك هذه الرذيلة الخلقية. 3- معاشرة الصالحين والابتعاد عن بذيئي اللسان. 4- محاسبة النفس ومراقبتها قولاً وفعلاً. 5- إدراك عظمة العلماء, ووجوب احترامهم. ____________________ (1) الكافي: ج1، باب السباب، ح2. (2) الكافي: ج١، ص٥٤ ، الاحتجاج: ج2، ص٢٦٠. (3) قانون العقوبات العراقي، م434. (4) القانون نفسه، م372، ف5. ربّنا لاتؤاخذنا بما يفعل السفهاء منّا، إنّك أنت اللطيف الخبير. علوية الحسيني

اخرى
منذ 5 سنوات
8345

يتصدر الان

لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع

يستشهد الكثير من الناس ــ وحتى بعض المثقفين ــ بقول:" لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع فإن الخير فيها دخيل وعاشر نفساً جاعت بعد شبع فإن الخير فيها أصيل" على أنه من أقوال أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، كما يستشهدون أيضاً بقولٍ آخر ينسبونه إليه (عليه السلام) لا يبعد عن الأول من حيث المعنى:"اطلبوا الخير من بطون شبعت ثم جاعت لأن الخير فيها باق، ولا تطلبوا الخير من بطون جاعت ثم شبعت لأن الشح فيها باق"، مُسقطين المعنى على بعض المصاديق التي لم ترُق افعالها لهم، لاسيما أولئك الذين عاثوا بالأرض فساداً من الحكام والمسؤولين الفاسدين والمتسترين عل الفساد. ونحن في الوقت الذي نستنكر فيه نشر الفساد والتستر عليه ومداهنة الفاسدين نؤكد ونشدد على ضرورة تحرّي صدق الأقوال ومطابقتها للواقع وعدم مخالفتها للعقل والشرع من جهة، وضرورة التأكد من صدورها عن أمير المؤمنين أبي الأيتام والفقراء (عليه السلام) أو غيرها من المعصومين (عليهم السلام) قبل نسبتها إليهم من جهة أخرى، لذا ارتأينا مناقشة هذا القول وما شابه معناه من حيث الدلالة أولاً، ومن حيث السند ثانياً.. فأما من حيث الدلالة فإن هذين القولين يصنفان الناس الى صنفين: صنف قد سبق له أن شبع مادياً ولم يتألم جوعاً، أو يتأوه حاجةً ومن بعد شبعه جاع وافتقر، وصنف آخر قد تقلّب ليله هماً بالدين، وتضوّر نهاره ألماً من الجوع، ثم شبع واغتنى،. كما جعل القولان الخير متأصلاً في الصنف الأول دون الثاني، وبناءً على ذلك فإن معاشرة أفراد هذا الصنف هي المعاشرة المرغوبة والمحبوبة والتي تجرّ على صاحبها الخير والسعادة والسلام، بخلاف معاشرة أفراد الصنف الثاني التي لا تُحبَّذ ولا تُطلب؛ لأنها لا تجر إلى صاحبها سوى الحزن والندم والآلام... ولو تأملنا قليلاً في معنى هذين القولين لوجدناه مغايراً لمعايير القرآن الكريم بعيداً كل البعد عن روح الشريعة الاسلامية ، وعن المنطق القويم والعقل السليم ومخالفاً أيضاً لصريح التاريخ الصحيح، بل ومخالف حتى لما نسمعه من قصص من أرض الواقع أو ما نلمسه فيه من وقائع.. فأما مناقضته للقرآن الكريم فواضحة جداً، إذ إن الله (تعالى) قد أوضح فيه وبشكلٍ جلي ملاك التفاضل بين الناس، إذ قال (عز من قائل):" يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)"(1) جاعلاً التقوى مِلاكاً للتفاضل، فمن كان أتقى كان أفضل، ومن البديهي أن تكون معاشرته كذلك، والعكس صحيحٌ أيضاً. وعليه فإن من سبق حاجتُه وفقرُه شبعَه وغناه يكون هو الأفضل، وبالتالي تكون معاشرته هي الأفضل كذلك فيما لو كان تقياً بخلاف من شبع وكان غنياً ، ثم افتقر وجاع فإنه لن يكون الأفضل ومعاشرته لن تكون كذلك طالما كان بعيداً عن التقوى. وأما بُعده عن روح الشريعة الإسلامية فإن الشريعة لطالما أكدت على أن الله (سبحانه وتعالى) عادلٌ لا جور في ساحته ولا ظلمَ في سجيته، وبالتالي لا يمكن أن يُعقل إطلاقاً أن يجعل البعض فقيراً ويتسبب في دخالة الخير في نفوسهم، التي يترتب عليها نفور الناس من عشرتهم، فيما يُغني سواهم ويجعل الخير متأصلاً في نفوسهم بسبب إغنائه إياهم ليس إلا ومن ثم يتسبب في كون الخير متأصلاً في نفوسهم، وبالتالي حب الناس لعشرتهم. فإن ذلك مخالف لمقتضى العدل الإلهي لأنه ليس بعاجزٍ عن تركه ولا بمُكره على فعله، ولا محب لذلك لهواً وعبثاً (تعالى عن كل ذلك علواً كبيراً). كما إن تأصل الخير في نفوس بعض الناس ودخالته في نفوس البعض الآخر منهم بناءً على أمر خارج عن إرادتهم واختيارهم كـ(الغنى والشبع أو الجوع والفقر) إنما هو أمرٌ منافٍ لمنهج الشريعة المقدسة القائم على حرية الانسان في اختياره لسبيل الخير والرشاد أو سبيل الشر والفساد، قال (تعالى):" إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)"(2) بل إن الانسان أحياناً قد يكون فقيراً بسبب حب الله (تعالى) له، كما ورد في الحديث القدسي: "أن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى فلو أفقرته لأفسده ذلك و أن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر فلو أغنيته لأفسده ذلك"(3) وهل يمكن ان نتصور أن الخيرَ دخيلٌ فيمن يحبه الله (تعالى) أو إن معاشرته لا تجدي نفعا، أو تسبب الهم والألم؟! نعم، ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"اِحْذَرُوا صَوْلَةَ اَلْكَرِيمِ إِذَا جَاعَ وَ اَللَّئِيمِ إِذَا شَبِعَ"(4) ولا يقصد به الجوع والشبع المتعارف عليه لدى الناس، وإنما المراد منه: احذروا صولة الكريم إذا اُمتُهِن، واحذروا صولة اللئيم إذا أكرم، وفي هذا المعنى ورد عنه (عليه السلام) أيضاً: "احذروا سطوة الكريم إذا وضع و سورة اللئيم إذا رفع"(5) وأما العقل السليم والمنطق القويم فإنهما يقتضيان أن تتأصل صفة الخير في الإنسان لملكاتٍ حميدة يتسم بها وصفات فضيلة يتميز بها، لا أن تتأصل صفة الخير في نفسه لمجرد أنه ولد في أسرة تتمتع بالرفاهية الاقتصادية ووجد في بيئة تتنعم بالثروات المادية! وعند مراجعتنا للتاريخ الصحيح نجد أن قادة البشر وصفوة الناس إنما كان أغلبهم ينتمي الى الطبقات الفقيرة من المجتمع، فهؤلاء الأنبياء ورسل الله (صلوات الله عليهم) منهم من كان نجاراً أو خياطاً أو راعياً، ومع ذلك فقد كانوا من أطيب الناس خلقاً، وأعظمهم شرفاً، وأرفعهم منزلةً، قد تأصّل الخير في نفوسهم تأصّلاً حتى غدوا قطعة منه، فكانوا هم الخير للبشر، وهم الرحمة للعالمين. وبالنزول إلى أرض الواقع نجد أن الكثير من الفقراء والمساكين طيبي الروح، كريمي النفس، يتألمون لألم المحتاج ولربما يؤثرونه على أنفسهم رغم حاجتهم. ولا نقصد من كلامنا هذا أن الأغنياء هم على نقيض ذلك، وإنما تأكيداً على مسألة عدم ارتباط تأصل الخير في النفوس وعدمه بمستواهم الاقتصادي الذي نشأوا فيه ارتباط العلة والمعلول، فكما إن بعض الفقراء أخيار، فإن بعض الأغنياء كذلك، والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا يُفهم من بعض الروايات ضرورة عدم طلب الخير والحاجات ممن هم أهل للخير بقطع النظر عن مستواهم المعاشي الحالي والسابق، منها ما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"أشد من الموت طلب الحاجة من غير أهلها"(5)، وعنه (عليه السلام) أيضاً: "فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها"(6) إذن فلا صحة لهاتين المقولتين من حيث الدلالة، حتى وإن تنزلنا وحملنا الجوع والشبع على المعنى المعنوي لا المادي؛ وذلك لأنه حتى من يفتقر الى الأخلاق المعنوية فإنه ما إن يتكامل بالفضائل ويقلع عن الرذائل حتى يتسم بالخير وتحسن عشرته وتطيب للناس صحبته، والعكس صحيحٌ أيضا.. ومن البديهي أن ما لا يوافق العقل والمنطق السليم، ويخالف صريح القرآن الكريم، لا يمكن أن يصدر من وصي الرسول الكريم (صلوات الله عليهما وآلهما)، وعليه لا تصح نسبة هذين القولين الى أمير المؤمنين (عليه السلام).. ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحجرات 13 (2) الانسان 3 (3) عوالي الآلي ج2 ص29 (4) غرر الحكم ج1 227 (5) المدر السابق ج1 ص246 (6) ميزان الحكمة ج4 ص 238 رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
70902

بين طيبة القلب وحماقة السلوك...

خلق الله الأشياء كلها في الحياة ضمن موازين وقياسات... فالزيادة أو النقيصة تسبب المشاكل فيها. وهكذا حياتنا وأفعالنا وعواطفنا لا بد أن تكون ضمن موازين دقيقة، وليست خالية منها، فالزيادة والنقيصة تسبب لنا المشاكل. ومحور كلامنا عن الطيبة فما هي؟ الطيبة: هي من الصفات والأخلاق الحميدة، التي يمتاز صاحبها بنقاء الصدر والسريرة، وحُبّ الآخرين، والبعد عن إضمار الشر، أو الأحقاد والخبث، كما أنّ الطيبة تدفع الإنسان إلى أرقى معاني الإنسانية، وأكثرها شفافية؛ كالتسامح، والإخلاص، لكن رغم رُقي هذه الكلمة، إلا أنها إذا خرجت عن حدودها المعقولة ووصلت حد المبالغة فإنها ستعطي نتائج سلبية على صاحبها، كل شيء في الحياة يجب أن يكون موزوناً ومعتدلاً، بما في ذلك المحبة التي هي ناتجة عن طيبة الإنسان، وحسن خلقه، فيجب أن تتعامل مع الآخرين في حدود المعقول، وعندما تبغضهم كذلك وفق حدود المعقول، ولا يجوز المبالغة في كلا الأمرين، فهناك شعرة بين الطيبة وحماقة السلوك... هذه الشعرة هي (منطق العقل). الإنسان الذي يتحكم بعاطفته قليلاً، ويحكّم عقله فهذا ليس دليلاً على عدم طيبته... بالعكس... هذا طيب عاقل... عكس الطيب الأحمق... الذي لا يفكر بعاقبة أو نتيجة سلوكه ويندفع بشكل عاطفي أو يمنح ثقة لطرف معين غريب أو قريب... والمبررات التي يحاول إقناع نفسه بها عندما تقع المشاكل أنه صاحب قلب طيب. الطيبة لا تلغي دور العقل... إنما العكس هو الصحيح، فهي تحكيم العقل بالوقت المناسب واتخاذ القرار الحكيم الذي يدل على اتزان العقل، ومهما كان القرار ظاهراً يحمل القسوة أحياناً لكنه تترتب عليه فوائد مستقبلية حتمية... وأطيب ما يكون الإنسان عندما يدفع الضرر عن نفسه وعن الآخرين قبل أن ينفعهم. هل الطيبة تصلح في جميع الأوقات أم في أوقات محددة؟ الطيبة كأنها غطاء أثناء الشتاء يكون مرغوباً فيه، لكنه اثناء الصيف لا رغبة فيه أبداً.. لهذا يجب أن تكون الطيبة بحسب الظروف الموضوعية... فالطيبة حالة تعكس التأثر بالواقع لهذا يجب أن تكون الطيبة متغيرة حسب الظروف والأشخاص، قد يحدث أن تعمي الطيبة الزائدة صاحبها عن رؤيته لحقيقة مجرى الأمور، أو عدم رؤيته الحقيقة بأكملها، من باب حسن ظنه بالآخرين، واعتقاده أن جميع الناس مثله، لا يمتلكون إلا الصفاء والصدق والمحبة، ماي دفعهم بالمقابل إلى استغلاله، وخداعه في كثير من الأحيان، فمساعدة المحتاج الحقيقي تعتبر طيبة، لكن لو كان المدّعي للحاجة كاذباً فهو مستغل. لهذا علينا قبل أن نستخدم الطيبة أن نقدم عقولنا قبل عواطفنا، فالعاطفة تعتمد على الإحساس لكن العقل أقوى منها، لأنه ميزان يزن الأشياء رغم أن للقلب ألماً أشد من ألم العقل، فالقلب يكشف عن نفسه من خلال دقاته لكن العقل لا يكشف عن نفسه لأنه يحكم بصمت، فالطيبة يمكن أن تكون مقياساً لمعرفة الأقوى: العاطفة أو العقل، فالطيّب يكون قلبه ضعيفاً ترهقه الضربات في أي حدث، ويكون المرء حينها عاطفياً وليس طيباً، لكن صاحب العقل القوي يكون طيباً أكثر من كونه عاطفياً. هل الطيبة تؤذي صاحبها وتسبب عدم الاحترام لمشاعره؟ إن الطيبة المتوازنة المتفقة مع العقل لا تؤذي صاحبها لأن مفهوم طيبة القلب هو حب الخير للغير وعدم الإضرار بالغير، وعدم العمل ضد مصلحة الغير، ومسامحة من أخطأ بحقه بقدر معقول ومساعدة المحتاج ... وغيرها كثير. أما الثقة العمياء بالآخرين وعدم حساب نية المقابل وغيرها فهذه ليست طيبة، بل قد تكون -مع كامل الاحترام للجميع- غباءً أو حماقة وسلوكاً غير عقلاني ولا يمت للعقل بصلة. إن المشكلة تقع عند الإنسان الطيب عندما يرى أن الناس كلهم طيبون، ثم إذا واجهه موقف منهم أو لحق به أذى من ظلم أو استغلال لطيبته، تُغلق الدنيا في وجهه، فيبدأ وهو يرى الناس الطيبين قد رحلوا من مجتمعه، وأن الخير انعدم، وتحصل له أزمة نفسية أو يتعرض للأمراض، لأن الطيّب يقدم الإحسان للناس بكل ما يستطيع فعله، ويقدّم ذلك بحسن نية وبراءة منه، فهو بالتالي ينتظر منهم الرد بالشكر أو المعاملة باللطف على الأقل... صحيح أن المعروف لوجه الله، ولكن من باب: من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، لذلك يتأذى عندما يصدر فعل من الشخص الذي كان يعامله بكل طيب وصدق. هل الطيبة والصدق من علامات ضعف الشخصية؟ الكثير من الناس يصف طيب القلب بأنه ضعيف الشخصية، لأنه يتصف بعدم الانتقام ممن ظلمه، والصفح عنه عند رجوعه عن الخطأ، وأنه لا يحب إيقاع الآخرين بالمشاكل؛ لأنه مقتنع أن الله سيأخذ له حقه. والحقيقة هي أن الصدق والطيبة وحسن الظن بالآخرين ليست ضعف شخصية، بل هي من الأخلاق الراقية وهي تزيد صاحبها سمواً وجمالاً روحياً، وليس من المعيب أن يمتلك الإنسان الطيبة بل العيب في من لا يُقدّر هذه الطيبة ويعطيها حقها في التعامل بالمثل. فالمشكلة الأساسية ليست في الطيبة، إنما في استغلال الآخرين لهذه الطيبة، نتيجة لعدم عقلنة قراراتنا والاعتماد على عواطفنا بشكل كلي. فالصدق والطيبة حسب المنطق والعقل، ولها فوائد جمة للنفس ولعموم أفراد المجتمع، فهي تحصين للشخص عن المعاصي، وزيادة لصلة الإنسان بربه، وتهذيب للنفس والشعور بالراحة النفسية، فالصادق الطيب ينشر المحبة بين الناس، وهذا يعزّز التماسك الاجتماعي وتقويته من سوء الظنون والحقد، وهذا التعامل أكّدت عليه جميع الشرائع السماوية، ولو تأمّلنا تاريخ وأخلاق الأنبياء والأوصياء لوجدنا كل ما هو راقٍ من الأخلاق والتعامل بالطيبة والصدق... حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
51979

الطلاق ليس نهاية المطاف

رحلةٌ مثقلة بالألم في طريق يئن من وطأة الظلم! ينهي حياة زوجية فشلت في الوصول إلى شاطئ الأمان. ويبدد طموحات أطفال في العيش في هدوء نفسي واجتماعي تحت رعاية أبوين تجمعهم المودة والرحمة والحب. الطلاق شرعاً: هو حل رابطة الزواج لاستحالة المعاشرة بالمعروف بين الطرفين. قال تعالى: [ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (226) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (227)].(١). الطلاق لغوياً: من فعل طَلَق ويُقال طُلقت الزوجة "أي خرجت من عصمة الزوج وتـحررت"، يحدث الطلاق بسبب سوء تفاهم أو مشاكل متراكمة أو غياب الانسجام والحب. المرأة المطلقة ليست إنسانة فيها نقص أو خلل أخلاقي أو نفسي، بالتأكيد إنها خاضت حروباً وصرعات نفسية لا يعلم بها أحد، من أجل الحفاظ على حياتها الزوجية، ولكن لأنها طبقت شريعة الله وقررت مصير حياتها ورأت أن أساس الـحياة الزوجيـة القائم على المودة والرحـمة لا وجود له بينهما. فأصبحت موضع اتهام ومذنبة بنظر المجتمع، لذلك أصبح المـجتمع يُحكم أهواءه بدلاً من الإسلام. ترى، كم من امرأة في مجتمعنا تعاني جرّاء الحكم المطلق ذاته على أخلاقها ودينها، لا لسبب إنما لأنها قررت أن تعيش، وكم من فتاة أُجبرت قسراً على أن تتزوج من رجل لا يناسب تطلعاتها، لأن الكثير منهن يشعرن بالنقص وعدم الثقة بسبب نظرة المجتمع، وتقع المرأة المطلّقة أسيرة هذه الحالة بسبب رؤية المجتمع السلبيّة لها. وقد تلاحق بسيل من الاتهامات وتطارد بجملة من الافتراءات. وتعاني المطلقة غالباً من معاملة من حولها، وأقرب الناس لها، بالرغم من أن الطلاق هو الدواء المر الذي قد تلجأ إليه المرأة أحياناً للخلاص من الظلم الذي أصبح يؤرق حياتها الزوجية، ويهدد مستقبلها النفسي، والله تعالى لم يشرع أمراً لخلقه إلا إذا كان فيه خير عظيم لهم، والطلاق ما شرّع إلا ليكون دواء فيه شفاء وإن كان مرّاً، وإن كان أمره صعباً على النفوس، حيث قال عز وجل: "وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا"، روي عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ((أبغض الحلال إلى الله الطلاق) (٢). ورغم أن الشريعة الإسلامية أباحت الطلاق بشروط تلاءم لبناء المجتمع، وأولت أهمية في الإحسان دائمًا للطرف الأضعف والأكثر خسارة في هذه المعادلة وهي "المرأة"، إلا أن المجتمع الذي يدّعي الإسلام لا يرحمها، ويحكم عليها بالإدانة طوال حياتها دون النظر في صحة موقفها في الطلاق من عدمه! قال( تعالى ): [الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ] (٣). ولكن بعد كل هذا فالحياة لم ولن تتوقف بعد الطلاق! الطلاق ليس نهاية الحياة. - أخيتي. ليكن الطلاق بداية جديدة لحياة جديدة وللانطلاق. -قطار العطاء لن يتعطل. فإن كنت السبب في الطلاق فالحمد لله على كل حال وتلك أمة قد خلت وأيام ذهبت وانجلت فلست بالمعصومة من الخطأ. وعليك استدراك الأخطاء وتقوية مواطن الضعف في شخصيتك، واجعليها درساً مفيداً في الحياة لتطوير نفسك وتقويتها. وإذا كنتِ مظلومة فهناك جبار يُحصي الصغير والكبير وسيأتي يوم ينتصر لك فيه. -ومن الجميل أن تعطي نفسك الإحساس بالحب والاحترام، ولا تتأثري بأي نظرة سلبية من المجتمع وكون البعض يتعامل مع المطلقة على أنها حالة خاصة فعليكِ إثبات ذاتك حتى تفرضي على الكل شخصيتك. - نظرتك لنفسك اجعليها نظرة ايجابية مشرقة ولا تنزلقي في مستنقع نبذ الذات وظلم النفس. - ابحثي عن الصفات الجيدة فيك فإن ذلك سيشعرك بالثقة في ذاتك والتقدير لها. -حاولي مراجعة نفسك للخروج بإيجابيات حصلت لك من طلاقك. - خالطي الآخرين وإياك والعزلة بسبب وضعك الجديد فلست بأول من يبتلى بالطلاق. -استمتعي بالموجود ولا تتعلقي بالمفقود، حلقي بروح تعبق أملاً وتفاؤلاً، استمتعي بما وهبك الله من نعم (صحة وأولاد وأهل وصديقات وعمل وهوايات وغيرها من الأمور الجميلة) فما حصل لك حصل… ولابد أن تتقبليه برضا، وأعلمي أن ما أصابك لم يكن ليخطأك وما أخطأك لم يكن ليصيبك. وقال أصدق من قال: ( وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم). فالرضا سر السعادة الحقيقي. - اقتربي من صديقاتك الصالحات، واقضي معهن وقتاً طيباً تنسين به ألمك وحزنك. - احرصي على الصلوات وقراءة القرآن الكريم والذكر والاستغفار وأكثري من الطاعات قدر ما تستطيعين، ففيها السلوى والفرح والسعادة. ونعم سعادة القرب من الرحمن. - اشغلي نفسك بأعمال البر والإحسان بمساعدة محتاج. بكفالة يتيم. بتعلم الفقه والقرآن وتعليمه. - اجتهدي في عمل برنامج يومي لك يكون ممتلأ بكل ما هو مفيد لك. من قراءة وزيارة الأصدقاء وصلة الرحم. بحيث لا تكون هناك دقيقة أنت فارغة فيها. - وأسرعي بقاربك الجميل بمجذافين من إيمان بالله وثقة بالنفس وسوف تصلين بإذن الله نحو جزيرة السعادة والنجاح. لكي تتسلق جبال الإنجاز، وتصل لأعلى مراتب الاعجاز. وعندها جزماً سيكون للحياة معنى آخر. --------------------------------- (١)-سورة البقرة الآية (٢٢٦-٢٢٧). (٢)-الكافي (٢)-سورة البقرة الآية (٢٢٨) حنان ستار الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
41804

لا تقاس العقول بالأعمار!

(لا تقاس العقول بالأعمار، فكم من صغير عقله بارع، وكم من كبير عقله فارغ) قولٌ تناولته وسائل التواصل الاجتماعي بكل تقّبلٍ ورضا، ولعل ما زاد في تقبلها إياه هو نسبته الى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ولكننا عند الرجوع إلى الكتب الحديثية لا نجد لهذا الحديث أثراً إطلاقاً، ولا غرابة في ذلك إذ إن أمير البلاغة والبيان (سلام الله وصلواته عليه) معروفٌ ببلاغته التي أخرست البلغاء، ومشهورٌ بفصاحته التي إعترف بها حتى الأعداء، ومعلومٌ كلامه إذ إنه فوق كلام المخلوقين قاطبةً خلا الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ودون كلام رب السماء. وأما من حيث دلالة هذه المقولة ومدى صحتها فلابد من تقديم مقدمات؛ وذلك لأن معنى العقل في المفهوم الإسلامي يختلف عما هو عليه في الثقافات الأخرى من جهةٍ، كما ينبغي التطرق الى النصوص الدينية الواردة في هذا المجال وعرضها ولو على نحو الإيجاز للتعرف إلى مدى موافقة هذه المقولة لها من عدمها من جهةٍ أخرى. معنى العقل: العقل لغة: المنع والحبس، وهو (مصدر عقلت البعير بالعقال أعقله عقلا، والعِقال: حبل يُثنَى به يد البعير إلى ركبتيه فيشد به)(1)، (وسُمِّي العَقْلُ عَقْلاً لأَنه يَعْقِل صاحبَه عن التَّوَرُّط في المَهالِك أَي يَحْبِسه)(2)؛ لذا روي عنه (صلى الله عليه وآله): "العقل عقال من الجهل"(3). وأما اصطلاحاً: فهو حسب التصور الأرضي: عبارة عن مهارات الذهن في سلامة جهازه (الوظيفي) فحسب، في حين أن التصوّر الإسلامي يتجاوز هذا المعنى الضيّق مُضيفاً إلى تلك المهارات مهارة أخرى وهي المهارة العبادية. وعليه فإن العقل يتقوّم في التصور الاسلامي من تظافر مهارتين معاً لا غنى لأحداهما عن الأخرى وهما (المهارة العقلية) و(المهارة العبادية). ولذا روي عن الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه عندما سئل عن العقل قال :" العمل بطاعة الله وأن العمّال بطاعة الله هم العقلاء"(4)، كما روي عن الإمام الصادق(عليه السلام)أنه عندما سئل السؤال ذاته أجاب: "ما عُبد به الرحمن، واكتسب به الجنان. فسأله الراوي: فالذي كان في معاوية [أي ماهو؟] فقال(عليه السلام): تلك النكراء، تلك الشيطنة، وهي شبيهة بالعقل وليست بالعقل"(5) والعقل عقلان: عقل الطبع وعقل التجربة، فأما الأول أو ما يسمى بـ(الوجدان الأخلاقي) فهو مبدأ الادراك، وهو إن نَما وتطور سنح للإنسان فرصة الاستفادة من سائر المعارف التي يختزنها عن طريق الدراسة والتجربة وبالتالي يحقق الحياة الإنسانية الطيبة التي يصبو اليها، وأما إن وهن واندثر لإتباع صاحبه الأهواء النفسية والوساوس الشيطانية، فعندئذٍ لا ينتفع الانسان بعقل التجربة مهما زادت معلوماته وتضخمت بياناته، وبالتالي يُحرم من توفيق الوصول إلى الحياة المنشودة. وعقل التجربة هو ما يمكن للإنسان اكتساب العلوم والمعارف من خلاله، وما أروع تشبيه أمير البلغاء (عليه السلام) العلاقة التي تربط العقلين معاً إذ قال فيما نسب إليه: رأيت العقل عقلين فمطبوع ومسموع ولا ينفع مسموع إذ لم يك مطبــوع كما لا تنفع الشمس وضوء العين ممنوع(6) فقد شبّه (سلام الله عليه) عقل الطبع بالعين وعقل التجربة بالشمس، ومما لاشك فيه لكي تتحقق الرؤية لابد من أمرين: سلامة العين ووجود نور الشمس، وكما إن الثاني لا ينفع إن لم يتوفر الأول فكذلك عقل التجربة لا ينفع عند غياب عقل الطبع فضلاً عن موته. وبما إن عقل الطبع قد ينمو ويزدهر فينفع صاحبه من عقل التجربة، وقد يموت ويندثر عند الاستسلام لإضلال شبهةٍ أوبسبب إرتكاب معصية، فإنه ومن باب أولى أن يتعرض الى الزيادة والنقصان كما سيأتي... وقد ورد في النصوص الدينية أن للعقل زمناً ينمو فيه ويكتمل، فعن إمامنا أبي عبدالله (عليه السلام) قال: قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه):"يثغر الصبي لسبع، ويؤمر بالصلاة لتسع، ويفرق بينهم في المضاجع لعشر، ويحتلم لأربع عشرة، وينتهى طوله لإحدى وعشرين سنة، وينتهي عقله لثمان وعشرين إلا التجارب"(7)، وعن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يربى الصبي سبعاً ويؤدب سبعاً، ويستخدم سبعاً، ومنتهى طوله في ثلاث وعشرين سنة، وعقله في خمس وثلاثين [سنة] وما كان بعد ذلك فبالتجارب"(8). إذن يتوقف النمو الطبيعي لعقل الانسان عند سن الثامنة والعشرين أو الخامسة والثلاثين كما ورد في الروايتين، وأية زيادة أخرى في طاقته بعد ذلك إنما تأتي عن طريق التجارب، وقد يُتوهم بأن ثمة تعارضاً ما بين الروايتين المتقدمتين في شأن تحديد سن النمو العقلي، إلا إنه لا تعارض ينهما إذا حملنا اختلافهما فيه على اختلاف الاشخاص وتباين استعدادات وقابليات كل منهم. وعلى الرغم من توقف نمو عقل الإنسان إلا إن له أنْ يزيده بالتجارب ومواصلة التعلم ــ كما تقدم في الروايات ــ وسواء أثبت العلم هذه الحقيقة الروائية أم لا، فنحن نريد الإشارة إلى ضرورة استمرار التجربة والتعلم لزيادة نمو العقل وهذا المقدار لا خلاف فيه وعلى الرغم من إن لعمر الانسان مدخلية في زيادة عقله كما تقدم وكما روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين، ثم ينقص عقله بعد ذلك"(9)، إلا إن ذلك ليس على نحو العلة التامة، إذ يمكن للعقل أن يبقى شاباً وقوياً وإن شاب الإنسان وضعف جسمه، وتقدم في السن ووهن عظمه، فالعاقل لا يشيب عقله ولا تنتقص الشيخوخة من قوته بل وقد يزداد طاقةً وحيويةً لذا ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام):"رأي الشيخ أحب الي من جَلَد الغلام"(10)، وفي أخرى ".....من حيلة الشباب "(11) وأما من لم يوفر أسباب صقل عقله في مرحلة الشباب فإنه بلا شك يضمحل عقله في مرحلة الشيخوخة. وليس تقدم العمر هو العامل الوحيد في نقصان العقل بل إن النصوص الشرعية أشارت الى عوامل عديدة اخرى أهمها: أولاً: التعلم: فقد روي عن أمير المؤمنين (عليه السلام): "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً"(13). ثانياً: التوبة: وعنه (عليه السلام) ايضاً:"من لم يرتدع يجهل"(14) ثالثاً: التقوى: فقد كتب إمامنا الباقر (عليه السلام) إلى سعد الخير: "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإني اوصيك بتقوى الله فإن فيها السلامة من التلف والغنيمة في المنقلب إن الله (عزوجل) يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله"(15) إذن التوبة هي سبب للتوفيق الإلهي الذي يؤدي فيما يؤدي إليه من إكمال العقل. رابعاً: الوقوف عند الشبهة: وقال (عليه السلام ): "لا ورع كالوقوف عند الشبهة"(16). فإن الوقوف عند الشبهات سبب من أسباب التوفيق الإلهي بلا شك. خامساً: الاعتراف بالجهل: كما روي عن الإمام علي (عليه السلام): "غاية العقل الاعتراف بالجهل"(17) إذ الاعتراف بالجهل يدفع الإنسان دوماً إلى مزيد من بذل الجهد واكتساب المعارف. مما تقدم تتضح جلياً صحة هذه المقولة دلالةً، إذ إن العقول فعلاً لا تقاس بالأعمار لأن كلٍاً من زيادتها ونقيصتها منوطٌ بالعديد من العوامل الأخرى والتي تقدم ذكرها، بيد إن ذلك لا يبرر التساهل في نشرها والتهاون في الاستشهاد بها على إنها من أقوال أمير المؤمنين (صلوات الله وسلامه عليه) لعدم ثبوت ذلك سنداً من جهة ولضعف بلاغتها وركاكة تركيبها بالنسبة إلى سيد البلغاء والبلاغة. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) تهذيب اللغة ج1 ص65 (2) لسان العرب ج11 ص458 (3) نهاية الحكمة ص305 (4) ميزان الحكمة ج3 ص333 (5) أصول الكافي ج1، ح3 / 11 (6) نهج السعادة ج9 ص163 (7) الكافي ج7 ص94 (8) الفقيه ج3 ص493 (9) الاختصاص ص245 (10) نهج البلاغة حكمة 86 (11) بحار الأنوار ج72 ص105 (12) المصدر السابق ج1 ص94 (13) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص118 (14) الكافي ج8 ص73 (15) وسائل الشيعة ج1 ص162 (16) غرر الحكم ودرر الكلم ج1 ص1 بقلم الكاتبة: رضا الله غايتي

اخرى
منذ 5 سنوات
36551

المرأة في فكر الإمام علي (عليه السلام)

بقلم: أم نور الهدى كان لأمير المؤمنين (عليه السلام) اهتمام خاص بالمرأة، فنراه تارة ينظر إليها كآية من آيات الخلق الإلهي، وتجلٍ من تجليات الخالق (عز وجل) فيقول: (عقول النساء في جمالهن وجمال الرجال في عقولهم). وتارة ينظر إلى كل ما موجود هو آية ومظهر من مظاهر النساء فيقول: (لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها فإن المرأة ريحانة وليس قهرمانة). أي إن المرأة ريحانة وزهرة تعطر المجتمع بعطر الرياحين والزهور. ولقد وردت كلمة الريحان في قوله تعالى: (فأمّا إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة النعيم) والريحان هنا كل نبات طيب الريح مفردته ريحانة، فروح وريحان تعني الرحمة. فالإمام هنا وصف المرأة بأروع الأوصاف حين جعلها ريحانة بكل ما تشتمل عليه كلمة الريحان من الصفات فهي جميلة وعطرة وطيبة، أما القهرمان فهو الذي يُكلّف بأمور الخدمة والاشتغال، وبما إن الإسلام لم يكلف المرأة بأمور الخدمة والاشتغال في البيت، فما يريده الإمام هو إعفاء النساء من المشقة وعدم الزامهن بتحمل المسؤوليات فوق قدرتهن لأن ما عليهن من واجبات تكوين الأسرة وتربية الجيل يستغرق جهدهن ووقتهن، لذا ليس من حق الرجل إجبار زوجته للقيام بأعمال خارجة عن نطاق واجباتها. فالفرق الجوهري بين اعتبار المرأة ريحانة وبين اعتبارها قهرمانة هو أن الريحانة تكون، محفوظة، مصانة، تعامل برقة وتخاطب برقة، لها منزلتها وحضورها. فلا يمكن للزوج التفريط بها. أما القهرمانة فهي المرأة التي تقوم بالخدمة في المنزل وتدير شؤونه دون أن يكون لها من الزوج تلك المكانة العاطفية والاحترام والرعاية لها. علماً أن خدمتها في بيت الزوجية مما ندب إليه الشره الحنيف واعتبره جهادًا لها أثابها عليه الشيء الكثير جدًا مما ذكرته النصوص الشريفة. فمعاملة الزوج لزوجته يجب أن تكون نابعة من اعتبارها ريحانة وليس من اعتبارها خادمة تقوم بأعمال المنزل لأن المرأة خلقت للرقة والحنان. وعلى الرغم من أن المرأة مظهر من مظاهر الجمال الإلهي فإنها تستطيع كالرجل أن تنال جميع الكمالات الأخرى، وهذا لا يعني أنها لا بد أن تخوض جميع ميادين الحياة كالحرب، والأعمال الشاقة، بل أن الله تعالى جعلها مكملة للرجل، أي الرجل والمرأة أحدهما مكمل للآخر. وأخيرًا إن كلام الإمام علي (عليه السلام) كان تكريمًا للمرأة ووضعها المكانة التي وضعها الله تعالى بها، حيث لم يحملها مشقة الخدمة والعمل في المنزل واعتبر أجر ما تقوم به من اعمال في رعاية بيتها كأجر الجهاد في سبيل الله.

اخرى
منذ 5 سنوات
33515

أساليب في التربية

عالم الطفولة كأنه طاولة، لا تجد فيه غير طعام لذيذ، ومنظر لطيف وجديد، فعالمهم فاكهة الوجود، وخضار الأرواح، ومياه الحياة تسقي القلوب... عالم صفاء وأحلام جميلة بسيطة وتافهة ولكن بنظرهِ هو عظيمة وكبيرة، فهو العالم الذي ينطلق منه الإنسان في بداية عمره. فالطفل في بداية حياته ينظر إلى الحياة بتفكيره البريء، فالطفل يعيش بعالم خاص به مملوء بالمحبة البريئة. هذه هي الصورة الجميلة التي يحملها الطفل، وكم يتمنى كل إنسان أن يعود لطفولته البريئة ليتأمل في أرجاء عالمها الذي كان يصور له حياة مختلفة تشد الإنسان إليها بجمالها، هذا هو عالم الطفولة وهذه أحلام من يعيشها، فلا ينفذ إلى ملكوت ذلك العالم ولا يدرك كنهه إلا من عاشه وجال في ربوعه. حيث يتذوق الطفل مع أحلام طفولته هذه لذة الحياة ولذة العيش فيها، ومهما حاولنا أن نعبر عن هذه الحقيقة فلن نستطيع تصويرها بالكلمات. وبعد هذا، فإن الاهتمام بمستقبل الطفل هو في الواقع ضمان لمستقبل شعب بأسره. قال اللَّه تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا". التحريم/6 أعتنى الإسلام بتربية الأبناء عناية فائقة، وألقى على عاتق الأهل ما سيكون عليه الولد في مسلكه الدنيوي ومصيره الأخروي إن هم قصروا في تربيته وإعداده. وقد ذكر العلماء أن شخصية الولد تتأثر في نموها بعوامل ثلاثة وهي: الوراثة، والبيئة، والتربية. إذا خضنا في مضمار التربية السليمة للأبناء... فعلى الأبوين أن يكون لهما الوعي التربوي الذي يبنى على أسس صحيحة ويتوفر لديهم فهم لأساليب التربية والتوجيه والرعاية وهذه نقطة البداية. فمثلاً في أسلوب التعامل مع الطفل تبرز أمامنا ثلاثة اشكال لتعامل الآباء مع الأبناء: الشكل الأول: أسلوب الدلال المفرط وهذا الأسلوب له نتائجه السلبية الخطيرة، فإنه يخلق شخصية هشة متميعة وشخصية اتكالية تحب الكسل والخمول مجردة من الهدف والإقدام، انهزامية غير قادرة على مواجهة التحديات وبمعنى أدق شخصية لا تثق بنفسها. شخصية متسيبة في ظل غياب المراقبة والمحاسبة وهذا التسيب يقود إلى الانفلات والانحراف. الشكل الثاني: فهو أسلوب التربية القاسية والعنف. وهذا الأسلوب أيضاً له نتائجه الخطيرة والسلبية التي يعاني منها الأبناء طوال حياتهم فهو يخلق شخصية قلقة ومتأزمة ومعقدة وخائفة وتحمل عقدة الخوف، شخصية حاقدة وعدوانية وقد تتأزم الأمور لتصبح شخصية منافقة وكاذبة خوفاً من العقاب والتعنيف ضمن حدود الأسرة ولكن يوماً من الأيام سينطلق هذا الشخص ليواجه المجتمع ككل، فلنتصور كيف سيتعامل مع المحيطين ضمن مجالات الدراسة والعمل وهو شخصية هاربة من أجواء الأسرة وقد يعرضها للتسيب والانحراف لأنها شخصية متمردة مما يعرضها للعقوق. الأسلوب الثالث: التوازن. الأسلوب الصحيح يعتمد على التوازن فمن شروط نجاح التربية التوازن في المعاملة ما بين الأمور التي تحتاج إلى شدة وحزم ليتربى على أن هذه الأمور خطوط حمراء طبعاً هنا يمكن أن يعترض أحد ويقول: لا للعنف الأسري ولا لاستخدام القسوة. نعم فهناك طرق غير استخدام العنف. يكفي ان يبدي الآباء انزعاجهم مثلاً. وهنا النقطة مهمة جداً، وهي: أن نوضح لهم سبب المنع والرفض لا تعتقدوا أن أبناءكم لا يدركون ولن يفهموكم. تخصيص الوقت للنقاش مهم جداً. وما بين أسلوب المرونة والحنان والاحتواء. التوازن في المعاملة. إن الإمام زين العابدين (عليه السلام) يصرح بمسؤولية الأبوين بتربية الطفل، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى، وأن التقصير في ذلك يُعرّض الآباء إلى عقاب الله. فيقول (عليه السلام): (وأما حق ولدك عليك فأن تعلم أنه منك ومضاف إليك في عاجل الدنيا بخيره وشره. وأنك مسؤول عما وليته به من حسن الأدب والدلالة على ربه عز وجل والمعونة له على طاعته. فأعمل في أمره عمل من يعلم أنه مثاب على الإحسان إليه معاقب على الإساءة إليه ) مكارم الأخلاق للطبرسي ص٢٣٢ حنان الزيرجاوي

اخرى
منذ 5 سنوات
32364